سلسلة فقه الصيام ، الدرس الرابع عشر: حكم من أفطر رمضان عامدا ، للدكتور خالد بدير

سلسلة فقه الصيام ، الدرس الرابع عشر: حكم من أفطر رمضان عامدا ، للدكتور خالد بدير
لتحميل الدرس بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدرس بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدرس كما يلي:
(سلسلة فقه الصيام) الدرس الرابع عشر: حكم من أفطر رمضان عامدا
بعض الناس من ضعاف الإيمان لا يصوم شهر رمضان، ويقوم بالفطر في نهار رمضان عامدا متعمدا.
والذي يفعل ذلك قد حرم نفسه من أجر كبير لا يستطيع جبره طوال حياته. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ». (ابن خزيمة والبخاري تعليقا) .
فالفطر في رمضان عمدا من كبائر الذنوب، وعده العلماء من تلك الكبائر. قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر: ” الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ: تَرْكُ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ، وَالْإِفْطَارُ فِيهِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ “.
وقال الإمام الذهبي في الكبائر: وَعِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ مُقَرَّرٌ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الزَّانِي وَمُدْمِنِ الْخَمْرِ بَلْ يَشُكُّونَ فِي إسْلَامِهِ وَيَظُنُّونَ بِهِ الزَّنْدَقَةَ وَالْإِلْحَادَ .. اهـ.
فضلا عن عقوبته الأليمة في الدنيا والآخرة لانتهاكه حرمة الشهر المبارك. فقد روى النسائي في “الكبرى” عن أبي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: “بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ” وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: ” ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا قَوْمٌ مُعَلَّقُونَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٌ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ”.
هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا؟!
وعلى من وقع في ذلك أن يتوب إلى الله تعالى بالندم والعزم الصادق على عدم الإفطار مستقبلا بغير عذر شرعي، وعليه المبادرة بقضاء ما فاته من صيام.
واتفق جمهور الفقهاء على وجوب القضاء على من أفطر رمضان عامدا متعمدا، أما من ناحية الكفارة، فقد ذهب الفقهاء في ذلك إلى فريقين:
القول الأول: وجوب الكفارة بتعمد الأكل والشرب ونحوهما في نهار رمضان، قياسا على الجماع، لأنها جميعا من المفطرات. وإليه ذهب الحنفية، والمالكية، وبه قال عطاء، والحسن، والزهري، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور.
واستدلوا بما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: ما لَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي وأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: هلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، قَالَ: لَا، فَقَالَ: فَهلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَكَثَ النبيُّ ﷺ ، فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ أُتِيَ النبيُّ ﷺ بعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – والعَرَقُ المِكْتَلُ – قَالَ: أيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ: أنَا، قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ به فَقَالَ الرَّجُلُ: أعَلَى أفْقَرَ مِنِّي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ ما بيْنَ لَابَتَيْهَا – يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ – أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرُ مِن أهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النبيُّ ﷺ حتَّى بَدَتْ أنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: أطْعِمْهُ أهْلَكَ”. (البخاري ومسلم).
والكفارة على الترتيب المذكور في الحديث، في قول جمهور العلماء، فيجب العتق أولا، فإن عجز عنه صام شهرين متتابعين، فإن عجز عنه، أطعم ستين مسكينا من أوسط ما يطعم منه أهله، وأنه لا يصح الانتقال من حالة إلى أخرى، إلا إذا عجز عنها.
القول الثاني: عدم وجوب الكفارة بتعمد الأكل والشرب ونحوهما في نهار رمضان، وإليه ذهب الشافعية، والحنابلة، وبه قال سعيد بن جبير، والنخعي، وابن سيرين، وحماد، وداود.
واستدلوا بأن الأصل عدم الكفارة إلا فيما ورد به الشرع، وقد ورد الشرع بإيجاب الكفارة في الجماع فقط، وما سواه ليس في معناه؛ لأن الجماع أغلظ.
والقول الثاني هو الراجح، وهو المفتى به .
والله أعلم،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
____________________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
و للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف