خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر : المخدرات ضياع للإنسان ، للدكتور محروس حفظي
بتاريخ 25 جمادي الآخرة 1446هـ ، الموافق 27 ديسمبر 2024م
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 25 جمادي الآخرة 1446هـ ، الموافق 27 ديسمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان ، للدكتور محروس حفظي :
(1) صيانةُ الإسلامِ للعقلِ الإنسانِي مِمّا يضرُّهُ.
(2) أضرارُ المخدراتِ وعقوبتُهَا في الإسلامِ.
(3) خطواتٌ على طريقِ الإصلاحِ والمعافاةِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر 2024 م بعنوان : المخدرات ضياع للإنسان ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبة بعنوان: «المخدراتُ ضياعٌ للإنسانِ»
بتاريخ 25 جمادى الآخرة 1446 هـ = الموافق 27 ديسمبر 2024 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر : المخدرات ضياع للإنسان
(1) صيانةُ الإسلامِ للعقلِ الإنسانِي مِمّا يضرُّهُ:
كرَّمَ الإسلامُ الإنسانَ بالعقلِ، قالَ تعالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾، عن زيدِ بنِ أسلمَ قال: “قالت الملائكةُ: يا ربَّنَا إنّكَ أعطيتَ بنِي آدمَ الدنيَا يأكلونَ منهَا، ويتنعَّمونَ، ولم تعطنَا ذلك، فأعطناهُ في الآخرةِ، فقالَ: وعزتِي لا أجعلُ ذريةِ مَن خلقتُ بيدِي، كمَن قلتُ لهُ كُنْ فكان”، وللمفسرينَ فيمِا فُضِّلَ بهِ البشرُ أحدَ عشرَ قولاً، وجماعُهَا: “العقلّ”؛ ولذا جعلَ الإسلامُ حفظَهُ أحدَ “الكلياتِ الست”، وهو مناطُ التكليفِ، فالشارعُ الحكيمُ لم يسقطْ التكليفَ عن غيرِهِ كالأعمَى أو الأعرجِ أو الأصمِّ أو الأبكمِ، لكنْ زائلُ العقلِ حتى ولو اكتملتْ قواهُ وجوارحُهُ دونَ عقلِهِ سقطتْ عنهُ المؤاخذةُ، وما ذاكَ إلّا لأنَّ العقلَ مناطُ التكليفِ؛ ولأنَّ ارتباطَ العبادةِ بالعقلِ، فكيفَ يكونُ مصيرُ عبدٍ يعمدُ باختيارِهِ إلى إزالةِ مناطِ التكليفِ، وإزالةِ محلِّ العبادةِ فيهِ؟! ولذا كان جوابُ أهلِ النارِ أنَّهُم أضاعُوا عقولَهُم: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها﴾، عطّلُوا عقولَهُم فكان مآلُ ذلكَ إلى النارِ وساءتْ مصيرًا، لذا نهَى الإسلامُ عن تناولِ المحرماتِ، فقالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر : المخدرات ضياع للإنسان
(2) أضرارُ المخدراتِ وعقوبتُهَا في الإسلامِ:
إنّ اللهَ جلَّ وعلا ما شرعَ للعبادِ شيئًا إلّا لأنَّهُ يحققُ مصالحَهُم، فمَا أمرَ بشيءٍ إلّا لمنفعتِهِم فيهِ، وما حرّمَ شيئًا إلّا لضررِهِم أو حصولِ ما يضرّهُم بفعلِه، وللمخدراتِ والمسكراتِ مضارٌّ كثيرةٌ أثبتَهَا الطبُّ الحديثُ، وأكدتْهَا تجاربُ المجتمعاتِ، وذكرُوا فيهَا أكثرَ مِن مائةٍ وعشرينَ مضرةً دينيةً ودنيويةً، وصدقَ عثمانُ بنُ عفانَ حينمَا قال:«فاجتنبوهَا فإنّهَا أمُّ الخبائث، وإنَّه واللهِ لا يجتمعُ الإيمانُ والخمرُ في قلبِ رجلٍ إلّا يوشكُ أحدهُمَا أنْ يُذهبَ بالآخر» (النسائي، وابن حبان) .
والمخدراتُ كالخمرِ في الحرمةِ والعقوبةِ بل إنّ بعضَ المخدراتِ ضررُهَا أشدُّ، وطويلُ المدَى والمفعولِ، فهي أشدُّ فتكًا، وأعظمُ تحطيمًا للأسرِ والمجتمعاتِ والدولِ والشعوبِ؛ لأنَّ فيها هدرَ طاقاتِ الشبابِ، أليستْ تفوّتُ اغتنامَ واستغلالَ القوةِ في البناءِ والدفاعِ والتعليمِ والأمنِ؟ أليستْ تضيفُ أعباءً جسامًا على أجهزةِ الأمنِ والقضاءِ والعدالةِ؟ أليستْ تقللُ مِن قدرةِ الإنسانِ على القيامِ بالواجباتِ، فيصبحُ شخصًا مهزوزًا كسولًا سطحيًّا متواكلًا مهملًا منحرفَ المزاجِ، تهتزُّ صورتُهُ في المجتمعِ، وتضعفُ الثقةُ فيهِ، فيُساءُ الظنُّ بهِ؟ ..
أخي الحبيب: مِن هنَا يظهرُ لكَ أنّهُ يدخلُ تحتَ تحريمِ الخمرِ قطعًا المخدراتُ بكلِّ أصنافِهَا، لأنَّ الإسلامَ يحرّمُ كلَّ ما يضُرُّ بالنَّفْسِ والعقلِ، ومِن هذه الأشياءِ التي حَرَّمَهَا: المخدِّراتُ بجميعِ أنواعِهَا وعلى اختلافِ مسمياتِهَا مِن مخدِّراتٍ طبيعيةٍ وكيمائيةٍ، وأيًّا كانت طرقُ تعاطِيهَا، عن طريقِ الشربِ، أو الشمِّ، أو الحقنِ؛ لأنَّهَا تؤدِّي إلى مضارٍ جسيمةٍ ومفاسدَ كثيرةٍ، فهي تُفْسِدُ العقلَ، وتفتكُ بالبدنِ إلى غيرِ ذلكَ مِن المضارِّ والمفاسدِ حيثُ قالَ تعالَى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، فقد نصَّت الآيةُ على النهيِ عن الإلقاءِ بالنفسِ في المهالِكِ، ومعلومٌ أنَّ في تعاطِي المخدِّراتِ هلاكًا ظاهرًا، وإلقاءً بالنَّفْسِ في المخاطرِ.
ومِمَّا يدلُّ على تحريمِهِا أيضًا ما جاءَ عن أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ» (أبو داود).
وقد نَصَّ العلماءُ على تحريمِ تعاطِي المخدراتِ حتى نقلَ الإجماعَ على الحرمةِ الإمامُ البدرُ العينِي في “البنايةِ” حيثُ قالَ: (لأنَّ الحشيشَ غيرُ قتَّالٍ، لكنْ مُخَدّرٌ، ومُفْتِرٌ، ومكسلٌ، وفيهِ أوصافٌ ذميمةٌ، فكذلكَ وقعَ إجماعُ المتأخرينَ رحمَهُم اللهُ على تحريمِ أكلِهِ) أ.ه، بل عدّهّ العلامةُ ابنُ حجرٍ الهيتمِي مِن جملةِ الكبائرِ فقالَ: (الكبيرةُ السبعونَ بعدَ المائةِ: أكلُ المسكرِ الطاهرِ كالحشيشةِ والأفيونِ.. قالَ العلماءُ: المفترُ كلُّ ما يورثُ الفتورَ والخدرَ في الأطرافِ، وهذه المذكوراتُ كلُّهَا تسكرُ وتخدرُ وتفترُ، وحكَى القرافِي الإجماعَ على تحريمِ الحشيشةِ) أ.ه.
فكيفَ يعمدُ عاقلٌ كرّمَهُ اللهُ بهذا العقلِ أنْ يزيلَ هذه الكرامةَ بعمدِهِ واختيارِهِ، يحرمُ نفسَهُ:
أولاً: خمرُ الجنةِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:«مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ» (مسلم)، وخمرُ الجنةِ لا تذهبُ بالعقولِ، قالَ ربُّنَا: ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ﴾،
ثانياً: وكان الوعيدُ أيضًا مِن اللهِ لمَن شربَهَا وأزالَ هذا العقلَ وأذهبَهُ باختيارِه أنْ يعذبَهُ بعصارةِ أهلِ النارِ، فعن جابرٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ» أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ» (مسلم)، هل تعدلُ تلك الجلساتُ، وهذه الهلوسةُ، وتلك السهراتُ، وهذه الحبوبُ، ذلك العذاب؟!
ثالثاً: بل يُطرَدُ صاحبُهَا مِن رحمةِ اللهِ تعالى فعن ابنِ عمرَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» (أبو داود).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر : المخدرات ضياع للإنسان
(3) خطواتٌ على طريقِ الإصلاحِ والمعافاةِ:
وضعَ الإسلامُ حزمةً متكاملةً تأخذُ بيدِ هذا المبتلَى منها:
أولًا: مراقبةُ اللهِ في السرِّ والعلنِ: ما أحوجَ واقعنَا المعاصر إلى تلك المراقبةِ التي توقظُ الضميرَ الإنساني، وتبعثُ في النفسِ الاستجابةَ للنداءِ الربانِي فلا يقدمُ المسلمُ على عملٍ إلّا وهو مستشعرٌ أنَّ اللهَ مطلعٌ عليهِ يرَى عملَهُ، ويعلمُ ما تكنُّهُ نفسُهُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» (الترمذي وحسنه)، بهذه المراقبةِ يحققُ المبتلَى “خلقَ الإحسانِ” قَالَ ﷺ: حينما سُئِلَ: «مَا الْإِحْسَانُ؟ قَالَ: «أَنْ تَخْشَى اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (متفق عليه)، فكلمةُ ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ كان الذي رفعَ الخمرَ إلى فِيهِ يردَّهَا، وكان الذي أودَعَهَا فمهُ يمجُّهَا، وهم يقولونَ: انتهينَا ربَّنَا انتهينَا، فعن أَنَسٍ قال:«مَا كَانَتْ لَنَا خَمْرٌ غَيْرَ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ، إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِيهَا أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِنَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ أَرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ، قَالَ: فَمَا رَاجَعُوهَا، وَلَا سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ» (متفق عليه) فمَا أحوجنَا إلى هذا الإذعانِ، وتلك الاستجابةِ الفوريةِ في عصرٍ كثرتْ فيه الملهياتُ مِمّا تَوَجَّبَ علينَا الالتفافُ حولَ أولادِنَا، والحنوُّ عليهم، وغرسُ القيمِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ في نفوسِهِم مثلَمَا ربَّى سيدُنَا ﷺ الرعيلَ الأولَ،
ثانيًا: الإرادةُ القويةُ، والعزيمةُ الأبيةُ: تعتبرُ الإرادةُ القويةُ أحدَ أهمِّ الوسائلِ الرئيسةِ في العلاجِ مِن هذا الداءِ العضالِ، فالإرادةُ تُعلِي همةَ صاحبِهَا، وتزرعُ في نفسِه الثقةَ، فيُقدِمُ على الانتهاءِ مِن تلك المخدراتِ، حتى عندَ الإخفاقِ وعدمِ النجاحِ يوقنُ أنّ قضاءَ اللهِ كلَّهُ خيرٌ ولو لم تظهرْ حكمتُهُ ﴿وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، وعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (مسلم
ثالثًا: البعدُ عن مجالسِ اللهوِ وأوكارِ الممنوعاتِ: يَحْرُمُ شرعًا الجلوسُ في الأماكنِ التي يتمُّ فيهِ تعاطِي المخدراتِ، وينبغِي على عامةِ الناسِ تقديمُ النصيحةِ خالصةً للهِ ولرسولِهِ ولأئمةِ المسلمينَ وعامتِهِم، والمؤمنُ الحقُّ مأمورٌ بإزالةِ الباطلِ متَى استطاعَ، وبالوسيلةِ المشروعةِ، فإنْ لم يستطعْ فعليهِ أنْ يبتعدَ عن مجالسِ المنكراتِ، فعن أبي سعيدِ الخدرِيِّ رضي اللهُ عنه قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ
رابعًا: تجنبُ أصدقاءِ السوءِ، ورفقاءِ الباطلِ، والمجاملةِ لهُم: إيَّاكُم وصحبةَ السوءِ، ﴿الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ﴾ وقال ﷺ:”إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً”(البخاري).
خامسًا: فتحُ بابِ الأملِ والتفاؤلِ، والمتابعةِ مع المختصينَ لبدءِ العلاجِ فورًا: أقبلْ على اللهِ جلَّ وعلا لا تقلْ: لا أستطيعُ لا أتحملُ، سارعْ إلى ربِّكَ، ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، وليحسنْ العبدُ الظنَّ باللهِ، فهو– سبحانَهُ- أقربُ إليهِ مِن حبلِ الوريدِ،
إنْ كانَ لا يرجوكَ إلّا محسنٌ … فبمَن يلوذُ ويستجيرُ المجرمُ
أدعوكَ ربِّي كمَا أمرتَ تضرعًا … فإذا رددتَ يدِي فمَن ذا يرحَمُ
إنَّ البدايةَ دائمًا صعبةٌ ومكلفةٌ فأصعبُ ما في المصيبةِ أولُهَا، ثمَّ تهونُ، وتَذَكّرْ أنَّ وقتَ الشدةِ سيزولُ ويذهبُ، وأنَّ الصبرَ عندَ الصدمةِ الأولَى، فالأملُ قوةٌ دافعةٌ للعلاجِ مِن هذا البلاءِ، فالتفاؤلُ يشرحُ الصدرَ للعملِ، ويخلقُ دواعِي الكفاحِ مِن أجلِ الإقلاعِ عنهَا، ويَبعثُ النشاطَ في الروحِ والبدنِ ويدفعُ عن النفسِ اليأسَ، فما أضيقَ العيشَ في الدنيا لولا فسحةُ الأملِ،﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ .
سادساً: ضرورةُ تحرِّي الرأفةِ واللينِ مع المبتلَى حتى لا يجزعَ ويتركَ العلاجَ بالكليةِ: وهذا منهجٌ نبويٌّ أرشدَنَا إليهِ ﷺ فعن أبي هريرةَ: “أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ برجُلٍ قد شرِبَ فقالَ اضرِبوه قالَ أبو هريرةَ فمنَّا الضَّاربُ بيدِهِ والضَّاربُ بنعلِهِ والضَّاربُ بثوبِهِ فلمَّا انصرفَ قالَ بعضُ القومِ أخزاكَ اللَّهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ لا تقولوا هكذا لا تُعينوا عليهِ الشَّيطانَ” (البخاري) .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 27 ديسمبر : المخدرات ضياع للإنسان
سابعاً: كثرةُ الدعاءِ والتضرعِ إلى اللهِ والمداومةِ على الاستغفارِ: يستطيعُ المدمنُ أنْ يدعو ويناجي ربَّهُ في أيِّ وقتٍ، وبأيِّ لفظٍ – سوى الإثمِ وقطيعةِ الرَّحمِ – وليحرصْ على الإكثارِ مِن الدعاءِ في الأوقاتِ الفاضلةِ كالثلثِ الأخيرِ مِن الليلِ حيثُ يتجلَّى اللهُ – بمَا يليقُ بذاتِه المقدسةِ- وينزلُ إلى السماءِ الدنيا: «إِنَّ بِاللَّيْلِ سَاعَةً تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ يُنَادِي مُنَادٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟» (أحمد)، أقبلْ على اللهِ، واسجدْ بينَ يديهِ، ثمَّ لتدمعْ تلكَ العينانِ، ولا يستثقلنَّ المبتلَى هذا العلاجَ – الاستغفارَ– وليحرصْ هذا المبتلَى على أداءِ الصلواتِ في أوقاتِهَا في المسجدِ فإنَّها بابُ خيرٍ عظيمٍ، قال ربُّنَا: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾، اشغلْ فراغَكَ، بقراءةِ القرآنِ، بالعلمِ النافعِ، بصلةِ الأرحامِ، ببرِّ الوالدينِ، اشغلْ وقتَكَ بمَا ينفعُكَ عندَ اللهِ جلَّ وعلا، واعلمْ أنَّك إذا أقلعتَ فإنَّ النهايةَ: ﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً﴾ .
إياكَ أخِي الكريم: أنْ تظهرَ الشماتةَ بهذا المبتلَى وإلّا فقد يحولُ اللهُ ذلكَ إليكَ فتُبتلَى؛ فعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ» (الترمذي)، ولا تعرضْ عن هذا المبتلَى بل خُذْ بيدِهِ إلى المعافاةِ متى استطعتَ إلى ذلكَ سبيلاً، فعن أبِي بكرٍ الصديقِ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ» (النسائي) .
نسألُ اللهَ أنْ يرزقَنَا الأمنَ والأمانَ، والسلمَ والسلامَ، وحسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَ نبيِّكَ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ﷺ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف