أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

بتاريخ 18 جمادي الآخرة 1446هـ ، الموافق 20 ديسمبر 2024م

خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 م بعنوان : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 18 جمادي الآخرة 1446هـ ، الموافق 20 ديسمبر 2024م

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 م بصيغة word بعنوان : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 م بصيغة pdf بعنوان : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 م ، بعنوان : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي.

 

١-   الاطفال نعمة وأرض خصبة للزرع  ..

٢- مراحل بناء الطفل  .

٣-   الأطفال مسؤولية وسنسأل عليها أمام الله تعالى..

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 م ، بعنوان : الطفولة بناء وأمل ، كما يلي:

 الطفولة بناء وأمل للشيخ كمال المهدي

بتاريخ 18 جمادى الآخرة 1446هـ ، الموافق 20 ديسمبر 2024م

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين..

أما بعد

تابع / خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

أحبتي في الله: –

حديثا اليوم سيدور حول موضوع من الموضوعات الهامة ألا وهو (الطفولة بناء وأمل) ولسائل أن يسأل لماذا الحديث عن الطفولة؟

أقول لأن الأطفال هم زهرة الحياة الدنيا فهم شباب الغد ورجال المستقبل ….  الأطفال أرض مُهَيَّئَةٌ خَصْبَةٌ لِلزَّرْعِ  فمن زرع فيها من الآباء الخير حتما سيجني بإذن الله أطيب الثمار ، يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ, أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)(رواه البخاري) وَالْفِطْرَةُ تَعْنِي: الْإِيمَانَ بِاللهِ تَعَالَى وَالْمَيْلَ إِلَى الْخَيْرِ, وَالْبُعْدَ عَنِ الشَّرِّ .

 وكَانَ الْحُكَمَاءُ قديما يَقُولُونَ: “مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ صَغِيرًا، سَرَّهُ كَبِيرًا”، وَقَالُوا: “أَطْبَعُ الطِّينِ مَا كَانَ رَطْبًا، وَأَغْمَزُ الْعُودِ مَا كَانَ لَدْنًا”، وَقَالُوا أَيْضًا: “مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ، غَمَّ حَاسِدَه “

لذا ينبغي علينا بناء شخصية الطفل بناءً شاملاً من جميع الجوانب – الإيمانية، والثقافية والعلمية، والعقلية، والخلقية، والاجتماعية، والنفسية، والدعوية، والجسمية، وتنمية الذوق والجمال والإبداع لديه – فإنه لو نقص بناء جانب منها كان الناتج مشوهاً بقدر نقص ذلك الجانب.

وَتعالوا بنا أحبتي في الله في هَذِهِ الْخُطْبَةِ لنَتَبَيَّنَ مَعَالِمَ تَأْدِيبِ الْأَطْفَالِ وَبِنَاءَ شَخْصِيَّاِتِهِمْ بِنَاءً سَلِيمًا مُتَوَازِنًا.  وأبدأ وأقول: – إن الطفل يمر في حياته بمراحل عديدة ولكل مرحلة خصائصها.

وتبدأ هذه المراحل من قبل ميلاده وهو جنين في بطن أمه ثم ما بعد الميلاد تأتي المرحلة الثانية وهي مرحلة الرضاعة ثم المرحلة الثالثة من سن ثلاث سنوات الى تسع سنوات وهي مرحلة التمييز ثم المرحلة الأخيرة التي قبل البلوغ.

وَلِكُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَرَاحِلِ خَصَائِصُهَا الْجَسَدِيَّةُ وَالنَّفْسِيَّةُ وَالْوِجْدَانِيَّةِ، فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَهْلِيَّةُ الطِّفْلِ لِلتَّعَلُّمِ وَالتَّرْبِيَةِ؛ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ الطِّفْلُ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرَاحِلِ طُفُولَتِهِ بِمَا يُنَاسِبُهَا..

 وَقَدْ رَاعَى الْإِسْلَامُ هَذَا الِاخْتِلَافَ فَأَعْطَى لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ حَقَّهَا مِنَ الِاهْتِمَامِ وَالْعِنَايَةِ وَالتَّوْجِيهِ؛ فَأَمَرَ بِاتِّخَاذِ الْوَسَائِلِ الَّتِي يُحْمَى بِهَا الطِّفْلُ وَيُصَانُ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ, وَحَثَّ عَلَى الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجِمَاعِ؛ رَجَاءَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ. ، كما أنَّهُ حافظَ عليهِ مِن الاعتداءِ، واحتفظَ لهُ بحقِّهِ في الحياةِ، فحرَّمَ إجهاضَهُ وإسقاطَهُ بعدَ نفخِ الرُّوحِ فيهِ، بقولِهِ تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الأنعام: ١٥١]، ولو كان هذا الإسقاطُ أو الإجهاضُ باتفاقِ الزوجينِ. وقالَ جلَّ وعلا: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) [الإسراء: ٣١]

تابع / خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

ثم تأتي المرحلة الثانية: وهي (ما بعد ميلاده)

 فَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي الْأُذُنِ الْيُمْنَى لِلْمَوْلُودِ؛ لِيَكُونَ التَّوْحِيدُ أَوَّلَ شَيْءٍ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الْحَيَاةِ، وَأَمَرَ الْإِسْلَامُ الْوَالِدَ بِتَسْمِيَةِ وَلَدِهِ اسْمًا جَمِيلاً حَسَنًا، وَيُسْتَحَبُّ تَحْنِيكُهُ؛ فَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يُحَنِّكُ  أَطْفَالَ الصَّحَابَةِ, وَاسْتُحِبَّ لِلْأَبِ أَنْ يَعْمَلَ لِطِفْلِهِ عَقِيقَةً، وَأَنْ يَخْتِنَ الطِّفْلَ، وَأَنْ تُرْضِعَهُ أُمُّهُ عَامَيْنِ كَامِلَيْنِ؛ قَالَ تَعَالَى-: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[البقرة: ٢٣٣].

 

* ثم تأتي المرحلة الثالثة: وهي (مرحلة التمييز)

فإِذَا صَارَ الطِّفْلُ فِي هذه المَرْحَلَة يَنْبَغِي أَنْ يُلَقَّنَ أُصُولَ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ؛ كَمَا لَقَّنَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ابْنَ عَبَّاسٍ أُصُولَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ, وَيُعَلَّمَ الْآدَابَ الْإِسْلَامِيَّةَ وَالْأَخْلَاقَ الْفَاضِلَةَ؛ لِيَنْشَأَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرِهِ؛ فَعَنْ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ غُلاَمًا في حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ, فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا غُلاَمُ! سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ”(متفق عليه)، وَعَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا بُنَيَّ! إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ؛ يَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ) (رواه الترمذي).

كما ينبغي علينا في هذه المرحلة (مرحلة التمييز) أن نقوم بغرس تعظيم الله في قلب الطفل، وتعميق مراقبته، وذلك بتذكير الطفل دوماً بأن الله يراك ويسمعك، وهو معك يحفظك ويعينك إن حفظته وأطعته: كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “احفظ الله يحفظك”.

فَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْدَفَهُ، فَقَالَ: “يَا فَتَى أَلَا أَهَبُ لَكَ؟ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَسَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنْ قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِقَ لَوْ أَرَادُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرَا”(الطبراني في الكبير)؛ فَابْدَأْوا أحبتي في الله فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِكَم بِمَا بَدَأَ بِهِ لُقْمَانُ عليه السلام، ثُمَّ بِمَا بَدَأَ بِهِ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

كما ينبغي علينا أن نعمق في قلوب أطفالنا محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحثهم على تطبيق سنته واتباعه، ونحثهم على أداء الفرائض والنوافل، واجتناب المعاصي…

تابع / خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

كما ينبغي علينا أن نأمر الطِّفْلُ في هذه المرحلة (مرحلة التمييز) بِالصَّلَاةِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ، وَيُضْرَبُ عَلَيْهَا وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، وَيُفَرَّقُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْبَنَاتِ فِي مَوَاضِعِ النَّوْمِ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) (رواه أحمد وأبو داود).

ثُمَّ نَعْمَلُ عَلَى غَرْسِ الْقِيَمِ وَالْمُثُلِ وَالْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ فِي الطفل؛ فَنُعَلِّمُهُ الصِّدْقَ وَالْأَمَانَةَ وَالْوَفَاءَ وَالتَّكَافُلَ وَالشَّجَاعَةَ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى النَّفْسِ وَالِاعْتِدَالَ وَالْعَفْوَ وَالتَّطَلُّعَ إِلَى الْمَعَالِي… وَنُعَلِّمُهُ -أَيْضًا- مَا عَلَّمَهُ لُقْمَانُ لِوَلَدِهِ حينما قال له : (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)[لقمان: ١٨ – ١٩]، فَإِنَّنَا إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ ضَمِنَّا بِإِذْنِ اللهِ طِفْلًا مُتَّزِنًا مَحْبُوبًا مُطْمَئِنَّ النَّفْسِ.

** وبعد بناء الطفل بناء إيمانيا ، لابد أن نهتم ببنائه  الْوِجْدَانِيَّ وَالنَّفْسِيَّ ، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ مُرَاعَاةِ أَحَاسِيسِهِ وَمَشَاعِرِهِ، وَصِيَانَةِ نَفْسِهِ مِنَ الِانْكِسَارِ وَالْأَزَمَاتِ؛ فَإِنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ هُمَا لِلطِّفْلِ كُلُّ حَيَاتِهِ، وَكُلُّ قَسْوَةٍ غَيْرُ مُبَرَّرَةٍ مِنْهُمَا تِجَاهَهُ تَعْمَلُ عَمَلَهَا فِي زَلْزَلَةِ شَخْصِيَّتِهِ وَزَعْزَعَةِ اسْتِقْرَارِهَا؛ لِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْحَمَ النَّاسِ بِالْأَطْفَالِ كَمَا شَهِدَ بِذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَائِلًا: “مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-… كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا لَهُ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ”(رواه مسلم).

فَأَوَّلُ أُسُسِ الْبِنَاءِ النَّفْسِيِّ الْوِجْدَانِيِّ لِلطِّفْلِ هُوَ إِشْعَارُهُ بِالدِّفْءِ الْأُسَرِيِّ، وَالَّذِي تَعَجَّبَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ مِنْ بَعْضِ مَظَاهِرِهِ؛ حِينَ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ!، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ”(متفق عليه).

 وجاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يُقبِّل أولاده فقال متعجباً: تُقبِّلون صبيانكم فنحن لا نُقبِّلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَو َأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ)

** أحبتي في الله :-  إن مِنْ مُمَيِّزَاتِ مَرْحَلَةِ الطُّفُولَةِ: أَنَّ مَا يَتَرَبَّى عَلَيْهِ الطِّفْلُ فِي صِغَرِهِ يَثْبُتُ مَعَهُ طُولَ حَيَاتِهِ، وَمَا يَحْدُثُ لَهُ فِي طُفُولَتِهِ يُحَدِّدُ مَلَامِحَ رُجُولَتِهِ؛ فَالْعِلْمُ فِي الصِّغَرِ كَالنَّقْشِ عَلَى الْحَجَرِ؛ وَلِذَا كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَرِيصًا عَلَى تَلْقِينِ الْأَطْفَالِ الصِّغَارِ أُصُولَ الْعَقِيدَةِ؛ كَمَا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: “يَا غُلَامُ! إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ”(رواه الترمذي), وَصدق الْقَائِلُ:

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا * عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ.

** فَيَا أَيُّهَا الْآبَاءُ: أَطْفَالُكُمْ أَمَانَةٌ لَدَيْكُمْ، جَعَلَكُمُ اللهُ رَاعِينَ عَلَيْهِمْ، وَهَذِهِ مَسْؤُولِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِأَدَاءِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ وَلِلسُّؤَالِ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ) متفق عليه

فاحذروا أيها الآباء من خيانة الأمانة وعدم الاهتمام بتربية الأطفال وبناءهم لأنهم قد يتحولوا من زينة ونعمة إلي وبال ونقمة فالله جل وعلا كما بين لنا أن الأولاد نعمة وذلك إذا كانوا صالحين ولمنهج الله متبعين فقال جل شأنه (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: ٤٦].  بين كذلك أنه في المقابل قد يكونوا نقمة وفتنة وذلك إذا كانوا فاسدين قال تعالى (إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ) [التغابن: ١٤] وقالَ جلَّ وعلا: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) [التغابن: ١٥].

تابع / خطبة الجمعة القادمة 20 ديسمبر 2024 : الطفولة بناء وأمل ، للشيخ كمال المهدي

ولنا في الحياة عبر فكم من أب أهمل تربية أولاده ولم يهتم ببنائهم فصاروا سارقين قاتلين وللخمر والمخدرات شاربين حولوا حياة آبائهم إلي جحيم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

** وفي الختام: – أقول لكم أحبتي في الله: إنه لمن المؤسف أننا نرى آباء قد تخلوا عن مسؤوليتهم تجاه أبنائهم فهم لا يعرفون شيئاً عن أبنائهم لا يجلسون معهم ولا يهتمون ببنائهم وتربيتهم.

فأطفال اليوم في كثير من بيوتنا هـم أيتام، على الرغم من وجود أبوين من الناحية الشكلية لا يدرون عنهم شيئا ويتركونهم للجيران أو للشوارع أو لأصدقاء السوء.

وصدق القائل: –

ليـسَ اليتيمُ مَن انتهى أبواهُ * مِنْ هـمِّ الحـياةِ وخلَّفاهُ ذَليـلا. إنَّ اليتيمَ هـوَ الذي تَلْقَـى لَـهُ * أُمًّا تَخلَّـتْ، أو أَبًا مَشغـولا.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الذرية الصالحة النافعة وأن يعيننا على مسؤولية تربية الأولاد وأن ينبت أبناءنا نباتا حسنا إنه ولي ذلك والقادر عليه..

   كتبه: الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي      إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »