أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، للدكتور خالد بدير

بتاريخ 22 ربيع الثاني 1446 هـ ، الموافق 25 أكتوبر 2024م

خطبة الجمعة بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 22 ربيع الثاني 1446 هـ ، الموافق 25 أكتوبر 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، بصيغة  word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا: كما يلي:

 

أولًا: منزلةُ القولِ الحسنِ وثمرتُهُ في الدنيا والآخرةِ.

ثانيًا: رصدُ الملكينِ لأقوالِ العبادِ.

ثالثًا: حفظُ اللسانِ بينَ الواقعِ والمأمولِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا : كما يلي:

خطبة بعنوان: ” وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا “

22 ربيع الثاني 1446هـ – 25 أكتوبر 2024م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا

أولًا: منزلةُ القولِ الحسنِ وثمرتُهُ في الدنيا والآخرةِ.

لقد دعانَا الدينُ الإسلاميُّ الحنيفُ إلى القولِ الحسنِ للناسِ جميعًا مسلمينَ وغيرَ مسلمينَ، قالَ تعالَى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}. (البقرة: 83)، يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ: ” أَيْ: كَلِّمُوهُمْ طَيِّبًا وَلِينُوا لَهُمْ جَانِبًا… فاللهُ تعالَى يَأْمُرَهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا، بَعْدَ مَا أَمَرَهُمْ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ بِالْفِعْلِ، فَجَمَعَ بَيْنَ طَرَفَيِ الإحسانِ الفعلِي والقولِي”. (تفسير ابن كثير). ويقولُ الفخرُ الرازِيُّ: “مِنَ المَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ أنَّهُ إذا أمْكَنَ التَّوَصُّلُ إلى الغَرَضِ بِالتَّلَطُّفِ مِنَ القَوْلِ لَمْ يَحْسُنْ سِواهُ، فَثَبَتَ أنَّ جَمِيعَ آدابِ الدِّينِ والدُّنْيا داخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: {وقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنًا}. (مفاتيح الغيب). وقالَ تعالَى: { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. (الإسراء: 53)، وقالَ تعالَى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. (العنكبوت: 46)، وقالَ تعالَى في شأنِ دعوةِ سيدِنَا موسَى وهارونَ لفرعون: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أوْ يَخْشى}. [طه: ٤٤] يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ:” هَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا عِبْرَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهُوَ أَنَّ فِرْعَوْنَ فِي غَايَةِ العتو والاستكبار…، وَالْحَاصِلُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ أَنَّ دَعْوَتَهُمَا لَهُ تَكُونُ بكلام رقيق، لين سهل رفيق، لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَبْلَغَ وَأَنْجَعَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}”.أ.ه

كما حفلتْ السنةُ النبويةُ المطهرةُ بالعديدِ مِن الأحاديثِ الي تدعُو إلى حسنِ القولِ ولينِ الكلامِ وسلامةِ اللسانِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ». (متفق عليه). كمَا أنَّ لينَ الكلامِ طريقٌ إلى الجنةِ فعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ فِي الجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطَابَ الكَلاَمَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ”.(الترمذي وابن حبان بسند حسن).

ولنا القدوةُ الحسنةُ في الرسولِ الذي قالَ فيهِ ربُّهُ جلَّ وعلا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}. (آل عمران: 159)، فقد كانَ يتعاملُ بلينِ الكلامِ مع المسلمِ وغيرِ المسلمِ، فعن عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ؟ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ وَدَعَهُ، أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ».(متفق عليه). ” قال القاضِي: هذا الرجلُ هو عيينةُ بنُ حصن، ولم يكنْ أسلمَ حينئذٍ وإنْ كان قد أظهرَ الإسلامَ، فأرادَ النبيُّ أنْ يُبيّنَ حالَهُ ليعرفَهُ الناسُ ولا يغترَّ بهِ مَن لم يعرفْ حالَهُ، وكان منهُ في حياةِ النبيِّ وبعدَهُ ما دلَّ على ضعفِ إيمانِهِ وارتدَّ مع المرتدينَ، وجيءَ بهِ أسيرًا إلى أبِي بكرٍ رضي اللهُ عنه. ووصفُ النبيِّ لهُ بأنَّهُ بئسَ أخو العشيرةِ مِن أعلامِ النبوةِ لأنّهُ ظهرَ كما وصفَ، وإنّمَا ألانَ لهُ القولَ تألفًا لهُ ولأمثالِهِ على الإسلامِ”.(شرح النووي على مسلم).

أختمُ هذا العنصرَ بهذه القصةِ التي تدلُّ على ثمرةِ الكلمةِ الطيبةِ: يُحكَى أنَّ كسرَى ملكَ فارسٍ أعلنَ في الدولةِ بأنَّ مَن يقولُ كلمةً طيبةً فلهُ جائزةٌ ألفُ دينار، وفي يومٍ كان الملكُ يسيرُ بحاشيتِهِ في المدينةِ إذ رأى فلاحاً عجوزاً في التسعيناتِ مِن عمرِهِ وهو يغرسُ شجرةَ زيتونٍ، فقالَ لهُ الملكُ: لماذا تغرسُ شجرةَ الزيتونِ وهي تحتاجُ إلى كذا سنةٍ لتثمرَ وأنتَ عجوزٌ في التسعينَ مِن عمرِكَ، وقد دنَا أجلُكَ؟! فقالَ الفلاحُ العجوزُ: السابقونَ زرعُوا ونحنُ حصدنَا، ونحنُ نزرعُ لكي يحصدَ اللاحقون! فقالَ الملكُ: أحسنتَ فهذه كلمةٌ طيبةٌ فأمرَ أنْ يعطوهَ ألفَ دينارٍ فأخذهَا الفلاحُ العجوزُ وابتسمَ… فقالَ الملكُ: لماذا ابتسمتَ؟! فقالَ الفلاحُ: لأنَّ شجرةَ الزيتونِ تثمرُ بعدَ كذَا سنةٍ وشجرتِي أثمرتْ الآنَ! فقالَ الملكُ: أحسنتَ أعطوهُ ألفَ دينارٍ أخرَى، فأخذَهَا الفلاحُ وابتسمَ! فقالَ الملكُ: لماذا ابتسمتَ؟! فقالَ الفلاحُ: لأنَّ شجرةَ الزيتونِ تثمرُ مرةً في السنةِ وشجرتِي أثمرتْ مرتينِ!! فقالَ الملكُ: أحسنتَ أعطوهُ ألفَ دينارٍ أخرَى؛ ثمَّ تحرّكَ الملكُ بسرعةٍ مِن عندِ الفلاحِ، فقالَ لهُ رئيسُ الجندِ: لماذَا تحركتَ بسرعةٍ؟ فقالَ الملكُ: إذا جلستُ إلى الصباحِ فإنَّ خزائنَ الأموالِ ستنتهِي وكلماتِ الفلاحِ العجوزِ لا تنتهِي! فالكلمُ الحسنُ الطيبُ يثمرُ دائماً!

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا

ثانيًا: رصدُ الملكينِ لأقوالِ العبادِ.

يظنُّ كثيرٌ مِن الناسِ أنَّ الكلامَ الذي يخرجُ منهُ لا يحاسبُ عليهِ إلَّا إذا كان يحتملُ الصدقَ أو الكذبَ أو شهادةً أو يمينًا أو غيرَ ذلكَ ممَّا يترتبُ عليهِ ضررٌ أو أثرٌ أو حُكْمٌ!! وهذا فهمٌ خاطئٌ؛ لأنَّ كلَّ كلمةٍ تتكلمُ بهَا، أو لفظٍ تتلفظُ بهِ إلّا ويكتبُ عليكَ خيراً كانَ أو شراً، لذلكَ خصصتُ هذا العنصرَ لأنبِّهَ على هذا الخطرِ الجسيمِ الذي تقعونَ فيهِ كثيراً وأنتُم لا تشعرون. ومِمَّا يدلُّ على ذلكَ قولُهُ تعالَى:{ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ؛ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. ( ق: 17 ؛ 18 ). ولهذا سألَ معاذٌ رضي اللهُ عنهُ الرسولَ فقالَ:” يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكُلُّ مَا نَتَكَلَّمُ بِهِ يُكْتَبُ عَلَيْنَا؟ قَالَ:”ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟ إِنَّكَ لَمْ تَزَلْ سَالِمًا مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمَتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ”. (الترمذي والطبراني واللفظ له). ” وعَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: رَكِبَ رَجُلٌ الحِمَارَ، فعَثَرَ بِهِ، فَقَالَ: تَعِسَ الحِمَارُ، فَقَالَ صَاحِبُ اليَمِينِ: مَا هِيَ حَسَنَةٌ أَكْتُبُهَا، وقَالَ صَاحِبُ الشِّمَالِ: مَا هِيَ سَيِّئَةٌ فأَكْتُبَهَا، فأَوْحَى اللهُ إِلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ: مَا تَرَكَ صَاحِبُ اليَمِينِ مِن شَيْءٍ، فاكْتُبْهُ، فأَثْبَتَ فِي السَّيِّئَاتِ تَعِسَ الحِمَارُ .” (جامع العلوم والحكم لابن رجب). “وَذُكِرَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَئِنُّ فِي مَرَضِهِ، فَبَلَغَهُ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: يَكْتُبُ الْمَلَكُ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْأَنِينَ. فَلَمْ يَئِنَّ أَحْمَدُ حَتَّى مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ”. (تفسير ابن كثير).

فاعلمْ يا عبدَاللهِ أنَّ اللهَ وكَّلَ عليكَ ملكينِ، أحدهُمَا عن يمينِكَ موكلٌ بكتابةِ الحسناتِ، والآخرُ عن يسارِكَ موكلٌ بكتابةِ السيئاتِ، يرصدانِ أقوالَكَ وأفعالَكَ وحركاتِكَ وسكناتِكَ، ” قَالَ مُجَاهِدٌ: وَكَّلَ اللَّهُ بِالْإِنْسَانِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَحْوَالِهِ مَلَكَيْنِ بِاللَّيْلِ وَمَلَكَيْنِ بِالنَّهَارِ يَحْفَظَانِ عَمَلَهُ، وَيَكْتُبَانِ أَثَرَهُ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ: أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ).”( تفسير القرطبي).

ومِن رحمةِ اللهِ بنَا أنَّ العبدَ إذا فعلَ حسنةً كتبهَا ملكُ الحسناتِ عشرًا، وإذا فعلَ العبدُ سيئةً كُتبَتْ بمثلِهَا، قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.(الأنعام:160).

 بل مِن كرمِ اللهِ وفضلِهِ على عبادِهِ أنَّ العبدَ إذا فعلَ سيئةً لم يكتبْهَا ملكُ السيئاتِ، بل يصبرُ عليهِ ستَّ ساعاتٍ لعلّهُ يستغفرُ اللهَ عزَّ وجلَّ فلا تُكتب!! فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ: “إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً”. ( البيهقي والطبراني بسند حسن). “وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: صَاحِبُ الْيَمِينِ يَكْتُبُ الْخَيْرَ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ فَإِنْ أَصَابَ الْعَبْدُ خَطِيئَةً قَالَ لَهُ أَمْسِكْ، فَإِنِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى نَهَاهُ أَنْ يَكْتُبَهَا، وَإِنْ أَبَى كَتَبَهَا.” (تفسير ابن كثير). وكأنّهُ يقولُ: اكتبهَا أراحنَا اللهُ منهُ!! ومِن المعلومِ أنَّ الإنسانَ كثيرُ الكلامِ، وكلمَا كثرَ كلامُهُ كثرَ لغطُهُ، فينبغِي عليهِ أنْ يكثرَ مِن الاستغفارِ والتوبةِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ، فقد يقعُ في لغوِ الكلامِ وباطلِهِ وخبيثِهِ دونَ أنْ يشعرَ أو يُلقِي لهُ بالًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (البخاري)، وفي روايةِ مسلمٍ “مائةَ مرةٍ”، فعن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”. فهذا حبيبُكُم يستغفرُ ربَّهُ في اليومِ أكثرَ مِن سبعينَ مرةً، وقد غُفِرَ لهُ ذنبُهُ المتقدمُ منهُ والمتأخرُ!! ونحنُ أكلتنَا الذنوب، ولم نستغفرْ اللهَ بالمرةِ!!!

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا

ثالثًا: حفظُ اللسانِ بينَ الواقعِ والمأمولِ.

إنَّ الذي ينظرُ إلى واقعِ الناسِ في المجتمعِ يجدُ أنّهُم يطلقونَ لسانَهُم في ما لَا فائدةَ منهُ، وهذا شائعٌ وكثيرٌ في مجامعِ الناسِ، سواءٌ في وظيفتِهِم أو تجارتِهِم أو مجالسِهِم العامةِ! لذلك ينبغِي على كلِّ إنسانٍ أنْ يحفظَ لسانَهُ ولا يتكلمَ إلَّا بخيرٍ وإلَّا فالصمتُ أولَى، وقد عدَّ النبيُّ الصمتَ – إذا كان الكلامُ يُجلبُ شرًّا – شعبةً مِن شعبِ الإيمانِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».(متفق عليه). قال الإمامُ النوويُّ – رحمَهُ اللهُ – في رياضِ الصالحين:” اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلا كَلاَمًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.”

وفي شرحِ الأربعينَ النوويةِ:” أنَّ الإنسانَ ينبغِي لهُ أنْ لا يخرجَ مِن كلامِهِ إلّا ما يحتاجُ إليهِ، كما أنّهُ لا ينفقُ مِن كسبِهِ إلَّا ما يحتاجُ إليهِ، ولو كنتُم تشترونَ الكاغدَ (الورقُ الذي يُكتَبُ فيه) للحفظةِ لسكتُم عن كثيرٍ مِن الكلامِ .”

وليكنْ لنَا القدوةَ في سلفِنَا الصالحِ وحرصهِم على الكلمِ الطيبِ وملازمتهِم الصمتَ إلّا لحاجةٍ؛ خشيةَ الوقوعِ في الحرامِ ” ففِي الأثرِ: أنَّ عمرَ اطَّلعَ على أبي بكرٍ وهو يضعُ حصاةً في فيهِ، يمنعُ بهَا نفسَهُ عن الكلامِ، ويمدُّ لسانَهُ بيدِهِ، فقالَ: ما تصنَعُ يا خليفةَ رسولِ اللهِ؟ قال: إنَّ هذا أوردنِي المواردَ، وقال عبدُ اللّهِ بنُ مسعودٍ- رضي اللّهُ عنه: واللّهِ الّذي لا إلهَ إلّا هو ما شيءٌ أحوجُ إلى طولِ سجنٍ مِن اللّسانِ” ( إحياء علوم الدين )، لذلك كان أحدُ الصالحينَ يجلسُ في المقابرِ ولَمَّا سُئِلَ عن هذا قال: أنَا عندَ أقوامٍ إذا جلستُ عندَهُم لا يؤذونَنِي وإذا غبتُ لا يغتابونَنِي!!

إنَّ حفظَ اللسانِ نجاةٌ للعبدِ في الدنيا والآخرةِ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: ” أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ؛ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ؛ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ “(الترمذي وحسنه). وقد ضمنَ الرسولُ الجنةَ لِمَن حفظَ لسانَهُ مِن خبيثِ الكلامِ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: “مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ؛ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ” (البخاري). إنَّ صلاحَ اللسانِ صلاحٌ لأعضاءِ الجسدِ كلِّهَا، وفسادهُ فسادٌ لأعضاءِ الجسدِ كلِّهَا، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَرفُوعاً قَالَ:”إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الْأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ؛ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا؛ وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا”. (أحمد والترمذي بسن حسن).

لذلكَ عدَّ الرسولُ طيبَ الكلامِ مِن الصدقاتِ حيثُ قال: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» (متفق عليه).

رُوِىَ أنَّ عيسى عليهِ السلامُ مرَّ بقومٍ من بني إسرائيلَ فقالوا له شراً ، فقال خيراً، فقيلَ لهُ: إنهم يقولونَ لكَ شراً وتقولُ خيراً؟! فقالَ لهم عليهِ السلامُ : كلُ واحدٍ ينفقُ مِمَّا عندهُ !! فما أعظمها من مُثُلٍ ومَا أجملهَا من أخلاقٍ.

واعلمُوا أنَّ الكلمةَ الطيبةَ حجابٌ ووقايةٌ مِن النارِ يومَ القيامةِ، فعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :” مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ؛ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ؛ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ؛ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ؛ فَمَن لَم يَجِد فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ”(متفق عليه). لذلكَ دعانَا النبيُّ إلى عفةِ اللسانِ، وطيِّبِ الكلامِ والبعدِ عن السَّبِّ واللعنِ، ففي سنن الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ». وفي هذا الحديثِ فائدةٌ: أنَّ الطعنَ والجرحَ كما يحدثُ بالسيفِ والسنانِ يحدثُ باللسانِ، فالأولُ جرحٌ حسيٌّ، والآخرُ جرحٌ معنويٌّ، ولربمَا كان الجرحُ المعنويُّ أشدَّ مرارةً وأكثرَ ألماً مِن الحسِّي.

فينبغِي على الإنسانِ كما ينتقِي أطيبَ الطعامِ والشرابِ أنْ ينتقِيَ أطيبَ الكلامِ وأحسنَهُ ليفوزَ بسعادةِ العاجلِ والآجلِ.

أسأل اللهَ أنْ يهدينَا إلي أطيبِ القولِ وأحسنِ العملِ، وأنْ يجنبنَا الفحشَ والزللَ؛؛؛

   الدعاء،،،،،،،                                وأقم الصلاة،،،،،                               كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                                                                                  د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »