أخبار مهمةالأوقافشهر رمضان المباركعاجل

الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير

سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى ، للدكتور خالد بدير.

لتحميل الدرس غزوة بدر الكبرى بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الدرس غزوة بدر الكبرى بصيغة pdf أضغط هنا

 

ولقراءة الدرس غزوة بدر الكبرى كما يلي:

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

سلسلة الدروس الرمضانية غزوة بدر الكبرى

 

الدرس السابع عشر: الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى

 

في مثل هذا اليوم المبارك السابع عشر من رمضان وقعت غزوة بدر الكبرى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان .

وقبل أن نذكر الدروس المستفادة من الغزوة نقف سريعاً مع موجز لهذه الغزوة حتى تعم الفائدة :

هي غزوة بدر (وتُسمى أيضاً غزوة بدر الكبرى وبدر القتال ويوم الفرقان) ؛  وهي غزوة وقعت في السابع عشر من رمضان في العام الثاني من الهجرة (الموافق 13 مارس 624م) بين المسلمين بقيادة رسول الإسلام محمد، وقبيلة قريش ومن حالفها من العرب بقيادة أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي القرشي.

وتُعد غزوةُ بدر أولَ معركةٍ من معارك الإسلام الفاصلة، وقد سُميت بهذا الاسم نسبةً إلى منطقة بدر التي وقعت المعركة فيها، وبدر بئرٌ مشهورةٌ تقع بين مكة والمدينة المنورة.

بدأت المعركة بمحاولة المسلمين اعتراضَ عيرٍ لقريشٍ متوجهةٍ من الشام إلى مكة يقودها أبو سفيان بن حرب، ولكن أبا سفيان تمكن من الفرار بالقافلة، وأرسل رسولاً إلى قريش يطلب عونهم ونجدتهم، فاستجابت قريشٌ وخرجت لقتال المسلمين.

كان عددُ المسلمين في غزوة بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فَرَسان وسبعون جملاً، وكان تعدادُ جيش قريش ألفَ رجلٍ معهم مئتا فرس، أي كانوا يشكِّلون ثلاثة أضعاف جيش المسلمين من حيث العدد تقريباً.

وانتهت غزوة بدر بانتصار المسلمين على قريش وقتل قائدهم عمرو بن هشام، وكان عدد من قُتل من قريش في غزوة بدر سبعين رجلاً وأُسر منهم سبعون آخرون، أما المسلمون فلم يُقتل منهم سوى أربعة عشر رجلاً، ستة منهم من المهاجرين وثمانية من الأنصار ؛ واستشار الرسول أصحابه في شأن الأسرى؛ فأشار أبوبكر بالفداء؛ وعمر بالقتل ؛ ونزل القرآن موافقا لرأي عمر .

ثم مكث المسلمون ثلاثة أيام في بدر ثم عادوا إلى المدينة؛ ونزل قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آل عمران: 123) .

 تمخَّضت عن غزوة بدر عدة نتائج نافعةٍ بالنسبة للمسلمين، منها أنهم أصبحوا مهابين في المدينة وما جاورها، وأصبح لدولتهم مصدرٌ جديدٌ للدخل وهو غنائم المعارك، وبذلك تحسّن حالُ المسلمين الماديّ والاقتصاديّ والمعنويّ.

وبهذه المناسبة ؛ نقف مع الدروس المستفادة من غزوة بدر الكبرى لنطبقها على أرض الواقع ؛ وهذه الدروس تتمثل فيما يلى :

1– التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب:

إن التوكل على الله من أعظم أسباب النصر، قال تعالى: { إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160].

وهذا ما حصل في غزوة بدر، فإن الصحابة على قلة عددهم وعُددهم مقابل عدوهم إلا أنهم توكلوا على الله، وقاتلوا فنصرهم الله، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [آل عمران: 123].

كما نجد في هذه الغزوة سنة من سنن الله في الكون وهي أن الله سبحانه وتعالى يعطي دائما الفرصة للجهد البشري في صنع القرار والأخذ بالأسباب، وهذا أمر ملحوظ في قصص الأنبياء السابقين، فمثلا يأمر الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام فيقول (واضرب بعصاك البحر) فهذا جهد وعمل أمر به موسى مع أن الله تعالى قادر على أن يفتح البحر دون حركة موسى، والأمر مثله يوجهه إلى مريم عليها السلام عند مخاضها؛ فيقول الله تعالى لها :

{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا } . (مريم: 25) ؛ فالله سبحانه وتعالى قادر على إطعام هذه المسكينة التي خرجت من مخاض عسير وتعيش ظروفا نفسية عظيمة، لكن حكمة الله تعالى اقتضت أن تعطي دائما الفرصة للجهد البشري، والأمثلة كثيرة في قصص القرآن.

وفي غزوة بدر، كان بإمكان الله تعالى أن ينصر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وان ينصر المسلمين دون حرب ودون هذه الفتن، لكن حكمة الله أوجبت هذا الاحتكاك وهذا التدافع واقتضته سنة الصراع بين الخير والشر، ثم يأتي النصر من عند الله لنصرة أولياءه الصالحين.

2- صدق الصحابة في موالاتهم للمؤمنين، ومعاداتهم للكافرين

 وقد ظهر ذلك في غزوة بدر، عندما قتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة، ولم يلتفت إلى قرابته منه، وهَمّ أبو بكر بقتل ابنه عبد الرحمن، وقتل حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث أبناء عمهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وذلك في المبارزة، قال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللّـهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } [المجادلة: 22].

3- الابتكار في الخُطط العسكرية:

لقد ابتكر الرسول صلى الله عليه وسلم في قتاله مع المشركين يوم بدر أسلوبًا جديدًا في منازلة الأعداء يتمثل في نظام الصفوف . وهذا الأسلوب أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4]. وقد كانت العرب تقاتل بأسلوب الكرّ والفرّ، وهو الأسلوب المعهود بينهم، فعمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ابتكار أسلوب الصفوف.

ومن صور الابتكار بعد نزول النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه على أدنى ماء بدر من المشركين، اقترح الصحابي الجليل سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء عريش له يكون مقرًا لقيادته ويأمن فيه من العدو. ويستفاد من بناء العريش أمور، منها: لا بد أن يكون مكان القيادة مشرفًا على أرض المعركة، يتمكن القائد فيه من متابعة المعركة وإدارتها.

وينبغي الاهتمام بحياة القائد، وصونها من التعرض لأى خطر:

ولما وصل قريبًا من بدر علم بمسير قريش، فأخبر أصاحبه بذلك واستشارهم في الأمر ليكونوا على بصيرة من ذلك. قال سعد: “قد آمنا بك يا رسول الله وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض  يا رسول الله  لما أمرت، فوالذي بعثك بالحق إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لنخوضنه معك، وما نكره أن تلقى العدو بنا غدًا، وانا لصبرٌ عند الحرب، صدقٌ عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله” .

ويعتبر الإبداع والابتكار ميزة رائدة تمتاز بها العسكرية الإسلامية في المعارك. ومن أشهر الخطط العسكرية المُبدعة في التاريخ العسكري للمسلمين خُطّة سلمان الفارسي في غزوة الأحزاب ( الخندق ) ؛ وذلك بحفر الخندق حول المدينة وهذا ابتكار جديد لم تعرف به العرب قبل !

4-  الحرص على رفع الروح المعنوية للجنود:

كان صلى الله عليه وسلم يَحثُّ أصحابه على القتال ويحرضهم عليه امتثالًا لقوله تعالى:  {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ} [الأنفال:65]. ففي غَزَاة بدر الكبرى رفع صلى الله عليه وسلم الروح المعنوية لأصحابه قائلًا: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ» .

وفى المجال العسكري تلعب الروح المعنوية دورًا بارزًا في صَقْل شخصية المُحارب؛ إذ الروح المعنوية المرتفعة تُمثّل مصدرًا من مصادر التفوق العسكري، والصمود أمام المشاقّ التي تلاقى المجاهد في ساحة الوغى.

ومن صور التعبئة المعنوية أنه صلى الله عليه وسلم كان يبشرهم بقتل صناديد المشركين، وزيادة لهم في السكينة والاطمئنان كان يحدد مكان قتلى كل واحد منهم‏‏ . وقد أثرت هذه التعبئة المعنوية في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم والذين جاءوا من بعدهم بإحسان.‏

 5- الدعاء أحد الأسلحة الفتّاكة في مواجهة الأعداء:

لما نظّم صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأخذ بكل الأسباب المُتَاحة، رجع إلى عريشه الذى بُنى له ومعه صاحبه أبو بكر، وسعد بن معاذ على باب العريش لحراسته وهو شاهر سيفه، واتجه صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء قائلًا: «اللهمَّ أَنجِزْ لي ما وعدتني. اللهمَّ آتِ ما وعدتني، اللهمَّ إن تَهلِك هذه العصابةُ من أهلِ الإسلامِ لا تُعبدُ في الأرض» [مسلم].

ونحن نعلم أن الدعاء مَطِيَّةُ مَظِنة الخطر، وحقيقته: إظهار الافتقَار إليه، والتبرُّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذِّلةِ البشرية، وفيه معنى الثناء على الله تعالى، وإضافة الجود، والكرم إليه؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة».

وكم أقام الدعاء ممالك وأزال ممالك! فلا ينبغي للطائفة المؤمنة إهمال الدعاء؛ فشأنه عظيم، وأمره جسيم. يقول الخطابي رحمه الله: “معنى الدعاء استدعاء العبد ربَّه عزَّ وجل العنايةَ، واستمدادُه منه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية واستشعارُ الذلة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجل، وإضافة الجود والكرم إليه”.

 6- دوام سنة التدافع بين الحق والباطل

لا شك أنّ من أهم وأخطر سنن الله تعالى في العلاقة بين الناس هو التدافع بين الحق والباطل، والصراع بين الإيمان والكفر. وبالتالي فالذين يَسْعَوْن لإقامة التعايش السِّلْمي والأمان الاجتماعي مع الأعداء في مقابل التنازل عن ثوابت الإسلام هم واهمون، يبحثون عن سراب. ألم يسمع هؤلاء الرويبضة قول ابن جوريون: “نحن قوم لا نحيا إلا بعدو”؟!

وقد ورد ذكر سنة التدافع في موضعين من كتاب الله تعالى؛ فأما الموضع الأول فبعد قصة المنازلة بين طالوت وجالوت، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}  [البقرة من الآية:251]. أمّا الموضع الثاني فعند الإذن بالجهاد وبيان مشروعيته، قال سبحانه:  {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا} [الحج من الآية:40].

فسنة التدافع بين الحق والباطل قائمة إلى يوم القيامة .

7-النصر من عند الله:

إنَّ حقيقة النصر في غزاة بدر كانت من الله تعالى، وقد حكم الله تعالى بذلك في قوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:126]. وقال:{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ( الأنفال: 17)؛ وقد قيّد الله تعالى النصر بقوله: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55].

فطاعة الله ورسوله، والابتعاد عن المعاصي وترك التنازع من أعظم أسباب النصر، ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوجه أصحابه بأن لا يفعلوا أمراً حتى يخبروه بذلك، كما في حديث عمير بن الحمام: “لا يقدمن أحدكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه”، وكان الصحابة يمتثلون أوامر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وينفذونها بكل دقة.

فإذا انتصر الكفر، وكان للكافرين الصَّوْلة والدولة والغلبة على المؤمنين، في بعض الأزمنة أو الأمكنة؛ فذلك لتخلف سبب النصر وشرطه؛ فيُعَاقب الله المؤمنين على تفريطهم في دينهم وما أمروا به لعلهم يرجعون، ويكون هذا ابتلاء وتمحيصًا للمؤمنين، وإمهالًا واستدراجًا للكافرين.

 8- التركيز على وسائل الإعلام:

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَحثُّ شعراء المسلمين على القيام بواجبهم في الدفاع عن المسلمين وإخافة الأعداء بشعرهم؛ إذ كان الشعر يمثل الحملات الإعلامية المؤثرة في دنيا العرب، فيرفع أقوامًا ويخفض آخرين، ويُشعل الحروب الضارية ويُطفئها.

 ولا شك أن للإعلام دور في إحداث النكاية في الأعداء. ولا بد للصفِّ الإسلامي أن يُوَطِّن نفسه على تلقي الصواعق المُرْسلة من إعلام الأعداء، مِصْدَاقًا لقول جحدر بن معاوية العُكْلى:

بِكُلِّ صروفِ الدّهرِ قد عِشْتَ حِقْبَةً *** وقَدْ حملتْنِي بينها كُلَّ مُحْملِ

ومن الغفلة انتظار الإنصاف من الأعداء؛ إذ كيف آمنك، وهذا أثر فأسك؟! ولا بُدّ من مواجهة الخصوم بإعلام يستأصل شأفتهم، ويُبيدُ خضراءهم.

هذا ومن لطيف القول أنه قد ورد في سفر إشعياء إشارة إلى غزوة بدر: “وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ، يَا قَوَافِلَ الدادانيين، هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ، يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ، فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ، وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ، وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ السَّيِّدُ: ” فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ، وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ” (إصحاح:21).

9- جعل الدنيا والمال في اليد لا في القلب

فقد نبه الله المؤمنين إلى حقيقة هامة، وهي أن لا يجعلوا حب المال يسيطر عليهم عند النظر في قضاياهم الكبرى التي قامت على أساس النظرة الدينية وحدها، مهما كانت الحال والظروف، ولذا عالج الله تجربة رؤية الغنائم مع الحاجة والفقر، واختلافهم فيها، ومسألة الأسرى بوسائل تربوية دقيقة، كما في قوله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ } [الأنفال: 1].

وقوله تعالى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 67].

10- أن شهر رمضان شهر الجد والعمل والاجتهاد

                               

فغزوة بدر قد وقعت في رمضان شهر الصوم والصبر، وهذا تنبيه لنا جميعا؛ إن هذا الشهر العظيم هو شهر النشاط والعمل الجاد والمتواصل وفرصة الجهاد المستمر وشهر الانتصارات، بعكس ما يعتقده البعض في هذا الزمان أنه شهر الخمول والجوع والعطش، وشهر قتل الوقت في كل ما لا ينفع في انتظار آذان المغرب لقضاء الليل في كل ما يضر من المأكولات المختلفة وفي كل ما يشغل عن قيام الليل من السهرات الماجنة والأغاني الساقطة عبر القنوات الفضائية.

هذه دروسٌ عشرةٌ مستفادةٌ من غزوة بدر الكبرى ؛ حرى بنا أن نطبقها على أرض الواقع؛ حتى نكون أمة عمل واجتهاد وتطبيق؛؛

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل؛؛؛

         كتب غزوة بدر الكبرى : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »