خطبة الجمعة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 26 رمضان 1445 هـ ، الموافق 5 أبريل 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان :صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد : كما يلي:
أولًا: ليلةُ القدرِ نفحةٌ لأمةِ مُحمدٍ ﷺ.
ثانيًا: صدقةُ الفطرِ أسرارٌ وأحكامٌ.
ثالثًا: الأعمالُ بالخواتيمِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد : كما يلي:
صدقةُ الفطرِ وحقُّ اللهِ في المالِ.. أحكامٌ ومقاصدُ.
26 رمضان 1445هـ – 5 إبريل 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد
أولًا: ليلةُ القدرِ نفحةٌ لأمةِ مُحمدٍ ﷺ.
إنَّ مِن أعظمِ نفحاتِ أُمةِ مُحمدٍ ﷺ على الإطلاقِ ( ليلةَ القدرِ )، وهذه هبةٌ ربانيةٌ لا تكونُ إلّا للأمةِ المحمديةِ، أُمةِ العملِ القليلِ والأجرِ الكبيرِ والفضلِ العظيمِ، فلتحمدْ اللهَ أنْ جعلَكَ مِن أمةِ الحبيبِ مُحمدٍ ﷺ:
ومِمَّــــــا زادَنِي فخـــــــــرًا وتيهـــــــًا وكـــــدتُ بأخمــــــــــصِي أطــــأُ الثــــــــــريـَّا
دُخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي وأنْ صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرتَ أحمدَ لِي نبيـًّا
يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ عن مجاهدٍ: ” أنَّ النبيَّ ﷺ ذكرَ رجلًا مِن بنِي إسرائيلَ لَبسَ السلاحَ في سبيلِ اللهِ ألفَ شهرٍ، قال: فَعَجبَ المسلمونَ مِن ذلك، قال: فأنزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: { إِنَّا أَنزلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ؛ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ( القدر : 1-3) التي لبسَ ذلك الرجلُ السلاحَ في سبيلِ اللهِ ألفَ شهرٍ ، فليلةٌ واحدةٌ خيرٌ مِن عبادةِ 83 سنةً مِن الأممِ الماضيةِ، فمَا بالُكَ لو صادفتْكَ ليلةُ القدرِ عشرينَ سنةً مثلًا.” وعَنْ الِإمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ:” إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُرِيَ أَعْمَارَ النَّاسِ قَبْلَهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ فَكَأَنَّهُ تَقَاصَرَ أَعْمَارَ أُمَّتِهِ أَنْ لَا يَبْلُغُوا مِنْ الْعَمَلِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ غَيْرُهُمْ فِي طُولِ الْعُمْرِ؛ فَأَعْطَاهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” ( موطأ مالك).
وأكثرُ العلماءِ على أنَّها هذه الليلةَ ليلةُ السابعِ والعشرينَ، لحديثِ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ عن النبيِّ ﷺ في ليلةِ القدرِ قال: «ليلةُ القدرِ ليلةُ سبعٍ وعشرين» (أبو داود بسند صحيح)، فعليكُم أنْ تُكثرُوا في هذه الليلةِ مِن العبادةِ والعملِ الصالحِ، مِن الصيامِ والقيامِ وقراءةِ القرآنِ؛ فهي خيرٌ مِن العملِ في ألفِ شهرٍ ليس فيها ليلةَ القدرِ، قالَ تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}(القدر: 3).
قال الإمامُ الطبريُّ رحمَهُ اللهُ في تفسيرِهِ: “عملٌ في ليلةِ القدرِ خيرٌ مِن عملِ ألفِ شهرٍ ليسَ فيهَا ليلةَ القدرِ” .
فالساعةُ الواحدةُ فيهَا تُساوِي ثمانِ سنواتٍ مِن عمرِ الزمانِ، والدقيقةُ تُساوِي خمسينَ يومًا !!
كذلك نكثرُ مِن الدعاءِ في هذه الليلةِ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: ” اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”. (الترمذي وحسنه) .
إنَّ ليلةَ القدرِ دعوةٌ لكلِّ المتخاصمينَ والمتشاحنينَ والمتحاسدينَ والمتباغضينَ أنْ يصطلحُوا حتى تتنزلَ المغفرةُ والبركاتُ والرحماتُ؛ لأنَّ البغضاءَ والشحناءَ سببٌ في رفعِ الرحماتِ، فعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ :” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِنَّهُ تَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ ” . (صحيح البخاري ) .
قلتُ: رُفِعَتْ أعظمُ ليلةٍ بسببِ شجارٍ وخصامٍ بينَ رجلينِ !!! فما بالُكُم بواقعِ الأمةِ الآنَ؟!!!
إنَّ الشحناءَ والبغضاءَ والخصوماتِ تحلقُ الدينَ والحسناتِ حلقًا، فعن أبي الدرداء – رضي اللهُ عنه – قال : قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ : صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ . لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ “. (رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح). لذلكَ أخبرَنَا النبيُّ ﷺ في أحاديثَ كثيرةٍ أنَّ الشحناءَ والبغضاءَ والخصامَ سببٌ لمنعِ المغفرةِ والرحماتِ والبركاتِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”. (مسلم) . فبادرْ أنتَ بالخيرِ إذا أعرضَ عنكَ أخوكَ، وكنْ أنتَ الأخيرَ والأفضلَ عندَ اللهِ تعالى، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”(متفق عليه) .
فما أفضلَ مَن أنْ يتقربَ المسلمُ لربِّهِ في هذا الشهرِ بصلةِ رحمِهِ، ابتغاءً لمرضاتِه وعظيمِ ثوابِه، وإزالةً لِمَا قد يقعُ في النفوسِ مِن شحناءَ، فالمبادرةُ بالزيارةِ والصلةِ وإنْ كانت شاقةً على النفسِ ولكنَّهَا عظيمةُ القدرِ عندَ اللهِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد
ثانيًا: صدقةُ الفطرِ أسرارٌ وأحكامٌ
شرعَ الإسلامُ صدقةَ الفطرِ لمصلحةِ الغنيِّ والفقيرِ على السواءِ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.” ( أبو داود وابن ماجة ).
فهي طهارةٌ للصائمِ مِمَّا اجترحَهُ في صيامِهِ مِن لغوٍ ورفثٍ وإثمٍ، فعن وكيعِ بنِ الجراحِ قال: ” زكاةُ الفطرِ لشهرِ رمضانَ كسجدتَيِ السهوِ للصلاةِ، تجبرُ نقصانَ الصومِ كما يجبرُ السجودُ نقصانَ الصلاةِ”.
كمَا أنَّهَا طعمةٌ للمساكينِ بإدخالِ الفرحِ والسرورِ عليهم، ومواساةُ الأغنياءِ للفقراءِ، فإذا أعطوهُم شيئًا مِن أموالِهِم اغتنُوا في ذلك اليومِ عن الاشتغالِ بطلبِ قوتِهِم، وترفعُوا عن مذلةِ السؤالِ في يومٍ يُحبُّ كلُّ الناسِ فيه التظاهرَ بالغنَي، ويشاركونَهُم في الأفراحِ المباحةِ.
وتكريمًا للفقيرِ وإعلاءً مِن شأنِهِ أنَّهُ أوجبَ عليهِ زكاةَ الفطرِ كالغنيِّ تمامًا؛ لأنَّها تجبُ على مَن عندَهُ قوتٌ يكفيهِ يومَ وليلةَ العيدِ، وهو بلا شك تجتمعُ عندَهُ زكواتُ الحيِّ كلِّهِ، فأصبحتْ واجبةً عليهِ كالغنيِّ تمامًا، فيخرجهَا لأخيهِ الفقيرِ، فإذا كان الفقيرُ يمدُّ يدَهُ طوالَ العامِ آخذًا، فقد رفعَ الإسلامُ شأنَهُ أنْ يمدَّ يدَهُ في هذا اليومِ معطيًا لا آخذًا؛ لتكتملَ فرحةُ وسعادةُ وبهجةُ العيدِ في قلبهِ وقلبِ أولادِهِ !!
وزكاةُ الفطرِ تجبُ على المسلمِ المالكِ لمقدارِ صاعٍ يزيدُ عن قوتِه وقوتِ عيالِه يومًا وليلةً، فهي واجبةٌ على كلِّ فردٍ مِن المسلمين، صغيرٍ أو كبيرٍ، ذكرٍ أو أنثَى، حُرٍّ أو عبدٍ، صامَ أم لم يصمْ لعذرٍ أو مرضٍ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:” فرَض رسولُ اللهِ ﷺ زكاةَ الفِطرِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ، مِن المسلمينَ”. (البخاري).
وتجبُ عليهِ، عن نفسِهِ، وعمَّن تلزمُهُ نفقتُهُ، كزوجتِهِ، وأبنائِهِ، وخدمِهِ الذين يتولَّى أمورَهُم، ويقومُ بالإنفاقِ عليهم.
ومقدارُ زكاةِ الفطرِ صاعٌ مِن القمحِ، أو الشعيرِ، أو التمرِ، أو الزبيبِ، أو الأقطِ، أو الأرزِ، أو الذرةِ أو العدسِ أو اللوبيا أو الفاصوليا أو نحو ذلك مِمَّا يُعتبرُ قوتًا، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:” كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ ” . (متفق عليه).
وقد حددتْ دارُ الإفتاءِ المصريةِ قيمةَ زكاةِ الفطرِ هذا العام بـ 35 جنيهًا كحدِّ أدنَى، ومَن زادَ فهو خيرٌ، وإذا كان اللهُ قد وسّعَ عليكَ فعليكَ أنْ تخرجَ مِن أجودِ الأشياءِ وأنفسِهَا، ولا تنظرْ إلى الدونِ، « فإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يحبُّ معالِي الأمور ، ويكرَهُ سفسافَهَا » ( الحاكم والطبراني).
ولماذا ترضَى بالحدِّ الأدنَى في زكاةِ الفطرِ مع سعتِكَ وغناك، ومع ذلك تطلبُ الفردوسَ الأعلَى مِن الجنةِ ؟!!
العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد
ثالثًا: الأعمالُ بالخواتيمِ.
إنَّ الإنسانَ في هذه الدنيا يخلطُ بينَ الأعمالِ الصالحةِ والطالحةِ، والعبرةُ بالخواتيمِ، ولأهميةِ الخواتيمِ عنوَنَ لها الإمامُ البخاريُّ بابًا في صحيحهِ فقالَ: ( بابُ الأعمالِ بالخواتيمِ وما يخافُ منهَا )، وذكرَ فيها حديثًا لرجلٍ قاتلَ في أرضِ المعركةِ وكانتْ رقابُ الأعداءِ تتطايرُ تحتَ سيفهِ، ومع ذلك ختمَ اللهُ لهُ بسوءٍ، وماتَ منتحرًا؛ لأنَّهُ جُرِحَ ولم يصبرْ على الجرحِ، فقتلَ نفسَهُ، فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ؛ فَقَالَ:” مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا”، فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:” إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا”(البخاري). وقد نبَّهَنَا ﷺ إلى أهميةِ حسنِ الخاتمةِ والحرصِ عليهَا فقالَ: ” إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا.”(متفق عليه). وقدْ يقولُ قائلٌ كيفَ أموتُ على طاعةٍ؟!! والجوابُ في حكمةِ أبي حازمٍ سلمةَ بنِ دينارٍ حيثُ يقولُ: كلُّ ما لو جاءَكَ الموتُ عليه فرأيتَهُ خيرًا فالزمْهُ، وكلُّ ما لو جاءَكَ الموتُ عليهِ فرأيتَهُ شرًا فاجتنبْهُ. أي: إذا أردتَ أنْ تموتَ على طاعةٍ فالزمْهَا، وإنْ كرهتَ الموتَ على معصيةٍ فاتركهَا.
فالإنسانُ لو عاشَ على الطاعةِ فإنَّ اللهَ يستحِي أنْ يقبضَهُ على معصيةٍ. قالَ ابنُ كثيرٍ في قولِهِ تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: “حافظُوا على الإسلامِ في حالِ صحتِكُم وسلامتِكُم لتموتُوا عليه، فإنَّ الكريمَ قد أجرَى عادتَهُ بكرمِهِ أنَّهُ مَن عاشَ على شيءٍ ماتَ عليهِ، ومَن ماتَ على شيءٍ بُعِثَ عليهِ، فعياذًا باللهِ مِن خلافِ ذلكَ.”
فالإنسانُ الذي يداومُ على الطاعةِ وأصبحتْ سجيةً لهُ يستعملُهُ اللهُ في عملِ الخيرِ عندَ خاتمتهِ، بل ويعسلُهّ كما جاءَ في الحديثِ: “إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَّلَهُ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ، وَمَا عَسَّلَهُ؟ قَالَ: “يُفْتَحُ لَهُ عَمَلا صَالِحًا، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ”. ( أحمد والحاكم والطبراني بسند صحيح)؛ وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:”إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ، فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ”( أحمد والحاكم والطبراني والترمذي وصححه).
فابدأْ يومَكَ .. ابدأْ شهرَكَ .. ابدأْ عامَكَ .. بطاعةٍ واختمهُ بطاعةٍ، فالبداياتُ والخواتيمُ عليها مدارُ الفوزِ والخسارةِ، ابدأْ يومَكَ بصلاةِ فجرٍ أو قيامِ سحرٍ، واختمْهُ بنومٍ على سلامةِ صدرِ وطهارةِ بدنٍ، فلو كان أولُ سطرٍ في صحيفتِكَ خيرًا وآخرُ سطرِ فيها خيرًا لمحَا اللهُ لك ما بينهما، وأنا أستبشرُ هنا ببشارةِ حبيبِنَا ﷺ، حيثُ يَقُولُ:” الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ؛ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ؛ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ” (مسلم). وإذا كان أولُ سطرٍ في كتابِ عمرِكَ أذانٌ قرعَ أذنَكَ عقبَ ولادَتِكَ، فاستبشرْ بأنْ يكونَ آخرُ سطرٍ فيه إنْ شاءَ اللهُ كلمةَ التوحيدِ ينطقُ بها لسانُكِ، لتكونَ جوازَ عبورِكَ إلى الجنةِ.
فعلينَا أنْ نجتهدَ ونختمَ هذه العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ بالأعمالِ الصالحةِ؛ فالأعمالُ بالخواتيمِ، يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ بعدَ ذكرهِ حديثَ اجتهادِ الرسولِ ﷺ في العشرِ:” وفي الحديثِ الحرصُ على مداومةِ القيامِ في العشرِ الأخيرِ إشارةٌ إلى الحثِّ على تجويدِ الخاتمةِ، ختمَ اللهُ لنَا بخيرٍ آمين .” ( فتح الباري).
إنَّ شهرَ رمضانَ قد عزمَ على الرحيلِ، ولم يبقَ منهُ إلّا القليل، فمَن منكُم أحسنَ فيهِ فعليهِ التمام، ومَن كان فرطَ فليختمْهُ بالحسنَى، فالعملُ بالختامِ، فاستمتعُوا منهُ فيمَا بقى مِن الليالِي اليسيرةِ والأيامِ، واستودعُوه عملًا صالحًا يشهدُ لكُم بهِ عندَ الملكِ العلامِ، وودِّعُوه عندَ فراقِهِ بأزكَى تحيةٍ وسلامٍ.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا ليلةَ القدرِ، وأنْ يختمَ بالباقياتِ الصالحاتِ أعمالَنَا.
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د/ خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف