خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 19 ربيع الآخر 1445هـ ، الموافق 3 نوفمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 نوفمبر 2023م بصيغة word بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 نوفمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 نوفمبر 2023م بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية.
أولًا: الحياةُ حقٌّ مقدسٌ في الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ.
ثانيًا: أين منظماتُ حقوقِ الإنسانِ والعالميةِ مِن أطفالِ غزةَ؟
ثالثــــًا: سيُهزمُ الجمعُ ويولونَ الدبر !!!
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 نوفمبر 2023م بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية : كما يلي:
الحقُّ في الحياةِ بينَ الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ للدكتور محمد حرز
19 ربيع الآخر 1445هـ الموافق 3 نوفمبر 2023م
الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ الأنعام: 151، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقِهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ ابنِ مسعودٍ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ)، فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
يا خيرَ مَن دُفنتْ في التربِ أعظمهُ *** فطابَ مِن طيبهنَّ القاعُ والأكمُ
نفسِي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنهُ *** فيهِ العفافُ وفيهِ الجودٌ والكرمُ
أنتَ الحبيبُ الذي تُرجَى شفاعتُهُ *** عندَ الصراطٍ إذا ما زلتْ القدمُ
أمَّا بعدُ ….. فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (سورة أل عمران :102)
عبادَ الله):الحقُّ في الحياةِ بينَ الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ (عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: الحياةُ حقٌّ مقدسٌ في الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ.
ثانيًا: أين منظماتُ حقوقِ الإنسانِ والعالميةِ مِن أطفالِ غزةَ؟
ثالثــــًا: سيُهزمُ الجمعُ ويولونَ الدبر !!!
أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن حقِّ الحياةِ بينَ الشرائعِ السماويةِ والمواثيقِ الدوليةِ، وخاصةً ونحنُ نعيشُ زمانُا قد تلاطمتْ فيهِ أمواجُ الفتنِ التي تحيَّرَ فيهًا أصحابُ العقولِ والفِطَن، فتنٌ تدعُ الحليمَ حيرانَ، ومِن أعظم تلك الفتنِ ضررًا وأشدَّها على الناسِ وقعًا وخطرًا سفكُ الدمِ الحرامِ بغيرِ حقٍّ، فإنَّها مِن أعظمِ البلايا وأخطرِ الرزايا، خاصةً وقد أخبرَ النَّبيُّ ﷺ أنَّهُ ستأتِي فتنٌ في آخرِ الزمانِ يكثرُ فيها القتلُ ويُستهانُ بأمرِ الدماءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللهُ عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، قَالَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ) قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (الْقَتْلُ الْقَتْلُ). وخاصةً وأنَّ أحداثَ غزةَ لا تزالُ تألمُ القلبَ وتبكِي العينَ بدلَ الدموعِ دمًا لمِن كان له قلبٌ أو ألقَى السمعَ وهو شهيدٌ، مِن قتلٍ للأطفالِ وسفكٍ للدماءِ وقتلٍ للنساءِ والشيوخِ وهدمٍ للمساجدِ والكنائسِ والمستشفياتِ، فأين مَن يتغنونَ بحقوقِ الإنسانِ بالليلِ والنهارِ؟ أين مَن صدَّعُوا رؤوسَنَا بالحرياتِ وحقِّ الحياةِ؟ أين مَن صدعونَا بالرفقِ بالحيوانِ فأين الرفقُ بالأطفالِ في غزةَ. وأين المنظماتُ العالميةُ مِن سفكِ الدماءِ؟ وللهِ درُّ القائلِ
أطفالُنَا على احلامِهِم نامُوا*** وعلى لهيبِ القاذفاتِ أفاقُوا
أطفالُنَا قُتلِوا في بيوتِهِم ***والعالمُ كلُّهُ خسةٌ وخيانةٌ ونفاقُ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز
أولًا: الحياةُ حقٌّ مقدسٌ في الشرائعِ والمواثيقِ الدوليةِ.
أيُّها السادةُ: حقُّ الحياةِ حقٌّ واجبٌ شرعًا مصونٌ ومقدسٌ في الإسلامِ وفي جميعِ الشرائعِ السابقةِ وفي المواثيقِ الدوليةِ، لا يجوزُ لأحدٍ أبدًا أنْ يعتدَّي عليهِ وكيف لا؟ والإنسانُ خَلْقُ اللهِ وبنيانُهُ، وملعونٌ مَن هدمَ بنيانَ الربِّ سبحانَهُ … وكيف لا؟ وهذا الحقُّ مُصَانٌ ومكفولٌ لكلِّ إنسانٍ، بِغَضِّ النظرِ عن لونٍ أو جنسٍ أو لسانٍ، والاعتداءُ على هذا الحقِّ جرمٌ شنيعٌ، وتصرّفٌ مُرِيعٌ وسلوكٌ فظِيعٌ، ويكفي للدلالةِ على شناعَتِه وفظاعتِه أنَّ قتلَ نفسٍ واحدةٍ هو كقتلِ الناسِ جميعًا، قال جلَّ وعلا (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) وكيف لا؟ ورسالةُ الإسلامِ أيُّها الأخيارُ.. رسالةُ حياةٍ وبناءٍ وإنتاجٍ وتعميرٍ لا رسالةُ سفكٍ وقتلٍ وهدمٍ وتدميرٍ، وإنَّ مِن أعظمِ ما جاءتْ بهِ بعدَ توحيدِ اللهِ: حفظُ النفوسِ، وصيانةُ الأعراضِ، وحمايةُ الحقوقِ، واحترامُ إنسانيةِ الإنسانِ، وحمايةُ حقِّهِ في الحياةِ، فَسُنَّتْ الشرائعُ والأحكامُ التي تكفلُ ذلك، فحرمتْ إزهاقَ الأرواحِ وسفكَ الدماءِ دونَ وجهِ حقٍّ ورتبتْ على ذلك أشدَّ العقوباتِ.. قالَ جلَّ وعلا: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَق ((الإسراء 33).. وقال جلَّ وعلا: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (النساء: 93. وكيف لا؟ لقد كرَّمَ اللهُ الإنسانَ تكريمًا كبيرًا خلقَهُ بيدِهِ ونفخَ فيهِ مِن روحِهِ وأسجدَ لهُ ملائكتَهُ وسخرَ لهُ ما في السمواتِ وما في الأرضِ جميعًا منه. وصورَهٌ فأحسنَ تصويرَهُ فتبارَكَ اللهُ أحسنُ الخالقين، قال ربُّنَا { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا } (سورة الإسراء(70).فإذا جاءَ كائنٌ مَن كان ليهدمَ هذا البنيانَ ,ويقتلَ إنسانًا, ويريقَ دمًا ,فكأنَّمَا اعتدي علي اختصاصِ اللهِ وتحدَّي إرادَتَهُ سبحانَهُ الذي يقولُ عنهًا (إنَّمَا أمرُهُ إذَا أرَادَ شَيْئا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُون) سورة يس 82 لذا نري القرآنَ الكريمَ قد اهتمَّ اهتمامًا كبيرًا بأولِ جريمةِ قتلٍ حدثتْ علي ظهرِ الأرضِ عندمَا قتلَ قابيلُ أخاهُ هابيلَ قال ربُّنَا { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) }(سورة المائدة 27). ولم يكن جزاءُ قابيلَ القاتل هو الحسرةُ والندامةُ والحيرةُ والقلقُ النفسِي في حياتِه، والنارُ في آخرتِه فحسب!! بل ما مِن جريمةِ قتلٍ تحدثُ على ظهرِ الأرضِ إلي يومِ أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليهَا إلّا كان علي ابنِ آدمَ كِفلٌ منها …يا ربِّ سلمْ لماذا؟ لأنَّه أولُ مَن سنَّ القتلَ علي ظهرِ الأرضِ ومَن سنَّ سنةً حسنةً كما قال النبيُّ المختارُ ﷺ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا) لذا قال النبي المختار ﷺ كما في حديث عبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ)وكيف لا؟ ومِن عظمةِ الشريعةِ الإسلاميةِ الغراءِ أنَّ حرمةَ الدماءِ ليستْ قاصرةً على المسلمين فحسب بل تشملُ كذلك غيرَ المسلمين مِن المعاهدين والذميين والمسـتأمنين، حرّمَ الإسلامُ الاعتداءَ عليهم وذلك في أحاديثَ كثيرةٍ مِن سنةِ النبيِّ ﷺ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). وفي رواية من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (أَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّهِ، فَلَا يُرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا). ففي الحديث الذي رواه النسائي والبخاري في التاريخ من حديث عمرو بن الحمق الخزاعي أن النبي ﷺ قال : ( من أمَّنَ رجلاً على دمِه فقتلَهُ فأنَا برئٌ مِن القاتلِ وإنْ كان المقتولُ كافرًا)، بل لعظمِ حرمةِ الدماءِ وقفَ النبيُّ المختارُ ﷺ وهو يودّعُ الصحابةَ بل إنْ شئتَ فقلْ وهو يودعُ الأمةَ جمعاءَ (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) بل أولُ ما يُقضَى فيه يومَ القيامةِ هو الدماءُ .كما في الصحيحينِ وغيرهِمَا أنَّ النبيَّ ﷺ قال : (أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ ) وكيف لا؟ ولقد عظّمِ اللهُ حقَّ الحياةِ الإنسانيةِ، وشرعَ مِن الأحكامِ ما يكفلُ وجودَهَا وبقاءَهَا على أكملِ وجهٍ وأحسنِه، فلا يجوزُ لأيِّ إنسانٍ مهمَا كان .. سواءٌ كان حزبًا أو جماعةً أو قبيلةً، أو فردًا أو نظامًا أو دولةً أنْ يعتدِي على حقِّ الحياةِ لإنسانِ آخر دون وجهِ حقٍّ، أو تحتَ تأويلاتٍ باطلةٍ أو اعتقاداتٍ خاطئةٍ أو مبرراتٍ واهيةٍ أو نزواتٍ شيطانيةٍ فالقتلُ ورطةٌ عظيمةٌ ومَأْزِقٌ صعبٌ: فعن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (لن يزالَ المؤمنُ في فُسْحةٍ مِن دينِهِ، ما لم يُصِبْ دَمًا حَرامًا)، وكيف لا؟ ومِن المسالكِ لحفظِ حقِّ الحياةِ : منعُ الإنسانِ مِن إزهاقِ روحهِ أو التسببِ في إزهاقِهَا فنفسُكَ ليستْ ملكًا لك، فأنت لم تخلقْهَا ولا عضوًا مِن أعضائِكَ، ولا خليةً مِن خلاياكَ وإنَّما نفسُكَ وديعةٌ وأمانةٌ استودعَكَ اللهُ إيَّاهَا فلا يجوزُ لكَ أنْ تفرطَ فيها إنَّهُ حقُّ الحياةِ يا سادة، قال جلَّ وعلا: (وَلا تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكمْ رَحِيمًا). وقال ربُّنَا (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } سورة البقرة آية رقم(195)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللهُ عنه-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ).فما أعظمَهَا مِن شريعةٍ وما أحرصَهَا على حفظِ دماءِ الناسِ وما أبعدَهَا مِن التهمِ التي تُنسبُ إليها مِن المغرضين بأنَّهَا شريعةٌ تتشوقُ لسفكِ دماءِ الناسِ، واللهِ إنَّ هذا لهو البهتانُ العظيمُ. ولقد أعلنتْ المواثيقُ الدوليةُ ومنظماتُ حقوقِ الإسلامِ لكلِّ فردٍ الحقُّ في الحياةِ والحرِّيةِ وفي الأمانِ على شخصِهِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز
ثانيًا: أين منظماتُ حقوقِ الإنسانِ والعالميةِ مِن أطفالِ غزةَ؟
أيُّها السادة: إنَّ حقوقَ الإنسانِ التي أعلنَ عنها الغربُ هي في الحقيقةِ سلاحٌ بيدِ الدولِ المستكبرةِ العاتيةِ الظالمةِ الغاشمةِ، تستغلُّهُ ضدَّ العالمِ العربِي الإسلامِي، وتجعلُهُ سلاحًا فتاكًا ضدَّ الإنسانِ، ومع هذا ترى الدولَ العربيةَ الإسلاميةَ تتسارعُ لإرضاءِ الغربِ زاعمةً أنَّها ترعَى حقوقَ الإنسانِ، وتركتْ ما جاءَ بهِ سيدُنَا مُحمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمْ مِن رعايةٍ للإنسانِ، حيثُ ما عرفتْ البشريةُ سابقًا ولا لاحقًا رعايةً لحقوقِ الإنسانِ كما رعاهَا الإسلامُ، لكنْ جنتْ الأمةُ على نفسِهَا، حتى صارتَ مضربَ مثلٍ للاضطهادِ والقهرِ، بعدمَا أنْ كانتْ خيرَ أمةٍ أخرجتْ للناسِ، ورضي اللهُ تعالى عن فاروقِ هذه الأمةِ عندمَا قالَ: (إنَّا كنًّا أذلَّ قومٍ فأعزَّنَا اللهُ بالإسلامِ، فمهمَا نطلبُ العزَّ بغيرِ ما أعزَّنَا اللهُ بهِ أذلَّنَا اللهُ) رواه الحاكم, نعم أيُّها السادةُ الأمةُ تعيشُ اليومً في ذلٍّ وهوانٍ، والغربُ ما زالَ يتبجَّحٌ في أنَّهٌ راعٍ لحقوقِ الإنسانِ أينمَا كان، وكلُّنَا يعلمُ أنَّهُ كاذبٌ فيمَا يقولُ، وأنَّه مُفْتَرٍ في ادِّعائِه، وأنَّهُ مخادعٌ ماكرٌ، لقد رأينَا رعايتَهُ لحقوقِ الإنسانِ في فلسطين، وفي قتلِ أطفالِ غزة ,ورأينَا رعايتَهُ لحقوقِ الإنسانِ في العراقِ وليبيَا، وفي الدولِ الإسلاميةِ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِهَا العربيةِ وغيرِ العربيةِ. الغربُ عندَهُ مكيالان، مكيالٌ لنفسِه، ومكيالٌ لغيرٍه مِن العربِ والمسلمين، أمَّا مكيالُهُ للعربِ والمسلمين في رعايةِ حقوقٍ الإنسانِ فواضحٌ مِن خلالِ قولِهِ تعالَى عنهم إذ قالُوا: {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}.ألَا لعنةُ اللهِ على الظالمين الذين جعلوا مكيالينِ لرعايةِ حقوقِ الإنسانِ، وصدقُ اللهُ القائلُ: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُون * لِيَوْمٍ عَظِيم * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِين}، نعمْ لو كان عندَ هؤلاءِ ظنٌّ في بعثِهِم يومَ القيامةِ لمَا كان هذا حالُهُم في حقِّ العربِ والمسلمين عامةً.
قالُوا لنَا : والغرب؟ قلتُ : صناعةٌ ***وسياحةٌ ومظاهرٌ تغرينَا
لكنَّهُ خاوٍ مِن الإيمانِ ***لا يرعَى ضعيفًا أو يسرُّ حزينَا
الغربُ مقبرةُ المبادئِ لم يزلْ*** يرمِى بسهمِ المغرياتِ الدِّينَا
الغربُ مقبرةُ العدالةِ كلّمَا رُفعت يدٌ ***أبدَى لهَا السكينَا
الغربُ يكفرُ بالسلامِ وإنَّما** بسلامهِ الموهومِ يستوهينَا
الغربُ يحملُ خنجرًا ورصاصةً*** فعلامَ يحملُ قومُنَا الزيتونَا؟
كفرٌ وإسلامٌ فأنَّى يلتقِى*** هذا بذلك أيُّها اللاهُونَا؟
أنا لا ألومُ الغربَ في تخطيطِه ***ولكنْ ألومُ المسلمَ المفتُونَا
وألومُ أمتَنَا التي رحلتْ على*** دربِ الخضوعِ ترافقُ التنينَا
وألومُ فينَا نخوةً لم تنتفضْ*** إلّا لتضربنَا على أيدينَا
أين منظماتُ حقوقِ الإنسانِ مِمّا يحدثُ للمسلمينَ في فلسطينَ؟
أين منظماتُ حقوقِ الإنسانِ مِمّا يحدثُ لأطفالِ المسلمينَ في فلسطينَ؟
أين جمعياتُ الرفقِ بالحيوانِ مِمّا يحدثُ لنَا في فلسطينَ وغزةَ ؟
أين الحضارةُ: يا مسلمونَ في الشرقِ والغربِ أم في نبيِّ الإسلامِ ﷺ القائلِ كما في حديثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ“متفق عليه. وأين جمعياتُ الرفقِ بالحيوانِ من كلام سيّدِ الأنامِ ﷺ؟ أين الحضارةُ يا مسلمون في الشرق والغربِ أم في نبيِّ الإسلامِ ﷺ؟ القائلِ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:“ بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا قَالَ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ” رواه البخاري وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:“ غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ قَالَ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ فَنَزَعَتْ خُفَّهَا فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ “ رواه البخاري أم في الشرقِ والغربِ الذين قتلوا الأطفالَ والشيوخَ والنساءَ ؟ لكن باللهِ عليكم؟ هل هذه هي أمةٌ دستورُهَا القرآنُ..، ونبيُّها المصطفي العدنان.. ما الذي غيّرَهَا وما الذي بدَّلَهَا؟ ما الذي حدثَ؟ وما الذي جرى؟ أمةٌ ذلتْ بعد عزةٍ…!!وضعفتْ بعدَ قوةٍ…!!وجَهلتْ بعدَ علمٍ …!!.
* هل هذه هي الأمةُ التي وصفَهَا اللهُ في القرآنِ بالخيريةِ في قولِهِ سبحانه:( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) هل هذه هي الأمةُ التي وصفَهَا اللهُ في القرآنِ بالوسطيةِ…؟ فقالَ جلَّ وعلا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) سورة البقرة.
هل هذه هي الأمةُ التي وصفَهَا اللهُ في القرآنِ بالوحدةِ…؟ في قولِهِ جلّ وعلا: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون).
كلّا وألفُ كلّا، إنَّها أمةٌ ذلتْ بعدَ عزةٍ..!! ضعفتْ بعدَ قوةٍ…!! جَهلتْ بعدَ علمٍ …! وصدقَ قولُ نبيِّنَا ﷺ إذ يقولُ كما في حديثِ ثوبانَ: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»
نعم لقد فتّتَ الحقدُ وحدتَنَا، ومزقتْ الأنانيةُ شملَنَا، وبعثرَ سوءُ الأخلاقِ مجتمعَنَا، فما أحوجنَا إلي الصلحِ والتصالحِ والترابطِ والتراحمِ والتعاطفِ والتعاونِ، عسى اللهُ أنْ يجمعَ شملَنَا، ويوحدَ كلمتَنَا، ويرفعَ رأيتَنَا.
لكن متي تعلمُ الأمةُ قولً ربِّهَا (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (،) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة البقرة.
أنسيتُم يا مسلمون!! المعتصمَ باللهِ عندمَا أسرَي الرومُ امرأةً وصرختْ المرأةُ وقالت وامعتصمَاهُ واسلامَاهُ، فأرسلَ المعتصمُ خطابًا إلى هرقل عظيمِ الرومِ قائلًا له (مِن المعتصمِ باللهِ إلي هرقل كلبِ الرومِ أمّا بعدُ إذا وصلَكَ خطابِي هذا فأطلقْ سراحَ المرآةِ وإلّا أرسلتُ إليكَ جيشًا أولُهُ عند قدمِكَ وآخرُهُ عندَ قدمِي، فأطلقَ سراحَ المرآةِ، اللهُ أكبرُ إنّها العزةُ للهِ ورسولِه ﷺ.
أنسيتُم يا مسلمون!! ربعيَّ بنَ عامرٍ يومَ أنْ وقفَ بهذا الإيمانِ الصلبِ وبهذه العزةِ والكرامةِ أمامَ رستم قائدِ الجيوشِ الكسرويةِ ليعلنَ له باستعلاءِ حقيقةِ الإيمانِ والعزةِ للهِ ربِّ العالمين، شتانَ شتانَ بينَ استعلاءِ المؤمنين وبينَ استعلاءِ الكذابين، قال ربُّنَا {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) } سورة أل عمران
وقفَ ربعيُّ بنُ عامرٍ ليقولَ لرستم عندما قال له رستم مَن أنتم؟ فقال ربعيُّ بنُ عامرٍ نحن قومٌ ابتعثنَا اللهُ لماذا؟ لنأكلَ الربَا لماذا لنأكلَ الحرامَ؟ لماذا لنأكلَ حقوقَ البناتِ؟ بعثنَا اللهُ لنخرجَ العبادَ مِن عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِّ العبادِ، ومِن جورِ الأديانِ إلي عدلِ الإسلامِ، ومِن ضيقِ الدنيا إلي سعةِ الدنيا والآخرةِ، اللهُ أكبرُ إنّها العزةُ للهِ ورسولهِ.
أنسيتُم يا مسلمون !!عمرَ بنَ الخطابِ رضى اللهُ عنه عندما ذهبَ ليتسلمَ مفاتحَ بيتِ المقدسِ وهو يلبسُ ثيابًا مرقعًا ويضعُ نعليهِ على عاتقِه، فقال أبو عبيدةَ يا أميرَ المؤمنين لا أحبُّ أنْ يراكَ القومُ على هذه الحالةِ، فقال أوه لو يقل ذا غيرُك أبا عبيدةَ جعلتُهُ نكالًا لأمةِ مُحمدٍ ﷺ، إنّا كنّا أذلَّ قومٍ فأعزّنَا اللهُ بالإسلامِ، فمهمَا ابتغينَا العزةَ بغيرِ ما أعزّنَا اللهُ بهِ أذلَّنَا اللهُ. فالعزةُّ للهِ ولرسولِه وللمؤمنين بوعدِ اللهِ وصدقِ رسولِه ﷺ .
كلُّ القلوبِ إلى الحبيبِ تميلُ*** ومعِي بهذا شاهدٌ ودليلُ
أمَّا الدليلُ إذا ذكرتَ مُحمدًا *** صارتْ دموعُ العارفينَ تسيلُ
هذا رسولُ اللهِ نبراسُ الهدى*** هذا لكلِّ العالمينَ رسولُ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم
الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحق في الحياة بين الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ، للدكتور محمد حرز
ثالثــــًا: سيهزمُ الجمعُ ويولّونَ الدبرَ !!!
أيُّها السادة: إِنَّ الأُمَّةَ الإِسْلَامِيَّةَ جَسَدٌ وَاحِد، مَهْمَا تَنَاءَتْ أَقْطَارُه، وَتَبَايَنَتْ أَجْنَاسُهُ وَأَلْوَانُه، وتَبَاعَدَتْ دِيَارُهُ، فَالمؤمِنُونَ أُمَّةٌ وَاحِدَة، يُوَالِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، ويَرْحَمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَفْرَحُ أَحَدُهُمْ لِفَرَحِ أَخِيه، كَمَا يَأْلَمُ وَيَحْزَنُ لِمُصَابِهِ وَأَلَمِه، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَه: وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض، وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا». أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ. وَإِنَّ مِمَّا يَسُرُّ المُوَحِّدِينَ وَيُقِرُّ أَعْيُنَ المُؤْمِنِين، مَا شَفَى اللهُ بِهِ صُدُورَهُمْ مِنَ النَّيْلِ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ الصَّهَايِنَةِ المُعْتَدِين، فَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللهِ العَظِيم،(( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا)) لكنْ إيَّاكُم أنْ تظنونَ أنَّ الكونَ ملكٌ لهؤلاءِ الأنجاسِ ,الكونُ أيُّها السادةُ كلُّهُ ملكٌ للهِ جلّ وعلا (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)) [سورة أل عمران ، هل تصدقونَ ربَّ الأرضِ والسماءِ، نعمْ الجولةُ القادمةُ بنصِّ اللهِ وبصدقِ النبيِّ المختارِ للإسلامِ والمسلمين، قالَ ربُّنَا (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ آل عمران: 139].اسمعْ لقـولِ ربِّنَا: ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [ الأنفال: 36].(( أليسَ اللهُ هو القائلُ: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَاد)، وقالَ ربُّنَا { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)فمهما انتفخَ الباطلُ وانتفشَ فإنَّه زاهقٌ ومهما انزوَي الحقُّ وضعفَ فإنَّهُ ظاهرٌ وتدبرُوا معِي قولَهُ تعالَى يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [ الصف: 8-9 ))،فالجولةُ القادمةُ بنصِّ اللهِ، وبصدقِ النبيِّ المختارِ ﷺ للإسلامِ والمسلمين، فعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ وفي الحديث الذي رواه مسلم مِن حديثِ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ))بل قال ﷺ تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ) وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ )،واختم بهذا الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ) .فالله الله في حرمة الدماء الله الله في تجريم الاعتداء على المسلمين ،الله الله في نصرة الحق وأهله بما استطعتم من قوة . وأين الغرب والشرق من الرحمةِ بالناس في فلسطين كما علمنا نبيُّ الإسلامِ صلى اللهُ عليه وسلم ؟فهذه بَغِيَّةٌ على عهد بنيِ إسرائيل رأتْ كلبًا يلهث عطشًا فسقتْ المرأةُ الكلبَ فغفرَ اللهُ لها الذنوبَ وللهِ درّ القائلِ :
إذا كانتْ الرحمةُ بالكلابِ *** تغفرُ الخطايَا للبغايا
فكيف تصنعُ الرحمةُ *** بمَن وحَّدَ ربَّ البرايا
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه……. د/ محمد حرز
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف