أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 2 صفر 1445هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023م بصيغة word بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة 18 أغسطس 2023م بصيغة pdf بعنوان: اسم الله الرحيم ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة 18 أغسطس 2023م بعنوان: اسم الله الرحيم.

 

أولًا: اللهُ رحمنٌ رحيمٌ جلَّ جلالُهُ.

ثانيــــًا: كيف تُستمطَرُ الرحماتُ الربانيةُ؟

ثالثــــًا وأخيرًا: نماذجٌ مِن رحمةِ الرحيمِ جلَّ جلالُهُ!!

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023م بعنوان : اسم الله الرحيم : كما يلي:

 

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: اسمُ اللهِ الرحيمِ

 للدكتور محمد حرز ، 30 من المحرم بتاريخ  1445هـ، الموافق، 18أغسطس 2023م

الْحَمْدُ لِلَّهِ وليِّ الصالحين، ومولَى المؤمنين، سبحانَهُ الكبيرِ المتعال، ذي العظمةِ والجمالِ والجلالِ، يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهُوَ الوَلِيُّ الحمِيدُ، ويُعِزُّ أولياءَهُ وهُوَ الغنيُّ الحمِيدُ، ويَفْعَلُ مَا يُرِيدُ وهو سبحانَهُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ,خَلَقَ الخلائِقَ فمنهم شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ، يَقْضِي بينَهُم بِحُكْمِهِ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ﴿( وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ) [البقرة:163(.وأشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، البشيرُ النذيرُ، السراجُ المنيرُ، خيرُ الأنبياءِ مقامًا، وأحسنُ الأنبياءِ كلامًا، الداعِي إلي خيرِ الأقوالِ وأحسنِ الأفعالِ، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102) عبادَ الله) :اسمُ اللهِ الرحيمِ) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصرُ اللقاءِ:

أولًا: اللهُ رحمنٌ رحيمٌ جلَّ جلالُهُ.

ثانيــــًا: كيف تُستمطَرُ الرحماتُ الربانيةُ؟

ثالثــــًا وأخيرًا: نماذجٌ مِن رحمةِ الرحيمِ جلَّ جلالُهُ!!

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن اسمِ اللهِ الرحيمِ، وخاصةً ونحن بحاجةِ إلى الرحيمِ في جميعِ شؤونِ حياتِنَا وفي كلِّ وقتد وحينٍ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا قستْ فيه القلوبُ، وقلتْ فيه ينابيعُ الرحمةِ والرأفةِ في قلوبِ الكثيرِ مِن الناسِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا انعدمتْ فيه الرحمةُ والشفقةُ بينَ الجارِ وجارِهِ والولدِ وأبيهِ والزوجةِ وزوجِهَا، وخاصةً وأكثرُ ما نحتاجُ إليه في هذه الأيامِ هو التراحمُ فيمَا بينَنَا ، فالرحمةُ والتراحمُ أجملُ شيءٍ في الحياةِ، لو دخلتْ قلوبَنَا وأدخلنَاها في حياتِنَا وبيوتِنَا صلُحتْ أمورُنَا كُلّهَا، وعشنَا أسعدَ حياةٍ، وأحلَى حياةٍ. وصدقَ النبيُّ ﷺ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ:” مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم 

أولًا: اللهُ رحمنٌ رحيمٌ جلَّ جلالُهُ.  

أيُّها السادةُ: الرحيمُ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ جلَّ وعلا، والرحمةُ صفةٌ مِن صفاتِه جلَّ ثناؤُهُ وتقدستْ أسمائُهُ، والرحيمُ ذو الرحمةِ الواسعةِ العظيمةِ، التي وسعتْ كلَّ شيءٍ، وعمتْ كلَّ حيٍّ، فهو الرحيمُ بالمؤمنين جلَّ جلالُه قال جلَّ وعلا: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ الأحزاب:43، وقال جلَّ وعلا: ((إنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة : 117) فهو أرحمُ بعبادِهِ جلَّ جلالُه، والرحمنُ والرحيمُ اسمانِ مِن أسماءِ اللهِ جلَّ وعلا، والرأفةُ والرحمةُ مِن نعوتِ جمالِهِ، تتنزلُ بها النفحاتُ الربانيةُ، والرحماتُ الإلهيةُ، فتجدَ في كلِّ تقديرٍ تيسيرًا، ومع كلِّ قضاءٍ رحمةً، ومع كلِّ بلاءٍ حكمةً، فإنْ كان اللهُ قد أخذَ منكَ فقد أبقَى، وإنْ منعَ فلطالمَا أعطَى، وإنْ ابتلاكَ فكثيرًا ما عافَاكَ، وإنْ أحزنَكَ يومًا فقد أفرحَكَ أيامًا وأعوامًا فاللهُ أرحمُ الراحمين، ورحمةُ اللهِ أوسعُ بنَا، وعافيتُهُ أنفعُ لنَا، ولو آخذنَا بذنوبِنَا لأهلكنَا وهو غيرُ ظالمٍ لنَا، ولكنَّهُ بعبادِه رؤوفٌ رحيمٌ، لو فتحَ سبحانَهُ بابَ رحمتِهِ لأحدٍ مِن خلقِهِ، فسيجدَهَا في كلِّ شيءٍ، وفي كلِّ موضعٍ، وفي كلِّ حالٍ، وفي كلِّ مكانٍ، وفي كلِّ زمانٍ، فرحمتُهُ وسعتْ كلَّ شيءٍ، كمَا أنَّهُ لا مُمسكَ لرحمتِهِ، قال ربُّنَا :((مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) (فاطر:2)

وليس في الكونِ كلِّه مَن هو أرحمُ مِن اللهِ، فاللهُ أحكمُ الحاكمين وأعدلُ العادلين وأرحمُ الراحمين. فمِن عَجَائِبِ رَحْمَةِ اللهِ بِنَا مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ  لَنَا حِينَـمَا رَأَى امْرَأَةً وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ»؟ قَالُوا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» الله أكبر رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وفي الصَّحيحينِ أنَّهُ ﷺ قالَ: إنَّ اللَّهَ خلقَ الرَّحمةَ يومَ خلقَها مائةَ رحمةٍ أنزلَ منْها رحمةً واحدةً فبِها يتراحمُ الخلقُ حتَّى إنَّ الدَّابَّةَ لترفعُ حافرَها عن ولدِها من تلكَ الرَّحمةِ واحتبسَ عندَهُ تسعًا وتسعينَ رحمةً فإذا كانَ يومُ القيامةِ جمعَ هذِهِ إلى تلكَ فرحِمَ بِها عبادَهُ((، ولمَّا دخلَ حمادُ بنُ أبي سلمةَ على سفيانَ الثورِي وهو يحتضرُ فقال: أبشرْ يا أبَا عبدِ اللهِ إنَّك مقبلٌ على مَن كنتَ ترجُوهُ فقالَ سفيانُ: يا أبا سلمةَ: أترى اللهَ يغفرُ لمثلِي؟ أتظنُّ أنَّ مثلٍي ينجُو مِن النارِ؟ فقال حمادُ: يا أبا عبدِ اللهِ: واللهِ لو خيرتُ بينَ محاسبةِ ربِّي إيايَ وبينَ محاسبةِ أبوايَ ، لاخترتُ محاسبةَ اللهِ، وذلك لأنَّ اللهَ أرحمُ بِي مِن أبوايَ، فاللهُ أرحمُ الراحمين وكيف لا ؟و لقد أمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ نبيَّهُ مُحمدًا ﷺ أنْ يخبرَ العالمَ أجمع بأنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ، فقالَ جلَّ وعلا:  )نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم} الحجر: 49وكيف لا ؟ وقد أرسلَ اللهُ نبيَّهُ مُحمدًا ﷺ رحمةً للعالمين فقالَ مخاطبًا إيَّاه (ُوَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ(الأنبياء:107

وكيف لا؟  ومِن رحمتِه خلقَ الليلَ والنهارَ، حيثُ يستعينُ الإنسانُ بالنهارِ على العملِ والسعيِ في الأرضِ بما ينفعُهُ، ويستعينُ بسكونِ الليلِ على النومِ وأخذِ الراحةِ لاستعادةِ نشاطِه، قالَ جلَّ وعلا: (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(سورة القصص، آية: 73.

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم 

وكيف لا؟ وهو ينزلُ -سبحانَهُ- كلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، إكرامًا للمؤمنين، ولقضاءِ حاجاتِ السائلين، وقبولِ دعاءِ الداعين, وإلحاحِ المستغفرين, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)) متفق عليه.. اللهَ اللهَ في رحمةِ الرحمنِ ))قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )يونس:58 قال ابنُ عباسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : فضلُ اللهِ الإسلام. ورحمتُه: أنْ جعلَكُم مِن أهلِ القرآنِ. وكيف لا ؟وفتحَ اللهُ تعالى أبـوابَ رحمتِه للتائبِيــن، فقالَ جلَّ وعلا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53و. (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ « لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ ». (متفق عليه، وكيف لا؟ ورحمتُهُ أيُّها السادةُ: وجدَهَا إ براهيمُ ﷺ في النارِ ))قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ((الأنبياء : 69). ووجدَهَا نوحٌ ﷺ في أمواجٍ كالجبالِ ))قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)[هود : 43) ووجدَهَا يوسفُ ﷺ في الجُبِّ، كما وجدَهَا في السجنِ، كما وجدَهَا في الملكِ)) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) [يوسف : 91, ووجدَهَا يونسُ ﷺ في بطنِ الحوتِ))وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87] ووجدَهَا موسَى ﷺ في اليمِّ وهو طفلٌ مجردٌ مِن كلِّ قوةٍ، ومِن كلِّ حراسةٍ، كما وجدَهَا في قصرِ فرعونَ(( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 39. ووجدَهَا مُحمدٌ ﷺ في الغارِ، وفي طريقِ الهجرةِ، وفي بدرٍ، وفي فتحِ مكةَ، وفي جميعِ أحوالِهِ ﷺ))فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) (التوبة :40 ).ووجدَهَا ويجدُهَا كلُّ مَن آوَى إليهِ سبحانَهُ، وتعلقَ بهِ سبحانَهُ, وسألَهُ سبحانَهُ وفوضَ إليه الأمرَ سبحانَهُ وأخذَ بالأسبابِ المشروعةِ المؤديةِ إليهَا، فالرحمةُ بيدِه سبحانَهُ ((ربَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدا)) سورة الكهف 10 ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾سورة آل عمران 8.وكيف لا؟ واللهُ جلَّ جلالُهُ رفعَ الحرجَ عن نبيِّنَا ﷺ وعن أمتِهِ, قالَ جلَّ وعلا  ))لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب: 50], وقال جلَّ وعلا((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 173)فالله الله في رحمةُ الرحمنِ الرحيمِ جلَّ جلالُه.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم 

ثانيــــًا: كيف تُستمطَرُ الرحماتُ الربانيةُ؟

أيُّها السادةُ: هناكَ  أسبابٌ كثيرةٌ تُستمطَرُ بهَا الرحماتُ وستُدفعُ بهَا النقماتُ، مِن هذه الأسبابِ على سبيلِ المثالِ لا الحصر: تقوىَ الرحمنِ جلَّ جلالُه ، والتقوىَ: أنْ يجعلَ العبدُ بينَهُ وبينَ اللهِ وقايةً تقِيهِ مِن عذابِ اللهِ وغضبهِ وسخطهِ ولا يكونُ هذا إلّا بفعلِ الطاعاتِ وتركِ المنكراتِ  .قالَ جلَّ وعلا:)وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(  (سورة الأعراف:  156)  وعن ابنِ جريجٍ قال: لمَّا نـزلتْ: ” ورحمتِي وسعتْ كلَّ شيءٍ”، قال إبليسُ: أنَا مِن  كلِّ شيءٍ!. فقالَ اللهُ: “فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ” ، الآية. فقالت اليهود: ونحن نتقي ونؤتي الزكاة! فأنـزل الله: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيّ))   

 ومِن أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ تعالَى: أنْ يرحمَ العبدُ غيرَهُ مِن المخلوقاتِ، فمِن علاماتِ سعادةِ العبدِ: أنْ يكونَ رحيمَ القلبِ، فالرحيمُ أولَى الناسِ برحمةِ اللهِ، وهو أحبُّ الناسِ إلى الناسِ، وأقربُ الناسِ إلى قلوبِ الناسِ، وهو أحقُّ الناسِ بالجنةِ؛ لأنَّ الجنّةَ دارُ الرّحمةِ لا يدخلُهَا إلّا الرحماءُ،  ففِي الصحيحينِ مِن حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي اللهُ عنه- قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ )) مَن لا يرحَمِ النَّاسَ لا يرحَمْهُ اللهُ(( وفي السننِ : الرَّاحِمون يرْحَمُهم اللهُ، ارحَمُوا أهلَ الأرْضِ يَرحَمْكم أهْلُ السَّماءِ،))فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فكنْ رحيمًا مع جميعِ الخلقِ، لطيفًا مع كلِّ عبادِ اللهِ، وإنْ لم تستطعْ نفعَ إنسانٍ فلا تضرَّه، وإنْ لم تفرحْهُ فلا تغمَّه، وإنْ لم تمدحْهُ فلا تذمَّه، وإنْ لم تقفْ معه فلا تعنْ عليه، وإنْ لم تفرحْ بنعمتِه فلا تحسدْهُ، وإنْ لم تمنحْهُ الأملَ فلا تحبطْهُ. لا تكنْ جافَ المشاعرِ، بخيلَ اليدِ، قاسِي القلبِ، ولكنْ كُنْ رحيمًا فـ”الراحمونَ يرحمُهُم الرحمنُ. فهذه بغيةٌ على عهدِ بنِي إسرائيلَ رأتْ كلبًا يلهثُ عطشًا فسقتْ المرأةُ  الكلبَ فغفرَ اللهُ لها الذنوبَ،  وللهِ درُّ القائلِ :

إذا كانتْ الرحمةُ بالكلابِ  ***تغفرُ الخطايَا للبغايَا

فكيفَ تصنعُ الرحمةُ ***بمَن وحَّدَ ربَّ البرايَا

ومِن أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ: أنْ نبرأَ مِن حولِنَا وقوتِنَا إلى حولِ اللهِ وقوتِه، وأنْ نكونَ بحقٍّ للهِ ومع اللهِ فمَن كان مع اللهِ كان اللهُ معه، فو اللهِ الذي لا إلهَ إلَّا هو، لا ندخلُ الجنةَ بأعمالِنَا ،ولكنْ ندخلُ الجنةَ برحمةِ ربِّنَا، كما قال نبيُّنَا : لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ “قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:“ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ(( متفق عليه

ومِن أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ: طاعةُ اللهِ وطاعةُ رسولِهِ ﷺ قال ربُّنَا: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ))آل عمران: 132

ومِن أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ: إقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ، قالَ اللهُ تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)التوبة: 71.

ومِن أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ: السماحةُ في البيعِ والشراءِ، وعدمُ غشِّ الناسِ وأكلِ أموالِهم بالباطلِ روى البخاري  في صحيحه عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي اللهُ عنهما- أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: رحمَ اللهُ عبدًا سمحًا إذا باعَ، سمحًا إذا اشترَى، سمحًا إذا اقتضَى).

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم 

وإنّ مِمَا تُستمطَرُ به الرحماتُ الربانيةُ في الدنيا والآخرةِ: رحمةُ الضعفاءِ وذوي الحاجةِ، وإغاثةُ الملهوفِ، وكفالةُ اليتيمِ، والقيامُ على الأرملةِ، وسدُّ حاجةِ المسكينِ، والعطفُ على الفقراءِ ,فهذه الأعمالُ الصالحةُ وغيرُهَا تُنالُ بها رحمةُ الرحمنِ جلّ شأنُه . فكيف تنتظرُ رحمةَ الخالقِ وأنت لا ترحمُ المخلوقَ؟ كيف تنتظرُ رحمةَ ربِّكَ وأنت لا ترحمُ حتى مَن ربَّاكَ؟ ولا ترحمُ حتى مَن ولدتَكَ ولا ترحمُ ضعيفًا ولا مسكينًا ولا يتيمًا ولا إنسانًا ولا حيوانًا يا ربِّ سلمْ .

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ وأنتَ عاقٌ لوالدَيكَ؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ وأنتَ مقصرٌ في جنبِ اللهِ؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ وأنتَ تأكلُ الحرامَ وتأكلُ المواريثَ وتأكلُ حقوقَ البناتِ؟!كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تؤخرُ الصلاةَ عن وقتِهَا؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن لا تُصلِّي في جماعةٍ؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تنامُ عن الصلاةِ المكتوبةِ؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ أيُّها الغنيُّ وأنت تمنعُ مالكَ عن الفقراءِ والمساكين؟!

كيف ترجُو رحمةَ اللهِ يا مَن تكنزُ الأموالَ ولا تخرجُ حقَّ الفقراءِ والمساكين؟!كيف ترجُو رحمةَ اللهِ أيُّها المُرابِي وقد عصيتَ أوامرَهُ ولم تطعْ رسولَهُ ﷺ؟ فسلْ اللهَ مِن رحمتِه وأنْ يدخلَكَ برحمتِه في عبادِه الصالحين، كما كان نبيُّنَا ﷺ يدعو ربَّهُ بطلبِ الرحمةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيّ ﷺ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ, تَهْدِي بِهَا قَلْبِي, وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي, وَتَلُمُّ بِهَا شَعْثِي, وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي, وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي, وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي, وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي, وَتُغْنِينِي بِهَا عَنْ مَنْ سِوَاكَ, اللَّهُمَّ أَنْزَلْتُ بِكَ حَاجَتِي، وَإن قَصُرَ رَأْيِي وَضَعُفَ عَمَلِي, وَافْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ, اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي, وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ، أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ, فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وَأَسْأَلُكَهُ بِرَحْمَتِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ” (أخرجه البزّار , واللهِ الذي لا إلهَ إلّا هو لا ندخلُ الجنةَ بأعمالِنَا ,ولكنْ ندخلُ الجنةَ برحمةِ ربِّنَا كما قالَ نبيُّنَا  ﷺ: يَقُولُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ قَالُوا وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ)

إلهِي لا تعذبنِي فإنِّي *** مقرٌّ بالذي قد كان مِنِّي

فكم مِن زلةٍ لي في البرايَا *** وأنتَ عليَّ  ذو فضلٍ ومَنّيِ

يظنُ الناسُ بِي خيرًا وإنِّي  ***لشرُّ الناسِ إن لم تعفُ عنِّي

باركَ اللهُ لي ولكُم في القرآنِ العظيمِ، ونفعنِي وإيَّاكُم بمَا فيهِ مِن الآياتِ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية …الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم 

ثالثــــًا وأخيرًا: نماذجٌ مِن رحمةِ الرحيمِ جلَّ جلالُهُ!!

أيُّها السادةُ: في عُجالةٍ سريعةٍ لأنَّ عقاربَ الوقتِ تُطاردنِي ,هناكَ قصصٌ كثيرةٌ في سنةِ نبيِّنَا ﷺ تدلُّنَا على رحمةِ الرحيمِ جلَّ جلالُهُ وتقدستْ أسماؤُه  ففي سننِ أبِي داود يَحكِي أبو هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه حَكَى لهم قِصَّةَ رَجُلينِ مِن بني إسرائيل، فقال: “كان رجلانِ في بني إسرائيلَ مُتآخِينِ، فكان أحدُهما يذنب، والآخرُ مجتهدٌ في العبادة، فكان لا يزالُ المجتهدُ يرَى الآخرَ على الذنبِ فيقول: أَقصِرْ . فوجدَهُ يومًا على ذنبٍ فقال له : أقصِرْ . فقال : خلِّني وربِّي أبعثتَ عليَّ رقيبًا ؟ فقال : واللهِ ! لا يغفرُ اللهُ لك – أو لا يدخلُكِ اللهُ الجنةَ ! – فقبضَ أرواحَهُمَا، فاجتمعَا عندَ ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهدِ : كنتَ بِي عالمًا، أو كنتَ على ما في يدِي قادرًا ؟ وقال للمذنبِ: اذهبْ فادخلِ الجنةَ برحمتِي، وقال للآخرِ: اذهبُوا به إلى النارِ)) سلِّمْ يا ربِّ سلمْ وما أكثرَ هذا في زمنِنَا أنْ تقسمَ أنَّ اللهَ لن يغفرَ لفلانٍ أو لنْ يسامحَ فلانًا فمَن أنتَ حتى تقسمَ على الجبّارِ كما في صحيحِ مُسلمٍ كما في حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَجُلًا قالَ: واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وإنَّ اللَّهَ تَعالَى قالَ: مَن ذا الذي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ، فإنِّي قدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ، أوْ كما قالَ.((ومِن رحمةِ الرحمنِ جلَّ جلالُهُ: قصةٌ أخرى لرجلٍ يدخلُ الجنةَ كما في حديثِ ابنِ مسعودٍ رضى اللهُ عنه قال: قال النبيُّ ﷺ آخِرُ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ رَجُلٌ، فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً، ويَكْبُو مَرَّةً، وتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فإذا ما جاوَزَها التَفَتَ إلَيْها، فقالَ: تَبارَكَ الذي نَجَّانِي مِنْكِ، لقَدْ أعْطانِي اللَّهُ شيئًا ما أعْطاهُ أحَدًا مِنَ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ، فَتُرْفَعُ له شَجَرَةٌ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، أدْنِنِي مِن هذِه الشَّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلَّ بظِلِّها، وأَشْرَبَ مِن مائِها، فيَقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا ابْنَ آدَمَ، لَعَلِّي إنَّ أعْطَيْتُكَها سَأَلْتَنِي غَيْرَها، فيَقولُ: لا، يا رَبِّ، ويُعاهِدُهُ أنْ لا يَسْأَلَهُ غَيْرَها، ورَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأنَّهُ يَرَى ما لا صَبْرَ له عليه، فيُدْنِيهِ مِنْها، فَيَسْتَظِلُّ بظِلِّها، ويَشْرَبُ مِن مائِها، ثُمَّ تُرْفَعُ له شَجَرَةٌ هي أحْسَنُ مِنَ الأُولَى، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، أدْنِنِي مِن هذِه لأَشْرَبَ مِن مائِها، وأَسْتَظِلَّ بظِلِّها، لا أسْأَلُكَ غَيْرَها، فيَقولُ: يا ابْنَ آدَمَ، ألَمْ تُعاهِدْنِي أنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَها، فيَقولُ: لَعَلِّي إنْ أدْنَيْتُكَ مِنْها تَسْأَلُنِي غَيْرَها، فيُعاهِدُهُ أنْ لا يَسْأَلَهُ غَيْرَها، ورَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأنَّهُ يَرَى ما لا صَبْرَ له عليه، فيُدْنِيهِ مِنْها فَيَسْتَظِلُّ بظِلِّها، ويَشْرَبُ مِن مائِها، ثُمَّ تُرْفَعُ له شَجَرَةٌ عِنْدَ بابِ الجَنَّةِ هي أحْسَنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، أدْنِنِي مِن هذِه لأَسْتَظِلَّ بظِلِّها، وأَشْرَبَ مِن مائِها، لا أسْأَلُكَ غَيْرَها، فيَقولُ: يا ابْنَ آدَمَ، ألَمْ تُعاهِدْنِي أنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَها، قالَ: بَلَى يا رَبِّ، هذِه لا أسْأَلُكَ غَيْرَها، ورَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأنَّهُ يَرَى ما لا صَبْرَ له عليها، فيُدْنِيهِ مِنْها، فإذا أدْناهُ مِنْها فَيَسْمَعُ أصْواتَ أهْلِ الجَنَّةِ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، أدْخِلْنِيها، فيَقولُ: يا ابْنَ آدَمَ ما يَصْرِينِي مِنْكَ؟ أيُرْضِيكَ أنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيا ومِثْلَها معها؟ قالَ: يا رَبِّ، أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ فَضَحِكَ ابنُ مَسْعُودٍ، فقالَ: ألا تَسْأَلُونِي مِمَّ أضْحَكُ فقالوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قالَ: هَكَذا ضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: مِمَّ تَضْحَكُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مِن ضَحِكِ رَبِّ العالَمِينَ حِينَ قالَ: أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ فيَقولُ: إنِّي لا أسْتَهْزِئُ مِنْكَ، ولَكِنِّي علَى ما أشاءُ قادِرٌ) اللهَ اللهَ إنَّها رحمةُ الرحمنِ يا سادة، وعن عبدِالرحمنِ بنِ جبيرٍ رضي اللهُ عنه قال: “أتى النبيَّ ﷺ شيخٌ كبيرٌ هرمٌ، سقطَ حاجباهُ على عَينيهِ، وهو مدعمٌ على عصًا – أي: متَّكئٌ على عصًا – حتى قام بين يديِ النبيِّ ﷺ فقال: أرأيتَ رجلاً عملَ الذنوبَ كلَّهَا، لم يتركْ داجةً ولا حاجةً إلَّا أتاهَا، لو قسمَتْ خطيئتُهُ على أهلِ الأرضِ لأوبقَتْهُم – لأهلكَتْهُم – ألَهُ مِن تَوبةٍ؟ فقال ﷺ: ((هل أسلمتَ؟))، قالَ أليسَ قد أسلَمتَ قالَ أمَّا أَنا فأشهَدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ قالَ نعَم تَفعلُ الخيراتِ وتترُكَ السَّيِّئاتِ فيَّجعلُهنَّ اللَّهُ لَكَ حسَناتٍ كُلَّهُنَّ قالَ وغدَراتِي وفجَراتِي قالَ نعَم وغَدراتُك وفجراتُك، قالَ اللَّهُ أَكْبرُ فما زالَ يُكَبِّرُ حتَّى توارَى فلم يزلْ يردِّدُ: اللهُ أكبرُ، حتى توارَى عن الأنظارِ” فقلْ ما شئتَ عن رحمةِ اللهِ، فإنَّهَا فوقَ ما تقولُ، فهو الرحمنُ الرحيمُ, وتصورٌ فوقَ ما شئت، فإنَّهَا فوقَ ذلك، قال اللهُ تعالى ))الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً) [الفرقان: 26]، فسبحانَ العزيزِ الرحيمِ، الذي رحمَ في عدلِهِ وعقوبتِه، كما رحمَ في فضلِهِ وإحسانِهِ ومثوبتِهِ.

تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : اسم الله الرحيم

دعَاكَ ربِّي بالنَدَى يُعرفُ ***يا مَن علي أنفسِهِم أسرفُوا

لا تقنطُوا مِن رحمتِي واعرِفُوا *** إنِّي لغفارُ الذنوبِ العظام
يا من وسِعْتَ برحمةٍ كلَّ الورى *** مَن قد أطاعَ ومَن غدَا يتأثَّمُ
إنْ كان لا يرجوكَ إلّا محسنٌ *** فبمَن يلوذُ ويستجيرُ المُجْرمُ

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

 د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!