خطبة عيد الأضحي المبارك : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ ، للدكتور خالد بدير
خطبة عيد الأضحي المبارك : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 10 ذو الحجة 1445 هـ ، الموافق 16 يونيو 2024م.
لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ ، 16 يونيو 2024م ، للدكتور خالد بدير :
لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 16 يونيو 2024م : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 16 يونيو 2024م : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة عيد الأضحي المبارك 16 يونيو 2024م : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ ، للدكتور خالد بدير ، كما يلي:
أولًا: استجابةُ الخليلِ وابنهِ عليهمَا السلامُ لأوامرِ اللهِ
ثانيًا: بينَ استجابةِ الصحابةِ للهِ ورسولهِ واستجابتِنَا
ثالثًا: أعمالُ يومِ العيدِ وآدابهِ
ولقراءة خطبة عيد الأضحي المبارك 16 يونيو 2024م : الانقيادُ والاستجابةُ لأوامرِ اللهِ مِن خلالِ قصةِ الذبيحِ ، للدكتور خالد بدير ، كما يلي:
10 ذو الحجة 1445هـ 16 يونيو 2024م
خطبةُ عيدِ الأضحي المبارك لعام 1444هـ
المـــوضــــــــــوعُ
الحمدُ للهِ. اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهّ أكبرُ، اللهُ أكبرٌ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ وبحمدهِ بكرةً وأصيلًا، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم .أمَّا بعدُ :
العنصر الأول من خطبة عيد الأضحي المبارك
أولًا: استجابةُ الخليلِ وابنهِ عليهمَا السلامُ لأوامرِ اللهِ
إنَّ الابتلاءَ سنةٌ كونيةٌ ولا سيَّمَا في حياةِ الأنبياءِ عليهم السلامُ، ومِن أشدِّ الأنبياءِ بلاءً إبراهيمُ عليه السلامُ، فهو أحدُ أولي العزمِ الخمسةِ مِن الرسلِ: نوحٌ وإبراهيمُ وموسَي وعيسَى وخاتمهُم محمدٌ صلَّى اللهُ وسلم عليهم أجمعين. فإبراهيمُ ابتليَ في قومهِ وولدهِ، وهل هناك أشدُّ بلاءً مِن إحراقهِ بالنارِ؟!! ولكنَّ اللهَ نجاهُ منها وسلبَ منها صفةَ الإحراقِ!! والقصةُ معروفةٌ ومذكورةٌ في القرآنِ الكريمِ، بعدهَا سألَ ربَّهُ أنْ يَهَبَهُ ولدًا صالحًا، عوضًا عن قومهِ، ويؤنسُهُ في غربتهِ، ويعينُهُ على طاعةِ ربِّهِ، فاستجابَ اللهُ دعاءَهُ فَرَزَقَهُ ولدًا صالحًا:{ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينِ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }(الصافات: 99 – 101). رزقَ إبراهيمُ بولدهِ إسماعيلَ في سنٍ كبيرٍ، ورَدَ في التوراةِ أنَّهُ كان في السادسةِ والثمانينَ مِن العمرِ، ولنَا أنْ نتخيلَ كم يكونُ قدر هذا الطفلِ الذي جاءَ على شوقٍ كبيرٍ وانتظارٍ طويلٍ، فأحبَّهُ وقرَّتْ عينُهُ، وتعلَّقَ قلبُهُ بهِ، ترى كم يكونُ قدرهُ عندَ والديهِ ومحبتهمَا لهُ؟!
رزقَ إبراهيمُ عليه السلامُ بإسماعيلَ، وبلغَ معه مرحلةَ السعيِ، أي كبرَ وترعرعَ وصارَ يذهبُ مع أبيهِ ويمشِي معه، وعلى هذا فإنَّ إسماعيلَ في سنِّ بدايةِ الشبابِ ثلاثةَ عشرَ عامًا تقريبًا، ووالدُهُ قد قاربَ المائةَ عامٍ، ومِن المعلومِ أنَّ الوالدَ حينما يكبرُ في السنِّ يزدادُ ضعفُهُ، ويبدأُ في الاعتمادِ على ولدهِ بصورةٍ كبيرةٍ.
ماذا لو أمركَ اللهُ بذبحِ ولدِكَ وحيدِكَ؟! هل تقْوَى على ذلِكَ؟! واللهِ إنَّه لبلاءٌ لا يطيقُهُ إلَّا الأنبياء!!؛ {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}(الصافات: 102)؛ فلم يترددْ، ولم يخالجْهُ إلَّا شعورَ التسليمِ والاستجابةِ والانقيادِ.
وانظر إلى مدى البرِّ والاستجابةِ والطاعةِ والانقيادِ مِن إسماعيلَ الذبيح عليه السلام؛ يوصِّي أباهُ قبلَ التنفيذِ قائلًا: يا أبتِ أوصِيكَ بأشياءَ: أنْ تربطَ يديَ كي لا أضطربَ فأوذِيكَ!! وأنْ تجعلَ وجهِي على الأرضِ كي لَا تنظرَ إلى وجهِي فتأخذكَ الشفقةُ فترحمنِي فلا تنفذ أمرَ اللهِ!! واكففْ عني ثيابَكَ كي لَا يتلطخ عليها شئٌ مِن دمِي فينقص أجرِي وتراهُ أمي فتحزن!!! واشحذْ شفرتَك وأسرعْ إمرارَهَا على حلقِي ليكونَ أهونَ فإنَّ الموتَ شديدٌ!! وأقرئْ أمِّي منِّي السلامَ، وقلْ لها اصبرِي على أمرِ اللهِ!! ولا تخبرهَا كيف ذبحتَنِي وكيف ربطتَّ يدِي!! ولا تدخلْ عليها الصبيانَ كيلَا يتجدد حزنُهَا عليَّ!! وإذا رأيتَ غلامًا مثلِي فلا تنظرْ إليه حتى لا تجزعْ ولا تحزنْ!! فقالَ إبراهيمُ عليه السلامُ: نعمَ العونُ أنتَ يا ولدِي على أمرِ اللهِ!!
فأمرَّ إبراهيمُ السكينَ على حلقِ ولدهِ فلم يحصل شيئا، وقيلَ انقلبتْ. فقالَ له إسماعيلُ: ما لك؟! قال: انقلبتْ، فقالَ لهُ: أطعن بها طعنًا، فلمَّا طعنَ بها أبتَ ولم تقطعْ شيئًا، وكأنَّ السكينَ تقولُ بلسانِ الحالِ: يا إبراهيمُ أنت تقولُ اقطعْ، وربُّ العزةِ يقولُ لا تقطعْ !!! لأنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لم يشأْ لها أنْ تقطعَ؛ لأنَّ السكينَ لا يقطعُ بطبعهِ وبذاتهِ وإنَّما خالقُ القطعِ هو اللهُ تعالى وحدَهُ، فاللهُ خالقٌ للسببِ والمسبَّبِ، وقتهَا نوديَ: يا إبراهيمُ قد صدقتَ الرؤيَا، وهذا فداءُ ابنِكَ، فنظرَ إبراهيمُ فإذا جبريلُ معه كبشٌ مِن الجنةِ. قال تعالى:{وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107]؛ أي أنَّ اللهَ تعالى فدى إسماعيلَ بكبشٍ أقرنٍ عظيمِ الحجمِ والبركةِ.
وقد صورَ أحدُهُم ذلك أدقَّ تصويرٍ في أبياتٍ رائعةٍ، وهي قصيدةٌ طويلةٌ اقتطفتُ منها ما يؤدِّي الغرضَ المنشودَ:
وأُمِرْتُ بذبحِكَ يا ولدِى *** فانظرْ في الأمرِ وعقباهُ
ويجـــــــــيبُ الابنُ بلا فزعٍ *** افــــــــــــــــــــــعلْ ما تؤمرْ أبتاهُ
لن نعصى لإلهِى أمرًا *** مَن يعصي يومًا مولاهُ ؟!!
واستلَّ الوالدُ سكـــــــــــــينًا *** واستســــــــــــــلَمَ الابنُ لرداهُ
ألقــــــــــــــــــاهُ برفقٍ لجـــــبينٍ *** كى لا تتلقَّى عينـــــــــــــــــــاهُ
أرأيتـــُــــــــــــــــم قلبًا أبويًا *** يتقبــــــــــــــــــلُ أمـــــــرًا يأباهُ ؟؟
أرأيتُم ابنـــــــــــــًا يتلقَّى *** أمرًا بالذبــــــــحِ ويرضاهُ ؟؟
وتهـــــــــــــــــزُّ الكونَ ضراعاتٌ *** ودعـــــــــــاءٌ يقبلهُ الله ُ
تتوســـــــــلُ للملأِ الأعلى *** أرضٌ وسمـــــــــــــــاءٌ ومياهُ
ويقولُ الحقُّ ورحمتهُ *** سبقتْ في فضلِ عطاياهُ
صــــــدَّقتَ الرؤيَا فلا تحزنْ *** يا إبراهيمُ فــــــــــــــدينَاهُ
لقد أسلمَا.. فهذا هو الإسلامُ في حقيقتهِ، ثقةٌ وطاعةٌ وطمأنينةٌ ورضى وتسليمٌ.. وانقيادٌ واستجابةٌ وتنفيذٌ.
فكان الأمرُ بالذبحِ اختبارًا وابتلاءً فلمَّا تمَّ الاختبارُ والابتلاءُ أصبحَ الذبحُ مفسدةً ومضرةً فكان الفداءُ.
يقولُ عبدُاللهِ بنُ عباسٍ: مِن فضلِ اللهِ على الأمةِ أنَّه لم يتمْ الذبحُ لإسماعيلَ عليه السلامُ، فلو تمَّ الذبحُ لأصبحَ ذبحُ الأولادِ سنةً. وقال الإمامُ أبو حنيفة: فيه دليلٌ على أنَّ مَن نذرَ أنْ يذبحَ ولدَهُ يلزمهُ ذبحَ شاةٍ.
أيُّها المؤمنون: إذا كان الخليلُ وابنُه إسماعيلُ عليهما السلامُ قد ضربَا لنا أروعَ الأمثلةِ في الفداءِ والتضحيةِ والاستجابةِ والانقيادِ والطاعةِ لأوامرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فعلينا أنْ نضحِّي بأموالِنَا وأوقاتِنَا وأفعالِنَا وأقوالِنَا ونجعلَهَا كلَّهَا طاعةً واستجابةً وخضوعًا للهِ عزَّ وجلَّ.
العنصر الثاني من خطبة عيد الأضحي المبارك
ثانيًا: بينَ استجابةِ الصحابةِ للهِ ورسولهِ واستجابتِنَا
لقد أمرَنَا اللهُ بالاستجابةِ للهِ ولرسولهِ، قال تعالى:{يَا أيُّهَا الذينَ آمَنُوا استَجِيُبوا للهِ وللرَّسولِ إذَا دعاكُم لما يُحْيِيكمْ} (الأنفال: 25)؛ قال السُّدِّيّ: ” في الإسلامِ إحياؤهُم بعدَ موتِهِم بالكفرِ “. (تفسير ابن كثير) .
وإنَّنِي في هذه العجالةِ السريعةِ أسوقُ لكم بعضَ النماذجِ مِن سرعةِ استجابةِ الصحابةِ الكرامِ لأوامرِ اللهِ ورسولهِ، مقارنًا بينَ ذلك وبين واقعِنَا المعاصرِ في تطبيقِ هذه النماذجِ
النموذجُ الأولّ: تحريمُ الخمرِ: لما نزلَ قولُهُ تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة: 90)؛ أخذَ هذه الآيةَ بعضُ الصحابةِ وذهبَ بها إلى أماكنِ شربِ الخمرِ بالمدينةِ ليبلغَهُم التحريمَ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: وَهَلْ بَلَغَكُمُ الخَبَرُ؟ فَقَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، قَالُوا: أَهْرِقْ هَذِهِ القِلاَلَ يَا أَنَسُ، قَالَ: فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلاَ رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ ” (البخاري)؛ فانظر كيف كانتْ الخمرُ شرابَهُم منذُ سنين طويلةٍ، ومع ذلك استجابُوا للهِ ولرسولهِ مع أولِّ خبرٍ؟!! فما أجملَ مسارعةَ الصحابةِ رضي اللهُ عنهم في الاستجابةِ لأمرِ اللهِ تباركَ وتعالى ولو كان هذا الأمرُ على خلافِ أهوائِهِم، وذلك واضحٌ في قولِهِم انتهينَا!! قارنْ بينَ ذلك وبينَمَن يتلُوا آياتِ اللهِ ويسمعُهَا ليلًا ونهارًا ويقرأُ آياتِ التحريمِ ويُصلِّى بها ومع ذلك يُدمنُ الخمورَ والمخدراتِ!! وكفى بالواقعِ المعاصرِ على ذلك دليلًا !!
النموذجّ الثانٍي: قصةُ خلعِ النعالِ: وهذا نموذجٌ عمليٌ في الاستجابةِ، فحينمَا خلَعَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- نعلَيهِ في الصلاةِ خلعَ الصحابةُ نِعالَهُم؛ تأسيًّا ومُتابعةً لهُ، فَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خلع نَعْلَيْه فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ؛ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ. فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ على إلقائكم نعالكم؟» قَالُوا: رَأَيْنَاك ألقيت نعليك فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فيهمَا قذرًا إِذا جَاءَ أحدكُم إِلَى الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَو أَذَى فَلْيَمْسَحْهُ وَلِيُصَلِّ فِيهِمَا». (أبوداود بسند صحيح).
فانظرْ إلى الصحابةِ لم ينتظرُوا حتى انتهاءِ الصلاةِ ليسألُوا الرسولَ عن ذلك، بل امتثلُوا الأفعالَ قبلَ الأقوالِ، وهذا يدلُّ على سرعةِ الانقيادِ والاستجابةِ والتأسِّي بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم في كلِّ أقوالِهِ وأفعالِهِ!!
وهناك أمثلةٌ كثيرةٌ في الأوامرِ والنواهِي تبينُ مدى سرعةِ استجابةِ الصحابةِ لهَا، لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا كالاستجابةِ للجهادِ والإنفاقِ وغيرِ ذلك؛ وما ذُكرَ على سبيلِ المثالِ لا الحصر، ويكفِي القلادةُ ما أحاطَ بالعنقِ!!
فهنيئًا لمَن استجابَ للهِ ولرسولهِ صحبةُ الحبيبِ في الآخرةِ والشربُ مِن يديهِ الشريفتينِ، وسحقًا سحقًا وحسرةً وخسارةً لمَن لم يستجبْ لأوامرِ اللهِ ورسولهِ وينتهكُ الحرماتِ في الأشهرِ الحرمِ !!
العنصر الثالث من خطبة عيد الأضحي المبارك
ثالثًا: أعمالُ يوم العيدِ وآدابهِ
إنَّنا في هذا اليومِ ينبغِي علينَا أنْ نقتدي بنيِّنَا صلَّى اللهٌ عليه وسلم في أعمالِ يومِ العيدِ وآدابهِ .
ومِن أهمِّ هذه الآدابِ: ذبحُ الأضاحِي بعدَ صلاةِ العيدِ مباشرةً، لقولهِ تعالى: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ }(الكوثر: 1- 3)؛ ووقتُ الذبحِ أربعةُ أيامٍ، يومُ النحرِ وثلاثةُ أيامِ التشريقِ، لما ثبتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلم أنَّه قال: “كلُّ أيامِ التشريقِ ذبحٌ” .( ابن حبان وأحمد والبيهقي) .
ومن هذه الآدابِ: التهنئةُ الطيبةُ التي يتبادلُهَا الناسُ فيمَا بينهُم أيًّا كانَ لفظُهَا،مثل قولِ بعضهِم لبعضٍ: تقبلُ اللهُ منَّا ومنكُم، أو عيدٌ مباركٌ وما أشبَهَ ذلك مِن عباراتِ التهنئةِ المباحةِ، فعن جبيرِ بنِ نفيرٍ قال: “كان أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا التقُوا يومَ العيدِ يقولُ بعضُهم لبعضٍ، تُقُبِّلَ منَّا ومنك .”( قال ابن حجر في الفتح: إسناده حسن)؛ ولا ريبَ أنَّ هذه التهنئةَ مِن مكارمِ الأخلاقِ والمظاهرِ الاجتماعيةِ الحسنةِ بينَ المسلمين.
وكذلك يُسنُّ الذهابُ إلى الصلاةِ مِن طريقِ والعودةِ مِن آخرٍ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ.” ( البخاري).قيل الحكمةُ مِن ذلك ليشهدَ لهُ الطريقانِ عندَ اللهِ يومَ القيامةِ، والأرضُ تحدّثُ يومَ القيامةِ بما عُمِلَ عليها مِن الخيرِ والشرِّ، وقيل لإظهارِ ذكرِ اللهِ وشعائرِ الإسلامِ، وقيل لأنَّ الملائكةَ تقفُ على مفترقِ الطرقِ تكتبُ كلَّ مَن يمرُّ مِن هنا وهناك؛ وقيلَ غيرَ ذلك.
كما تشرعُ التوسعةُ على الأهلِ والعيالِ في أيامِ العيدِ دونَ إسرافٍ أو تبذيرٍ، مصداقًا لقولهِ تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} ( الأعراف:31) . وكذلك التوسعةُ على الفقراءِ والمساكين، لما رواهُ البيهقيُّ والدارقطنيُّ عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: « اغْنُوهُم فِي هَذَا الْيَوْمِ ». وفي رواية للبيهقي: « اغْنُوهُم عن طوافِ هذا اليومِ وهذه كلُّهَا مبادئٌ إسلاميةٌ رفيعةٌ، فيها البرُّ والإحسانُ والتعاونُ والتآلفُ والتوادُّ والتراحمُ، وكلُّها مظاهرٌ مِن التكريمِ والفرحةِ والبهجةِ وإدخالِ السرورِ على الفقراءِ والمساكين في العيدينِ الكريمينِ، فما أجملَ هذا الدينَ الحنيفَ !!
هذا هو هديُ نبيِّكُم صلَّى اللهُ عليه وسلم في يومِ العيدِ، ألَا فلنتمثلْ هديَهُ في جميعِ أعمالِنَا وأقوالِنَا وأفعالِنَا!!
تقبلُ اللهُ منَّا ومنكُم، وكلُّ عامٍ وأنتم بخير، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته.
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف