أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 12 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 30 يونيو 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) نعمةُ الأمنِ مِن أجلِّ النعمِ على الإطلاقِ.

(2) نعمةُ الأمنِ مطلبُ الأنبياءِ – عليهم السلامُ –.

(3) ركائزُ تحقيقِ الأمنِ في المجتمعِ الإنسانِي مِن خلالِ القرآنِ والسنةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م بعنوان : حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

خطبة بعنوان: «حديثُ القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المشرفةِ عن الأمنِ»

بتاريخ 12 ذو الحجة 1444 هـ = الموافق 30 يونيو 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ، أمّا بعدُ ،،،

  • العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

  • نعمةُ الأمنِ مِن أجلِّ النعمِ على الإطلاقِ:

  • إنّ نعمَ اللهِ – عزّ وجلّ – على العبادِ كثيرةٌ، وآلاؤهُ عليهم عظيمةٌ، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾، لكنّ أعظمَ النعمِ على الإطلاقِ نعمةُ الأمنِ، فبها يُعبدُ اللهُ سبحانه – في أرضِه، وبها تُحفظُ الدماءُ، وبها تُصانُ الأعراضُ أنْ تُنتهكَ، والأموالُ أنْ تُسلبَ، والأرضُ أنْ تُغتصبَ، وهكذا كلُّ طاعةٍ أو عبادةٍ مردُّهَا في الأساسِ إلى نعمةِ الأمنِ، ولذا قدمَهَا السياقُ القرآنِيُّ على طلبِ الرزقِ والمنافعِ الماديةِ، فقالَ عزّ وجلّ: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾، وقالَ في آيةٍ أُخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾؛ لأنّه بالأمنِ والأمانِ يحصلُ الاستقرارُ الذي هو سببُ البناءِ والتعميرِ في الأرضِ، وانظرْ في حالِ أيِّ بقعةٍ مِن أرجاءِ المعمورةِ إذا نُزِعَ الأمنُ منها، وحلَّ الخوفُ مكانَهَا كيف حالُهَا مِن الخرابِ والبوارِ والكسادِ في شتّى مجالاتِ الحياةِ، والإنسانُ قد يُفتحُ عليهِ مِن أبوابِ الخيرِ والبرِّ، لكنّهُ يفقدُ عنصرَ الأمنِ فلا يهنأُ ولا يستلذُ بهذه النعمةِ، ولذا عدَّ رسولُنَا ﷺ مَن يملكُ هذه النعمةَ بأنّهُ حازَ الخيرَ والشرفَ كلَّهُ، وجمعَ الفضلَ وزيادةً، قَالَ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرِها» (الترمذي وابن ماجه)، فمتى بلغَ المجتمعُ مستوى عاليًا مِن الاستقرارِ والسكينةِ وعدمِ وجودِ أيِّ نوعٍ مِن أنواعِ المخاوفِ حينَها يصبحُ هذا المجتمعُ آمنًا قادرًا على أداءِ مسؤولياتهِ التي خُلِقَ مِن أجلِهَا، كما قالَ في كتابِهِ العزيز: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾، وقال أيضًا: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾؛ ولذا كان يدعو نبيُّنَا ﷺ ربَّهُ أنْ يرزقَهُ الأمنَ حين يمسِي وحين يصبحُ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ:اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» (النسائي وابن ماجة) .

كما أنّ مِن أجلِّ النعمِ التي يكرمُ اللهُ – تعالى- بها أهلَ دارِ كرامتِه، وسكانَ جنتِه نعمةُ الأمنِ، قالَ ربُّنَا: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ﴾، فجمعَ اللهُ – عزّ وجلّ – لأهلِ الجنةِ بينَ النعمِ الماديةِ المتمثلةِ في الأكلِ والشربِ والحورِ العينِ، وبينَ النعمِ المعنويةِ المتمثلةِ في صفاءِ القلبِ مِن الغلِّ والحسدِ ﴿وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾، وراحةِ البالِ والطمأنينةِ والشعورِ بالأمانِ مِن خلالِ اجتماعِه بزوجِه وولدِه﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾؛ لأنَّ المؤمنَ إذا فقدَ إحدى هذه النعمِ لم يحصلْ له تمامُ كمالِ النعمةِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

(2) نعمةُ الأمنِ مطلبُ الأنبياءِ – عليهم السلام –:

إنّ نعمةَ الأمنِ مطلبُ الأنبياءِ والصالحين بل والخلقِ أجميعن فها هو سيدُنَا يوسفُ عليه السلامُ يطلبُ مِن والديهِ دخولَ مصرَ مخبرًا باستتبابِ الأمنِ بها، قالَ ربُّنَا: ﴿وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ﴾، وما صارت مصرُ مركزَ توزيعِ الغلالِ للبلادِ المجاورةِ لها، ومحطَّ كلِّ غريبٍ إلا بانتشارِ الأمنِ فيها، ولذا جاء إخوتُهُ – عليه السلام – طالبين الحنطةَ مِن أهلِهَا، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا﴾، وقد كان يدعُو نبيُّنَا ﷺ ربَّهُ أنْ يرزقَهُ الأمنَ حين يمسي وحين يصبحُ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» (النسائي وابن ماجه)، ولمّا ضربَ ﷺ أروعَ الأمثلةِ في العفو والصفحِ عن أهلِ مكةَ يومَ فتحهَا أرشدَهُم إلى ما ينالونَ بهِ الأمنَ المجتمعِيَّ فقال ﷺ: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ؛ وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ؛  وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» . (مسلم) .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

(3) ركائزُ تحقيقِ الأمنِ في المجتمعِ الإنسانِي مِن خلالِ القرآنِ والسنةِ:

أولًا: طلبُ الرزقِ وحسنُ العملِ، ونبذُ العجزِ والكسلِ: أوجبَ اللهُ علي البشريةِ العملَ، والسعيَ في الأرضِ طلبًا لإعمارِهَا، وتحقيقًا لجلبِ الأمنِ والطمأنينةِ على أهلِهَا فقالَ تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾، وفي سبيلِ ذلك ذللَ اللهُ له الصعابَ، وسخّرَ لهُ كلّ الممكناتِ، قالَ تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾، ومَن يستقرءْ القرآنَ الكريمَ يجدْ أنّ اللهَ جمعَ بينَ الإيمانِ والعملِ فلا يغنِي أحدهُمَا عن الآخرِ، قالَ تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾، وقالَ أيضًا: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ﴾ .

ويقاسُ أمانُ المجتمعاتِ وتقدمُهَا بقدرِ ما هي عليهِ مِن العملِ والإنتاجِ، ولذا وجهنَا القرآنُ إلى العملِ عقبَ الفراغِ مِن العباداتِ حتى لا تتخذُ مجالًا للكسلِ والنومِ والقعودِ عن طلبِ لقمةِ العيشِ، فقالَ تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وأرشدَنَا نبيُّنَا ﷺ إلى حسنِ التوكلِ على اللهِ، فقَالَ ﷺ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» . (الترمذي وابن ماجه) .

فلا يستقلُّ الإنسانُ أو يقللُ أو يذمُّ حرفةً أو صنعةً ما، فقد باشرَ جميعُ الأنبياءِ صناعاتٍ وحرفَ مختلفةً، ورسولُنَا ﷺ رعَى الغنمَ لأهلِ مكةَ، وكذا موسى وعيسى عليهما السلامُ كانا راعيين، والصحابةُ كان منهم التاجرُ والصانعُ والمزارعُ … الخ، قال الإمامُ القرطبيُّ: (وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ الدُّرُوعَ، وَكَانَ أَيْضًا يَصْنَعُ الْخُوصَ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَكَانَ آدَمُ حَرَّاثًا، وَنُوحٌ نَجَّارًا وَلُقْمَانُ خَيَّاطًا، وَطَالُوتُ دَبَّاغًا، وَقِيلَ: سَقَّاءً، فَالصَّنْعَةُ يَكُفُّ بِهَا الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ عَنِ النَّاسِ، وَيَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ الضَّرَرَ وَالْبَأْسَ، وَفِي الْحَدِيثِ:”إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنَ الْمُحْتَرِفَ الضَّعِيفَ الْمُتَعَفِّفَ وَيُبْغِضُ السَّائِلَ الْمُلْحِفَ”.) أ.ه

ثانيًا: التحذيرُ مِن الإسرافِ والتبذيرِ: أمرَنَا الإسلامُ بالاعتدالِ في كلِّ شيءٍ، وأنْ يُنتَهَجَ المنهجُ الوسطُ، قالَ تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، والخطابُ هنا يرتفعُ القرآنُ أنْ يوجهَ للمؤمنين فقط، فخاطبَ جميعَ البشرِ، ولذا قِيلَ القرآنُ لخَّصَ الصحةَ والاقتصادَ في هذه الآيةِ الكريمةِ، بل جعلَ القرآنُ الترشيدَ صفةً مِن صفاتِ عبادِ الرحمنِ، فقالَ سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾، وقَالَ ﷺ: «كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا مَخِيلَةٍ» (النسائي)، وقد أرشدَنَا دينُنَا الحنيفُ كيف نصرفُ ما تبقّى لدينَا مِن طعامٍ وغيرِهِ بأنْ نعطيَهُ مَن يستحقُّ أو نضعَهُ للحيوانِ في أماكنَ لا يُداسُ فيها ولا يُهانُ، قال ﷺ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَبِيتُ وَجَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ» (الحاكم وصححه)، كما حذرَنَا القرآنُ مِن كفرانِ النعمةِ بعدمَا يُعطَاهَا الإنسانُ فلا يؤدِّي شكرَهَا، فعليهِ إذًا أنْ يسخرَهَا في الطاعةِ وفيمَا ينفعُ البشرُ، قالَ تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾، وقال:﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، وما قصةُ سبأٍ إلّا أكبرُ شاهدٍ على ذلك حتى خصتْ باسمِ سورةٍ في القرآنِ الكريمِ “سورة سبأ” .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

ثالثًا: سيادةُ القانونِ: مِن أجلِ استتبابِ الأمنِ في المجتمعاتِ جاءتْ الشريعةُ الغراءُ بالعقوباتِ الصارمةِ، وحفظتْ للأمةِ في قضاياهَا ما يتعلقُ بالحقِّ العامِ والخاص، فعندمَا يسودُ القانونُ في بلدٍ مِن البلادِ يطمئنُ أهلُهَا، ويهدأُ بالُهُم، ويشعرُ كلُّ فردٍ في المجتمعِ بأنّهُ في مأمنٍ مِن أيِّ متجاوزٍ يتطاولُ على مالهِ أو حياتهِ أو عيالهِ، وليس مِن الغريبِ أنْ نجدَ أنّ المجتمعاتِ التي يسودُ فيها القانونُ ينتشرُ فيها الأمنُ والاستقرارُ، فالبشرُ بلا قانونٍ أشبهُ بالحيواناتِ التي تعيشُ بالغاباتِ، بل أضلُّ سبيلًا؛ إذ الحيواناتُ قد يحكمُهَا بعضُ القوانين فيمَا بينها، لذا قال سيدُنَا عثمانُ بنُ عفان رضي اللهُ عنه: «إنّ اللهَ ليزعُ بالسلطانِ ما لايزعُ بالقرآنِ»، مِن هنَا وضعَ اللهُ عقوباتٍ مختلفةً تتناسبُ مع الجرمِ المرتكبُ كي يزجرَ ويرتدعَ الإنسانُ عن أنْ يؤذِي أخاهُ الإنسانَ، ولذا وجهنَا نبيُّنَا ﷺ إلى وجوبِ ذكرِ الْفَاجِرِ بِمَا فِيهِ للتحذيرِ مِنْهُ حتى يعيشَ الناسُ آمنينَ مطمئنينَ في أوطانِهِم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَرْعَوْنَ عَن ذكر الْفَاجِر حَتَّى يعرفهُ النَّاس إذكروه بِمَا فِيهِ يحذرهُ النَّاس» . (الطبراني في الكبير) .

رابعًا: التكافلُ الاجتماعِيُّ: مِن مقوماتِ المجتمعِ الآمنِ وجودُ التعاطفِ والتواددِ بين أعضائِه، كلُّ فردٍ فيهِ ينظرُ إلي أخيهِ الإنسانِ يسددُهُ بالنصيحةِ إذا كان محتاجًا لها، ويقدمُ له المالَ عندَ الحاجةِ، ويعرضُ عليهِ خدماتِه كلّمَا ألمتْ بهِ مصيبةٌ، تلك صفةُ المجتمعِ الإنسانِي في توادِّهِ و تراحمِهِ حتي يصيرَ كالجسدِ الواحدِ يشدُّ بعضُهُ بعضًا، وهكذا يشعرُ الإنسانُ أنّه لا يعيشُ لنفسهٍ وبنفسِهِ، فعَنِ النُّعْمَانِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (مسلم)، وقال ﷺ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . (مسلم) .

خامسًا: التسامحُ ونبذُ العنفِ، ونشرُ الوعيِ، وحفظُ العقولِ مِمّا يفسدُهَا: أمرنَا دينُنَا بالتسامحِ، والعفوِ عندَ المقدرةِ، وإقالةِ العثرةِ والزلةِ، وقبولِ العذرِ، وغفرانِ الذنبِ، والرفقِ بعبادِ اللهِ، وجعلَ ثمنَ ذلك أنْ تتنزلَ الرحمةُ الإلهيةُ يومَ القيامةِ على هذا العبدِ، قالَ ربُّنَا: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾، وقال ﷺ: «أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ لَا يَقِيلُ عَثْرَةً وَلَا يَقْبَلُ مَعْذِرَةً وَلَا يَغْفِرُ ذَنْبًا أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ» (الحاكم وصححه)، فرغبَنَا الشارعُ الحكيمُ في الرفقِ والبعدِ عن التشددِ حتى لا يصبحُ المجتمعُ عرضةً للتطرفِ والمغالاةِ، فعَنْ ابنِ مسعودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلَاثًا» (مسلم)، وقال ﷺ: «إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ» (مسلم) .

لقد بالغَ الإسلامُ في نبذِ العنفِ حتى في النظرةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ نَظَرَ إِلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ نَظْرَةً يُخِيفُهُ بِهَا أَخَافَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . (شعب الإيمان) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

ألَا ما أحوجنَا أيضًا إلى “الأمنِ الفكرِي” الذي يحمِي عقولَ المجتمعاتِ ويحفظهَا مِن الوقوعِ في الفوضَى، وللعق مِن الشهواتِ بنهَمٍ، أو الولوغِ في أُتونِ الانسلاخِ الأخلاقِي الممزقِ للحياءِ الفطرِي والشرعِي وما انتشرَ الفهمُ الخاطئُ تجاهَ نصوصِ القرآنِ والسنةِ إلّا بسببِ تغييبِ العقولِ، وعدمِ الفهمِ السديدِ لمقاصدِ الشريعةِ، وهل كُفِّرَ الناسُ، وأريقتْ الدماءُ، وقُتِلَ الأبرياءُ، وخُفرتْ الذممُ بقتلِ المستأمنين، وفُجِّرتْ البقاعُ إلّا بهذه المفاهيمِ المنكوسةِ؟!!، وقد جعلَ اللهُ أمانَ ذلك بالرجوعِ إلى أهلِ الاختصاصِ والاستنباطِ كلّ في فنِّهِ ومجالِهِ، قال تعالى: ﴿وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ وقال أيضاً: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ .

سادسًا: تحقيقُ التوحيدِ الخالصِ للهِ عزّ وجلّ، والخوفِ منه: وأعظمُ ما يحققُ الأمنَ والأمانَ في الدنيا والآخرةِ ويجملُ ما سبقَ بيانُهُ “عبادةُ اللهِ عزّ وجلّ” على أكملِ وجهٍ بحيثُ لا يخالطُهَا شركٌ أو رياءٌ … إلخ، حتى يتحققَ وعدُ اللهِ للأمةِ بقولهِ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} فكانَ الجوابُ التالِي لذلك: {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً}، وعَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ” (متفق عليه) .

كما أنّ الخوفَ مِن اللهِ – سبحانه – خاصةً في الخلواتِ والإقبالَ عليهِ يبعثُ الطمأنيةَ والأمنَ في الدنيا والآخرةِ، والعكسُ بالعكسِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ قَالَ: «وَعِزَّتِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ، إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (ابن حبان).

 

تابع / خطبة الجمعة القادمة 30 يونيو 2023 م

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الأمنَ والأمانَ، والسلمَ والسلامَ، وحسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                             كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!