وزير الأوقاف : ديننا دين الحضارة والرقي والذوق السليم
وكل ما يعد رقيا إنسانيا يعد مطلبا شرعيا ينبغي الحفاظ عليه
أكد ا.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن ديننا الحنيف هو دين الجمال والرقي والذوق السليم والحس الإنساني المرهف ، فكل ما يتسق مع الآداب الإنسانية العامة هو من صميم الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها ، قال تعالي: ” فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا” .
والأمم المتحضرة والدول الراقية هي التي تجعل من مراعاة الآداب العامة منهج حياة ، ولا تعد هذه الآداب من نافلة القول أو على هامش أولوياتها ، فالآداب العامة لا تنفك عن منظومة القيم والأخلاق الإنسانية الراقية ، والتحلي بها دليل على حب الله (عز وجل) للعبد ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا” .
ولا شك أن الإسلام قائم على كل ما ينمي الذوق ، ويرسخ القيم الإنسانية السوية ، ويسهم في تكوين الرقي الشخصي والمجتمعي ، وينشر القيم الحضارية ، ويؤدي إلى تأصيلها وتجذيرها في نفوس الناس جميعًا .
وقد حرص الإسلام على تعليم أتباعه القيم الراقية ، وتنشئتهم عليها منذ نعومة أظفارهم ، سواء فيما بينهم وبين أنفسهم أم فيما بينهم وبين الناس ، فهذا نبينا (صلى الله عليه وسلم) عندما رأى صبيًّا تطيش يده في إناء الطعام ، علمه ووجهه بما يهذب ذوقه وطبعه ، فقال (صلى الله عليه وسلم) له : ” يَا غُلامُ، سَمِّ اللَّه تَعَالَى، وَكُلْ بيمينِكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ” ، يستوي في ذلك حال من أكل منفردًا ومن أكل مع غيره من الناس .
ورغَّب الشرع الشريف في التحلي بحسن الخلق في كل مناحي الحياة ، حتى صار حسن الخلق علامة على خيرية صاحبه وحسن إسلامه ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : “الدين حسن الخلق ” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : ” إن المؤمنَ لَيُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصائمِ القائمِ” ، وقال (صلى الله عليه وسلم) : ” إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ”.
ومن أهم الآداب العامة نرصد ، أدب الطعام والشراب وأهمها حله وطهارته يقول نبينا (صلَّى الله عليه وسلَّمَ) لسيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) : “يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ، والَّذي نفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ, إنَّ العبدَ لَيَقذِفُ اللُّقمةَ الحرامَ في جَوفِهِ ما يُتقبَّلُ منه عملٌ أربعينَ يومًا, وأيُّما عبدٍ نَبَتَ لحمُهُ مِن سُحْتٍ, فالنَّارُ أَوْلى به”، وأدب اللباس بأن يكون ساترًا للعورة وليس لباس كبر ولا خيلاء ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لا ينظرُ اللهُ يومَ القيامةِ إلى من جرَّ ثوبَه من الخُيلاءِ” ، وأدب الطريق ومن أهمها غض البصر ، وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) محذرًا : ” إيَّاكُمْ والجُلُوسَ بالطُّرُقاتِ فقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما لنا مِن مَجالِسِنا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فيها، فقالَ: إذْ أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ قالوا: وما حَقُّ الطَّرِيقِ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ “، وأدب النوم ومن أهمها أن ينام وليس في نفسه لأحد من الناس غش ولا حسد على خير أعطاه الله (عز وجل) إياه ، حيث سأل سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) رجلًا شهد له نبينا (صلى الله عليه وسلم) بالجنة عن عمله الذي يعمله حتى يشهد له النبي (صلى الله عليه وسلم) بالجنة فقال : “ما هو إلا ما رأيت، غير أنِّي لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق”.