الأسرة سكن ومودة خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م
الأسرة سكن ومودة خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م ، بتاريخ 14 ربيع الآخر 1443هـ – الموافق 19 نوفمبر 2021م.
خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف المصرية صور : “الأسرة سكن ومودة”
ننفرد حصريا بنشر خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف : “الأسرة سكن ومودة” بصيغة word
و لتحميل خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف المصرية pdf : “الأسرة سكن ومودة” بصيغة pdf
مع التأكيد على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة، مع ثقتنا في سعة أفقهم العلمي والفكري، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة.
___________________________________
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعةباللغات
لقراءة الخطبة كما يلي:
وتؤكد الأوقاف علي الالتزام بـ خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف 19 نوفمبر 2021م.
وتؤكد وزارة الأوقاف على جميع السادة الأئمة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة القادمة نصًا أو مضمونًا على أقل تقدير , وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية مراعاة للظروف الراهنة.
مع ثقتنا في سعة أفقهم العلمي والفكري ، وفهمهم المستنير للدين ، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة .
نسأل الله العلي القدير أن يجعل عودة صلاة الجمعة فاتحة خير ، وأن يعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد.
عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين ، وألا يكتب علينا ولا على أحد من خلقه غلق بيوته مرة أخرى.
ولقراءة خطبة من الأرشيف أو تحميلها كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة: “رعاية الأسرة وحمايتها ووسائل الحفاظ عليها”، للدكتور خالد بدير.
لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا.
ولقراءة الخطبة كما يلي:
خطبة بعنوان: رعاية الأسرة وحمايتها ووسائل الحفاظ عليها
عناصر الخطبة:
العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام
العنصر الثاني: الحقوق الزوجية ودورها في الحفاظ على الأسرة
العنصر الثالث: وسائل حماية الأسرة والحفاظ عليها
العنصر الرابع: أثر الحفاظ على الأسرة في استقرار المجتمع
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام
عباد الله: لقد جاء الإسلامُ والعلاقاتُ الأسريَّة في فوضى وانحلال فأراد إنقاذَ البشرية من هذا السوء؛ لذا جعل الإسلام الأسرةَ هي وحدةَ بناء المجتمع، وأحاطها بسياجٍ كبير من التشريعات التي تضمن لها الجديةَ والنجاح والحفاظ والاستمرار – بإذن الله.
وقد وصلتْ عنايةُ الإسلام بهذا المكون الرئيس للمجتمع (الأسرة) إلى درجة كبيرة، حتى إن هذه العناية امتدتْ إلى ما قبل تأسيسها في مُحَاوَلة إلى انتقاء عناصر بنائها بما يحقِّق التلاؤُم، والانسجام، ويُقَلِّل من دوافع الفشل لبنيانها، بل إنَّ الإسلامَ حَثَّ أتباعه على المساهَمة في تكوين هذه الأسرة عبر وسيلته المشروعة وهي الزواج، الذي اعتبره الإسلامُ إحدى سُنَن الله في الخلق لما يحققه من مقاصد في الحياة الإنسانية؛ إذ يقول الله – تبارك وتعالى -: { وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الذاريات: 49]، ويقول: { سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } [يس: 36]، فالزواج إذًا سُنَّة كونيَّة، ولا ينبغي للإنسانِ أن يشذَّ عنها؛ إذ أنَّ اللهَ – ومنذ أن خَلَقَ الإنسانَ الأولَ آدم، وأسْكَنَه الجنة – لم يَدَعْه وحده في الجنة، فالإنسانُ لا يستطيع أن يحيا وحده بلا أنيس ولا جليس؛ لذلك خَلَقَ اللهُ لآدم من نفس جنسه زوجًا: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } [النساء: 1] .
لذلك جعل الإسلام الزواجَ السبيلَ الوحيد لتكوين الأسرة، بالشكل الذي يحفظ الحُرُماتِ والأنسابَ، ويُلبِّي الغرائزَ الطبيعية في إطار من العفَّة والخصوصية، ويحقق لطرفي الزواج ما يبحثان عنه من السكن والاستقرار، وامتنَّ عليهما بإسباغ المودة والرحمة على تلك العلاقةِ الشريفة، وقد نبَّه القرآن على ذلك وعده آية من آيات الله؛ كما في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. يقول الإمام الطبري في تفسير الآية:”جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودةً تتوادُّون بها، وتتواصلون من أجلها، ورحمةً رحمكم بها؛ فعطف بعضكم بذلك على بعض” أ.ه
لذلك حث الإسلام على حسن اختيار الزوجة لأنها أساس بناء الأسرة كما أنها مضنة الولد الصالح لتكون أمّاً مربية تقية طاهرة عفيفة، تعين أبناءها على التربية الصالحة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ “( متفق عليه)، ومن هنا يرى علماء التربية أن دور الأم في تربية الطفل يسبق دور الأب، وذلك لكثرة ملازمتها للطفل منذ تكوينه جنيناً في بطنها حتى يكبر. وصدق الشاعر حافظ إبراهيم إذ يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها………… أعددت شعباً طيب الأعراق
بل إن الرسول دَفَعَ الشبابَ دفعًا إلى تحقيق هذه السنة، موضِّحًا فوائد ذلك ومنافعه فقال:” يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ: مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ؛ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ” (متفق عليه).
كل ذلك وغيره من النصوص دافعًا قويًّا إلى إجلال الزواج، واعتباره إحدى المسائل المهمة التي يجب على المسلم أن يَتَفَكَّرَ فيهَا، ويسعى إلى تحقيقها؛ فعقد الزواج ميثاق غليظ قطعه الرجل على نفسه أن لا يعامل زوجته إلا وفق ما يُرضي الله عز وجل, ويرضي رسوله صلى الله عليه وسلم, لذلك قال لولي الزوجة: قبلت زواجها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول القاسمي : ” وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثَاقاً غَلِيظاً ” أي : عهداً وثيقاً مؤكداً مزيد تأكيد ، يعسر معه نقضه ، كالثوب الغليظ يعسر شقه . وقال الزمخشري : الميثاق الغليظ حق الصحبة والمضاجعة ، ووصفه بالغلظ لقوته وعظمه “. ( محاسن التأويل).
وليس أبلغ من التعبير القرآني العظيم في وصف علاقة الزوجية بكونها [الميثاق الغليظ]، وبما تعنيه الكلمة القرآنية من بلاغة وروعة من العهد والقوة والتأكيد الشديد لأهمية الحفاظ عليه والوفاء به.
ولقد فطن الغرب إلى أهمية الأسرة في بناء المجتمع والأمم والحضارات، واعتبروا هدم الأسرة هدما للحضارة كلها.
يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي:
1- اهدم الأسرة……………. 2- اهدم التعليم…………………… 3- أسقط القدوات.
* لكي تهدم الأسرة: عليك بتغييب دور (الأم) اجعلها تخجل من وصفها بـ”ربة بيت”
* ولكي تهدم التعليم: عليك بـ (المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
* ولكي تسقط القدوات: عليك بـ (العلماء والآباء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكك فيهم حتى لا يسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
فإذا اختفت (الأم الواعية)، واختفى (المعلم والأب المخلص)، وسقطت (القدوة)؛ فمن يربي النشء على القيم؟!
ومن هذا المنطلق كانت أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام .
العنصر الثاني: الحقوق الزوجية ودورها في الحفاظ على الأسرة
عباد الله: هناك عدة حقوق متبادلة بين الزوجين؛ فلو أن كل واحد من الزوجين قام بواجباته تجاه الآخر على أكمل وجه دون تقصير ؛ لكان ذلك حفاظاً وحماية للأسرة وانصلح حال الزوجين؛ بل وحال المجتمع كله ؛ وهذه الحقوق تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول : حقوق الزوج على زوجته ومن أهمها ما يلي:
1- طاعة الزوج في غير معصية: قال تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ} [النساء: 34]؛ أي: مطيعات لأزواجهن. فعلى الزوجة طاعة زوجها، ما لم يأمرها بمعصية، وما لم يأمرها بشيء لا تُطِيقه، فإن أمرها بما يخالف الشرع، فلا سمع ولا طاعة. فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ ؛ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ “. ( متفق عليه ). قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: “ولو دعاها الزوج إلى معصية، فعليها أن تمتنع، فإن أدَّبها على ذلك، كان الإثم عليه” . ( فتح الباري ) .
2- ألا تمتنع عنه إذا دعاها إلى فراشه: فإذا أرادها الزوج فلتجبه؛ حتى يأمن على دينه من الفتن، التي تنبعث من كل حدَبٍ وصوب، فتوفر لزوجها أسباب العفاف، وتكون له خير مُعين على طاعة رب العالمين. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا ؛ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ “.( متفق عليه). يقول الإمام النووي – رحمه الله -: ” هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار، ومعنى الحديث: أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها، أو توبتها ورجوعها إلى الفراش ” . ( شرح النووي).
بل يجب عليها أن تلبي رغبته وإن كانت على التنور ( الفرن ) . فَعَن طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ “. ( الترمذي بسند حسن ) ؛ ومعنى الحديث: فلتُجب دعوته، وإن كانت تخبز على التنور، مع أنه شغل شاغل لا يتفرَّغ منه إلى غيره، إلا بعد انقضائه، ” قال ابن الملك: وهذا بشرط أن يكون الخبز للزوج؛ لأنه دعاها في هذا الحالة، فقد رضي بإتلاف مال نفسه، وتلف المال أسهل من وقوع الزوج في الزنا”؛ ا.هـ “مرقاة المفاتيح” .
وللأسف كثير من النساء يهملن هذا الجانب ؛ فيضطر الزوج إلى البحث عن بدائل أخرى لإشباع رغباته .
3- ألا تخرج من بيته إلا بإذنه: قال – تعالى -: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}. [الأحزاب: 33].
فقد أخرج الطبراني أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” لا يحل لامرأة أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره”.
“وعليه فلا يجوز للمرأة الخروج من البيت – ولو إلى زيارة والديها – إلا بعد إذن زوجها، وينبغي على الزوج ألا يستغل هذا الأمر في منْع الزوجة من زيارة أهلها؛ لأن في ذلك قطيعةً للرحم”؛ (انظر: المغني لابن قدامة) .
4- ألا تُرهق زوجها بالإكثار من النفقات: فلا تطالبه بما لا يستطيع، ولا تكلفه فوق طاقته، وأن ترضى باليسير، وتقنع به؛ حتى لا تحوجه إلى أن يمد يده للناس، يستدين ويقترض؛ حتى يلبِّي لها حاجاتها، فالرجل يشعر بالعجز، ويؤلمه إذا عجز عن تلبية رغبة الزوجة، فلا خير في هذه المرأة التي ترضى لزوجها هذا الهوان، فلا بركة فيها، ففعلها لؤم، وفألها شؤم؛ قال تعالى: { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ }. [الطلاق: 7]. فعلى المرأة أن تتحلى بالرضا والقناعة، وأن تعيش مع زوجها على قدر حاجته ومعيشته، وذلك من علامات صلاح المرأة، ودائمًا تنظر إلى الدنيا نظرة المرتحل وليس نظرة المقيم، وتنظر إلى مَن هو دونها، ولا تنظر إلى مَن هو أعلى منها.
فالهلاك يلحق بالأسرة عندما يُكلَّف الزوج ما لا يُطيق، كما كان في بني إسرائيل؛ فقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه -: “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها من أمر الدنيا والآخرة، فذكر أن أول ما هلك بنو إسرائيل، أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصِّيغ – أو قال: الصِّيغة – ما تكلف امرأة الغني”.
5- أن تحفظ زوجها في غيابه في نفسها، وفي ماله: فيجب على المرأة أن تحافظ على مال زوجها، وأن تحافظ على نفسها وسر الحياة الزوجية، فلا تُفرط في عرض زوجها وشرفه، فلا تأتي الفاحشة ولا أسبابها، فلا تتبرَّج، ولا تخاطب أجنبيًّا ولا تجالسه، ولا تأذْنَ لأحد في بيته إلا بإذنه. قال – تعالى -:{ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}. [النساء: 34]. قال الطبري في تفسير هذه الآية: “يعني: حافظات لأنفسهن عند غِيبة أزواجهن عنهن في فروجهن وأموالهن”.
وأخرج الطبراني في “الكبير” من حديث عبدالله بن سلام أنه قال: “سئل النبي – صلى الله عليه وسلم – عن خير النساء، فقال: ” خير النساء: مَن تسرُّك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غِيبتك في نفسها ومالك ” .
6- أن تتزين لزوجها: فالإسلام أباح الزينة للمرأة، ووسَّع لها في ذلك، ما لم يُجِزْه للرجل، وهي خير ما تمتلك به المرأة قلب الرجل، فما أسعد الرجل حينما يرى زوجته نظيفةً متزينة متعطرة، فزينتها وعطرها، ينسي متاعب الحياة، وابتسامتها بلسم يداوي الآلام، واستقبالها الطيب له ينسف جبال الهموم التي يلاقيها، فهي بحق خير النساء. كما في حديث عبدالله بن سلام السابق .
وهناك البعض من الزوجات تتجاهل هذا الحق، فلا يراها الزوج إلا مبتذَلة، تعلوها رائحة المطبخ، شعرها ثائر غير منسَّق، فإذا خرجت من بيتها، تكون في أكمل هيئتها، وأحسن صورتها، فاحذري أيتها الزوجة إهمال الزينة؛ فإن هذا يؤذِن بأمر لا تحبه الزوجة.
7- أن تحرص على الحياة معه، فلا تطلب الطلاق بغير سبب شرعي: فلا شك أن الزواج نعمة عظيمة، خصوصًا إذا رُزِقت المرأة زوجًا صالحًا يكفيها مُؤْنة الحياة ومشقتها، وكم من امرأة شَقِيت بعد موت زوجها، أو بعد طلاقها، فأصبحت بلا زوج، وقديمًا كانوا يقولون: مسكينة هذه المرأة التي بلا زوج. ولكننا في هذا الزمان نجد بعض النساء تنخلع من زوجها، أو تطلب الطلاق بلا سبب شرعي، فهذه المرأة لا تعلم الوعيد في الآخرة الذي ينتظرها إن فعلت ذلك، والشقاء والتعاسة في الدنيا؛ فعن ثوبان – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة”. ( الترمذي وأبو داود بسند صحيح ). فطلاق المرأة له من المساوئ والإفساد ما جعل إبليس عليه لعنة الله يفرح بطلاق الزوج لزوجته أكثر من فرحه بالوقوع في الزنا والسرقة والقتل؛ وذلك لعظم الفساد المتحقق من أثر هذا الطلاق من فساد الأولاد والمجتمع بأسره.
القسم الثاني: حقوق الزوجة على الزوج ومن أهمها ما يلي:
1- المهر والصَّداق: وهو المال الذي تأخذه المرأة تنتفع به وحدها بسبب النكاح، وحكمه الوجوب، ودليل ذلك قوله تعالى: { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا }. [النساء: 4].
وعن أنس – رضي الله عنه -: “أن عبدالرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: تزوَّجت امرأةً، فقال: ” ما أصدقتَها؟” ، قال: وزن نواة من ذهبٍ، فقال: ” بارك الله لك، أَوْلِم ولو بشاة “.
2- النفقة والسكنى والكسوة : فقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن ؛ والحكمة في وجوب النفقة لها : أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له .
والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، وكسوة ؛ فتجب لها هذه الأشياء على قدر سعته وإن كانت غنية ، لقوله تعالى: { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ }. ( الطلاق/7 ).
3- حسن العشرة : والمراد به إحسان الصحبة، وكف الأذى، وعدم مَطل الحقوق مع القدرة، وإظهار البِشر والطلاقة والانبساط، وهي واجبة على الزوج، والأصل فيها قوله تعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }. [النساء: 19]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: “أي: طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسِّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب منها، فافعل أنت بها مثله؛ كما قال – سبحانه -:{ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. }. [البقرة: 228]. قال القرطبي في هذه الآية: “وهو مثل قوله تعالى: { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ } [البقرة:229]، وذلك تَوْفِية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وألا يكون فظًّا ولا غليظًا، ولا مظهرًا ميلاً إلى غيرها”. ( تفسير القرطبي). وهذه الآية على إيجازها، إلا أنها جمعت كل محاسن العشرة بأنواعها، من حسن المعاملة مع الزوجة، وألا يحتقرها ولا يذم أهلها، وغير ذلك من الأمور التي لا تحبها المرأة، فلا ينبغي للزوج أن يفعلها مع المرأة.
ولنا القدوة في نبينا – صلى الله عليه وسلم – حيث قال: ” خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”. (صحيح ابن حبان).
فاتقِ الله أيها الزوج في زوجتك، وانظر بعين من الرحمة إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي: ” استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عَوان عندكم”. أي: أسيرات، وهذا يدل على ضَعفها ومسكنتها.
4- أن يتزيَّن ويتجمل لها: فمن المعاشرة بالمعروف أن يتزين ويتجمل لها، كما يحب أن تتجمَّل هي له؛ ” قال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي : أتيتُ محمد بن الحنفية ، فَخَرَجَ إليّ في ملحفة حمراء ، ولحيته تَقْطُر من الغَالِيَة ، فقلت : ما هذا ؟! قال : إن هذه الملحفة ألْقَتْها عليّ امرأتي ، ودَهَنَتْنِي بالطيب ، وإنهن يَشْتَهين منّا ما نَشْتَهيه مِنْهُنّ “. ( تفسير القرطبي ).
قال ابن عباس: “إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة؛ لأن الله تعالى يقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، وما أحب أن أستنطف ـ أي: أستوفي ـ جميع حقي عليها؛ لأن الله تعالى يقول: {وللرجال عليهن درجة}. (مصنف ابن أبي شيبة).
أحبتي في الله: هذه مجموعة من الحقوق المتبادلة بين الزوجين؛ فإن قصر أحدهما في حقوق الآخر فإن ذلك يؤدي إلى تفكك الأسرة وانهدامها ؛ وأن كثرة حالات الطلاق في مجتمعنا إنما يرجع إلى التقصير في أحد هذه الحقوق أو مجموعها .
العنصر الثالث: وسائل حماية الأسرة والحفاظ عليها
أحبتي في الله: هناك كثير من الأسر – في وقعنا المعاصر – تشكو من القلق والضنك والتوتر وعدم الاستقرار ؛ لذلك أقف مع حضراتكم في هذا العنصر لنعرف وسائل حماية الأسرة المسلمة والحفاظ عليها؛ وهي لا تُذكر من باب التعداد فقط وإنما من أجل التطبيق العملي على أسرنا ومجتمعنا ؛ وهذه الوسائل تتمثل فيما يلي:-
أولاً: أن تكون العلاقات بين أفراد الأسرة قائمة على الحب
لأن صفات الحب والحنان والعطف والمودة والرحمة هي أساس وقوام الحياة الزوجية والهدف الأساس منها. قال تعالى:{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
وكان صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في تبادل الحب بينه وبين أزواجه؛ وعلى رأس القائمة أمنا خديجة التي ظل حبها في قلبه طوال حياته؛ فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:” مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا. قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا!” ( مسلم ). قال النووي في شرح مسلم:” فيه إشارة إلى أن حبها فضيلة حصلت .”؛ أما من الأحياء فكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة كثيرا؛ فعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ:” يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا.” ( الترمذي وحسنه).
لقد كان الحب في قلب النبي – صلى الله عليه وسلم – لزوجه الطاهرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شمساً ترسل أشعتها في حياة كل الأزواج، كي يستضيئوا بضيائها، ولنا في البيت النبوي الأسوة والقدوة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} (الأحزاب:21).
فحينما تقوم الأسرة على الحب والعطف والحنان والدفء ؛ فإن السعادة والفرحة تسيطر على جميع أفراد الأسرة رجالا ونساءً وأولاداً .
فالميثاق الغليظ يقتضي حسن المعاشرة بين الزوجين , وأن تقوم حياتهما على الصدق والوفاء لا على الخيانة والكذب , وعلى الحب والتفاهم لا على الأنانية والخداع . قال الشاعر :
رأيتُ رجالاً يضربون نساءهـم *** فشُلَّت يميـنـي يـوم تُضرب زينبُ
أأضربها من غير ذنب أتـت به *** فما العدلُ مني ضرب من ليس يذنبُ
فزينبُ شمسٌ والنساءُ كواكبٌ *** إذا طلعت لـم يبدِ منهـنَّ كوكبُ
أما إذا كانت الحياة الزوجية قائمة على البغض والكره فهي إلى هدم وزوال وانفصال .
ثانياً: التحمل والصبر والرضا: فالميثاق الغليظ يقتضي من الزوجين أن يتحمل كل منهما هفوات الآخر وأن يصبر عليه ويرضى بما قسم الله تعالى له ولا يكثر من التسخط والتشكي ؛ وليعلم كل من الزوجين أن طريق الحياة الزوجية وعر ومتاعب ومشاق؛ يحتاج منك إلى مجاهدة وصبر؛ كطريق الأنبياء؛ وقد تعب فيه من قبلنا من الأنبياء والصالحين؛ فالطريق ليس مفروشا بالورود؛ وما أجمل وصف ابن القيم لهذا الطريق حيث يقول: ” الطريق طريقٌ تعِب فيه آدم ، وناح لأجله نوح ، ورُمي في النار الخليل ، وأُضْجع للذبح إسماعيل ، وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين ، ونُشر بالمنشار زكريا ، وذُبح السيد الحصور يحيى ، وقاسى الضرَّ أيوب … وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم .” ( الفوائد )
فقد أمر الله تعالى الرجال بمقتضى مفهوم القوامة بالصبر على النساء , بل أمرهم بدرجة فوق درجة الصبر وهي درجة الاصطبار , فقال سبحانه : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}. (طه: 132).
” روي أن رجلاً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته؛ فوقف على باب عمر ينتظر خروجه؛ فسمع امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها؛ فانصرف الرجل راجعاً وقال : إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف حالي ؟! فخرج عمر فرآه مولياً عن بابه فناداه وقال: ما حاجتك يا رجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي؟! فقال: عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي ؛ إنها طبَّاخة لطعامي ؛ خبَّازة لخبزي ؛ غسَّالة لثيابي ؛ مُرْضِعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها؛ ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة” .( عشرة النساء: للنسائي).
فلو أن كل زوج وقف لزوجته على كل هفوة وصغيرة؛ وكل زوجة وقفت لزوجها على كل هفوة وصغيرة ما استمرت الحياة ؛ بل صارت إلى هدم وزوال ؛ وما صار أحد مع زوجته في المجتمع كله؛ فلابد لكل منهما أن يتحمل صاحبه؛ حتى تسير الحياة الزوجية .
ثالثاً: التعاون بين أفراد الأسرة
فيكون جميع أفراد الأسرة متعاونين متكاتفين متكافلين؛ كلٌ يعمل قدر استطاعته؛ ولا سيما إذا كان الزوجان يعملان في وظيفة أو مهنة؛ لأن الحياة تشارك وتعاون وتعاضد ؛ وقد كان صلى الله عليه وسلم خير مثال؛ فقد ضرب لنا أروع الأمثلة في العمل والبناء والتعمير ؛ فكان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويأكل مع الخادم، ويطحن مع زوجته إذا عييت ويعجن معها، وكان يقطع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، وشواهد ذلك في السنة والسيرة كثيرة!!
رابعا: تنشئة الأسرة على القيم والأخلاق والآداب
وهذه الصفة أهم صفات الأسرة المسلمة؛ فصلاح أولادنا أن نغرس فيهم منهج نبينا في جميع شئون الحياة، وذلك بتعليمهم آداب الصلاة والصوم والاستئذان، وآداب الطعام والشراب، واحترام الكبير وتوقيره وغير ذلك من الآداب التي حثتا عليها الشارع الحكيم.
وقد ضرب النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا المثل والقدوة في التربية، فعن ابن عباس قال كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا فقال:” يا غلامُ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ” ( أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح).
وعن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يَا غُلَامُ: سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ” فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ.” ( البخاري ).
أيها الآباء الفضلاء والأمهات الفضليات: عليكم أن تعلموا أولادكم الصدق في الأمور كلها؛ واحذروا أن تعلموا أولادكم الكذب من حيث لا تشعرون؛ فقد تعدونه بشيء ولا توفون به فتكونون كذابين في نظره؛ وهذا شائع وكثير في بيوتنا ومجتمعنا؛ لذا بين لنا النبي – صلى الله عليه و سلم- ذلك؛ فقد روى الصحابي الجليل عبد الله بن عامر قائلاً: دعتني أمي يومًا وأنا صغير، ورسول الله قاعد في بيتنا، فقالت لي: تعال أعطيك، فسألها الرسول الصادق المصدوق: ” ما أردت أن تعطيه؟” قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: ” أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتِبت عليك كذبة”.[أحمد وأبو داود بسند حسن].
وما أجمل هذه القصة الجميلة التي تبين لنا مدى الاهتمام بغرس القيم الخلقية للنشء عند سلفنا الصالح؛ يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله-: ” بَنَيْتُ أمري على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أُمِّي أربعين دينارًا، وعاهدتني على الصدق، ولمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم، وقال: ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا. فظنَّ أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال ما معك؟ فأخبرته، فأخذني إلى أميرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟ قلت: عاهدَتْني أُمِّي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها. فصاح باكيًا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله!! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله على يديك. فقال مَنْ معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعًا ببركة الصدق وسببه” . [نزهة المجالس ومنتخب النفائس للصفوري].
أيها المسلمون: إننا إذا بنينا الأسرة على هذا الأساس السليم القويم؛ وهذه الصفات النبيلة؛ شمخ البنيان، ونجحنا في تقويم الأولاد، فنحن نكون قد حصلنا على أسرة صالحة، ومن مجموع الأسر نحصل على مجتمع فاضل تسوده المحبة، ويسري فيه الصلاح، ويكثر بينهم التعاون والتناصح والتآلف والتكاتف.
أحبتي في الله: هذه مجموعة من الصفات والوسائل الواجب توافرها لحماية الأسرة المسلمة والحفاظ عليها، التي لو تحققت فيها لعم الاستقرار والسعادة والأمن والأمان والسلامة والاطمئنان .
العنصر الرابع: أثر الحفاظ على الأسرة في استقرار المجتمع
أحبتي في الله: عرفنا في عنصرنا السابق وسائل حماية الأسرة المسلمة الصالحة؛ وهذه الوسائل إذا توافرت في الأسرة المسلمة كانت صالحة مستقرة ؛ لأن الأسرة لبنة من لبنات المجتمع؛ فهي كالقلب إذا صلحت صلح المجتمع كله؛ وإذا فسدت فسد المجتمع كله!!
إما إذا هضمت الحقوق والواجبات؛ وقصرت الأم في الواجب التربوي نحو أولادها لانشغاله مع معارفها وصديقتها واستقبال ضيوفها وخروجها من بيتها، وإذا أهمل الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانصرافه وقت الفراغ إلى اللهو مع الأصحاب والخلان، فلاشك أن الأبناء سينشئون نشأة اليتامى ويعيشون عيشة المتشردين، ومآل الأسرة إلى زوال وضياع ؛ وصدق القائل:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من …… هـــم الحياة وخلفاه ذليلاً
إن الـيـتيم الـــــــــــذي تـلقــــــى لـــه………أمّاً تخلت أو أباً مشغولاً
عباد الله: عليكم إصلاح أولادكم؛ والقيام عليهم؛ والصبر والتصبر في تعليمهم وتعويدهم على الطاعة؛ واحفظوهم من الضياع مع الشباب الفاسد الطائش؛ واحفظوا أسركم وأزواجكم ؛ واعلموا أنكم مسئولون عن أسركم وأولادكم يوم القيامة؛ وبين ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:” كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” ( متفق عليه) وقال أيضاً : ” إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ ، أحفظَ أم ضيَّعَ ؟ حتى يُسألَ الرجلُ عن أهلِ بيتِه “( ابن حبان بسند حسن)؛ يقول الإمام الغزالي رحمه الله في رسالته أنجع الرسائل: «الصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعلمه؛ نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه، وكل معلم له ومؤدِّب، وإن عوِّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم؛ شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه والوالي له». فأولادكم أمانة في أيديكم وستسألون عنهم فماذا أنتم قائلون؟!!!
الله أسأل أن يحفظ أولادنا وبناتنا وأهلنا وأسرنا ومجتمعنا من كل مكروه وسوء!!
الدعاء،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف