أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز “فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام”

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 2 ربيع الأول 1443هـ ، الموافق 8 أكتوبر 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 أكتوبر 2021م بصيغة word بعنوان : فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 أكتوبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 أكتوبر 2021م بعنوان : فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام.

 

أولاً: الشهادةُ في سبيل الله اصطفاءٌ واجتباءٌ.   

 ثانيـــًـا : منزلةُ الشهيدِ عند  الله.

ثالثـــًـا : صورٌ من الشهادةِ في سبيل الله.

رابعًا: فلسفةُ الحربِ في الإسلامِ شهادةٌ

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 أكتوبر 2021م  بعنوان : فضل الشهادة ومنزلة الشهيد وفلسفة الحرب في الإسلام : كما يلي:

الحمدُ للهِ القائلِ في مُحكمِ التنزيلِ﴿  مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾( الأحزاب:23) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كما في حديثِ عبدِاللهِ بن عباسٍ رضى الله عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي وحسنه ,فاللهم صل وسلم وزد وبارك على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِه الأخيارِ الأطهارِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلي يوم الدينِ .

   أما بعدُ …..فأوصيكُم ونفسي أيها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102)

  عبادَ اللهِ  :(( فضلُ الشهادة ِومنزلةُ الشهيدِ وفلسفةُ الحربِ في الإسلامِ    )) هو عنوانُ وزارتِنا وعنوانُ خطبتِنا

عناصرُ اللقاء:    

أولاً: الشهادةُ في سبيل الله اصطفاءٌ واجتباءٌ.   

 ثانيـــًـا : منزلةُ الشهيدِ عند  الله.

ثالثـــًـا : صورٌ من الشهادةِ في سبيل الله.

رابعًا: فلسفةُ الحربِ في الإسلامِ شهادةٌ

أيها السادةُ : ما أحوجَنا  في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنا عن الشهادةِ في سبيل الله وخاصةً ومصرُنَا الغاليةُ المحروسةُ بعنايةِ الله تحتفلُ في هذه الأيامِ بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة التي سطرَ فيها شهداؤُنا الأبطالُ التاريخَ بدمائِهم الذكيةِ العطرةِ , ففي السادسِ من أكتوبر سنة 1973م كانت معركةُ العبورِ حيثُ عبرتْ قواتُنا المسلحةُ خطَّ بارليفٍ ودمرتْ نقاطَ الدفاعِ الإسرائيليةِ وألحقتْ الهزيمةَ بالقواتِ الصهيونيةِ, وانتصرَ جنودُ الحقِّ على المحتلين الإسرائيليين، وارتفعتْ راياتُ الحقِّ عاليةً خفاقةً وسجلَ التاريخُ هذه البطولاتِ والتضحياتِ لقواتِنا المسلحةِ فضربوا بدمائِهم أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ والفداءِ لدينِهم ووطنِهم .

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفا ويرعاها                                                            ندعوك يارب أن تحمىَ مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا

أولًا: الشهادةُ في سبيل اللهِ اصطفاءٌ واجتباءٌ.

أيها السادةُ : الشهادةُ في سبيل الله اصطفاءُ من الله جل جلاله وتقدستْ أسماؤه واجتباءٌ ليستْ لجميع البشرِ, فالشهادةُ منحةٌ ربانيةٌ وغنيمةٌ إلهيةٌ يختصُ اللهُ بها مَن يشاءُ مِن عبادهِ  قال جل وعلا ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾(آل عمران: 140) وكيف لا ؟ والشهداءُ في المرتبةِ الثالثةِ بعد النبيين والصديقين كما قال ربُّنا: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ  وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا} (النساء:69(

والشهادةُ في سبيل اللهِ  تجارةٌ رابحةٌ لن تبورَ ، ولمَ لا ؟! وقد علقَ اللهُ عليها مغفرةً الذنوبِ ، والنصرَ في الدنيا والنجاةَ من النار والفوزَ بالجنة في الآخرة  قال جل وعلا:{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ } [سورة  التوبة: 111] لما سمعَ أعرابيٌّ هذه الآيةَ ، قال: كلامُ مَن هذا؟  فقالوا: كلامُ اللهِ فقال: على مَن نزلَ؟  فقالوا: على محمدٍ بن عبدِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم

 فقال الأعرابيُّ: اذهبوا بي إليه، فذهبوا به إلى المختارِ  صلى اللهُ عليه وسلم فقال :يا رسولَ اللهِ إنْ بعتُ نفسي ومالي أدخلُ الجنةَ ؟فقال النبيُّ  صلى اللهُ عليه وسلم: نعم، إنْ قُتلتَ في سبيل الله وأنت صابرٌ، محتسبٌ مقبلٌ غير مدبرٍ فنادَي منادِيَ الجهادِ أنْ يا خيلَ اللهِ اركبي ،فالتحقَ بجيشِ المسلمين، وجاهدَ في سبيل اللهِ ،وانتصرَ الجيشُ، وجاء دورُ الغنائمِ ،انتبهوا يا مسلمون فلما أوتِي له بنصيبِه مِن الغنائِم قال: ما هذا ؟ قالوا: نصيبَك، فقال الرجلُ: ومَن الذي أرسلكُم به؟ فقالوا: رسولُ اللهِ  صلى اللهُ عليه وسلم ،فقال : اذهبوا بي إليه، فلما مَثُلَ بين يدي النبيِّ المختارِ  صلى اللهُ عليه وسلم وضعَ نصيبَه أمامَه، وقال: يا رسولَ اللهِ ما على هذا اتبعتٌك ؟ فقال له النبيُّ المختارُ صلى اللهُ عليه وسلم  علام اتبعتنِي ؟ فقال الرجلُ :على أن أُرْمَي بسهمٍ هاهنا فيخرجُ من هاهنا فأقتلُ في سبيل الله .فقال النبي المختارُ صلى الله عليه وسلم:  ( إن صدقتَ اللهَ صدقَك )فنادي منادِ الجهادِ أن يا خيلَ الله اركبي فنزلَ الرجلُ المعركةَ،  فضُربَ بسهمٍ في المكان الذي أشارَ إليه بيدهِ للمصطفي  صلى اللهُ عليه وسلم فسألَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم  عنه فقال أهو هو ؟ فقالوا نعم فقال النبي المختارُ  صلى الله عليه وسلم اللهم أني أشهدُكَ أنه مات شهيدا وحملَهُ النبيُّ صلى   الله عليه وسلم بين  يديهِ، ثم قال: “صَدَقَ اللهَ فَصَدَقَهُ” { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا } (سورة  الأحزاب: 23 )

والشهادةُ الحقيقيةُ  ما كانت خالصةً لوجه اللهِ الكريمِ كما في حديثِ أبي موسى الأشعري رضى اللهُ عنه قال: قالَ أَعْرَابِيٌّ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، ويُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَن في سَبيلِ اللَّهِ؟ فَقالَ: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا، فَهو في سَبيلِ الله صحيح البخاري.

لذا مَن سألَ اللهَ الشهادةَ بنيةٍ صافيةٍ كان مِن أهلِها وإن مات على فراشِهِ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديث سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم  « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ،وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ » صحيح مسلم

 والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌّ، وواجبٌ وطنيٌّ والموتُ في سبيلهِ عزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ وشهادةٌ.

ثانيـــًـا : منزلةُ الشهيدِ عند  اللهِ.

أيها السادةُ :للشهيدِ عند اللهِ منزلةٌ عظيمةٌ وله فضائلُ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِها منها على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:

الشهداءُ أحياءٌ عند خيرِ جوارٍ فأيُّ نعيمٍ بعد هذا النعيمِ ، أحياءٌ وليسوا أمواتًا قال ربُّنا:  ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ (البقرة: 154).بل الشهداءُ هم أصحابُ الأجورِ الوفيرةِ العظيمةِ، والنورِ التامِ يومَ القيامة قال جل وعلا:﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾(الحديد:19 ).لذا  تمنى نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أن يكون شهيدًا، وأن يُقتلَ في سبيلِ الله مراتٍ ومراتٍ: لفضلِ ولمكانةِ الشهيدِ عند اللهِ جل وعلا فعن أبي هريرةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه لذا كان الشهيدُ وحدهُ هو الذي يحبُّ أنْ يرجعَ إلى الدنيا, فيُقتلُ في سبيل الله مراتٍ ومرات. يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم :«ما أحَدٌ يدخلُ الجنَّةَ، يحبُّ أن يرجِعَ إلى الدُّنيا ولَهُ ما علَى الأرضِ مِن شيءٍ إلَّا الشَّهيدُ يتمنَّى أن يرجعَ إلى الدُّنيا فيُقتلَ عَشرَ مرَّاتٍ ، لما يَرى منَ الكَرامةِ» رواه البخاري..وفي سننِ الترمذيِّ بسند حسنٍ ( أنّ  جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي : « يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا. قَالَ: « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ  قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ. قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً.

وكيف لا ؟ وللشهيدِ في الجنة  مائةُ درجةٍ بين كلِّ درجةٍ كما بين السماءِ والأرضِ فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ في الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السماءِ والأرضِ))؛ رواه البخاري.

وعن سهلِ بن سعدٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وآله وسلم: ((رِباطُ يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها))، وعند مسلمٍ: ((لَغدوةٌ في سبيل اللهِ خيرٌ من الدنيا وما عليها))؛ رواه البخاري.

ومن فضائلِ الشهادةِ في سبيل الله : أنّ الشهيدَ يُغفرُ له ذنوبُه ورائحةُ دمهِ مسكٌ يومَ القيامةِ:

روى الترمذيٌّ بسندٍ صحيحٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ

ومن فضائلِ الشهادةِ أيها السادةُ : أنّ الشهيدَ لا يفتنُ في قبره  ِفعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم– أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيد قَالَ : كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً رواه النسائي.

ومن فضائلِ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ : أن الشهيدَ لا يشعرُ بالألمِ عند موتهِ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: « مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ رواه الترمذي .

والشهيدُ الحقُّ مَن مات في سبيلِ اللهِ دفاعَا عن وطنهِ ودفاعَا عن عرضهِ أو دفاعَا عن مالهِ فعن سعيدِ بن زيدٍ رضى الله عنه قال : قال  رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم (مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ)( رواه الترمذي وحسنه)

ثالثًا: صورٌ من الشهادة

أيها السادة : لقد ضربَ لنا الصحابةُ الأطهارُ الأخيارُ ـ رضوانُ اللهِ عليهم ـ أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ دفاعًا عن دينهٍم ونبيهِم ووطنهِم ؛ فهذا عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ رضى اللهٌ عنه في غزوةِ بدرٍ ، سمع  رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ” قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ” ، فيَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : بَخٍ بَخٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ؟ ، قَالَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، قَالَ : ” فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ” ، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ، ثُمَّ قَالَ : لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ ، قَالَ : فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ). رواه مسلم.

وهذا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ وَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: أَيْنَ؟! أَيْنَ؟! فَو َالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ قَالَ: فَحَمَلَ فَقَاتَلَ , فقُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَطَقْتُ ما أطاقَ فقالت أختُه: والله ما عرفتٌ أَخِي إِلَّا بِحُسْنِ بَنَانِهِ فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ وَرَمْيَةُ سَهْمٍ وَطَعْنَةُ رُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (الأحزاب:23) صحيح ابن حبان

بل انظروا يا شباب إلى أولادِ عمروِ بن الجَمُوح الأعرجِ الأربعة، يوم أحدٍ  يقولون لأبيهٍم يا أبانَا إنّ اللهَ قد عذرَك ونحن نكفيكَ , فيبكي الرجلُ  بكاءً شديدًا وذهبُ عمرو إلى رسول الله يا رسول الله  أبنائي يمنعونِي من الجهادِ فقال النبيُّ المختارُ صلى الله عليه وسلم يا عمروُ إنّ اللهَ قد عذرك ليس على  الأعرجِ حرجٌ فقال عمرو: يا رسولَ الله أريدُ أنَ أطأ الجنةَ بعرجتي فالتف  النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى  أولادِه  قائلاً لهم  دعوهُ لعلَّ اللهَ يرزقُه الشهادةَ وينطلقُ عمرُو في المعركة وسطً أولادهِ ليموتَ شهيدا ليدخلَ  وليطأَ الجنةَ بعرجتهِ . اللهُ أكبر !!!

في معركة السادسِ من أكتوبر والتي نحتفلُ بذكراها في هذه الأيامِ ضرب لنا أبطالُ قواتِنا المسلحةِ البواسلِ وأبطالُ الشرطةِ البواسلِ، أروعَ الأمثلةِ وأعظمَها في الحفاظ على الوطن والدفاعِ عنه والتضحيةِ من أجله والموتِ في سبيله  ، ولايزالون يقدمون أعظمَ وأروعَ الأمثلةِ في الحفاظِ عليه والدفاعِ عنه وحمايةِ أمنهِ واستقرارِه حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا وجيشًا وشرطةُ من كلِّ سوءٍ وشرٍ .

 

    أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ولا حمدَ إلا له وبسم اللِه ولا يستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  ……………………  وبعدُ

رابعًا: فلسفةُ الحربِ في الإسلام شهادةٌ

أيها السادة : دينُنا  دينُ سلامٍ، وليس دينَ استسلام، فهو يسلُكُ سبيلَه إلى السلام مِن مركزِ القوةِ، وبدونِ القوةِ يكونُ الطريقُ إلى السلام طريقًا إلى الاستسلام، الذي به تَضيعُ الحقوقُ وتُنتَهكُ الحُرُماتُ! فالإسلامُ دينُ السِّلم والسلام، والوِفاقِ والوِئامِ، والإخوةِ والمحبةِ واحترامِ الآخرين واحترامِ غير المسلمين, قال ربنا:( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (سورة الأنفال: 61) ونبيُّنا صلى اللهُ عليه وسلم نبيُّ السلامِ وجاء بالسلام للعالم كلِّه وحقق السلامَ في مدينته المنورةِ بمعاهدةِ سلامٍ مع اليهود .  فالإسلامُ جاء لتحقيقِ السلامِ فمَن بغى وظلمَ، وابتعدَ عن تحقيقِ العدل، فقد خالفَ كلمةَ اللهِ، وعلى المسلمين أنْ يُقاتِلوا لإعلاءِ كلمة اللهِ، حتى وإنْ اضطرَ الأمرُ لمقاتلة المسلمين الباغين للرجوعِ إلى أمر الله؛ فالعدلُ المُطلَقُ، ورَدُّ البَغْي بالعدوان هو كلمةُ اللهِ التي يجبُ أن تعلو في كلِّ مكان وزمان، ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ (الحجرات: 9)،وإذا كان الإسلامُ يدعو المسلمين إلى أنْ يُقاتِلوا المسلمين لردِّ البغيِ وتحقيقِ القسطِ

لذا كان إعدادُ العدةِ وتوفيرُ القوةِ ضرورةً من ضرورات تحقيقِ السلامِ:((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُم(( (سورة الأنفال: 60

) فالإسلامُ يا سادة لم ينتشرْ بالسيفِ كما يدعي أعداءُ الإسلامِ بل انتشرَ بالدعوةِ وحدَهَا، ولم يكن الفتحُ الإسلاميُّ لترهيبِ الناسِ على اعتناقِ الدينِ، بل كان للتحريرِ ومواجهةِ الذين يفرضون العقائدَ الباطلةَ على غيرهم، فكان الغرضُ من الفتحِ أن يكونَ الناسُ أحرارًا، يختارون ما شاءوا بقناعتِهم وحريتِهم.قال جل وعلا:( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (سورة الكهف:29 ) وقال ربنا: ((لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ  قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)) (البقرة: 256)

أنا مُسلمٌ والسِّلمُ فِي وِجْدَانِي *** سِلْمًا مِن الإرهابِ والعُدْوَانِ

رَبِّي السَّلامُ تقَدَّسَتْ أسمَاؤُهُ *** ذُو الفَضلِ والإكرامِ والإحسَانِ

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعباً من كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

عبادَ الله : أذكروا اللهَ يذكركُم واستغفروه يغفرْ لكم وأقم الصلاةَ

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

     د/ محمد حرز  

                                                           إمام بوزارة الأوقاف

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »