أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : حق الوطن والمشاركة في بنائه ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : حق الوطن والمشاركة في بنائه ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 10 صفر 1443هـ ، الموافق 17 سبتمبر 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 سبتمبر 2021م بصيغة word بعنوان : حق الوطن والمشاركة في بنائه، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 17 سبتمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : حق الوطن والمشاركة في بنائه، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 17 سبتمبر 2021م بعنوان : حق الوطن والمشاركة في بنائه.

 

أولًا: الوَطَنُ مَسْؤولـيَّةٌٌ ووَفَاءٌ.

ثانيــــًا : فما بالكم إذا كان الوطنُ هو مصرُ؟

ثالثــــًا: حقوقُ الوطنِ  بل إنْ شئت فقلْ كيف أشاركُ في بناءِ وطنيِ ؟

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 17 سبتمبر 2021م  بعنوان : حق الوطن والمشاركة في بنائه : كما يلي:

الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينا فِيهِ مَظَلَّةَ الاستِقْرَارِ والأَمَانِ، الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكم التنزيل﴿ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾ (يوسف: 99) وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّه من خلقِه وخليلُه ,القائلُ كما في حديثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وَأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ؛ كَمَا أَخْرَجُونَا مِنْ دِيَارِنَا» متفقٌ عليه ، فاللهم صل وسلم وزدْ وباركْ على النبي  المختارِ وعلى آلهِ وصحبِه الأطهارِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدينِ.

   أما بعدُ …..فأوصيكم ونفسي أيها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة  أل عمران :102)  عباد الله ِ :(( حقُ الوطنِ والمشاركةُ في بنائِه))  عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنا .

عناصرُ اللقاءِ :

أولًا: الوَطَنُ مَسْؤولـيَّةٌٌ ووَفَاءٌ.

ثانيــــًا : فما بالكم إذا كان الوطنُ هو مصرُ؟

ثالثــــًا: حقوقُ الوطنِ  بل إنْ شئت فقلْ كيف أشاركُ في بناءِ وطنيِ ؟

أيها السادةُ : ما أحوجنَا إلي أن يكونَ حديثُنا في هذه الدقائقِ المعدودة ِعن حقِّ الوطنِ والمشاركةِ في بنائِه وخاصةً ووطننُا في حاجةٍ إلى سواعدِ الجميعِ في البناءِ والاستقرارِ والتنميةِ والتقدمِ والرقيِ والازدهارِ كلٌّ في مجالِه وتخصصهِ , وخاصةً وأنَّ مصرنَا الغالية َمستهدفةٌ من الداخلِ والخارجِ ممن يريدون النيلَ منها ومن أمنِها واستقرارِها؛ لتعُمَّ الفوضى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .

أولًا: الوَطَنُ مَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ.              

أيها السادةُ: حقُ الوطنِ والدفاعِ عنه دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ , وكيف لا؟ وحبُّ الوطنِ من هدى النبيِ العدنانِ صلى اللهُ عليه وسلم والنبيين الأخيار , والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌ، وواجبٌ وطنيٌ, ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ ,والموتُ في سبيلِه عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةْ.

ولم لا؟ وأغلى ما يملكُ المرءُ بعدَ دينِه وطنِه ، وما من إنسانٍ إلا ويعتزُّ بوطنِه؛ لأنه نشأَ فيه وترعرعَ وتربى  وشبَّ على أرضهِ وعاشَ حياتَه وذكرياتهِ بحلوِهَا ومرِّها , وهو موطنُ آبائِه وأجدادِه، ومأوى أبنائِه وأحفادِه، وهو مسقطُ الرأسِ، ومستقرُ الحياةِ، ومن أجلِه نُضحي بكلِّ غالٍ ونفيسٍ، وسلوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقِه وحبِّه لوطنِه  وكيف أنَّ الوطنَ حياةٌ ما بعدها حياة, والمحافظةُ على الوطنِ من الكلياتِ الستِ التي أمرنَا الاسلامُ بالمحافظةِ عليها.

لذا وقف النبيُ صلى الله عليه وسلم يُخاطبُ مكةً المكرمةَ ـ زادَها اللهُ تكريمًا وتشريفًا إلى يومِ الدينِ ـ مودعًا إياها  وهي وطنُه الذي أُخرجَ منه، بكلماتٍ تُؤلمُ القلبَ وتُبكي العينَ بدل الدموعِ دمًا , بكلماتٍ كلّها حنينٌ ومحبةٌ وألمٌ وحسرةٌ على الفراقِ , بكلماتٍ كلها انتماءٌ وتضحيةٌ ووفاءٌ فقد روي عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- أنه قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لمكة: ما أطيبكِ من بلدٍ، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومي أخرجونِي منكِ ما سكنتُ غيركِ وفي رواية ((وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ-، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ))رواه الترمذي

وتعلنُ السماءُ حالةَ الطوارئِ  ليهبطَ أمينُ السماءِ جبريلُ عليه السلام بقرآنٍ يتلى إلى يومِ الدينِ ليجففَ للبني العدنانِ صلى الله عليه وسلم دموعَه, وليخففً عنه آلامَه فقال جلَّ وعلا :(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)) القصص: 85)،  أي وبحقِّ القرآنِ ليأتي اليومُ ويردُك اللهُ إلى وطنِك و إلى مكةَ التي أخرجوكَ منها فاتحًا منتصرًا .

وَيَتَجلَّى هَذَا الحُبُّ مِنْهُ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ إِلى وَرَقةَ بنِ نَوفل ابنِ عَمِّ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وَلَمْ يَلْتَفِت -صلى الله عليه وسلم- كَثِيرًا إِلى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِمَا سَيَتَعرَّضُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ مِنْ مِحَنٍ وَمصَاعِبَ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ وَرَقَةُ: ((وَلَيتَنِي أَكُونُ مَعَكَ إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ)) عِنْدَها قَالَ -صلى الله عليه وسلم- : ((أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟!))، لِمَا لِلوَطَنِ مِنْ مَكَانَةٍ فِي نَفْسِهِ, وعندما هاجرَ إلى المدينةِ التي أنارتْ واستضأتْ بقدومِه صلى الله عليه وسلم كان يدعو اللهَ أن يرزقَه حبَّها، كما في الصحيحين ((اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ))فحبُّ الوطنِ من الإيمانِ والدفاعُ عن الوطنِ شرفٌ وعزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشهادةٌ في سبيلِ اللهِ , لذا قرنَ اللهُ جل وعلا في قرآنِه بين خروجِ الجسدِ من الوطنِ بخروجِ الروحِ من الجسدِ، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً ) (النساء:66)؛ ولما كان الخروجُ من الوطنِ أمرًا  صعبًا وشاقًا على النفسِ  فضلَ اللهُ المهاجرين  على الأنصارِ بأنهم ضحوا بأوطانِهم في سبيلِ اللهِ، ما يدلُ على أنَّ تركَ الوطنِ ليس بالأمرِ السهلِ على النفسِ، وقد مدحَهم اللهُ سبحانَهُ على ذلك فقال تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ) [الحشر: 8]. لذا جعلَ الشرعُ الحنيفُ الإبعادَ عن الوطنِ عقوبةً للمفسدين في الأرضِ، قال تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) المائدة: 33

فالدفاعُ عن الوطنِ أيها السادةُ  نعمةٌ وأمنٌ وأمانٌ واستقرارٌ وحياةٌ للناسِ ، والشهادةُ من أجلِه واجبةٌ والدفاعُ عن الوطنِ عن الأرضِ والعرضِ والمالِ والنفسِ  شهادةٌ بنصِّ السنةِ النبويةِ  فعن سعيدِ بن زيدٍ رضى الله عنه قال : قال  رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم (مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذي وحسنه)

                 وطنيِ لو شُغلتُ بالخلدِ عنه**** نازعتنِي إليه في الخلدِ نفسيِ

ثانيــــًا : فما بالكُم إذا كان الوطنُ هو مصرُ؟

أيها السادةُ: ما بالكم إذا كان الوطنُ هو مصرُ الغاليةُ صَخرةُ الإسلامِ العاتية.   التي ذَكَرهاَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في القرآنِ مِرارًا وتكرارًا قال ربُّنا:﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾)يوسف: 99) مصرُ التي قال عنها نبيُّنا العدنانُ صلى الله عليه وسلم:  إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا ؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا رواه مسلم.وعن أبي ذر عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ والحَاكِمُ. وعن كَعْبِ بنِ مَالِك يَرْفَعُهُ: «إِذَا فُتِحَت مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا». مصرُ التي طلبَ يوسفُ عليه السلام أن يكون على خزائِنها فهي  خزائنُ الأرضِ بشهادةِ العزيزِ الغفارِ   )قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)) يوسف:55.

مصرُ التي افتخَر فرعونُ بأنه يملكُها دون غيرِها، فقال كما حكى اللهُ -جل وعلا- عنه: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)؟! مصرُ قال  عنها سيدنُا عمرو بن العاص رضى الله عنه وأرضاه ولايةَ مصر جامعةً تعدلُ الخلافةَ ,يعني: ولاية كلِّ بلادِ الإسلامِ في كفةٍ، وولاية مصر في كفة.ٍ وقال الجاحظ: ُإنّ أهلَ مصرَ يستغنون بما فيها من خيراتٍ عن كلِّ بلدٍ، حتى لو ضُرِبَ بينها وبين بلادِ الدنيا بسورٍ ما ضرَّها. اللهُ أكبر

فمصرُ هي أمُّ البلادِ، وهي موطنُ المجاهدين والعُبادِ، قهرتْ قاهرتُها الأممَ، ووصلتْ بركاتُها إلى العربِ والعجمِ , سكنَها الأنبياءُ والصحابةُ والعلماءُ .

مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها

ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا

مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ

ثالثــــًا: حقوقُ الوطنِ  بل إن شئتَ فقل كيف أشاركُ في بناءِ وطني ؟                                             أيها السادةُ: حبُّ الوطنِ ليس مجردَ كلماتٍ تُقالُ أو شعاراتٍ تُرفع، إنما هو سلوكٌ وتضحياتٌ وحقوقٌ تُؤدَى، الجنديٌّ بثباتِه وصبرِه وفدائِه وتضحيتِه، والشرطيُّ بسهرِه على أمنِ وطنِه، والفلاحُ والعاملُ والصانعُ بإتقانِ كلّ منهم لعملِه، والطبيبُ والمعلم ُوالمهندسُ بما يقدمُ كلُّ منهم في خدمةِ وطنِه، وهكذا في سائرِ الأعمالِ والمهنِ والصناعاتِ يجبُ على كُلٍّ منا

أن يقدمُ ما يثبتُ به أن حبَّه للوطنِ ولاءٌ وعطاءٌ  وانتماءٌ ليس مجردَ كلامٍ أو أماني أو أحلام.

ومن أعظمِ هذه الحقوق : المحافظةُ على أمنِه واستقرارِه  وعدمِ الاستماعِ إلى الدعواتِ المغرضةِ من هنا وهناك للنيلِ من دولتِنا واستقرارِها وأمنِها ,فالأمنُ في الأوطانِ مطلبٌ الكُلُّ يريدُه ويطلبُه، ومَن يسعى لزعزعةِ الأمنِ إنما يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأن تعمَّ الفوضَى والشرُ بين عبادِ اللهٍ، فزعزعة.ُ أمنِ الأمّةِ وترويعُ الآمنينَ جريمةٌ نكراءُ فيها إعانةُ لأعداءِ الإسلامِ على المسلمين، فالأمنُ والأمانُ من أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا؛  لقولِ النبيِ  صلى الله عليه وسلم كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله: ” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها ” رواه البخاري في الأدب المفرد والترمذي في السنن.

ومن حقِّ الوطنِ علينا أيها الأخيارُ: عدمِ  التعدي على الأموالِ والممتلكاتِ الخاصّةِ والعامّةِ وعدمِ تخريبِ وتدميرِ المنشآتِ العامةِ: فإن مَن يقومُ بذلك الاعتداءِ كان من المفسدين الهالكين؛ ياربِ سلم قال جل وعلا:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ المائدة: 33.  

ومن حقِّ الوطنِ علينا أيها الأخيارُ أنْ نعملَ على التنميةِ الشاملةِ في جميعِ نواحي الحياةِ فالمجتمعاتُ الناجحةُ  تقاسُ قوتُها بمدىَ تحقيقِ التنميةِ الشاملةِ فيها سواءٌ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والتعليميةِ والإيمانيةِ والروحيةِ  ، فالركودُ والتضخمُ والكسادُ  والبطالةُ والفقرُ والجهلُ والمعاصي  أمراضُ شيخوخةٍ تؤديِ إلى انتشارِ الفسادِ في أركانهِ, وانطفاءِ الأملِ بين شبابِه، ومن ثَمَّ تكثرُ الانحرافاتُ اليأسُ والانتحارُ والإحباطُ في المجتمعاتِ ، وهذا يتنافىَ مع ما جاءَ به الإسلامُ .

ومن حقوقِ الوطنِ المشاركةُ بإخلاصٍ في بنائِه وذلك بإتقانِ العملِ والحرصُ على جودةِ الإنتاجِ فهو سببٌ لتقدمِ الأممِ فكم من أممٍ تقدمتْ بسببِ اتقانِها للعملِ , وكم من أممٍ تأخرتْ بسببِ عدمِ اتقانِها للعملِ لذا قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كما في حديثِ عائشةَ أمِّ المؤمنين:(( إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ) رواه البيهقي.

ومن حقوقِ الوطنِ المساهمةُ في التفوقِ العلميِّ فالتفوقُ العلميُ سببٌ لتقدمِ الأممِ والشعوبِ فلا سعادةَ ولا فلاحَ ولا تقدمَ ولا رقيَ إلا بالعلمِ ,فبالعلمِ تُبنى الأمجادُ، وتُشَيَّدُ الحضاراتُ، وتَسُودُ الشعوبُ, وتقلُ الأمراضُ والأوبئةُ , فالعلمُ هوَ الركيزةُ العظمى لأيِّ نهضةٍ في ماضي التاريخِ وحاضرِه، وحيثُ كانت النهضةُ كانَ التعليمُ، وحيثُ كانَ التعليمُ كانت النهضةُ؛ فكم من أممٍ نهضتْ وتقدمتْ وتفوقتْ بسببِ تعليمِها  ,وكم من أممٍ تأخرتْ بسببِ جهلِها , وكم من أممٍ سادَ فيها الظلامُ والأمراضُ  والأوبئةُ بسبب جهلِها ولا حول ولا قوة إلا بالله  .

بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي ***يُمَجِّدُهَا  قَلْبِي  وَيَدْعُو  لَهَا  فَمِي

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم       

الخطبة الثانية الحمدُ لله ولا حمدَ إلا له وبسم اللهِ ولا يستعانُ إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعد           

أيها السادةٌ: ومن أُولَى الواجباتِ والحقوقِ في هذه الأيامِ: إدراكُ قيمة الوطنِ والشعور بمكانتِه، خاصةً في ظل الظروفِ والتحدياتِ التي تمرُّ بها منطقتُنا العربية، لذا يجبُ علينا نشرَ ثقافة الولاءِ والعطاءِ والفداءِ بين الشبابِ من خلالِ المناهجَ الدراسيةِ، والندواتِ والبرامجَ الإعلاميةِ، فالوطنُ هو السفينةُ التي يجبُ على الجميعِ الحفاظَ عليها حتى تنجو وننجوا معها.

فإذا هلكتْ السفينةُ هلك الجميعُ وإذا نجت السفينةُ نجا الجميعُ, فحُب الإنسانِ لوطنهِ، وحرصهِ على المحافظةِ عليه واغتنامِ خيراتِه، إنما هو تحقيقٌ لمعنى الاستخلافِ الذي قال فيه ربنا: ((هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ))هود:61.

بل ومن أعظمِ الحقوقِ الوفاءُ للوطنِ بكلِ ما تحملِه الكلمةُ من معنى(( هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان ((الرحمن:60, قال  الأصمعي: إذا أردتَ أن تعرفً وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدِه، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانِه، وتشوُّقِه إلى إخوانِه، وبكائِه على ما مضى من زمانِه . اللهَ اللهَ في حبِّ الأوطانِ.

ومن حقوقِ الوطنِ: الإسهامُ الفَعَّالُ والإيجابيُّ في كلِ ما من شأنهِ خدمة الوطنِ ورفعتهِ، سواءٌ كان ذلك الإسهامُ قوليًا أو عمليًا أو فكريًا، وفي أي مجالٍ أو ميدانٍ؛ لأن ذلك واجبُ الجميعٍ، وهو أمرٌ يعودُ عليهم بالنفعِ والفائدةِ على المستوى الفرديِ والاجتماعيٍ والتصدّيِ لكلِّ أمرٍ يترتبُ عليه الإخلالُ بأمنِ وسلامةِ الوطنِ، والعملُ على ردِّ ذلك بمختلفِ الوسائلِ والإمكاناتِ الممكنةِ والمُتاحةِ.

حبُّ الوطنِ يظهرُ في احترامِ أنظمتهِ وقوانينهِ، وفي التشبثِ بكل ما يؤدي إلى وحدتهِ وقوتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على منشآتهِ ومنجزاتهِ، وفي الاهتمامِ بنظافتهِ وجمالهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في دعمِ منتجاتهِ الصناعيةِ والزراعيةِ والتجاريةِ حبُّ الوطنِ يظهرُ في إخلاصِ العاملِ في مصنعهِ، والموظفِ في إدارتهِ، والمعلمِ في مدرستهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أموالهِ وثرواتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أمنهِ واستقرارهِ والدفاعِ عنه، حبُّ الوطنِ يظهرُ بنشرِ القيمِ والأخلاقِ الفاضلةِ ونشرِ روحِ التسامحِ والمحبةِ والأخوةِ بين الجميعِ، وأن نحققَ مبدأَ الأخوةِ الإيمانيةِ في نفوسِنا، وأن ننبذَ أسبابِ الفرقةِ والخلافِ والتمزقِ، وأن نقيمَ شرعَ اللهِ في واقعِ حياتِنا وسلوكِنا ومعاملاتِنا، ففيه الضمانُ لحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ طيبةٍ؛ وصدق النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ🙁 مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَكُونُوا لِوَطَنِكُمْ هَذَا خَيْرَ بُنَاةٍ، وَلِمُقَوِّمَاتِهِ وَأُسُسِهِ حُمَاةً، رَاعُوا نُظُمَهُ وَقِيَمَهُ، وَأَوْفُوا بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ. وقِفُوا صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ.

حفظَ اللهُ مصرَ من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

 

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »