مقالات وأراء

وزير الأوقاف يكتب .. حـالــــة حـــــرب

لا شك أننا في حالة حرب حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معان وفي اتجاهات ومجالات متعددة ، ما بين مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية التي حاول النظام الإخواني الاستقواء بها من خلال إفساح المجال أمامها في سيناء بشواهد لا تنكر ، وبتنسيق مع جماعتهم وعشيرتهم وأعضاء تنظيمهم الدولي من جماعة حماس التي تعد من أهم حلفائهم وأعوانهم بمناطقنا الحدودية ، إضافة إلى الحرب التي نخوضها مع دول التحالف العربي في عاصفة الحزم دفاعًا عن الشرعية في اليمن وعن أمننا القومي والعربي بباب المندب ،  ووقفًا لمحاولات النفوذ والتوغل الإيراني الصفوي الفارسي العنصري في المنطقة على حساب الأمن القومي العربي ، هذا إلى جانب ما يحيط بحدودنا الغربية من جماعات إرهابية تنتشر في ليبيا ، مما يلقي بأحمال ثقيلة على قواتنا المسلحة في تأمين حدودنا المترامية الأطراف وفي كل الاتجاهات ، وقواتنا المسلحة الباسلة بفضل الله (عز وجل) صامدة وستظل ، وستنتصر بإذن الله ، وسيندحر الإرهابيون ، وسيرد الله عز وجل كيدهم في نحورهم .

      ولا شك أيضا أن حالة الحرب هذه هي حالة خاصة ، فنحن نخوض حرب دفاع عن الذات ، عن الوجود ، عن الهوية ، عن الأمة العربية ، في مواجهة المد الصهيوني العنصري ، والإيراني الفارسي الصفوي ، ومحاولة بسط النفوذ التركي ، والأطماع الاستعمارية .

     وهي حرب بعض جوانبها معلنة وواضحة ، وبعضها يُدار في الخفاء ، فهي حرب مخابراتية أو استخباراتية ، وهي حرب إلكترونية وتكنولوجية وإعلامية ، وهي حرب إعلام وأعصاب واستقطاب فكري ، وهي حرب تمويلية تمويلاً قذراً يخدم أغراضًا خبيثة تهدف في جملتها إلى هدم الدولة الوطنية ليس في مصر وحدها ، إنما في المنطقة كلها ، بمحاولات مستميتة لإنهاء وجودها كدول قوية ذات أثر وسيادة من خلال العمل على تفتيتها وتحويلها إلى دويلات أو كيانات أو ميليشيات متخاصمة متنافرة متقاتلة متناحرة ، تُدْخلُ المنطقة كلها في فوضى لا نهاية لها .

      ولما كانت مصر هي القلب النابض والدرع الحصين لأمتها وميزان الاعتدال لمنطقتها فإن استهدافها أشد ، والحرب عليها أقسى وأعتى وأقذر ، من خلال تبني جماعات الإرهاب والتخريب والإنفاق عليها بسخاء وبلا حدود من دول عدوة وأخرى كان من المفترض أن تكون صديقة ، لكن نظرتها الضيقة العجلى الطامعة أو الراهبة أعمتها عما يجب أن يكون من مواقف محايدة على أقل تقدير ، إن لم تكن مواقف قومية تتسم بأصالة العروبة وأخلاق الإسلام التي ينبغي أن تربط بيننا .

      وللأسف الشديد وجد أعداؤنا في بعض بني جلدتنا من الجماعات المتطرفة والمتشددة والعميلة والخائنة ما يعينهم على تحقيق أهدافهم ، ولما رأوا أننا أوشكنا على النهوض من كبواتنا ، وبدأنا نضع أقدامنا على الطريق الصحيح بعد مؤتمرنا الاقتصادي الأخير بشرم الشيخ ، وبعد نجاح القمة العربية ،  وبعد أن بدأت مصر وبقوة تستعيد مكانتها الإقريقية والإقليمية والدولية جن جنونهم وهالهم مايحدث  ، ولم يقوو على استيعابه أو تحمله أو تقبله ، فنثروا كل ما في كنانتهم ، وعمدو ا إلى ضربنا بأكثر ما فيها من سهام ، لكنهم لم يقدروا مدى صلابة شعبنا وأمتنا وعزيمتنا وقوة وصلابة قواتنا المسلحة ، ولا بد يومًا أن تنفد سهامهم ،  وأن تتحطم على صخورنا الصلبة ، غير أن المواجهة لم تنته بعد , وما زلنا في مرحلة اختبارات الصلابة والصمود , ومن سيتحرك من منطلق الفعل ومن سيتحرك من منطلق رد الفعل .

      وأؤكد أن مرحلة رد الفعل تجعلنا فقط في حالة دفاع مستمر , غير أننا ينبغي أن نتحول من الدفاع ورد الفعل إلى الهجوم والفعل وبخاصة في مواجهة الإرهاب الأسود الغاشم , فخير وسيلة للدفاع الهجوم المدروس والمحسوب , ولابد من ضربات استباقية قوية للقوى والجماعات والكيانات الإرهابية الظلامية الغاشمة , وبخاصة تلك التي لازالت قابعة في بعض مفاصل الدولة وبعض جهاتها التنفيذية , ولابد من مراجعة سريعة وشاملة لمن في يدهم بعض مفاصل ومفاتيح الجوانب الاقتصادية أو الخدمية وبخاصة في مجال الكهرباء , ولابد من مراجعة القائمين على برامج الصيانة والتشغيل والتأمين وفحصهم فحصًا دقيقًا , وكذلك سائر المصالح المرتبطة بتقديم الخدمات للمواطنين , أو العاملين بالجهات التي تشكل العقل والفكر , ولابد لنا جميعًا من العمل على كشف العناصر التكفيرية والإرهابية والانتحارية ومحاصرتها والتضييق عليها ومتابعتها , وتتبع مسيرتها وتنقلاتها , وعدم منح هذه العناصر إجازات تمكنها من الهروب والتخفي والفساد والإفساد , كما يجب مراقبة حركة الأموال المحولة من الخارج لعناصر الجماعات الإرهابية وبخاصة الإخوانية والوقوف على مصادرها ومناسبتها لدخل المحوِّل والمحوَّل له ومراقبة طرق صرفها ، مع مراقبة طريقة إنفاق عناصر هذه الجماعات وما يطرأ على حياتهم من تغيرات لا تتناسب وطبيعة دخولهم ، ومراقبة الشركات والتكتلات الاقتصادية التي تملكها عناصر هذه الجماعات ، والعمل السريع والجاد والحاسم على رفع أيديهم عن الجمعيات الأهلية التي يتخذونها ستارًا لشراء النفوس والذمم ، وتوظيفها سياسيا وانتخابيا وخدميا لصالحهم وصالح أهليهم وأتباعهم وذويهم .

      ونؤمل أن يكون للإعلام الوطني الهادف النصيب الأوفى في التبصير بمخاطر تلك الجماعات الإرهابية وكشف مخططاتهم ، ومحاصرتها فكريًا وإعلاميًا ، وإبراز الجهود الوطنية التي تبذل في مواجهتها دعما للجهود الإصلاحية ومن يقومون بمواجهة صريحة لهذه القوى الظلامية ، وأن تتضافر جهودنا جميعا ونعمل سويا على استئصال هذه القوى والجماعات والكيانات الإرهابية من بيننا ، ومن منطقتنا ومن أمتنا ، ونريح العالم كله من شرها المستطير .

       كما ينبغي ألا يقتصر خطابنا على الذات ، إنما علينا  أن ننشط في حركة الترجمة ومحاولات الوصول إلى الآخر سواء أكان صديقًا أم عدوا ، للتأكيد على أن الإسلام لا علاقة له بالإرهاب ، وأننا ضحية لا جلاد ، وأننا مجني علينا لا جانٍ ، وأن الإرهاب لا دين له ، ولا وطن له ، وأنه يأكل من يدعمه أو يأويه أو يموله أو يغذيه ، وأن هؤلاء المرتزقة الذين جاءوا أخلاطا وأمشاجًا مختلفة غير مؤتلفة من دول شتى لينضموا إلى تلك التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الإرهابي داعش ، هم أناس لا يؤمنون بدين ولا وطنية ولا إنسانية ، وأنه عندما يضيق الخناق عليهم سيردون  إلى حيث أتوا ، وساعتها سيشكلون على دولهم وعلى العالم كله خطرًا لا حدود له ، مما يحتم على جميع عقلاء العالم اصطفافًا إنسانيا عاقلا وحكيما وحاسما يؤثر الأمن والسلام العالمي على الحسابات الخاصة الضيقة لبعض القوى أو الأنظمة قبل فوات الأوان ، وقبل أن يندم الجميع حين لا ينفع الندم .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »