وزير الأوقاف يكتب .. الإخوان وانفصام الشخصية
في الوقت الذي ظل الإخوان يصدعون رءوسنا فيه بادعائهم الخوف على الدين تارة , وحرصهم على الوطن أخرى , وتصوير أمريكا على أنها الشيطان الأكبر , والغرب على أنه العدو الصليبي , متاجرين بذلك , محاولين إحداث أكبر شرخ في عقول الشباب تجاه تقارب الحضارات والعيش الإنساني المشترك , ذلك التعايش الذي نؤمن به ونسعى للتوافق في إطاره , إذ ما لا يمكن ولا يتصور ولا يقبل ولا يطلب , بل ليس من الإسلام ولا من الإنسانية ولا من أي دين ولا عرف أن يعمل دين أو طائفة أو مذهب معين على إبادة الآخرين أو تدميرهم أو التنكيل بهم .
ولقد فوجئنا بهذا الكم الهائل من القيادات الإخوانية التي استولت على أموال العامة والبسطاء والمتبرعين الذين خُدعوا بهم وبشعاراتهم , ليحصلوا من خلالها ومن خلال سفرياتهم المتكررة إلى أوروبا وأمريكا وإثبات ولادة أبنائهم بهذه البلدان على الجنسية الأمريكية أو الأوروبية للاحتماء بها عند اللزوم , فهم كما أكدت مرارًا لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية , وإلا فما السر وراء استماتتهم في الحصول على الجنسية الثانية لهم أو لأبنائهم , ولماذا كانت وما زالت هذه الدول تمنحهم وتمنح أبناءهم جنسيتها وهي تعلم من هم , لولا عمالتهم لهذه الدول واستخدامها لهم لتحقيق أغراضهم في المنطقة العربية واتخاذهم رأس حربة لتشويه صورتها من جهة والعمل على تفتيتها وتمزيق كيانها من جهة أخرى ؟! وأكتفي في ذلك بمشهدين :
- رسالة الخائن محمد سلطان التي أرسل بها إلى الرئيس أوباما , والتي جاء فيها وفق ما نقلته مواقع التواصل : ” اسمي محمد سلطان. أبلغ من العمر 26 عامًا. أنا مواطن أمريكي. نعم لدي أصول مصرية، ولكنني ترعرعت في كنساس وبوسطن وديترويت وكولبماس أوهايو، وكبرت في أمريكا أرض الأحرار والشجعان، أو على الأقل هذا ما تعلمته في الأمة التي أنتمي لها»..
ويتابع : «تخرجت من جامعة أوهايو، ومغرم بفريق بوسطن لكرة القدم ولدي إدمان غير صحي لبورتلاند .. أتذكر العمل لصالح حملة الرئيس باراك أوباما في مدينتي بالنسبة لي، فكرة أن الكل متساوٍ في أمريكا هو ما جعلني أؤمن بقوة بالنجوم والسطور (في علم أمريكا) , إنني أؤمن بنفس القيم والمبادئ التي بنى عليها الآباء المؤسسون ( في أمريكا ) هذه الأمة العظيمة .
فهذه هي وطنية الإخوان , وهذه هي أمريكا بالنسبة لهم وهم الذين صدعوا رءوسنا بإعلان عدائهم الواضح والصريح لها .
- هذا النداء الخبيث المعروف إخوانيًّا بنداء الكنانة الذي دعا فيه من يُسَمُّونَ أنفسهم علماء – وهم خونة عملاء – إلى التحريض ضد مصر وبخاصة ضد القضاة والإعلاميين ورجال الجيش والشرطة , بل لم يسلم من تهديدهم مفتي الديار المصرية , ويطالبون فيه باقتحام السجون وتهريب المساجين .
وقد أكدت في بيان عقب نشر هذا التحريض السافر على مصر وأمنها واستقرارها أن هؤلاء الموقعين على هذا البيان الإرهابي مجرمون في حق دينهم ووطنهم وأمتهم ، ويجب وضعهم جميعًا على قوائم ترقب الوصول هم ومن على شاكلتهم ؛ لأن العلماء لم يكونوا يومًا دعاة قتلٍ أو سفك دماء أو تخريب وتدمير .
وقد أكدت مرارًا أن الإخوان يحرفون الكلم عن مواضعه , ويلوون أعناق النصوص لخدمة أغراضهم الخبيثة , وأنهم يتخذون من الكذب وسيلة للوصول إلى أهدافهم , وصاروا يستحلون الكذب من باب أن الغاية تبرر الوسيلة في ميكافيلية غريبة , مما يتطلب منا جميعًا جهودًا غير عادية ومسابقة للزمن لكشف زيفهم وأباطيلهم وادعاءاتهم الكاذبة وقلبهم للحقائق وعمالتهم وخيانتهم : ” وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ” .
على أن البشرية الآن في حاجة إلى غير ذلك , إنها لفي حاجة ملحة إلى من يحنو عليها من جديد ، ومن يأخذ بيدها إلى طريق الهداية وإلى مكارم الأخلاق ، بالعمل لا بالقول وحده ، وبالحكمة والموعظة الحسنة , لا تحت تهديد السلاح ولا حد السيف ، استجابة لقوله تعالى : ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ” (النحل:125) , إنها تحتاج إلى البناء لا الهدم , والتعمير لا التخريب , والإصلاح لا الإفساد , ” وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ” ( يوسف : 21 ) .