وزير الأوقاف: القرآن الكريم أعلى شأن القيم الإنسانية ورسخ أسسها والعدل في الإسلام منهاج حياة
خلال حلقات برنامج: “في رحاب القرآن الكريم”
وزير الأوقاف:
القرآن الكريم أعلى شأن القيم الإنسانية ورسخ أسسها .
ويؤكد:
حرمة النفس ثابتة في جميع الشرائع والملل.
والعدل في الإسلام منهاج حياة .
في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره ، أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ”في رحاب القرآن الكريم” بعنوان : ” الوصايا العشر في سورة الأنعام ” يوم الخميس ٢١ رمضان ١٤٤١هـ ، الموافق ١٤ / ٥/ ٢٠٢٠ م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أن القرآن الكريم قد حوى قيمًا إسلامية وإنسانية مشتركة ، ومن هذه القيم العظيمة التي حواها: الوصايا العشر في سورة الأنعام ، حيث يقول تعالى : ” قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا” ، هذه هي الوصية الأولى (عدم الإشراك بالله تعالى) ، وهذا ثابت في جميع الأديان ، فأروني أي دين من الأديان السماوية ، أجاز الشرك بالله تعالى (والعياذ به) ، فالأصل في جميع الأديان توحيد الخالق ، وتأتي الوصية الثانية “وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ” ، حيث لا يوجد دين من الأديان السماوية أو حتى غير السماوية أجاز عقوق الوالدين ؛ ولذلك فإن من يعق والديه أو يسيء إليهما لم يخرج على مقتضى الإسلام وحده ، ولا على مقتضى الأديان فحسب ، وإنما انسلخ من آدميته وإنسانيته ؛ لأن بر الوالدين مبدأ ثابت وراسخ في جميع الأديان والملل .
كما بين معاليه الوصية الثالثة المتضمنة النهي عن قتل البنات ، رداً على ما كان يقوم به أهل الجاهلية من وأد بناتهن أحياء خشية الفقر ، أو العار ، حيث يقول تعالى :” وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْن نُرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ” ، مؤكدًا معاليه أن جميع الأديان تنبذ الفواحش جميعها ما ظهر منها وما بطن ، حيث يقول سبحانه :” وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ” وهذه هي الوصية الرابعة ، أما الوصية الخامسة فيقول سبحانه : ” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ” ، فحرمة النفس ثابتة في جميع الشرائع والملل ، وقد حرم الإسلام قتل النفس أي نفس، وكل نفس ، فيقول تعالى: ” أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا” ، فلم يشترط أن تكون نفسًا مؤمنة ، فكل الدماء معصومة ، وكل الأنفس حرام ، وكل الأعراض مصانة ، هذا هو ديننا ، حيث إنه لما مرَّت على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) جنازة هب واقفًا ، فقيل : يا رسول الله إنها جنازة يهودي ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :” أليست نفسًا ” ، كما أنه لا قتل على المعتقد قط في الإسلام ، ولما رأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) امرأة مسنة مقتولة في ساحة المعركة، قَال (صلى الله عليه وسلم ):” مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ!” ثم قال (صلى الله عليه وسلم) :” من قتلها؟ ” إنكارًا على القاتل ، ” ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”.
كما أبرز معاليه أن جميع الأديان اتفقت على حرمة مال اليتيم ، يقول تعالى :” وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ” ، بل إن الإسلام شدد النكير أيما تشديد على من يأكل مال اليتيم ، فقال سبحانه : “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا” ، فاليتيم يحتاج إلى من يشفق عليه ويحنو ، لا إلى من يأكل أمواله ، وكما تدين تدان ، إذا أردت أن تؤمن أبناءك من بعدك فعليك بتقوى الله تعالى ، حيث يقول سبحانه يقول : “وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا” ، “وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ “، عليك أن تُنَمِّيه له ، وأن تحفظه له لا أن تنال منه ، مؤكداً معاليه أن الوصية السابعة من القيم الإنسانية المشتركة بين الشرائع : العدل في الكيل والميزان ، يقول تعالى : “وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ”، أوفوا الحقوق ، يقول سبحانه : “وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ” ، اعدلو في كيلكم ، وميزانكم قبل أن توزن عليكم أعمالكم ، وقد أفرد القرآن الكريم سورة كاملة للحديث عن الكيل والميزان ، وتوعد من يجور فيهما بالويل، وهي سورة المطففين ، بل إن مدار دعوة سيدنا شعيب (عليه السلام) مع قومه دارت حول تصحيح أخطائهم في الكيل والميزان ، حيث يقول سبحانه : “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ، وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ” ، فتطفيف الكيل فساد وإفساد ، وأكلٌ لأموال الناس بالباطل ، إن أناسًا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ، سواء أكان تطفيفًا للكيل والميزان أم غشًا لخلق الله ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) :” مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا ” ، وفي رواية أخرى في صحيح مسلم : ” مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي “، فلا يجوز للمسلم أن يكون غشاشًا أصلاً ، ونحن في هذا الشهر الكريم نتحرى الحلال ، فلا يليق بصائم أن يصوم نهاره عن الحلال ثم يفطر على الحرام ، فرب صائم ( والعياذ بالله ) ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب .
كما أوضح معاليه أن العدل في القول ، والعدل في الفعل ، والعدل في القسمة ، والعدل بين الأبناء ، والعدل بين المرءوسين من القيم الإنسانية المشتركة ، ومن الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام ، يقول سبحانه ” وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى” ، نريد أن يصبح العدل بيننا منهج حياة ، في أقوالنا ، وأفعالنا ، مبينًا معاليه أنه من أصعب أنواع الظلم شهادة الزور ، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا ” ، قلنا : بلى يا رسول الله ، قال (صلى الله عليه وسلم) :” الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين” ، وكان متكئًا فجلس، غير رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضع الجسد لإثارة الانتباه ، وبيان أن هناك أمرًا جللًا يريد (صلى الله عليه وسلم) أن ينبههم إليه ، ويحذرهم منه فقال (صلى الله عليه وسلم ): ” ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور” ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) :” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ” ، ليؤكد لنا أن من يشهد الزور ، أو يقول الزور لا ينتفع لا بصلاة ولا بصيام ، ولا بزكاة ولا بعبادة ، ” وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” فطريق الحق بيِّن ، وسُبُل الشيطان متعددة ، الحلال بين والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات ، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى ويحوم حول الحمى يوشك أن يقع فيه.