وزير الأوقاف : الإسلام دين السلام. ومن حسن الخاتمة تثبيت الله لعباده المؤمنين بالقول الثابت في الدنيا والآخرة
خلال حلقات برنامج : ” في رحاب القرآن الكريم “
وزير الأوقاف :
الإسلام دين السلام.
ومن حسن الخاتمة تثبيت الله لعباده المؤمنين بالقول الثابت في الدنيا والآخرة .
في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح ، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره ، أكد معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف – خلال برنامج : ” في رحاب القرآن الكريم ” بعنوان : ” كتاب الجمال والكمال (٤) ” يوم الاثنين ٤ رمضان ١٤٤١هـ ، الموافق ٢٧ / ٤/ ٢٠٢٠ م والذي يذاع على القناة الفضائية المصرية ، وقناة النيل الثقافية ، وقناة نايل لايف – أن القرآن الكريم هو كتاب الكمال والجمال في كل شيء ، فكما تحدث عن ” العطاء الجميل ” ، و ” الدفع الجميل ” ، و ” القول الجميل ” ، تحدث أيضا عن ” التحية الجميلة ” ، فقال تعالى : ” وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا “، والتحية الجميلة هي القول الجميل ، هي تحية الإسلام ، هي السلام ، فالإسلام دين السلام ، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام ، وتحيتنا السلام ، وتحية أهل الجنة السلام ، قال تعالى : ” تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ” ، وقال سبحانه : ” وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ” فهذه هي تحية الإسلام ، ويجب أن نرد بمثلها أو بأحسن منها ، ولا نكون ممن يبتغون الدنيا بعمل الآخرة ؛ فيفرقون في رد السلام بين أناس وآخرين ، تحكمهم المصالح الدنيوية في هذا.
يقول القائل :
يُحيّا بالسلام غني قوم
ويُبخل بالسلام على الفقير
أليس الموت بينهما سواء
إذا ماتوا فصاروا في القبور
كما بين معاليه أنه ينبغي رد السلام بالتي هي أحسن ، بل لو قصد من خلال السلام جبر خاطر الفقير أو المسكين كان الثواب أعلى وأعظم ، وقد قالوا : ” البر شيء هين ، وجه طلق و قول لين “، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) : ” لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوف شَيْئًا، وَلَو أنْ تَلقَى أخَاكَ بوجهٍ طليقٍ”
يقول القائل :
وإذا طلبت إلى كريم حاجة
فَلِقَاؤُه يَكْفِيكَ وَالتَّسليمُ
كما بين معاليه أن القرآن الكريم كما تحدث عن ” التحية الجميلة” تحدث أيضًا عن “العيشة الجميلة الطيبة” عيشة أهل الجنة ، يقول تعالى : ” فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ، في جنة عالية قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ، كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ” ، والمعيشة أمر معنوي ، وتكون مرضية ، لكن القرآن الكريم عبر باسم الفاعل (رَّاضِيَةٍ ) في موضع اسم المفعول (مرضية) تأكيدًا على منتهى الرضا في هذه المعيشة ، حتى أن العيشة نفسها راضية عن أصحابها ، وكيف لا ! وهو في جنة عالية ، قطوفها دانية ، كما تحدث القرآن الكريم عما يوصل لهذه المعيشة الجميلة من خلال السعي الجميل ، فقال سبحانه : ” وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا”.
كما ذكر معاليه أن القرآن الكريم تكلم عن ” اللقاء الجميل ” عندما تتلقى ملائكة الرحمن عباد الله المخلصين ، حيث يقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ، لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ، لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ” ، كما تحدث القرآن الكريم عن ” الخاتمة الجميلة ” ، خاتمة أهل الاستقامة ، حيث يقول سبحانه : ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ” ، تتنزل عليهم لحظة الاحتضار ، مع أن نزول الملائكة (عليهم السلام) يكون للأنبياء والمرسلين (عليهم الصلاة والسلام) ، لكن هذه الآية الكريمة تحدثت عن نزول الملائكة على أهل الاستقامة ، تقول للعبد منهم : “لا تخف يا عبد الله ولا تحزن ، وأبشر بالجنة التي كنت توعد ، انظر إلى مقعدك في النار قد أبدلك الله به مقعدًا في الجنة ، لا تحزن على ما تركت من الأهل والأولاد فهم في كنف الله ورعايته وأمنه ، ولا تخف من الآتي فأنت في عفو الله وستره وعطائه وفيض كرمه ، وهو وليك في الدنيا والآخرة” ، فمم تخاف إذا كان الله هو وليك وولي أهلك في الدنيا والآخرة؟ ، يقول تعالى: ” نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ، نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيم ٍ”.
كما وضح معاليه أن من الختام الجميل تثبيت الله لعباده المؤمنين ، قال تعالى : ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ “، قال بعض أهل العلم : يثبتهم بالقول الثابت ، يثبتهم بالطمأنينة، وهذا حسن الخاتمة ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم ) : ” إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ” ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْم ِ: ما استعملهُ؟ قَالَ: ” يَهْدِيهِ اللَّهُ إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَى ذَلِكَ ” ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دائمًا ما يسأل ربه حسن الخاتمة ، فيقول ( صلى الله عليه وسلم ) : ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك “، فتقول السيدة عائشة (رضي الله عنها ) : يا رسول الله إنك تدعو بهذا الدعاء ، قال : يا عائشة أو ما علمت أن القلوب – أو قال قلب بني آدم – بين إصبعي الله ، إذا شاء أن يقلبه إلي هدى قلبه ، وإذا شاء أن يقلبه إلى ضلالة قلبه ” ، وقالوا : من قبض على شيء بعث عليه ، لا سيما الشهداء ، حيث يقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) : ” والذي نفسي بيده لا يُكْلَم أحد في سبيلِ اللهِ واللهُ أعلمُ بمن يُكْلَمُ في سبيلِه إلا جاء يومَ القيامةِ وجُرْحُه يَثْعَبُ دمًا, اللونُ لونُ الدمِ والريحُ ريحُ المسكِ ” ، وما أحسنها وأجملها من خاتمة!.