من حديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر: أهل الكبر هم رموز الشَّر في هذا الكون
يتحدث فضيلة الإمام الأكبر أ .د / أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في برنامجه اليومي، الذي يذاع طوال شهر رمضان المبارك، على الفضائية المصرية في الساعة 18:30 قبيل الإفطار ـ عن رذيلة الكبر، وذم المتكبرين.
وفي بداية اللقاء أوضح فضيلته: أن الكبر هو احتقار الناس والاستهانة بهم ورفض الحق والترفع عن قبوله، كما أخبرنا بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديثه الشريف:” “… الكِبْر: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ” “بطر الحق: أي رفضه وعدم قبوله، و”غمطُ النَّاس” احتقارهم، والاستهانة بهم، وهو رذيلة من الرذائل، بل من أكبر الرذائل الأخلاقية، التي يتولد عنها رذائل أخرى؛ كالعُجب والحقد والحسد، وهو الرذيلة التي تقابل لفضيلة التواضع .
وتابع فضيلته: أن الكبر وما اشتق منه؛ مثل: استكبروا، واستكبرتم، يستكبر، ويستكبرون، والمتكبرين، قد ورد في معرض الذم والوعيد في خمسين موضعًا من القرآن الكريم على الأقل، وهذا دليل على خطورة هذا المرض الأخلاقي اللعين، الذي يهدم المجتمعات، إذ لا توجد مجتمعات قامت على المتكبرين أبدًا، وهو من الكبائر، وأسوأ أنواعه وأكثرها شرًّا “كِبرُ العُلَمَاء” كما نراه من بعض العلماء الذين يتيهون بعلمهم، ويعتقدون في أنفسهم الأمانة في العلم، وتجدهم يفخرون بعلمهم، يطلبون به الظهور، ويتعالون به على الناس، مع أنهم أولى الناس بالتواضع وأولاهم بالأخلاق الحَسنة؛ لأنه يُدَرِّسُون علوم القرآن والسنة، وبركة العلم أن تعمل بما تعلم ولو كان قليلًا، وتكبرهم يكون وبالاً عليهم يخسرهم الآخرة، وإن ربحوا الدنيا وما فيها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللهُ بِعِلْمُهُ “ ، وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ، فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَفْزَعُ لَهُ أَهْلُ النَّارِ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا فُلَانُ، مَا لَقِيتَ؟ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: بَلَى، كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَا أَنْتَهِي “.
وأضاف فضيلته: أن أهل الكبر هم رموز الشَّر في هذا الكون، فإبليس هو رائد المتكبرين وقائدهم إلى جهنم، حيث رفض الأمر الإلهي بالسجود لآدم – عليه السلام: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ)، و( قَالَ) متكبرا : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) {الإسراء 61}؛ أي أتريدني أن أسجد لشخص أنت خلقته من طين وأنا مخلوق من نار، فعظمتي تمنعني من ذلك، ولذلك كان كبره سبباً في طرده من الجنة، وكذلك فرعون استكبر أن يكون عبد الله، قال تعالى: «مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ {الدخان: 31}، ومن المستكبرين في عصرنا هذا، الملحدون الذي يأنفون من عبادة الله، ويعتقدون أن الإيمان بالله تعالى تأخر وظلام ورجعية، وأن هذه الاعتقادات لا تليق بعقولهم الحداثية الراقية المتطورة والمتحضرة، فإلحادهم نابع من “كبر ” في نفوسهم وفي عقولهم.