أخبار مهمةشهر رمضان المباركعاجلمقالات وأراء

مفاتيح الجنان بذكر صفات عبـــاد الرحـمن: عبــــاد الرحــمن ، للشيخ عمر مصطفي

مفاتيح الجنان بذكر صفات عبـــاد الرحـمن ، للشيخ عمر مصطفي

2 رمضان 1444 هـ 24 مارس 2023م

الدرس الثاني

عبــــاد الرحــمن

العناصر

أولاً: العبودية لله شرف ولغيره ذل وهوان

ثانياً: نسبة تشريف وتكريم

ثالثا:  معرفتهم بالرحمن

لتحميل الدرس بصيغة word 

لتحميل الدرس بصيغة word 

الموضوع

الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الهادي من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، فيه مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه ، اللهم صلي عليه وعلي آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين . أما بعد :

أولاً: العبودية لله شرف ولغيره ذل وهوان

عباد الله : تحدثنا في اللقاء السابق عن تلاوة القرآن بنوعيها (لفظية ، وحكمية ) وفي هذا اللقاء نبدأ مع صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله تعالي في سورة الفرقان نتلوها تلاوة لفظية فننال الأجر والجزاء الذي وعد الله به ثم نتلوها تلاوة حكمية فنطبق هذا الصفات فنكون من عباد الرحمن الذي مدحهم الله بهذه الصفات.

قال الله تعالي : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )(63)(الفرقان).

إن العبودية لله هي أسمي وأشرف المنازل التي يرقي إليها العبد ، وفَرْق بين العبودية لله والعبودية للبشر، فالعبودية لله عِزٌّ وشرف يأخذ بها العبدُ خَيْرَ سيده،

 وقال الشاعر:

وَمِمّا زَادَني شَرَفاً وَعِزّاً       …      وكِدْتُ بأخْمُصِي أَطَأَ الثُّريَّا

دُخُولِي تَحْتَ قولِكَ يَا عِبَادِي … وَأنْ صَيَّرت أحمدَ لِي نبيّاً

أما عبودية البشر للبشر فنقْصٌ ومذلَّة وهوان، حيث يأخذ السيد خَيْر عبده، ويحرمه ثمرة كَدِّه ، لذلك فالمتتبّع لآيات القرآن يجد أن العبودية لا تأتي إلا في المواقف العظيمة مثل قول الله تعالي :

{سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ. .} [الإسراء: 1] ، وقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ الله يَدْعُوهُ. .} [الجن: 19] .

ويكفيك عِزاً وكرامة أنك إذا أردتَ مقابلة سيدك أن يكون الأمر في يدك، فما عليكَ إلا أنْ تتوضأ وتنوي المقابلة قائلاً: الله أكبر، فتكون في معية الله عَزَّ وَجَلَّ في لقاء تحدد أنت مكانه ومُوعده ومُدّته، وتختار أنت موضوع المقابلة، وتظل في حضرة ربك إلى أن تنهي المقابلة متى أردتَ.

وما أحسنَ ما قال الشاعر:

حَسْبُ نَفْسِي عِزّاً بِأَنِّي عَبْدٌ     …     يَحْتَفِي بِي بِلاَ مَواعِيدَ رَبُّ

هُو في قُدْسِه الأعَزِّ ولكِنْ       …         أنَا أَلْقَى متَى وَأَيْنَ أُحِبُّ

ولله در القائل :

إن لله عبــــــــــاد فطنا                         طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا                        أنها ليـــــست لحي سـكنا

جعــلوها لجة واتخذوا                     صالح الأعمال فيها سفنا

فعباد الرحمن في عبادة دائمة لله تعالي حتي المباحات من طعام وشراب ونوم لهم فيه نية صالحة فيثابون عليه ، قال تعالي : (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )(163)(الأنعام). فيشابهون الملائكة (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)(الأنبياء).لذلك جاء وصف هؤلاء العباد لله في القرآن بعباد الرحمن وكذلك وصف الملائكة بنفس الوصف (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)(الزخرف).

ولله در من قال :

لله قوم أخلصوا في حبهم                    فأحبهم واختارهم خداما

قوم إذا جن الظلام عليهم                   قاموا هنالك سجدا وقياما

يتمتعون بذكره في ليلهم                 ونهارهم لا يبرحون صياما

خمص البطون عن الحرام تعففا   لا يعرفون سوي الحلال طعاما

ثانياً: نسبة تشريف وتكريم

عباد الرحمن هم العباد المنسوبون لله وحده، وقد رضي الله أن ينسبهم إلي ذاته المقدسة ، وفي هذا إشارة أنهم أهل للرحمة ، وأنهم في دائرة الرحمة وأن الرحمة تحيط بهم ، وهي نسبة تشريف وتكريم كما قال تعالي في شأن ناقة صالح عليه السلام : (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا )(13)(الشمس)، وكما نقول بيت الله الحرام .

فعبوديتهم خالصة لله لا لغيره كما أمرهم امتثلوا ولم يخالفوا أمره كغيرهم ممن ذكرهم الله ، قال تعالي : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)(يس).

وكما ذكر أَبِو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمِ، وَالقَطِيفَةِ، وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ»(صحيح البخاري).

ثالثا:  معرفتهم بالرحمن

قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} ؟ أَيْ: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ. وَكَانُوا يُنْكِرُونَ أَنْ يُسَمّى اللَّهُ بِاسْمِهِ الرَّحْمَنِ، كَمَا أَنْكَرُوا ذَلِكَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْكَاتِبِ: “اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ” فَقَالُوا: لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ وَلَا الرَّحِيمَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ؛ وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الْإِسْرَاءِ: 110] أَيْ: هُوَ اللَّهُ وَهُوَ الرَّحْمَنُ. وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} ؟ أَيْ: لَا نِعْرِفُهُ وَلَا نُقر بِهِ؟ {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا} أَيْ: لِمُجَرَّدِ قَوْلِكَ؟ {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} ، أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، ويُفْرِدُونه بِالْإِلَهِيَّةِ وَيَسْجُدُونَ لَهُ.(تفسير ابن كثير ).

يَا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ … حَتَّى عَصَى ربَّهُ في شهر شعبانِ

لَقَدْ أظَلَّكَ شهرُ الصَّومِ بَعْدَهُمَا         … فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْرَ عِصْيانِ

وَاتْل القُرآنَ وَسَبِّحْ فيهِ مجتَهِداً                    … فَإِنه شَهْرُ تسبِيحٍ وقُرْآنِ

كَمْ كنتَ تعرِف مَّمنْ صَام في سَلَفٍ … مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ وإخْوَانِ

أفْنَاهُمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْدهمو … حَيَّاً فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدانِي

اللَّهُمَّ ارزقْنا تِلاوةَ كتابِكَ حقَّ التِّلاوة، واجْعَلنا مِمَّنْ نال به الفلاحَ والسَّعادة. اللَّهُمَّ ارزُقْنا إقَامَةَ لَفْظهِ ومَعْنَاه، وحِفْظَ حدودِه ورِعايَة حُرمتِهِ ، اللَّهُمَّ ارزقْنا تلاوته على الوجهِ الَّذِي يرْضيك عنَّا. واهدِنا به سُبُلَ السلام. وأخْرِجنَا بِه من الظُّلُماتِ إلى النُّور. واجعلْه حُجَّةً لَنَا لا علينا يا ربَّ العالَمِين. اللَّهُمَّ ارْفَعْ لَنَا به الدَّرجات. وأنْقِذْنَا به من الدَّرَكات. وكفِّرْ عنَّا به السيئات. واغْفِر لَنَا وَلِوَالِديِنَا ولجميعِ المسلمينَ برحمتكَ يا أرْحَمَ الراحمين. وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »