رسائل وزير الأوقاف للراعي والرعية
الرسالة الأولى:
إنه ليسعدني أن أشيد بخطاب الأزهر الشريف الذي أرسله إلى السيد رئيس الجمهورية ، وجاء فيه : ” يَطِيبُ للأزهرِ الشريف في هذه اللحظاتِ التاريخيَّةِ التي وفَّقكم الله تعالى فيها لحملِ أمانة هذا الوطن أنْ يُعبِّرَ لسيادتِكم عن آمالِه وآمالِ الأُمَّة في أنْ يُوفِّقَكم الله سبحانه وتعالى لقيادةِ مصر كنانةِ اللهِ في أرضِه نحو العزَّةِ والحريَّةِ والكرامةِ والعدلِ الاجتماعي ، ويُعِينَكم على جمعِ شملِ الوطَنِ ووحدتِه ، وحشد طاقات المواطنين وإبداعاتهم الخلَّاقة ، حتى تَستَعِيدَ مصرُ مكانتَها العربيَّةَ والإسلاميَّةَ والعالميَّةَ ، وتظلَّ كما كانت دائمًا رمزَ القيادة والرِّيادة ومصدرًا للعَطاء الحضارى لكلِّ مَن حولها ..
وإن الأزهر الشريف لن يَدَّخِرَ جهدًا في ضَبْطِ الخِطاب الدِّيني والدَّعوي وضَبْطِ الفتوى ، وتأهيل رجالها وفقَ رسالةِ الأزهر ومنهجِه الوسطي ، كما يَثِقُ الأزهر في عَزمِكم الصادقِ أن تكونوا رئيسًا وراعيًا لكلِّ المصريين ، مُحقِّقًا لآمَالهم وتطلُّعاتهم ” .
وإنني بصفتي مواطنًا مصريًا ، لا بصفتي وزيرًا ، كنت أثناء تقديم السيد المستشار/ ماهر البحيري نائب رئيس المحكمة الدستورية لمراسم القسم أتأمل قسمات وجه السيد الرئيس الذي يدرك حجم المهام التي تنتظره ، والأمل الذي يعلقه الشعب المصري والأمة العربية عليه ، وحجم التحديات في الداخل والخارج ، مع رغبته القوية في أن تتبوأ مصر مكانتها التي تليق بها عربيًا ، وإفريقيًا ، ودوليًا ، فأدركت مدى إحساسه بعظم المسئولية ، فأقول لسيادته : يا سيادة الرئيس نعلم أنك تُحسن التوكل على الله ، فسر على بركة الله ، فلو خضت بهذا الشعب الأصيل البحر لخاضعه معك ، إيمانًا منه بحرصك عليه ، وحسن تدبيرك له .
ثم أقول لسيادته : لقد كشفت زيارتك لضحية التحرش عن جانب إنساني هام ، نسأل الله (عزّ وجلّ) أن يديمه عليك ، وأن يجعله دعمًا عمليًا لقضاء حوائج الضعفاء والمهمّشين ، وتحقيق العدالة الاجتماعية لهم .
الرسالة الثانية:
أقول لكل وطني شريف : لقد حانت ساعة الجد ، ساعة العمل ، ساعة العطاء ، لننهض معًا ، ونتقدم معًا ، ونجني الثمار معًا .
وأؤكد أنَّ الحضارات لا تُبنَى بمعزل عن العمل والأخلاق معًا ، وأن الحضارات التي قامت على الجانب المادي وحده حملت عوامل سقوط في أسس قيامها ، وحضارتنا تقتضي التكافل والتراحم من جهة ، والمروءة والنخوة والإباء من جهة أخرى ، وهذا يقتضي أن نقف وقفة رجل واحد في مواجهة من يخرج على قيمنا وأخلاقنا التي تربّينا عليها وألفناها وصارت جزءًا من كياننا ، فلا نسمح لمجرمٍ أو معتدٍ أو ضالٍ أو منحرفٍ أن يعتدي على عرض واحدة من نساء هذا الوطن دون أن نقف له بالمرصاد ، مع تأكيدنا أن من مات دفاعًا عن عرض نفسه أو عرض غيره فهو شهيد ، ومن وقف موقفًَا سلبيًا في مثل هذه المواطن فإن الخسّة تلاحقه في الدنيا ، كما تلاحقه لعنة الله ورسوله والمؤمنين في الدنيا والآخرة ، وإنّا لعلى أمل أن نعود إلى أصلنا القائم على النخوة والمروءة والشهامة ، فمعدن الشعب المصري الأصيل يظهر دائمًا عند الشدائد ، فهو كالذهب قد يصيبه بعض الغبار لكنه لا يصدأ وسرعان ما ينجلي غباره .
الرسالة الثالثة:
أقول لكل من يريدون توظيف المساجد سياسيًا لمصالح حزبية أو مكاسب انتخابية بصورة مباشرة أو غير مباشرة لا تزايدوا على وزارة الأوقاف ، أو تحاولوا النيل من مستوى علمائها وأئمتها المحترمين ، مؤكدًا أننا لن نصرّح بالخطابة لأي شخص يحاول النيل من أبناء الوزارة ، أو يُعرّض بهم من أجل تحقيق مصالحه الخاصة ، فالخطب تتعلق بالجوانب الوعظية التي تحث على التقوى ومراقبة الله ( عزّ وجلّ ) والخوف منه ، وعلى مكارم الأخلاق ، وما فيه صالح العباد والبلاد ، وكل أئمة الأوقاف قادرون على الوفاء بما تصحّ به الخطبة والصلاة ، وفي كل مسجدجامع على الأقل خطيب متميّز أو عالم أزهري لمن يريد أن يتعلم على يديه في الجمعة أو الدروس أو المحاضرات .
أما من يزعم نقص عدد الأئمة ممن يحاولون استغلال ذلك للسيطرة على المساجد لمصالحهم الخاصة فزعمهم غير صحيح بالأرقام ، فعدد الأئمة المعينين بالأوقاف نحو 58 ألف إمام ، وخطباء المكافأة نحو 38 ألف إمام ، بعد أن تم تسلم أكثر من 17 ألف خطيب مكافأة من خريجي الأزهر عملهم خلال الأسبوعين الأخيرين ، بما يعني أن عدد الأئمة والخطباء يصل إلى نحو 96 ألف إمام .
ومع إصرارنا على أن تكون الخطبة في المسجد الجامع فإن أعداد المساجد الجامعة لا يمكن أن تتجاوز 80 ألف مسجد أبدًا ، والقضية فقط قضية إعادة تنظيم وتوزيع الأئمة ، ونقل من كانوا يخطبون منهم في الزوايا إلى المساجد الجامعة .
وبحسبة رياضية محضة لو قلنا : إن متوسط أعداد المصلين في المسجد الجامع 500 فإن 80 ألف مسجد تتسع لـ 40 مليون مصلٍّ على أقل تقدير .