مقالات وأراء

خطورة حب الذات في وقت الأزمات ، للشيخ كمال المهدي

(( خطورة حب الذات في وقت الأزمات ))
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد:_
** يقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم قال ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى، وَالسَّهَرِ )
أيها الأحبة :_
ما أحوجنا إلى تطبيق هذا الحديث لا سيما في أيامنا تلك هذا الحديث الذي يدعوا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للتراحم والتعاون والتماسك ولكن مما يؤسف أننا نرى النقيض فبدلاًمن أن نتراحم ويأخذ بعضنا بيد بعض لنخرج من هذه المِحْنة نرى بعضا من الناس الذين يُطلَق عليهم (مُتكسبي الأزمات) يحاولون الإستفادة الشخصية على حساب ما تمر به البلاد وما يحتاج إليه الناس ويستغلون هذه الأزمات ويريدون أن يجنوا ويجمعوا الأموال على حساب أزمة الناس
فبمجرد أن يعلموا أن هناك صنفا وشيئا يحتاجه الناس من أدوية وكحول وكمامات وأسطوانات أكسجين وغير ذلك حتى سجادة الصلاة التي يطلق عليها (المصلاه) لما علموا أن الناس في حاجة إليها للذهاب بها للمسجد إذا بهم يرفعون سعرها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وبعد ذلك نرجوا أن يرحمنا الله وكيف يرحمنا ونحن لا يرحم بعضنا البعض فالراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء…
والتاريخ يبين دائماً، وفي مواقع عديدة، أن في وقت الأزمات، وبالأخص الإنسانية منها، هناك «متكسبون» يبحثون دائماً عن مصلحتهم وزيادة مكاسبهم، مستغلين الأوضاع الحرجة والظروف، وما يمر به الناس..
**وتعالوا بنا لنُلقي نظرةً سريعةً على حال سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين لنرى الفرق بين ما كانوا عليه وما صرنا إليه ونرى كيف كانوا يتعاملون في وقت الأزمان…
لقد كان الواحد منهم يحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين، وكانوا يتحلون بحسن النية، والرفق بالمسلمين، وتوفير الجيد لهم بالثمن المناسب لهم، كانوا لا يغشون ولا يستغلون ويرأف بعضهم ببعض…
** ولنا في سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الأسوة الحسنة في التعامل وقت الأزمات..
فقد ورد أنه قحط الناس في زمن أبي بكر، فقدمت لعثمان رضي الله عنه قافلة من ألف راحلة من البر والطعام، فغدا التجار عليه، فخرج إليهم، فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً، بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة، فقال لهم: ادخلوا، فدخلوا، فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثني عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة أربعة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: العشرة خمسة عشر، قال: قد زادوني، قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عشرة عندكم زيادة؟ قالوا: لا، قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.! هكذا كان عثمان رضي الله عنه وابن عوف، وغيرهم من أغنياء التجار، يجودون على فقراء المسلمين، ولا يستغلون مثل هذه الفرص لكي يرفعوا الأسعار، ويحتكروا الأطعمة ليبيعوا على الناس بالغلاء،
** وهذا محمد بن المنكدر رحمه الله: كان له سلع تباع بخمسة وأخرى بعشرة، فباع غلامه في غيبته سلعة من التي تباع بخمسة باعها بعشرة، فلما عرف لم يزل يطلب ذلك المشتري ويبحث عنه طول النهار حتى وجده فقال له: إن الغلام قد أخطأ فباعك ما يساوي خمسة بعشرة، فقال: يا هذا قد رضيت، قال: وإن رضيت فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن نرد إليك خمسة، وإما أن تأخذ بدلاً من سلعة الخمس سلعة العشر، فقال: أعطني خمسة، فرد عليه خمسة، وانصرف الأعرابي المشتري يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟ فقيل له: هذا محمد بن المنكدر، فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا.
** ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم التجار من كل ما يتنافى مع الدين من غش واستغلال واحتكار ومغالاة…
** فقد خرج صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال:( يا معشر التجار، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق) رواه الترمذي،
** وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على صُبرة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني) .
فمن أراد كمال الإيمان لابد أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه وألا يجعل حب الذات يسيطر عليه فيجعله يضر بالآخرين
فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) متفق عليه..
** وفي الختام أقول أن مثل هؤلاء
الذين لا يلتزمون الأمانة واستولى الجشع على قلوبهم وسيطر الطمع على نفوسهم ويعمدون إلى الغش والاحتكار ورفع أسعار المنتجات على الناس لزيادة أموالهم وأرباحهم
ويستغلون الظروف فيغالون على الناس إنهم يفعلون ذلك بسبب عدم قناعتهم بما معهم ونظرهم إلى من أغنى منهم يريدون أن لا يسبقهم أحد في الغنى والثراء
ولم يتخلقوا بخلق القناعة، وما علموا أن الغنى في الحقيقة غنى النفس، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا في أمور الدنيا أن ننظر إلى من هو دوننا وليس إلى من هو فوقنا، فقال: (انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله) رواه مسلم ،
وقال صلى الله عليه وسلم : (قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه) رواه مسلم ، إذن إذا نظرت إلى من هو دونك في المعيشة حمدت الله على النعمة، أما إذا كنت ترمق من هو فوقك دائماً لا تستريح.
وصدق القائل :_
هي القناعة فالزمها تكن ملكاً * لو لم تكن منك إلا راحة البدن…
وانظر إلى من ملك الدنيا بأجمعها * هل راح منها بغير القطن والكفن…
نسأل الله تعالى أن يرفع عنا البلاء والوباء، والغلاء وكيد الأعداء،
ونسأله جل وعلا أن يفتح لنا فتحاً مبيناً، وأن يعجل فرجنا وفرج المسلمين، وأن ينشر الأمن والإيمان، والبركة والخير، عليناوعلى إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .
وأن يجعل بلدنا هذا آمناً رخاء سخاء وسائر بلاد المسلمين، . اللهم آمين *
::::::::::: **:::::::::::::
كتبه:_ الشيخ/كمال السيد محمود محمد المهدي..
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »