خطبة الأسبوعخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقاف

خطبة جمعة بعنوان: “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ” ، للشيخ عبد الناصر بليح

خطبة جمعة بعنوان: “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ” ، للشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 17 من جمادي الآخرة 1440 هـ الموافق 22 فبراير 2019م، مع التعرف علي عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان.

 

لتحميل خطبة جمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ”

بصيغة word أضغط هنا

 

لتحميل خطبة الجمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ”

بصيغة pdf أضغط هنا

 

____________________________________________

 

خطبة الجمعة القادمة 22 2 2019: البر بالأوطان للدكتور خالد بدير

 

خطبة الجمعة القادمة 22 فبراير 2019 : البرُّ بالأوطَانِ مِن شمائلِ الإيمَانِ

 

تابعنا علي الفيس بوك

ولقراءة الخطبة و عناصر خطبة الجمعة جمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ” كما يلي:

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره،ونسأله التوفيق والسداد والعفاف والغني والهدي والتقي ..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛أنجز وعده،ونصرعبده، وهزم الأحزاب وحده”وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا”(الأحزاب/25).

وأشهد أن سيدنا  ونبينا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله؛القائل:”يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة و الكذب”( السيوطي).اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي ألك وصحبك والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد فياعباد الله .. 

يقول الله تعالي:”يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنفال: 27).

 إن الغدروالخيانة من أحط الصفات، وأسوأ الأخلاق، ولا تسود الخيانة في الناس إلا انتشر فيهم الخوف، فلا يأمن بعضهم بعضاً؛ولذا جاءت شريعة الله تعالى آمرة بالأمانة والوفاء، ناهية عن الغدر والخيانة..

عباد الله :” ولما كانت سنة الله تعالى في عباده أن يوجد فيهم الخونة الغدارون ولا سيما في العهود والمواثيق فإن الله عز وجل حذر المؤمنين منهم، وبين كيفية التعامل معهم”وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ”(الأنفال: 58).

 

من عناصر خطبة الجمعة جمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ”

أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة

أيها الناس :” إن أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة ونوازلَ شديدة ونكَبات متلاحقة، ساهم فيها بشدة تعرّض الأمة لخيانات متعدّدة، تارة من أعدائها، وتارات -وهو أنكى- من أبنائها.

 يُخادعني العدو فلا أبالي *** وأبكي حين يخدعني الصديق

والخيانة علي أنواع كثيرة منها خيانة العقيدة والشريعة والعرض والمال ومنها خيانة الأوطان :”

فالخيانة الوطنية هي من أكبر وأعظم الجرائم في العالم، والخائن لوطنه يلفظه وطنه، ويلعنه أهله، فلا أرض وطنه تقله، ولا سماؤه تظله. يكفي الخائن وطنه أنه اصطف إلى جانب أعداء بلده وأهل بلده، وهو يعرف أن فعله يهدد مصير بلده، ويزعزع أمن وطنه. ونهى المؤمنين عنه الخيانة فقال:”يا أيُّها الذين آمنوا لا تخونوا اللهَ والرسولَ وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون”(الأنفال/ 27).

كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخيانة ليست من أخلاق المسلم:” يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة و الكذب”( السيوطي).

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

عباد الله :” من هو خائن الوطن؟

قال أحد الحكماء :” خائن الوطن، ولسنا نعني به من يبيع بلاده بثمن بخس بل خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدمي العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، وفي أي لباس ظهر، وعلى أي وجه انقلب”

أيها الناس:”هل يوجد على وجه الأرض من هوأحقروأنذل من إنسان؛يأكل ويشرب معك؛وهو يضمرالشرلك ليل نهار.

سألوا (هتلر) قبل وفاته:”من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك..؟ قال:”أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي؛ هؤلاء الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم”!!!

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

من خيانة الأوطان

عباد الله :” إن استغلال المنصب للغلول والرشوة من الخيانةفحينما يستغلّ الرجل منصبه الذي عُيِّن فيه لجرّ منفعة إلى شخصه أو قرابته،فيضر بمصلحة المؤسسة التي يعمل بهافهوغال وخائن..

وقدحرم الإسلام الغلول لآثاره السلبيةالضارةالهدامة،فهووباءينخركيان المجتمع ويقوض قيمه الأخلاقيةويعيق برامج التنمية..

كما إن التشبّع من المال العام جريمة، قال رسول الله:”من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول”(أبو داود). ذكر صاحب الحلية:”أن عمر بعث إليه أميره في الشام زيتًا في قرب ليبيعه ويجعل المال في بيت مال المسلمين، فجعل عمر يفرغه للناس في آنيتهم، وكان كلما فرغت قِرْبة من قِرَب الزيت قلبها ثم عصرها وألقاها بجانبه، وكان بجواره ابن صغير له فكان الصغير كلما ألقى أبوه قربة من القِرب أخذها ثم قلبها فوق رأسه حتى يقطر منها قطرة أو قطرتان، ففعل ذلك بأربع قرب أو خمس فالتفت إليه عمر فجأة، فإذا شعر الصغير حسنٌ ووجهه حسن فقال: ادّهنت؟ قال: نعم، قال:

من أين؟ قال:”مما يبقى في هذه القرب، فقال عمر: إني أرى رأسك قد شبع من زيت المسلمين من غير عوَض، لا والله لا يحاسبني الله على ذلك. ثم جره بيده إلى الحلاق وحلق رأسه، خوفًا من قطرة وقطرتين.

#ومن الخيانة أن يُسنَد عمل إلى غير أهلِه، قال النبي:”من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين”(الحاكم وصححه). فلا يُسند منصب إلا لصاحبه الحقيق به، ولا تُملأ وظيفة إلا بالرجل الذي ترفعه كفايته إليها، فلا اعتبار للمجاملات والمحسوبيات، حتى الصحبة لا ينظر إليها، انظروا كيف راعى النبي ذلك.

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان، الوطن أمانة

فحين قال أبو ذر: “يا رسول الله، ألا تستعملني؟!” قال: فضرب يده على مَنْكِبي ثم قال:”يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدَّى الذي عليه فيها”(مسلم).لذلك قال أبو ذر لمعاوية بن أبي سفيان: حين رآه يبني قصراً باذجاً:”إذا كان هذا من مالك فهو الإسراف وإن كان من مال الأمة فهي الخيانة”.

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

وموالاة أعداء الله خيانة:

إخوة الإيمان : إن كل من يتعاطف مع أعداء الوطن سرًا أو علانية هو خائن خيانة عظمى، يجب أن يحاسب ويعاقب بأشد العقوبات. من يمد الأعداء بمعلومات، أو مال، أو يحرض ضد وطنه، أو يخلع بيعة الحاكم ويلتحق بعدو كإسرائيل وإيران، أو تركيا وقطر ويتعاطف وينضم لجماعات إرهابية حزبية وحركية مثل إخوان الشياطين، والقاعدة، والنصرة، و(دولة الخرافة الإسلامية)، وبوكو حرام وخلافها، هو خائن وطني بامتياز، وعدو صريح للوطن والمواطنين، وخصم خبيث للدولة والمجتمع، حتى لو تلبس بالدين، وتذرع بنواقض شرعية في زعمه. هؤلاء كلهم بما فيهم الجواسيس هم في سلة واحدة، وصف واحد، وفئة خائنة، لا مكان لها في البلد الذي تعيش وتعيث فيه فسادًا وإرهابًا.

 

عباد الله :”الوطن هو حبيب الإنسان، وابنه، وأبوه، وأمه؛ فمن يخون الوطن فقد خان كل هؤلاء..!! هذا الوطن الذي صورته منابر الصحوة غير المباركة،خوارج العصر على أنه وثن، وهذه هي نتيجة كارثية واحدة؛ من نتائج الخطاب الديني المضلل والمتطرف، الذي هو فاسد في نفسه، ومفسد لغيره.

#وخيانة الصديق أو الحبيب والقريب خيانة لفرد، أما خيانة الوطن فأثره على أمة بأكملها. ومن خان وطنه فقد عق أمّه، وخذل أمة. وصدق شاعرنا العربي الذي قال:

موطنُ الإِنسانِ أمٌ فإِذا***عقَّهُ الإِنسانُ يوماً عقَّ أمَّه

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان ، ماذا ينتظر الخونة

أيها الناس :” كم بصقة تنتظرها جباه الخونة لوطنهم وأهلهم، من قادة الخوارج ، وعملاء الموساد، ومن زعماء الإرهاب في داعش، والقاعدة، وجفش، وقادة التحريض ,وشيوخ التأليب باسم الجهاد الإسلامي المفترى عليه..؟!

ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخرًا لهُ***فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ

ومن لم يكن في قومهِ ناصحًا لهم*** فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ

ومن كانَ في أوطانهِ حاميًا لها***فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ

ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمًى***فذاك جبانٌ.. بل أَخَسُّ وأحقرُ

 

تابع خطبة الجمعة:

إخوة الإيمان :” إن خيانة الوطن جريمة لا تغتفر ومن يقدم عليها يستحق أقسى العقوبات، وخاصة من يضعون أياديهم في أيدي العابثين المفسدين ويعينونهم على العبث بمقدرات بلدهم وزعزعة استقرارها في سبيل أفكار متطرفة منفصلة تمس بأمن الوطن و غايتها زعزعة الحكم ومخالفة ولاة الأمر !!!فإن أعمال هؤلاء الخونة يجب أن لا تمر دون عقاب وان أيدي العدالة يجب أن تنالهم أينما ذهبوا ومهما استمروا في غيهم وظلالهم.. وأن مصير الخونة إلى زوال وثمن الخيانة كبير يجب أن يتحملها من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره للوطن والأمة.

 

أيها الناس :” تروي كتب السيرة أن حاطب بن أبي بلتعة عندما تجهز النبي لفتح مكة أرسل رسالة لقريش مع امرأة يُعِلمهم بسير النبي، وجاء الوحي إلى رسول الله يخبره بالخبر، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم:”يا علي”، قال: لبيك يا رسول الله، “يا زبير”، قال: لبيك يا رسول الله، “انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه”، وذهبا كالسهمين مسرعين، ووجدا تلك المرأة تُنيخ راحلتها، فاقترب الزبير وقال: “أي أختاه معك رسالة فأخرجيها”، قالت: “ما معي شيء”، قال عليّ: “يا امرأة، إنّ الذي أرسلنا ما كذب قطّ، وهو صادق فيما يقول، أخرجي الرسالة”، قالت: “ما معي شيء”.

قال: “والذي نفسي بيده، إما أن تخرجيها، وإما أن أجردك من ثيابك حتى أراها”، صاحت بكل صوتها وهي مشركة: “لا، إياك أن تجرّدني، فأنا عربية حرة لا أتجرّد من ثيابي”. يا الله، إن في شوارعنا من يتجرّد من ثيابه، لقد تجردوا وتزينوا وتسفهوا، وللخنا باعوا واشتروا، ثم يقولون: هم عرب. قال: “سنجردك من ثيابك”، قالت: “لا بل أخرج الرسالة”، قال: “أخرجيها”، قالت: “أديرا وجهيكما”، وكشفت وأخرجت الرسالة وسلّمتها، وعاد الشابان إلى الجيش، هنالك فتح الرسول الرسالة وقرأها عليّ:

من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، إن النبي قد جاءكم بجيش لا قبل لكم به فخذوا حذركم. عقدت محكمة ميدانية، جيء بحاطب،:”يا حاطب ما هذا؟”، بكى حاطب وأشهَد الله أنه لم يفعل ذلك خيانة، إنما له أهل ضعاف، أراد أن لا تقتلهم قريش إذا سمعوا أن الجيش قد جاء، فأرسل الرسالة ليحافظ على أهله.

فقال عمر: “يا رسول الله، هذا رجل كذاب، دعني أضرب عنقه”، قال: “إنه قد شهد بدرًا، وما يُدرِيك لعل الله أن يكون قد اطّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟!”، وفي رواية: “فقد وجبت لكم الجنة” (متفق عليه). ويُنادي حاطب وهو ينظر إلى المسلمين: “والله ما خنتُ الله ورسوله، والله ما نويتُ ذلك ولا خطر لي ذلك”.

أيها الناس :” ونحن الآن من أجل أرصدةٍ في بنوك اليهود من أجل جاهٍ نطلبه من الكافرين نخون أمة المسلمين بأجمعها. وأنزل الله تعالى براءة لحاطب فقال له: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ”(الممتحنة/1). يا حاطب، إن عدوك هو عدوي، وإن عدوي هو عدوك، أنت مؤمن يا حاطب. من هنا عاد حاطب إلى صفوف المؤمنين، وصار الصف بلا خيانة.

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

أسباب خيانة الأوطان:

أولاً: ضعف الانتماء:والانتماء الصادق للوطن من الفطرة ومن الدين، ومن ضعف انتماؤه اختلت فطرته، وضعف دينه. فالناس مجبولون على حب أوطانهم:

بلادي وإن جارت عليّ عزيزة *** وأهلي وإن ضنوا عليَّ كرام

وللحرية الحمراء باب *** بكل يدٍ مضرجة يدقُّ

وللأوطان في دم كل حر *** يد سلفت ودين مستحق.

هذا المفهوم صحيح يؤيده الدين، فعن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة:”ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ”( الترمذي).

قال الحافظ الذهبي معددًا بعض الأشياء التي يحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم : “وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحب سبطَيْه، ويحب الحلواء والعسل، ويحب جبل أُحُدٍ، ويحب وطن”.

وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ أُصَيْلٍ الْغِفَارِيّ وَيُقَالُ فِيهِ الْهُدَلِيّ أَنّهُ قَدِمَ مِنْ مَكّةَ، فَسَأَلْته عَائِشَةُ: كَيْفَ تَرَكْت مَكّةَ يَا أُصَيْلُ؟ فَقَالَ تَرَكْتهَا حِينَ ابْيَضّتْ أَبَاطِحُهَا، وَأَحْجَن ثُمَامُهَا، وَأَغْدَقَ إذْخِرَهَا، وَأَمْشَرَ سَلَمُهَا، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ:” لَا تُشَوّفْنَا يَا أُصَيْل” ، وَيُرْوَى أَنّهُ قَالَ لَهُ:”دَعْ الْقُلُوبَ تَقَرْ”حديث ضعيف.

وعن عائشةرضي الله عنها:أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول في الرقية:”باسم الله، تُرْبَةُ أَرْضِنا، ورِيقَةُ بَعْضِنا، يَشْفَى سقيمُنا بإذن ربنا”(البخاري ومسلم).

قال الجاحظ:”كانت العرب إذا غزَتْ، أو سافرتْ، حملتْ معها من تربة بلدها رملاً وعفرًا تستنشقه”.

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

أمثلة من الغدروخيانة الأوطان:”

إخوة الإسلام:” إن أمة بني إسرائيل هي أشهر الأمم في الخيانة والغدر؛ فلا يعاهدون عهدا إلا نقضوه، ولا يسالمهم قوم إلا غدروا بهم، ولا يحسن إليهم أحد إلا أساءوا إليه، ويرون ذلك حقا من حقوقهم، وفرضا من فروض دينهم :” الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ “(الأنفال/56).

وأكبر دليل على أن اليهود أغدر الناس وأخونهم: أن كل قبائلهم في المدينة نقضت عهودها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحق عليهم العذاب في الدنيا فمنهم من هجروا وأخرجوا من ديارهم، ومنهم من قتلوا وسبيت نساؤهم وذراريهم.

 

خيانة الأوطان خيانة للإسلام

وفي آخر ذي القعدة من السنة الخامسة من الهجرة نقضت بنو قريظة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمكن الله تعالى المؤمنين منهم، فقضوا فيهم بحكم الله تعالى الذي أنزله.

فخبر نقض قريظة للعهد، وعظم بلاء المؤمنين، واشتدت محنتهم، وأصبحوا يواجهون عدوا شرساً يحاصر المدينة في عدد كثيف يبلغ عشرة آلاف مقاتل، ويعالجون منافقين يخذلون ويرجفون، ويبثون الشائعات والأكاذيب، ولا يدرون ما يصنعون باليهود وهم داخل الحصون عند النساء والأطفال وقد تنكروا للمسلمين، وانحازوا للمشركين :” هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا”(الأحزاب/11).

ولكن  أحزاب المشركين عادت خاسرة خائبة إلى مكة، وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار فقال: وضعت السلاح فوالله ما وضعته؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين؟ قال:

ها هنا، وأومأ إلى بني قريظة” فأذن عليه الصلاة والسلام في الناس:”لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة”.وهذا يدل على أن غزو بني قريظة واستئصال شأفتهم جاء الأمر به من عند الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام، وليس فعلا فعله النبي عليه الصلاة والسلام وأقره الله تعالى عليه، بل إن جبريل عليه السلام أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وضع السلاح والاغتسال قبل إيقاع العقوبة بالخونة المجرمين من يهود بني قريظة، وأخبره أن الملائكة عليهم السلام لم يضعوا أسلحتهم.

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان

نماذج من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم

خرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وقد بعث عليا رضي الله عنه على مقدمة الجيش ومعه اللواء فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر فأشار إليهم أنه الذبح، قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ- وكان رضي الله عنه حليفا لهم فظنوا أن يحابيهم ويخفف الحكم عليهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

انزلوا على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فأتي به على حمار عليه إِكاف من ليف قد حمل عليه وحفَّ به قومه، يحاولون الشفاعة في بني قريظة، فقالوا: يا أبا عمرو، حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت، وهو رضي الله عنه ساكت لا يرجع إليهم شيئا، ولا يلتفت إليهم، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: قد أنى لي أن لا أبالي في الله لومه لائم.

وفي رواية: قال رضي الله عنه:(“د آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم” فجيء بسعد رضي الله عنه وهو جريح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنزلوه، فأنزلوه، ثم قال عليه الصلاة والسلام: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، قال عليه الصلاة والسلام: حكمت بحكم الله عز وجل،من فوق سبع سموات  فقتل رجالهم وكانوا بين ست مئة وتسع مئة، إلا من أسلم منهم حقن إسلامه دمه، وسبيت نساؤهم وذرياتهم، وقسمت في المسلمين.

 

 من عناصر خطبة جمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ”
جزاء الخيانة القتل والرد علي من أنكر ذلك:

عباد الله :” كان هذا العقاب الشديد مناسبا لجرمهم الشنيع، وقد وجد بعض المعاصرين من المسلمين في نفوسهم شيئا من هذا الحكم الشديد مع أنه حكم الله تعالى من فوق سبع سموات، ولسان حالهم يقول:”كيف تفنى قبيلة كاملة من اليهود بسبب خيانتهم، والإسلام دين الرأفة والرحمة، والسماحة والمسامحة. ويزداد حرجهم حين يستغل الأعداء هذه المواقف من السيرة النبوية ليشغبوا بها على الإسلام، ويتهموه بالفاشية والدموية. ولا شك في أن هذه الحرج الذي يجده بعض المسلمين من هذه الحادثة ومثيلاتها ينطوي على عدم استسلام كامل لله تعالى، ويدل على شك داخل تلك القلوب في حكمه عز وجل.

والله تعالى يقول :”فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”(النساء: 65). فلا يسع مسلماً إلا الرضا بحكم الله تعالى وأمره، واليقين بأنه الحق والعدل، وأن ما عارضه هو الباطل والظلم.

وغالب الذين يداخلهم شك في بعض أحكام الشريعة، ويجدون حرجا من قضاء المسلمين على بني قريظة إنما نظروا إلى المجرم حال سفك دمه، ولم يستحضروا جريمته الشنعاء، فامتلأت قلوبهم بالرحمة والشفقة على المجرمين فزعموا حفظ حقوقهم، ونسوا من ظلمهم وغدر بهم هؤلاء المجرمون.

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان ، قتل الجاسوس

#معلوم أن الدول في هذا العصر مجمعة على قتل الجاسوس الذي ينقل الأخبار للدول المعادية، ويعينها على دولته، وأين فعل جاسوس واحد خان وطنه من نقض اليهود للعهد وهم أمة كاملة تتطلع لإبادة المسلمين، وتقابل عظيم إحسانهم إليهم بحفظ العهد معهم مع القدرة عليهم، وإحسان جوارهم، والدفاع عنهم، تقابل أمة اليهود ذلك بأعظم الإساءة، وأشد دركات الغدر والخيانة.

#لقد نقضت قريظة عهدها في أصعب موقف، وأشد ساعة، ولو أن مظاهرة اليهود للمشركين، وخيانتهم للمسلمين تمت على ما أرادوا، ودخل المشركون المدينة، وتمكن اليهود من نساء المسلمين وأطفالهم لأبادوهم عن بكرة أبيهم، أفإن سلم الله تعالى المؤمنين، ورد المشركين، وأنزلت العقوبة الشرعية بالخونة الغادرين يجد المسلم حرجا في نفسه من حكم الله تعالى، فيتذكر حال اليهود وهم يقتلون، ولا يستحضر حال المسلمين لو تمكن منهم المشركون بسبب خيانة اليهود.

ولمن في قلبه أدنى حرج من ذلك عبرة وعظة فيما يفعله اليهود في أهل فلسطين، من الغدر والخيانة، ونقض العهد، وقصد الآمنين والنساء والأطفال بالقتل والترويع، وهدم الدور على أصحابها، ولا يكاد يمر يوم دون أن يقتلوا نساء وأطفالا، فتبا لقوانين وضعية توجد حرجاً في قلوب بعض المسلمين من شريعة الله تبارك وتعالى، ونعوذ بالله تعالى من الزيغ والضلال، ومن الاستدراك على الشريعة الغراء، ونسأله سبحانه أن يرزقنا الرضا والإذعان والقبول والتسليم، إنه سميع قريب. وأقول ما تسمعون واستغفر الله.

 

الخطبة الثانية

 الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد:” فيأيها المسلمون:

 في غدر بني قريظة للمسلمين دليل على أن الطوائف والأقليات والجماعات المسيسة التي تاجرت بالدين واتخذته وسيلة ومأرباً للوصول للحكم هي أقرب للخيانة والغدر من الأداء والوفاء متى ما رأت الفرصة سانحة لذلك، وأن إحسان أهل البلد إليهم سنوات متتابعة، وحمايتهم لهم، وحفظ حقوقهم، لا يمنعهم أبداًمن الغدر والخيانة، وممالأة الأعداء على أبناء أوطانهم، وأن زعمهم أنهم وطنيون، وأن مصلحة الأوطان فوق أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم ما هو إلا شعار يخدرون به أهل الغفلة من الناس.

ولئن كانت خيانة بني قريظة شاهدة على ذلك فإن التاريخ مليء بالنماذج التي تدل على هذه السنة، وتؤكد تلك الحقيقة، ففي اجتياح التتار لبلاد المسلمين، وقضائهم على الخلافة العباسية انحاز ابن العلقمي الرافضي الباطني إلى المغول ضد المسلمين رغم أنه كان يشغل وزيرا للخليفة العباسي، فما رده عن خيانته توزير العباسيين له، وإغداقهم الأموال عليه، وتمكينه من مفاصل الدولة وثرواتها وقراراتها، بل استغل ذلك في نسج المؤمرات التي قضى بها على من أحسنوا إليه، وهذه النماذج الخائنة تتكرر عبر العصور والدول، وما أكثرهم في هذا العصر، وأشد تمكنهم في كثير من بلاد أهل الإسلام.

 

عباد الله :” إن خيانة الوطن جريمة كبرى لا تغتفر ويجب إنزال أقسى العقوبات بصاحبها، خيانة الوطن لا تبرر،لأنه ليس هناك أسباب مشروعه للخيانة، ولما كانت كذلك، فليس هناك درجات لها، فأن كان للإخلاص درجات، فالخيانة ليس لها درجات بل هي عمليه انحدار وانحطاط دون الخط الأدنى للإخلاص. والعقاب على من يخون الوطن قديم قدم البشرية في كل الشرائع السماوية والشرائع الوضعية القديمة والحديثة، فالخونة لا ينظر لهم بعين من الاحترام والتقدير بل ينظر إليهم بعين من الاستهجان والاستخفاف وبسوء الأخلاق وانحطاطها حتى من قبل الذين يعملون لصالحهم ويأتمرون بأوامرهم..

 

من عناصر خطبة جمعة بعنوان البر بالأوطان ، مصير الخائن يوم القيامة
عباد الله :
” هل تصور الخائن القاتل نفسه في مواقف القيامة. والمقتول المظلوم متعلق به،  والملائكة تسوقه إلى الحساب بين يدي الله، ليلقى جزاءه الحق وقصاصه العادل وقد شمل السواد وجهه وملأ الرعب قلبه وقد غضب عليه الرحمن وتبرأ منه الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم:”يأتي المقتول يوم القيامة متعلقاً رأسه بإحدى يديه متلبباً قاتله بيده الأخرى تشخب أوداجه دماً. حتى يأتي به تحت العرش فيقول المقتول:

أي رب. سل هذا فيم قتلني، فيقول الله للقاتل، لقد شقيت وتعست، ثم يذهب إلى النار”. يشترك في جريمة القتل، وعظيم مسؤوليته الفرد والجماعة. قلت الفتنة أم كثرت؟ فالقصاص لجميع الشركاء والعذاب واجب لكل الفرقاء. بل لو شارك أحد في جريمة القتل بكلمة أو بعض كلمة فيعتبر في شريعة السماء قاتلاً مجرماً. وسفاكاً مفسداً، قال صلى الله عليه وسلم:”لو أن أهل السموات والأرض اشتركوا في دم مؤمن، لأكبهم الله في النار”(الترمذي). وقال أيضاً: “من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله”(ابن ماجه).

#هذا في القتل والقاتل إذا لم يكن هنالك واسطة وآمر، أما إذا كان هناك آمر بالقتل ودافع إليه، فإن حصة الآمر والمتآمر من عذاب الله أشد وأعظم أضعافاً مضاعفة من حصة القاتل المباشر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”قسمت النار سبعين جزءاً فللآمر تسع وستون، وللقاتل جزء حسبه”(أحمد).أما إذا أضيف إلى جريمة القتل والفساد تواطؤ مع الاستعمار، وتآمر مع الصهاينة الأشرار ليمثل القاتل والمتآمر أخس عميل وأرخص أجير وأحقر حليف مهين ذليل. فهذا فضلاً عن كونه خائناً لوطنه ولعروبته ناقداً لرجولته وشهامته. عادماً لإنسانيته وضميره، فإنه يعتبر في نظر الإسلام والقرآن كافراً غير مؤمن. وملحقاً صهيونياً، وأجيراً استعمارياً..

إن من أفظع الكبائر وأعظم الجرائم عند الله قتل النفس البريئة بغير حق. لأن القاتل الظالم يخرج بجريمته الشنعاء، وفعلته النكراء من الإسلام وحظيرة الإيمان ولأن الدين الحق، هو ما باعد صاحبه عن الظلم والجور والإفساد والأذى للغير، فكيف بمن يدعي الإيمان والإسلام، إذا ارتكب من الظلم أشده. ومن الفساد أعظمه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”أما بعد، فما بال المسلم يقتل المسلم؟ وهو يقول إني مسلم أبى الله علي فيمن يقتل مسلماً”(ابن ماجه).

من عناصر خطبة جمعة بعنوان “خِيَانَةُ الأَوْطَانِ مِنْ أَرْذَلِ الخِلَالِ” التوبة الصادقة

إن التوبة الصادقة تمحو الخطيئة وتغفر السيئة، إلا القتل. فإن القاتل المجرم، والمروع المفسد. يأبى الله عليه أن يقبل له توبة. أو يقبل له عذراً واعتذاراً. وقال صلى الله عليه وسلم : “نازلت ربي منازلة، في أن يجعل لقاتل المؤمن توبة، وأبى علي”(الديلمي).

اللهم إنا نعوذ بك من الجوع فإنه بئي الضجيع ونعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة ..

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »