أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل ، للدكتور محروس حفظي

بتاريخ 29 شعبان 1446هـ ، الموافق 28 فبراير 2025م

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 م بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، للدكتور محروس حفظي بتاريخ 29 شعبان 1446هـ ، الموافق 28 فبراير 2025م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يا باغي الخير أقبِل .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، بصيغة  word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 م بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الفرحُ والبشرُ والسرورُ لقدومِ شهرِ النفحاتِ والخيرِ والبركاتِ.

(2) التوبةُ الصادقةُ، والإقلاعُ عن الذنوبِ والمعاصِي.

(3) عقدُ العزمِ الصادقِ على اغتنامِ رمضانَ، وعمارةِ أوقاتِهِ بالأعمالِ الصالحةِ.

(4) نعِي ونفقَهُ مقاصدَ الصيامِ، وسننَهُ وآدابَهُ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025 بعنوان: يا باغي الخير أقبِل ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

 يَا بَاغِيَ الخيرِ أقْبِلْ

بتاريخ 29 شعبان 1446هـ = الموافق 28 فبراير 2025 م»

 

الحمدُ للهِ حمداً يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ، أمَّا بعدُ ،،،

فإنَّ الزمانَ يدورُ كما تدورُ الرحى، عشيةٌ تمضِي، وتأتي بكرةٌ، والناسُ فيهِ بينَ مُقِلٍّ ومُكْثِرٍ، وكادحٍ وراقدٍ، وجادٍّ وهازلٍ، فبائعٌ نفسهُ فمعتقُهَا أو موبقُهَا، والسعيدُ منهُم مَن عرَفَ حظَّهُ مِن مواسمِهِ فاغتنمَهَا، وشمَّرَ عن ساعدِ الجِدِّ وما فرَّطَ فيهَا، فإنّ في مواسمِ الخيراتِ لَمَرْبَحًا ومغنمًا، وفي أوقاتِ البركاتِ والنفحاتِ لطريقًا إلى اللهِ وسُلَّمًا، يوفَّقُ إليها الساعون الْمُجِدُّونَ، ويُزَادُ عنهَا الكسولون القَعَدَةُ، والزمنُ إبَّانَ ذلكَ كلّهُ وحيدُ التقضِي، بطيءُ الرجوعِ، مَنْ فَرَّطَ في لحظةٍ منهُ فلن يدركَهَا مرةً أُخرى؛ لأنَّ ما مضَى فاتَ، والمؤمَّلَ غيبٌ، وليس للمرءِ إلّا ساعتهُ التي هو فيها، فيا باغِيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغِيَ الشرِّ أقصرْ، فها هو قد أقبلَ شهرُ البركاتِ والخيراتِ، شهرُ الصيامِ والقيامِ، والرحمةِ والإنعامِ، والعتقِ مِن النيرانِ، شهرُ الجودِ والكرمِ والإحسانِ، والتقربِ إلى الرحمنِ؛ للفوزِ بأعلَى الجنانِ، وقد أرشدَنَا دينُنَا الحنيفُ أنْ نستقبلَهُ أحسنَ استقبالٍ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل

(1) الفرحُ والبشرُ والسرورُ لقدومِ شهرِ النفحاتِ والخيرِ والبركاتِ:

المسلمُ الحقُّ هو الذي يحمدُ اللهَ – جلّ جلالُه- أنْ بلغَهُ رمضانَ هذا العام، فكم مِن طامعٍ لبلوغِ هذا الشهرِ، فمَا بلغَهُ، وكم مِن مؤملٍ لإدراكِه، فما أدركَهُ! فاجأهُ الموتُ فأخذَهُ؛ سيتقبلُ المسلمون ضيفاً كريماً، وغائباً عزيزاً، طالمَا انتظروهُ، ضيفٌ إذا جاءَ أقبلَ معه الخيراتُ، وتنزلت معه البركاتُ، والخلقُ حيالَ استقبالِهِ أصنافٌ شتِّى كما قال تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾، فمنهُم مَن يفرحُ بقدومِهِ ويستبشرُ برؤيةِ هلالِهِ، يُقبلونَ عليهِ إقبالَ الظمآنِ على الماءِ الباردِ، قد أعدُّوا لهُ العدةَ، وهيَّؤوا أنفسَهُم لهُ، إذ يعلمون أنّهُ أيامٌ معدودةٌ، وأنّهُ سوقٌ عمَّا قريبٌ سينفضُّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾، ولِمَا لا يفرحونَ، وهو شهرٌ تُفتحُ فيهِ الجنان، وتُغلقُ فيهِ أبوابُ النيرانِ، ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : “إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ” (الترمذي)، ومنهم مَن يغتمُّ بقدومِه، ويستثقلُ صيامَهُ؛ إذ يحرمُهُ لذتَهُ، ويكبحُ جماحَ شهوتِهِ، ولو علمَ ما فيهِ مِن الخيرِ والنفحاتِ وجزاءِ البرِّ والطاعاتِ لسارعَ إلى رضَا ربِّ الأرضِ والسمواتِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ» (مسلم) .

 لقد أرشدَنَا سيدُنِا أنْ نستقبلَ رمضانَ بالفرحِ والبشرِ، فعن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلالَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالْإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ» (أحمد)، فطلبَ في كلٍّ مِن الفقرتينِ، دفع ما يؤذيهِ مِن المضار، وجلب ما يرفقهُ مِن المنافعِ بأبلغِ وجهٍ، وأوجزِ عبارةٍ، وعبّرَ ب “الإيمانِ والإسلامِ” عنها؛ دلالةً على أنَّ نعمةَ الإيمانِ والإسلامِ شاملةٌ للنعمِ كلِّهَا، ومحتويةٌ على المنافعِ بأسرِهَا؛ ولأنَّ أهلَ الجاهليةِ فيهم مَن يعبدُ القمرين، فكأنّهُ يناغيهِ ويخاطبُهُ، فيقول: “أنت مسخرٌ لنا لتضيءَ لأهلِ الأرضِ”؛ ليعلمُوا عددَ السنينَ والحساب، قال التوربشتي: “وقولُه: “ربِّي وربُّكَ اللهُ”: (تنزيهٌ للخالقِ أنْ يشاركَهُ في تدبيرِ ما خلقَ شيءٌ، وفيه ردٌّ للأقاويلِ الداحضةِ في الآثارِ العلويةِ بأوجزِ لفظٍ، وفيه تنبيهٌ على أنَّ الدعاءَ مُستحبٌّ سيّمَا عندَ ظهورِ الآياتِ، وتقلبِ الأحوالِ النيراتِ، وعلى أنَّ التوجهَ فيه إلى الربِّ لا إلى المربوبِ، والالتفاتَ في ذلك إلى صنعِ الصانعِ لا إلى المصنوعِ) أ.ه.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل

(2) التوبةُ الصادقةُ، والإقلاعُ عن الذنوبِ والمعاصِي:

إنَّ قلوبَ البشرِ يعتريهَا ما يعترِي غيرَهَا مِن عواملِ التأثيرِ، فقد تصدأُ كما يصدأُ الحديدُ، وتجفُّ كما يجفُّ الضرعُ، وتيبسُ كما ييبسُ الزرعُ، فهي أحوجُ ما تكونُ إلى ما يُعيدُ مادةَ النماءِ إليهَا، فيجلو صدَأَها، ويدرُّ جفافَها، يُنبتُ يبسَها، فإنَّ النفسَ قد تلهو مع زحامِ الأيامِ وكدحِهَا حتى تتراكَمُ عليها الشواغلُ فتحجزهَا عن مقوماتِ التصفيةِ والتخليةِ فضلاً عن شحذِهَا وتحليتِهَا.

رمضانُ خطوةٌ عظيمةٌ لتطهيرِ النفسِ مٍن أمراضِ القلوبِ، فرصةٌ عظيمةٌ لِمَن يريدُ أنْ يعودَ إلى ربِّهِ – سبحانَهُ – ويحسِّنَ فيهِ مِن خُلقِهِ، ويُقوِّمَ فيه اعوجاجَهُ، وبدايةٌ لِمَن يودُّ أنْ يفتحَ صفحةً جديدةً مشرقةً مع اللهِ – سبحانَهُ- بالتوبةِ الصادقةِ، والإقلاعِ عن الذنوبِ صغيرِهَا وكبيرِهَا وجليلِهَا وحقيرِهَا، قالَ تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، والإقلاعِ عن بعضِ أمراضِ الأبدانِ كالتدخينِ والعاداتِ السيئةِ في الأكلِ والشرابِ حتى يخرجَ الإنسانُ نظيفَ الظاهرِ والباطنِ معاً، سليمَ النفسِ معافَى البدنِ.

كما أنَّ رمضانَ فرصةٌ مع الأهلِ والأحبابِ والأقاربِ والجيرانِ الذين نهجرُهُم طوالَ العامِ، ونقطعُ أواصرَ صلتِهِم أنْ نزورَهُم، ونودَّهُم، وننسَى ما جرَى بيننَا وبينَهُم؛ وفرصةً أيضاً أنْ نصلحَ أنفسَنَا مع المجتمعِ الذي نعيشُ فيهِ بأنْ نكونَ نافعينَ جادينَ في إيصالِ الخيرِ للناسِ أجمعين، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَضَبَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَخَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى تَتَهَيَّأَ لَهُ ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ» (الطبراني)، فاغتمْ أيُّهَا العاقلُ رمضانَ بالتوبةِ، وطلبِ الغفرانِ، ولا تضيعْ أولَ الشهرِ، فبابُ أرحمِ الراحمينَ دوماً مفتوح، وبادرْ بردِّ الحقوقِ إلى أصحابِهَا، وتحللْ منهَا قدرَ المستطاعِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ» (البخاري).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل

(3) عقدُ العزمِ الصادقِ على اغتنامِ رمضانَ، وعمارةِ أوقاتِهِ بالأعمالِ الصالحةِ:

الواقعُ يشيرُ إلى أنَّ هناكَ مَن يظنُّ أنَّ رمضانَ شهرٌ تعطلُ فيهِ الأعمالُ، وتتوقفُ فيهِ عجلةُ الحياةِ، فتجدُ البعضَ يؤخرُ أعمالَهُ وإنْ أدّاهَا لا يؤديهَا على الوجهِ الأكملِ، وآخرَ ينامُ النهارَ كلَّهُ، ويسهرُ الليلَ بطولِهِ، وذاك يتأخرُ عن العملِ، وآخرَ يتهربُ مِن وظيفتِهِ فيعطلُ مصالحَ العبادِ، فإذا حدثتَهُم قالوا: نحن في رمضان!

لقد كان السلفُ الصالحُ يجعلون رمضانَ شهرَ الجدِّ والاجتهادِ والنهوضِ، لا الخمولِ و الكسلِ، ولا أدلَّ على ذلك مِن أنَّ أعظمَ الفتوحاتِ كانت في رمضانَ، فقد كانوا عباداً قائمينَ الليلَ فرسانًا، يجوبون الأرضَ نهاراً، فهم حرصوا كلَّ الحرصِ على تحقيقِ الغايةِ التي مِن أجلِهَا فرضَ اللهُ الصيامَ، ألَا وهي تحقيقُ التقوى بكلِّ ما تحملُهُ مِن معانٍ، ومقاصدَ دنيويةٍ وأخرويةٍ حسبمَا قال ربُّنَا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، لذَا يجبُ على المسلمِ أنْ يحددَ أهدافَهُ منذُ بدايةِ شهرِ رمضانَ قبلَ أنْ يفوتَهُ هذا الخيرُ العظيمُ فهو أشبهُ ما يكونُ بالسوقِ القائمةِ إذا لم يحددْ الشخصُ ما سيشتريهِ فإنَّ السوقَ رُبَّمَا تنفضُّ وهو ما زالَ يتجولُ على الباعةِ ولم يشترِ شئيًا، وشهرُ رمضانَ أحقّ ما تُشمّرُ السواعدُ لاغتنامِهِ، وتتعبُ فيهِ الأبدانُ لتحصيلِ الطاعةِ فيهِ.

أخِي الكريم: إذا أردتَ اغتنامَ هذا الشهرِ فلا بُدَّ أنْ تضعَ لنفسِكَ خُطةً تسيرُ عليهَا، وبرنامجاً لا تحيدُ عنهُ في قراءةِ القرآنِ، وصلةِ الأرحامِ، والصدقةِ وأعمالِ البرِّ؛ لأنَّ بعضَ الذنوبِ لا يكفرُهَا إلَّا الصوم، قال : «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ، وَالصَّلَاةُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ» (مسلم)، فلتحرصْ على أنْ تغتنمَ تلك الفرصةَ قبلَ رحيلِكَ عن الحياةِ، وإلّا أين أحبابُكَ وإخوانُكَ الذينَ كانُوا معك في رمضانَ الماضِي؟! لقد تركُوا الدنيا، وهم الآن بينَ يديِ اللهِ، ويتمنَّى الواحدُ منهم أنْ يرجعَ إلى الدنيا ليصومَ للهِ، أو ليصلِّي ركعةً للهِ، أو ليفتحَ كتابَ اللهِ، أو ليتصدقَ على فقيرٍ، أو ليصلَ رحمَهُ، قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾، ومِن كثرةِ ما تجتمِعُ أصولٌ مِن العباداتِ في رمضانَ، ويكثُرُ الخيرُ ويُجدَّدُ فيهِ الإيمانُ كان مَن يخرجُ منهُ ولم يُغفرْ له في عدادِ المحرومين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ» (الترمذي) .

إنَّ مِن الغفلةِ كلَّ الغفلةِ أنْ يجعلَ الإنسانُ مِن أيامِ رمضانَ ولياليهِ كأيامِ العامِ كلِّهَا، فلا يغيرُ مِن حياتِهِ شيئاً، ولا يتقربُ إلى اللهِ بتوبةٍ، ولا يعزمُ أبداً على قراءةِ القرآنِ، ولا يُرَى في المساجدِ لا في صلاةِ تراويحٍ ولا في غيرِهَا، كلُّ هذا – والعياذُ باللهِ-  مِن الغفلةِ والرانِ على العبدِ، ينبغِي إخلاصُ النيةِ، وعقدُ العزمِ، وإقامةُ العملِ، والصبرُ والمصابرةُ؛ طلباً للأجرِ، ودفعاً للوزرِ، وإرضاءً للربِّ جلَّ جلالُهُ، قال : «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» (مسلم) .

وقد كان سلفُنَا الصالحُ إذا دخلَ عليهم رمضانُ فرغوا جُلَّ وقتِهِم لقراءةِ القرآنِ، يقولُ الإمامُ الزهري: «إذا دخلَ رمضانُ فإنّمَا هو لقراءةِ القرآنِ، ولإطعامِ الطعامِ»، اجعلْ لنفسِكَ في رمضانَ ورداً معلوماً لقراءةِ القرآنِ حتى وإنْ كنتَ لا تُحسنُ القراءةَ، فحاولْ وجاهدْ نفسَكَ فلن تحرمَ الأجرَ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ» (مسلم)، فهنيئاً لِمَن داومَ على قراءةِ القرآنِ وهو صائمٌ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: «فَيُشَفَّعَانِ» (أحمد).

أخي الحبيب: احرصْ على أداءِ الصلواتِ الخمسِ في أوقاتِهَا، وحافظْ على صلاةِ القيامِ التي هي سببٌ في رفعِ درجتِكَ، وجبرِ تقصيرِكَ، فقد أخرجَ الإمامُ أحمدُ بسندٍ حسنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ حَيٌّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ، وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا، وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً، قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا، أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ، فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَأَصْبَحْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ ، أَوْ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ ، فَقَالَ ﷺ: «أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ، وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ، أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟»، فلنقبلْ على اللهِ بقلوبٍ حاضِرةٍ، ونتدبُّرْ آياتِهِ في الصلاةِ والقيامِ، قال : «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (البخاري)، ولتحرصْ أنْ تكملَ التراويحَ مع الإمامِ حتى تُكتَبَ في القائمينَ، قال :«مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ» (ابن حبان).

العنصر الرابع من خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل

(4) نعِي ونفقَهُ مقاصدَ الصيامِ وسننَهُ وآدابَهُ:

إذا كان الإنسانُ قبل شراءِ سلعةٍ يطلعُ على محاسنِهَا، ويعرفُ كيفَ يتعاملُ معها، ويتفحصُ مفاتيحَ تشغيلِهَا، فكيف بما يتعلقُ بطاعةِ ربِّنَا عزّ وجلَّ؟!، فالمسلمُ كي يؤدِّي العبادةَ على الوجهِ المسنونِ ينبغِي عليهِ أنْ يتعرَّفَ على ما يتعلقُ بهَا مِن سننٍ ومستحباتٍ وآدابٍ، وفي فريضةِ الصيامِ يجبُ على المسلمِ أنْ يقفَ على ما يستوجبُ الفطرَ وما يمنعُهُ، ويقفَ على أركانِهِ وآدابِهِ، ويُستَحَبُّ فيه تعجيلُ الفطرِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ» (ابن ماجه)، وأنْ يتناولَ وجبةَ السحورِ ولو على جرعةِ ماءٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «تَسَحَّرُوا، فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً» (متفق عليه)، يقولُ ابنُ حجرٍ مبيناً فوائدَ السحورِ: «وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ، وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ، وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ، وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ، وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» أ.ه.

ونعِي أنَّ شهرَ رمضانَ شهرُ تحصيلِ الطاعاتِ، وأداءِ النوافلِ والعباداتِ، وليس شهرَ الأكلِ والتباهِي والمفاخراتِ، والإسرافُ يؤثرُ بصورةٍ مباشرةٍ على مقصدِ الصيامِ الذي هو فيه معنى احترامِ النعمةِ التي ملَّككَ اللهُ إيَّاهَا، وحُرِمَ منهَا الآخرون، حيثُ ينتشرُ في رمضانَ – خاصةً على مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي – ظاهرةُ تكبيرِ الموائدِ وتزيينِهَا مِن أجلِ التقاطِ الصورةِ، وبات ارتباطُ شهرِ المغفرةِ بالأكلِ والشربِ ارتباطًا وثيقًا، وهذا سلوكٌ غيرُ حضارِي، وتصورٌ مغلوطٌ يعكسُ سوءَ الفهمِ لمقاصدِ الشريعةِ في جانبِ العباداتِ، وطبيعةِ غايةِ خلقِ الإنسانِ في هذا الوجودِ، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فالإسرافُ يفقدُ لذةَ الطاعةِ والأُنسِ باللهِ عَزَّ وجلّ، فيؤدِّي صلاةَ التراويحِ مثلاً على هيئةِ حركاتٍ دونَ أنْ ينعكسَ ذلك على أخلاقِهِ ومعاملاتِهِ اليوميةِ، بل ربَّمَا يعدُّ الدقائقَ للفراغِ مِن أدائِهَا، والانتهاءِ مِن أركانِهَا، وصدقَ لُقْمَانُ الحَكِيْمُ حينمَا قالَ لِابْنِهِ: «إِذَا امْتَلَأَتِ الْمَعِدَة نَامَتِ الْفِكْرَة، وَخَرِسَتِ الْحِكْمَة، وَقَعَدَتِ الْأَعْضَاء عَنِ الْعِبَادَةِ» .

إنَّ رمضانَ فرصةٌ للتغيرِ إلى الأفضلِ، فمَن كان مفرطاً في طاعةٍ فعليهِ أنْ يستدركَهَا؛ إذ العبادةُ في هذا الشهرِ الكريمِ ليسَ كغيرِهِ مِن الأشهرِ، فعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ» (ابن خزيمة)، ومَن كان على استقامةٍ فليستكثرْ، ويسأل اللهَ الثباتَ، أمَّا أنْ ينقضِيَ رمضانُ والمسلمُ على حالِهِ كما كان قبلَهّ فأنتَ على خطرٍ عظيمٍ، وعليكَ أنْ تقفَ مع نفسكَ وتراجعَ حساباتِكَ قبل أنْ يأتِيَ عليكَ وقتٌ تندمُ على ما فرطّتَ وقصَّرتَ.

الأخوةُ الأحباب: ألَا إنَّ الشهرَ الذي أظلّكُم لهو خيرُ مُعِينٌ على ذلك كلِّهِ، إنّهُ ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، إنّهُ شهرُ البرِّ والصومِ والصلاةِ والرحمةِ والتراحمِ، شهرُ لِجَامِ الشهواتِ، وقَسْرِ النَّفْسِ وَأَطْرهَا على البِرِّ أَطْرًا، وإخراجهَا مِن دائرةِ توهُّمِ الكمالِ الزائفِ الذي يشكِّلُ حاجزاً وهميًّاً آخَرَ يَحُولُ دونَ اغتنامِ الفرصِ، وانتشالِ النفسِ، كذلكم مِن كثرةِ الاشتغالِ بمباحاتٍ تزاحمُ الطاعاتِ فينغمسُ المرءُ فيها حتى يثقلَ، ويركنَ إليها حتى يبردَ، فيفوتَ مِن الطاعاتِ ما يجعلهُ أسيرَ هواهُ وكسلِهِ وركونِهِ.

ألَا إنَّ هذا الشهرَ المباركَ شهرٌ الاستزادةِ مِن التقوى وليس ثمةَ أحدٍ يستغنِي عن الاستزادةِ مِن الطاعةِ والتفرغِ لهَا في شهرِ رمضانَ، نَعَمْ: لقد شغلتْنَا أموالُنَا وأهلونَا عن صقلِ قلوبِنَا وتخليتِهَا استعدادًا لتحليتِهَا، وإنَّ في بعضِ القلوبِ لقسوةً، فَلْتَسْتَلْهِمْ خُلُقَ الرحمةِ مِن رمضانَ، وإنَّ في بعضِ الأموالِ لجفاءً، فلنلتمسْ لهَا النماءَ والذكاءَ في رمضانَ، وإنَّ في بعضِ الألسنِ لسلاطةً وَحِدَّةً، فلنلتمسْ طيِّبَ الكلامِ في رمضانَ، وإنَّ في بعضِ الجسومِ لَكَسَلًا، فلتلتمسْ القوةَ والهمةَ في رمضانَ.

تابع / خطبة الجمعة 28 فبراير : يا باغي الخير أقبِل

إنَّ المرءَ الغيورَ ليؤسفهُ أشدَّ الأسفِ ما يراهُ في كثيرٍ مِن الناسِ في هذا الشهرِ المباركِ مِن سلوكِ طريقٍ تقليديةٍ يحكمُهَا طبعُ العادةِ والرتابةِ لا طبعُ الطاعةِ والعبادةِ، دونَ تأمُّلٍ منهُم بأنَّ هذا الشهرَ الفضيلَ شهرٌ تشدُ النفوسُ فيهِ إلى رفعِ درجةِ القربِ مِن دينِ اللهِ، يذكرُهُم هذا الشهرُ بحقِّ اللهِ -تعالى- عليهم، تُشَمُّ رائحةُ العاطفةِ الإيمانيةِ في أكثر مِن مجلسٍ يُجلَسُ فيهِ، يُحَسُّ فيهِ بإقبالِ الناسِ على العبادةِ، والعملِ الصالحِ، وقراءةِ القرآنِ، حتى إنّهُم لَيرفعونَ بذلكُم درجةَ الاستعدادِ لتغييرِ ما في نفوسِهِم حتى يغيرَ اللهُ ما بهِم، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.

يا مَن ستدركُ رمضانَ استشعرْ قيمةَ ما وُهِبَ لكَ، وبادرْ بالتوبةِ، وأعلمْ أنّ اللهَ يدعوكَ للمسارعةِ في الخيراتِ، ويناديكَ للمنافسةِ في الطاعاتِ، ﴿سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ﴾، وعَنْ عُبَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ يَوْمًا وَحَضَرَ رَمَضَانُ: «شَهْرُ بَرَكَةٍ وَخَيْرٍ يَغْشَاكُمُ اللَّهُ فِيهِ بِتَنْزِيلِ الرَّحْمَةِ، وَيَحُطُّ الْخَطَايَا، وَيَسْتَجِيبُ فِيهِ الدُّعَاءَ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ فَيُبَاهِيَ بِكُمْ مَلَائِكَتَهُ؛ فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا، فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ رَحْمَةَ اللَّهِ» (الطبراني).

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمناً أماناً، سلماً سلاماً وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان   د / محروس رمضان حفظي عبد العال

مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »