أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة 16 يونيو 2023م : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي

خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 27 ذو القعدة 1444هـ ، الموافق 16 يونيو 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بصيغة word بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م بصيغة pdf بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي

عناصر خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م ، بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي.

أولاً: فضـــائلُ عشــــرِ ذي الحجـــــةِ.

ثانيًا: مفهومُ العمـــــلِ الصـــــالحِ.

ثالثًا: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 16 يونيو 2023م ، بعنوان : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:

 

 مفهومُ العملِ الصالحِ وفضائلُ العشرِ 27 ذو القعدة 1444 ه- 16 يونيو 2023م

الموضوع

الحمدُ للهِ  علي ما خصّنَا بهِ مِن الفضلِ والإكرامِ، فمَا زالَ يُوالِي علينَا مواسمَ الخيرِ والإنعامِ، ما انتهي شهرُ رمضانَ حتي أعقبَهُ بأشهرِ الحجِّ إلي بيتهِ الحرام، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ الملكُ القدوسُ السلامُ، وأشهدُ أنّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولهُ أفضلُ مَن صلَّي وصام، وطافَ بالبيتِ الحرام، اللهُمّ صلِّي عليه وعلي آلهِ وصحابتهِ الكرام، وسلمْ تسليمًا كثيرًا.

أمّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة 16 يونيو 2023م : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر 

أولًا: فضائلُ عشرِ ذي الحجةِ.

عبادَ الله: إنّ مِن رحمةِ اللهِ بنَا أنْ جعلَ لنَا مواسمَ للخيراتِ، تتضاعفُ فيها الحسناتُ، ويُستكثرُ فيها مِن الطاعاتِ والأعمالِ الصالحاتِ، وهذه المواسمُ لها مزيةٌ علي غيرِهَا مِن الأوقاتِ، فيها يتجددُ نشاطُ العبدِ فيسارعُ إلي الخيراتِ ليتقربَ إلي ربِّ الأرضِ والسماواتِ.

ومِن حكمتهِ تعالي أنْ فضّلَ بعضَ الأزمنةِ علي بعضٍ، ففضّلَ بعضَ الشهورِ علي بعضٍ، فضَّلَ الأشهرَ الحرمَ علي غيرِهَا وجعلَ لهَا مزيةً، قال تعالي: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}(التوبة).

وفضّلَ شهرَ رمضانَ علي سائرِ الشهورِ، قال تعالي : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(البقرة) .

وفضّلَ بعضَ الليالي علي بعضٍ، ففضّلَ ليلةَ القدرِ علي غيرِهَا، قال تعالي: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)}(القدر).

كما فضّلَ بعضَ الأيامِ علي بعضٍ ، ففضّلَ العشرَ الأولَي مِن شهرِ ذي الحجةِ علي سائرِ الأيامِ.

** فهذه الأيامُ مِن جملةِ الأشهرِ الحرمِ، قال تعالي : { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}(التوبة).

إِنّ عددَ الشهورِ المعتدّ بها عندَ اللهِ في شرعهِ وحكمهِ هي اثنا عشرَ شهرًا {مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} أي منها أربعةُ شهورٍ محرمةٌ هي: «ذو القعدةِ، وذو الحجةِ، والمحرمُ، ورجبُ»، وسميتْ حُرمًا لأنَّهَا معظمةٌ محترمةٌ تتضاعفُ فيها الطاعاتُ ويحرمُ القتالُ فيها، {ذلك الدين القيم} أي ذلك الشرعُ المستقيمُ، {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي لا تظلمُوا في هذه الأشهرِ المحرمةِ أنفسَكُم بهتكِ حرمتهِنَّ وارتكابِ ما حرّمَ اللهُ مِن المعاصِي والآثامِ.(صفوة التفاسير).

** وأقسمَ اللهُ تباركَ وتعالى بها، والعظيمُ لا يُقسمُ إلّا بعظيمٍ، قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر)، قال مسروقٌ: المرادُ بهِ فجرُ يومِ النحرِ خاصةً، وقال ابنُ عباسٍ وغيرهُ: الليالي العشر هي عشرُ ذي الحجةِ.(تفسير بن كثير).

**وهي الأيامُ المعلوماتُ، التي شرعَ اللهُ ذكرَهُ فيها علي ما رزقَ مِن بهيمةِ الأنعامِ، قال اللهُ تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)}(الحج) ، قال ابنُ عباسٍ: هي عشرُ ذي الحجةِ.(تفسير بن كثير).

** وهي خاتمةُ الأشهرِ المعلومات، أشهرِ الحجِّ، قال تعالي: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}(البقرة )، والمرادُ بالأشهرِ المعلوماتِ عندَ جمهورِ العلماءِ: شوالُ، وذو القعدةِ، وعشرٌ مِن ذي الحجةِ، فهي التي يقعُ فيها الإحرامُ بالحجِّ غالبًا.(تفسير السعدي).

**وهذه الأيامُ مِن جملةِ الأربعين التي واعدهَا اللهُ تعالى لموسي عليه السلام، قال تعالي: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}(الأعراف) ، واعدنَا موسى ثلاثينَ ليلةً لإعطاءِه التوراة، روى أنّ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ وعدَ بنى إسرائيلَ وهو بمصرَ إنْ أهلكَ اللهُ عدوَّهُم أتاهُم بكتابٍ مِن عندِ اللهِ فلمَّا هلكَ فرعونُ سألَ موسى ربَّهُ الكتابَ فأمرَهُ بصومِ ثلاثين يومًا وهي شهرُ ذي القعدةِ فلمّا أتمَّ الثلاثين أنكرَ خلوفَ فيهِ فتسوَّكَ فأوحَى اللهُ إليهِ أمَا علمتَ أنّ خلوفَ فمِ الصائمِ أطيبُ عندِي مِن ريحِ المسكِ فأمرَهُ أنْ يزيدَ عليهَا عشرةَ أيامٍ مِن ذي الحجةِ.(تفسير النسفي).

** وأخبرَ النبيُّ أنّ هذه الأيامَ لها فضلٌ في ذاتِهَا، بخلافِ فضلِ العملِ فيهَا، فعن جابرٍ رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ : (أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشرِ). (فضل عشر ذي الحجة للطبراني).

**والعملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلي اللهِ تعالي، وفيها اجتماعُ أمهاتِ العبادةِ، قال ابنُ حجرٍ رحمَهُ اللهُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِا وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِا.(فتح الباري).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة 16 يونيو 2023م : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر 

ثانيًا: مفهومُ العمـــــلِ الصـــــالحِ.

عبادَ الله: إنّ العملَ الصالحَ هو السبيلُ للسعادةِ في الدنيا والفلاحُ في الآخرةِ، لذلك أمرنَا اللهُ تعالي أنْ نتقيَهُ، وذلك بفعلِ الطاعاتِ، وتركِ المحرماتِ، قال تعالي :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) }(المائدة).

هذا أمرٌ مِن اللهِ لعبادهِ المؤمنين، بما يقتضيهِ الإيمانُ مِن تقوَى اللهِ والحذرِ مِن سخطهِ وغضبهِ، وذلك بأنْ يجتهدَ العبدُ، ويبذلَ غايةَ ما يمكنهُ في اجتنابِ ما يَسخطهُ اللهُ مِن معاصِي القلبِ واللسانِ والجوارحِ الظاهرةِ والباطنةِ، ويستعينَ باللهِ على تركِهَا، لينجُو بذلك مِن سخطِ اللهِ وعذابهِ. {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} أي: القربُ منه، والحظوةُ لديه، والحبُّ له، وذلك بأداءِ فرائضهِ القلبيةِ، كالحبِّ له وفيه، والخوفِ والرجاءِ، والإنابةِ والتوكلِ ،  والبدنيةِ  كالزكاةِ والحجِّ ، والمركبةِ مِن ذلك كالصلاةِ ونحوها، مِن أنواعِ القراءةِ والذكرِ، ومِن أنواعِ الإحسانِ إلى الخلقِ بالمالِ والعلمِ والجاهِ، والبدنِ، والنصحِ لعبادِ اللهِ، فكلُّ هذه الأعمالِ تقربُ إلى اللهِ تعالي، ولا يزالُ العبدُ يتقربُ بها إلى اللهِ حتى يحبّهُ اللهُ، فإذا أحبَّهُ كان سمعَهُ الذي يسمعُ بهِ، وبصرَهُ الذي يبصرُ بهِ، ويدَهُ التي يبطشُ بهَا، ورجلَهُ التي يمشِي بها ويستجيبُ اللهُ لهُ الدعاءَ.

ثُم خصَّ تباركَ وتعالى مِن العباداتِ المقربةِ إليهِ، الجهادَ في سبيلهِ، وهو: بذلُ الجهدِ في قتالِ الكافرين بالمالِ، والنفسِ، والرأيِ، واللسانِ، والسعيِ في نصرِ دينِ اللهِ بكلِّ ما يقدرُ عليهِ العبدُ، لأنَّ هذا النوعَ مِن أجلِ الطاعات وأفضلِ القربات، ولأنّ مَن قامَ به، فهو على القيامِ بغيرهِ أحرَى وأولَى {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} إذا اتقيتُم اللهَ بتركِ المعاصِي، وابتغيتُم الوسيلةَ إلى اللهِ، بفعلِ الطاعاتِ، وجاهدتُم في سبيلهِ ابتغاءَ مرضاتهِ، والفلاحُ هو الفوزُ والظفرُ بكلِّ مطلوبٍ مرغوبٍ، والنجاةُ مِن كلِّ مرهوبٍ، فحقيقتهُ السعادةُ الأبديةُ والنعيمُ المقيمُ.(تفسير السعدي).

فإنّ الوسيلةَ  تعنِى العملَ الصالحَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ” انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئًا لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ “، قَالَ النَّبِيُّ : ” وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَأَرَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: لاَ أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ مِنْهَا “، قَالَ النَّبِيُّ ” وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ أَجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ لَهُ: كُلُّ مَا تَرَى مِنْ أَجْرِكَ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيقِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَسْتَهْزِئُ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ، فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ “(صحيح البخاري).

توسلَ أحدُهُم ببرِّهِ بوالديهِ، وتوسلَ الآخرُ بعفافِهِ، وتوسلَ الثالثُ بأمانتِهِ، فكشفَ اللهُ عنهم وخرجُوا يمشون.

عبادَ الله: إنّ العملَ الصالحَ لا يقفُ عندَ العباداتِ المعروفةِ فقط كما يظنُّ كثيرٌ مِن الناسِ، بل يشملُ كلَّ ما فيهِ نفعٌ للفردِ والمجتمعِ، مِمّا أمرَنَا بهِ دينُنَا الحنيفُ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة 16 يونيو 2023م : مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر 

ثالثًا: { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

عبادَ الله: إنَّ هذه الدنيا دارُ ممرٍّ والآخرةَ دارُ مقرٍّ، فالمسلمُ العاقلُ هو الذي يتزودُ مِن ممرِّهِ لمقرِّهِ ، وخاصةً في  هذه المواسمِ المباركةِ التي جمعَ اللهُ فيها الفضائلَ و نوّعَ الطاعات، وفيها تُضاعفُ  الحسناتُ وتُكفرُ السيئاتُ.

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»(سنن أبي داود).

فدلَّ هذا الحديثُ علي أنَّ العملَ في هذه الأيامِ العشرِ أحبُّ مِن العملِ في أيامِ الدنيا مِن غيرِ استثناءٍ ، وأنَّه أفضلُ مِن الجهادِ في سبيلِ اللهِ إلّا جهادًا واحدًا، وهو مَن خرجَ بنفسهِ ومالهِ، فلم يرجعْ بشيءٍ منها .

عبادَ الله: الكثيرُ مِنّا لا يستطيعُ الحجَّ، وهناك مَن أكرمَهُ اللهُ بالحجِّ، لذلك جعلَ اللهُ تعالي هذه العشرَ مِن ذي الحجةِ موسمًا مشتركًا بينَ الحجيجِ وغيرِهِم، فمَن لم يقدرْ علي الحجِّ فقد جعلَ اللهُ لهُ بابًا وهو الاجتهادُ في الأعمالِ التي تفضلُ الجهادَ في سبيلِ اللهِ، فلا ينبغِي أنْ نفوتَ هذه الفرصةَ، ولنبادرْ بالأعمالِ الصالحةِ.

**وأفضلُ الأعمالِ في هذه الأيامِ الحجُّ والعمرةُ لمَن استطاعَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»(صحيح مسلم).

فمَن أتَي البيتَ حاجًا أو معتمرًا ولم يفسقْ ولم يرفثْ رجعَ كأنَّهُ وُلِدَ الآن بلا ذنبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ»(سنن الترمذي).

**والصيامُ أيضًا مِن الأعمالِ الصالحةِ في هذه الأيامِ، عن بعضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)(سنن أبي داود).

** والذكرُ والتكبيرُ المطلقُ  عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ  قَالَ :  « مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ وَلاَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ »(مسند أحمد).

** ومَن أرادَ أنْ يُضحِّي فليمسكْ عن شعرهِ وأظفارهِ مِن، بدايةِ ذي الحجةِ إلي أنْ يضحِّي، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»(صحيح مسلم).

عبادَ اللهِ: ينبغِي أنْ نجتهدَ في هذه الأيامِ، ولا نضيعهَا ففيها الخيرُ الكثيرُ والفضلُ الكبيرُ، فما أحوجنَا أنْ نعودَ إلى ربِّنَا، وأنْ نجددَ التوبةَ والاستغفارَ، وأنْ نندمَ على فعلِ المعاصي، فلا ندرِي هل يمتدُّ بنَا الأجلُ لنشهدَ العشرَ الأولَ مرةً أخرى أم أنّ أعمارَنَا قصيرةٌ، فإنّ الآجالَ بيدِ اللهِ، فكم مِن غالٍ واريناهُ الترابَ، وكم مِن صديقٍ فارقنَا، وهكذا الدنيا.

فاللَّهُمَّ اعنَّا علي ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ، واجْعلْنَا مِن أهلِ طاعتِكَ وولايتِكَ، ربنَا آتنَا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنَا عذَابَ النار، واغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولِجميعِ المسلمينَ، اللهُمّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين  وصلِّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبهِ أجمعين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »