أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة 14 مارس 2025 : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم – صوت الدعاة

بتاريخ 14 رمضان 1446هـ ، الموافق 14 مارس 2025م

خطبة الجمعة القادمة 14 مارس 2025 م بعنوان : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم ، بتاريخ 14 رمضان 1446هـ ، الموافق 14 مارس 2025م.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 مارس 2025 بصيغة word بعنوان: والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم ، بصيغة word

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 مارس 2025 بصيغة pdf بعنوان : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 14 مارس 2025 بعنوان : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم ، كما يلي:

أولًا: سببُ تسميةِ الشهيدِ شهيدًا.

ثانيًا: بعضٌ مِن فضائلِ الشهداءِ.

ثالثًا: تسابقُ الصحابةِ علي نيلِ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 14 مارس 2025 بعنوان : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم ، كما يلي:

 

 والشهداءُ عندَ ربِّهم لهُم أجرُهُم ونورُهُم

بتاريخ :14 رمضان 1446هــ / 14 مارس2025م

 

الخطبة الأولي :

الحمدُ للهِ الذي زيَّنَ قلوبَ أوليائِهِ بأنوارِ الوفاقِ، وسقَي أسرارَ أحبائِهِ شرابًا لذيذَ المذَاقِ، وألزمَ قُلوبَ الخائفينَ الوجلَ والإشفاقَ، فلا يَعلَمُ الإنسانُ في أيِّ الداووينِ كُتبَ ولا في أيِّ الفريقينِ يُساقُ، فإنْ سامحَ فبفضلِهِ وإنْ عاقبَ فبعدلِهِ ولا اعتراضَ علي الملكِ الخلاقِ. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير. وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صلَّي اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الطيبين.

 وبعدُ أيُّهَا الأحبةُ الكرام:

إنَّ مِن سننِ الحقِّ تباركَ وتعالي أنّهُ فضّلَ بعضَ الخلقِ علي بعضٍ فجعلَ منهم الأنبياءَ والصديقينَ والشهداءِ والأولياءِ والصالحين، فأفاضَ عليهم مِن كرامَاتهِ وأمدَّهُم برحمتِهِ ونفحاتِهِ، ومِن تلكَ المراتبِ الساميةِ التي اصطفَي اللهُ أصحابَهَا مرتبةُ الشهادةِ، فجعلَهُم اللهُ بعدَ النبيينَ والصِديقينَ وجعلَ لهم نورًا تامًّا وأجرًا عظيمًا يومَ القيامةِ، فقالَ اللهُ: { والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم }. 

والشهادةُ في سبيلِ اللهِ تَعنِي بذلَ النفسِ نصرةً لدينِ اللهِ، وإعلاءً لكلمةِ الحقِ، ودفاعًا عن المالِ والنفسِ والأرضِ والـعِـرض، فاصطفَي اللهُ لهَا مَن شاءَ مِن عبادِهِ كما قالَ اللهُ: { وليعلم اللهُ الذين آمنُوا ويتخذَ منكُم شهداء واللهُ لا يحبُّ الظالمين }.

وعن سعيدِ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ قالَ: ( مَن قُتلَ دونَ مالِهِ فهو شهيدٌ، ومِن قُتلَ دونَ أهلِهِ أو دونَ دمهِ أو دونَ دينهِ فهو شهيدٌ ).

تابع / خطبة الجمعة 14 مارس 2025 : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم – صوت الدعاة

بـل وعن أبي موسي الأشعري رضي اللهُ عـنهُ أنَّ رجلًا جاءَ إلي النبيِّ فقالَ يا رسولَ اللهِ: ( الرجلُ يُقاتِلُ حميةً ويقاتلُ شجاعةً ويقاتلُ رياءً، فأيُ ذلكَ في سبيلِ اللهِ؟ فقالَ النبيُّ ﷺ مَن قاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا فهو في سبيلِ اللهِ ).

ولـذلِـكَ فإنَّ بذلَ الروحِ فـداء الدينِ والوطـنِ لهو أرقَي معانِي الإنسانيةِ وأجلُّ صورِ التضحيةِ، فهل هناك أفضلُ مِمّن جادَ بنفسِهِ ليحيَا غيرُهُ؟ إنَّ كُـلَّ قطرةِ دمٍ سالت مِن شهيدٍ حَفِظَ اللهُ بهَا دماءَ الكثيرِ مِن المسلمين.

فتعالوا بنَا أيُّهَا الأحبةُ الكرامُ لنتعرفَ أولاً لماذا سُمِّيَ الشهيدُ شهيداً ؟

وما سُمِّيَ الشهيدُ شهيداً إلّا لأنَّهُ حيٌّ عندَ اللهِ فكأنّهُ شاهدٌ وحاضرٌ بينَ أعينِنَا، كما قالَ اللهُ: { يا أيُّها الذينَ آمنُوا استعينُوا بالصبرِ والصلاةِ إنَّ اللهَ مع الصابرينَ• ولا تقولُوا لِمَن يُقتلُ في سبيلِ اللهِ أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون }.

وكذلك سُمِّيَ الشهيدُ شهيداً لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَشهدُ لهُ وكذلكَ الملائكةُ تشهدُ لهُ أي يُقرونَ لهُ بالجنةِ، وتشهدُ لهُ الأرضُ التي ماتَ عليهَا دِفاعاً عن دينِهِ وعِرضِهِ، كما قالَ النبيُّ : ( ما مِن مجروحٍ جُـرحَ في اللهِ إلّا بعثَهُ اللهُ يومَ القيامةِ وجرحُهُ يُدمي، اللونُ لونُ الدمِ، والريحُ ريحُ المسكِ ).

فالشهيدُ هو الذي يَأبَي الدنيةَ في دينهِ ويَرفـضُ المذلةَ والهوانَ، ولـذلـِكَ قال اللهُ مخاطِباً أهـلَ الإيمانِ: { إنْ يمسسكُم قرحٌ فقد مسَّ القومَ قرحٌ مثلُهُ وتلك الأيامُ نداولُهَا بينَ الناسِ وليعلَمَ اللهُ الذينَ آمنُوا ويتخذَ منكُم شهداءَ واللهٌ لا يحبُّ الظالمين }.

وتعالُوا بنَا أيُّهَا الأحبةُ الكرامُ لنتعرفَ علي بعضٍ مِن فضائلِ الشهداءِ؟

لقد اختصَ اللهُ الشهداءَ بمنحٍ عظيمةٍ وفضائلَ كريمةٍ:

أولُهَا: أنْ جعلَهُم اللهُ يحيونَ بعدَ الإستشادِ مباشرةً، فقالَ جلَّ وعلا: ( ولا تقولُوا لِمَن يقتلُ في سبيلِ اللهِ أمواتُ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرونولمَّا سُئِلَ النبيُّ عن تفسيرِ قولِ اللهِ تعالي: ( ولا تحسبنَّ الذينَ قتلُوا في سبيلِ اللهِ أمواتاً بل أحياءٌ عندَ ربِّهِم يرزقون )، أجابَ النبيُّ قائلاً: ( أرواحُهُم في جوفِ طيرٍ خضرٍ، لهَا قناديلُ معلقةٌ بالعرشِ  تسرحُ مِن الجنةِ حيثُ شائت، ثم تأوي إلي تلكَ القناديلِ،  فاطلعَ إليهِم ربُّهُم اطلاعةً فقال : هل تشتهون شيئاً ؟ قالوا : أيّ شئٍ نشتهِي ونحن نسرحُ مِن الجنةِ حين شئنَا، فكررَهَا ثلاثةً، فقالوا : يا ربِّ نريدُ أنْ تردَّ أرواحَنَا في أجسادِنَا حتي نقتلَ في سبيلِكَ مرةً أخري ).

ثانياً: جعلَهُم اللهُ فـي المرتبةِ الثالثةِ بعدَ النبيينَ والصديقينَ، فقالَ جلَّ وعلا: ( ومَن يطع اللهَ والرسولَ فأولئِكَ مع الذينَ أنعمَ اللهُ عليهم مِن النبيينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ وحَسُنَ أولئكَ رفيقاً فمِن فضائلِ الشهيدِ أنْ يكونَ رفيقاً للنبيينَ والصديقينَ يومَ القيامةِ في الجنةِ.

تابع / خطبة الجمعة 14 مارس 2025 : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم – صوت الدعاة

ثالثاً: أنّ كتابَ حسناتِهِم مفتوحٌ وفـي ازديادٍ إلي يومِ القيامةِ، قالَ النبيُّ : ( كلُّ ميتٍ يُختمُ  علي عملِهِ إلّا الذي ماتَ مرابطاً في سبيلِ اللهِ فإنّهُ يُنمَّي لهُ عملُهُ إلي يومِ القيامةِ ويأمنُ مِن فتنةِ القبرِ ).                 

فالشهيدُ لا يُفتنُ في قبرِهِ كما قالَ رسولُ اللهِ لمّا سُئِلَ يا رسولَ اللهِ ما بالُ المؤمنين يُفتنونَ في قبورِهِم إلّا الشهيد ؟ فأجابَ النبيُّ قائلاً: ( كفي ببارقةِ السيوفِ علي رأسهِ فتنة ).

رابعاً: أنَّ لهُم عندَ اللهِ سِتَّ خصالٍ، قال النبيُّ : ( للشهيدِ عندَ اللهِ ستُّ خصالٍ يُغفرُ لهُ في أولِ دفعةٍ مِن دمِهِ، ويري مقعدَهُ مِن الجنةِ، ويُجارُ مِن عذابِ القبرِ، ويأمنُ مِن الفزعِ الأكبرِ، ويُحلَّي حُلةَ الإيمانِ، ويُزوجُ مِن الحورِ العينِ، ويَشفعٌ لسبعينَ إنساناً مِن أقاربِهِ )، فالشهيدُ ذنبُهُ مغفورٌ، وسعيهُ مشكورٌ، وأجرُ عملِهِ موصولٌ، ومِن سكراتِ الموتِ وعذابِ القبرِ نجَا، وفي القيامةِ ارتفعَ وعلا، وفي الجنةِ ينتظرهُ الحورُ العينُ، ولأهلِهِ وأقاربِهِ يَـتـشـفـعُ بالـنجـاةِ مِن الـعـذابِ المهين.

خامساً: أنَّهٌم  لا يَشعرونَ بألمٍ عندَ المـوتِ: فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ قالَ: ( ما يجدُ الشهيدُ مِن مَسِّ القتلِ إلّا كما يجدُ أحدُكُم مِن مَسِّ القَرصَةِ )، فالشهيدُ ألمُهُ عـنـدَ موتهِ وكأنَّ إنساناً قرصَ إنساناً، فألمُ القرصةِ يسيرٌ علي الإنسانِ.

سادساً: أنّهٌم لا يُصعقونَ مِن النفخِ فـي الصورِ، فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ سألَ جبريلَ عليه السلامُ عن قولِ اللهِ تعالي: { ونُفخَ في الصورِ فـصَـعِـقَ مَن في السماواتِ ومَن في الأرضِ إلّا مَن شاءَ الله }، فقالَ :  مِن الذينَ لم يشأْ اللهُ أنْ يصعقَهُم ؟ قال: هم شهداءُ اللهِ.

قالَ بعضُ العلماءِ: إلّا مَن شاءَ اللهُ منهم الشهداءُ وعـرشُ الرحمنِ وكُـرسي الرحمنِ وملائكةُ الرحمنِ والحورُ العينُ ونبيُ اللهِ موسَي عليهِ السلامُ لأنّهُ صُـعِــقَ قـبـلَ ذلـك.                                                            سابعاً: للشهيدِ فـي الجنةِ مائةُ درجةٍ ما بينَ كلِّ درجتينِ كما بينَ السماءِ والأرضِ، فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ النبيَّ قال: ( إنَّ في الجنةِ مائةَ درجةٍ أعدّهَا اللهُ للمجاهدينَ في سبيلِ اللهِ، ما بينَ الدرجتينِ كما بينَ  السماءِ  والأرضِ )، ولذلك كانَ الصحابةُ يَتسابقونَ علي نيلِ الشهادةِ لعظمِ مكانتِهَا وفضلِهَا.

تابع / خطبة الجمعة 14 مارس 2025 : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم – صوت الدعاة

فتعالوا بنا أيُّها الأحبةُ الكرامُ لنتعرفَ كيف كان الصحابةُ يتسابقونَ علي نيلِ الشهادةِ ؟

فها هو حنظلةُ بنُ أبي عامرٍ رضي اللهُ عنه : قُتِلَ شهيداً في ليلةِ عُرسِهِ وسُمِّيَ بغسيلِ الملائكةِ؛ لأنَّ النبيَّ قال لزوجتِهِ ( كيف خرجَ ؟ قالت : خَـرجَ وهو جنبٌ حين سمعَ الهاتفةَ للجهادِ، فقالَ النبيُّ ﷺ: فلذلِكَ غسلتهُ الملائكةُ فلقَي ربَّهُ شهيداً ).

وها هم القادةُ الثلاثةُ فـي غزوةِ مؤتة زيدٌ وجعفرٌ وعبدُ اللهِ بنُ رواحةَ:  فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ خطَبَ النبيُّ فقال: ( أخذَ الرايةَ زيدٌ فأصيبَ، ثم أخذَهَا جعفرٌ فأصيبَ، ثم أخذَهَا عبدُ اللهِ بنُ رواحةَ فأصيبَ، ثمَّ أخذَهَا خالدٌ بنُ الوليدِ ففتحَ لهُ )، قالَهَا وعـيـناهُ تـذرفان.

و ها هو عبدُ اللهِ بنٌ عمروِ بن حرامٍ : يقول ابنهُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ لقينِي رسولُ اللهِ فقالَ ليَ ( ياجابر مالي أراك منكسراً ؟ قلت يا رسولَ اللهِ استشهدَ أبي . قُتل يومَ أحدٍ وتركَ عِيالاً وديناً، قال أفلا أبشرُكَ بما لقَي اللهُ بهِ أباكَ،  قلت بلي يا رسولَ اللهِ، قال  يا جابر ما كلمَ اللهُ أحداً قط إلّا مِن وراءِ حجابٍ، وإنَّ اللهَ أحيا أباكَ فكلمَهُ كفاحاً بدونِ حجابٍ، فقالَ: يا عبدي تَمنَّ عليَّ أعُطكَ، قالَ: ياربِّ أريدُ أنْ تحييني فأقتلُ فيكَ مرةً ثانيةً، فقالَ اللهُ إنّهُ قد سبقَ منِّي أنّهُم إليها لا يُرجَعون، فقالَ : ياربِّ فأبلغ مَن ورائِي )، فنزلَ قولُ اللهِ: { ولا تحسبنَّ الذينَ قُتلُوا في سبيلِ اللهِ أمواتاً بل أحياءٌ عندَ ربِّهِم يرزقون }.

وها هو عمرُو بنُ الجموحِ رضي اللهُ عنه: لما تراءَ الجمعانِ يومَ أُحدٍ أتي عمرُو إلي رسولِ اللهِ فقالَ يارسولَ اللهِ: ( أرأيتَ إنْ قاتلتُ في سبيلِ اللهِ حتي أقتلَ  أأمشِي برجلِي هذه صحيحةً في الجنةِ؟ وكانت رجلُهُ عرجاء، فقالَ لهُ ﷺ نعم، فقتلَ يومَ أُحـدٍ فمرَّ عليهِ فقالَ: ( كأنِّي أنظرُ إليكَ ياعمرُو أو كأنِّي أراكَ ياعمرُو تمشِي برجلِكَ هذه صحيحةً في الجنةِ )، رضي اللهُ عنهٌ وأرضااه .

ولذلك كان النبيُّ يتلطفُ مع أهلِ الشهداءِ ويواسيهِم في مصابهِم، فعندمَا جاءت أمُّ حارثةَ تسألُ النبيَّ عن حارثةَ وتقولُ لهُ: (ألَا تحدثنِي عن حارثةَ؟ وكان قُتلَ يومَ بدرٍ أصابَهُ سهمٌ غربٌ، فإنْ كانَ في الجنةِ صَبَرتُ وإنْ كان غيرَ ذلكَ اجتهدتُ عليهِ في البكاءِ)، فقالَ النبيُّ: (يا أمَّ حارثةَ إنّهَا جنانٌ في الجنةِ، وإنَّ ابنكِ أصابَ الفردوسَ الأعلي).     

فالشهادةُ لها منزلةٌ عظيمةُ مَن تمنَّاهَا بِصدقٍ وإخلاصٍ بَلغَهُ اللهُ منازلَ الشهداءِ وإن ماتَ علي فراشهِ، ولذلك كان سيدُنَا عمرُ رضي اللهُ عنه يقولُ: ( اللهُمَّ ارزقنِي شهادةً في سبيلِكَ واجعلْ موتِي في بلدِ رسولِكَ ﷺ )، فلمَّا تمناهَا بـصـدقٍ اسـتجـابَ اللهُ دعـاءَهُ ورزقَهٌ الشهادةَ ودفـنَ بجوارِ المصطفَي لمَّا طعنَهٌ أبو لؤلؤةَ المجوسِي وهو خارجٌ لصلاةِ الفجرِ، ولمَّا أفاقَ رضي اللهُ عنه سألَ مَن طعننِي؟ فقِيلَ لهُ أبو لؤلؤةَ المجوسي، فقالَ ( الحمدُ للهِ الذي لم يجعلْ قتلِي علي يدي عبدٍ قد سجدَ للهِ سجدةً يُحاجنِي بهَا يومَ القيامةِ)، فالشهادةُ كراماتٌ ومَقاماتٌ وبِشاراتٌ يَصطفي اللهُ لهَا مَن شاءَ مِن عبادِهِ، فاللهَ أسألُهُ أنْ نكونَ منهم.

تابع / خطبة الجمعة 14 مارس 2025 : والشهداءُ عندَ ربِّهِم لهُم أجرُهُم ونورُهُم – صوت الدعاة

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: { ولا تقولُوا لِمَن يُقتلُ في سبيلِ اللهِ أمواتٌ بل أحياءٌ ولكن لا تشعرون }، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمداً عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ.

وبعدُ أيُّها الأحبةُ الكرامُ:

إنَّ المتحدثَ مهما أوتِيَ مِن فصاحةٍ وبلاغةٍ تبقَي كلماتُهُ قاصرةً عن وصفِ هذه الفئةِ مِن البشرِ التي اصطفاهَا اللهُ وأكرمهَا وهُم الشهداءُ، ولذلكَ كانَ النبيُّ مع عظيمِ منزلتهِ وعـلو قدرهِ يسألُ اللهَ دائماً الشهادةَ في سبيلهِ بياناً لِعظمِ منزلتِهَا وتَرغيباً لأمتِهِ في طلبِهَا، فيقولُ : ( لو لا أنْ أشقَّ علي أمتِي ما قعدتُ خلفَ سريةٍ ولوددتُ أنِّي أقتلُ في سبيلِ اللهِ ثم أحيَا ثم أقتلُ ثم أحيَا ثم أقتلُ ).

فالشهادةُ في سبيلِ اللهِ هي التجارةُ الرابحةُ التي لا تبورُ؟ وكـيفَ تبورُ واللهُ عـلقَ عليها مغفرةَ الذنوبِ والنصرَ في الدنيا والأخرةِ والفوزَ بالجنةِ، فقالَ الله: { إنَّ اللهَ اشتري مِن المؤمنين أنفسَهُم وأموالَهُم بأنَّ لهُم الجنةَ يُقاتلونَ في سبيلِ اللهِ فيَقتلونَ ويُقتلونَ وعداً عليهِ حقًّا في التوراةِ والإنجيلِ والقرآن }، فالمشترِي هو اللهُ والثمنُ هو الجنةُ.

ولذلك كان النبيُّ يحثُ أصحابَهٌ ويحثُّنَا علي ذلِكَ فيقولُ: (رباطُ يومٍ في سبيلِ اللهِ خيرٌ مِن الدنيا وما عليها).

ولكن كـلُّ هـذه المنازلِ التي أعدّهَا اللهُ للشهداءِ هي لشهيدِ الحـقِّ، فهناك شهيدُ الحقِّ وقتيلُ الباطلِ، فالشهيدُ الحقُّ هـو مَن عرفَ الحقَّ وأخلَصَ لهُ وضحَّي مِن أجلِهِ ودافعَ عن دينهِ ومالهِ وأرضهِ وعرضهِ، وهو الذي قال عنه النبيُّ : ( مَن قاتلَ لتكونَ كلمةٌ اللهِ هي العليا فـهـو في سبيلِ اللهِ ).

وليس المالُ والنفسُ أقلَّ مكانةً مِن العِرضِ والوطنِ أيضاً، فلقد جاءَ رجلٌ إلي النبيِّ قائلاً له يا رسولَ اللهِ: ( أرأيتَ إنْ جاءَ رجلٌ يريدُ أخذَ مالِي؟ قالَ: لا تعطهِ مالَكَ، قالَ: أرأيتَ إنْ قاتلنِي؟ قالَ النبيُّ:  قاتله، قالَ:  أرأيتَ إنْ قتلنِي؟ قالَ: أنت شهيدٌ، قالَ: أرأيتَ إنْ قتلتهُ، قال: هو في النارِ ).

بل إنَّ مِن عِـظـمِ الإسلامِ أنّهُ لم يَنسَ حُقوقَ الشهداءِ بل أمرَنَا بزيارتِهِم وتفقدِ أحوالِهِم فكانَ النبي يزورُ الشهداءَ ويواسِيهم، كما قالَ أنسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه: ( لم يكن النبيُّ ﷺ يدخلُ بيتاً في المدينةِ بعدَ أزواجِهِ إلّا بيتَ أمِّ سَليمٍ، فقِيلَ لهُ، فقالَ: إني ارحمُها، قتل أخوها معي )، وأخوهَا هو حـرامُ بنُ ملحان، الذي قُـتِـلَ في غـزوةِ بـئـرِ مـعـونـة.

بل ولمَّا قُتِلَ جعفرُ بنُ أبِي طالبٍ رضي اللهُ عنهُ قالَ النبيُّ: ( اصنعوا لألِ جعفر طعاماً فقد آتاهُم ما يشغلُهُم

بل إنَّ مِن حقوقِ الشهداءِ أيضاً النفقةَ علي أبنائِهِم وذويهِم مِن بعدِهِم، فلقد قالَ عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ: ( أربعٌ مِن أمرِ الإسلامِ لستُ مضيعهنَّ ولا تاركهنَّ لشيءٍ أبداً، وذكرَ منهم: المهاجرون الذين تحتَ ظلالِ السيوفِ ألّا يحبسُوا ولا يـجـمـرُوا وأنْ يوفرَ فيءُ اللهِ عليهم، وأكونَ أنا للعيالِ حتي يقدمُوا)، فكانَ رضي الله؟ عنه يُكرمُ أبناءَ الشهداءِ ويُفضلهم علي غيرهم .

                                                         وآخرُ دعوانَا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين.  

بقلم: محمود عبد الله كامل

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »