خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز “الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة”
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : “الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة” ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 24 رجب 1443هـ، الموافق 25 فبراير 2022م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 فبراير 2022م بعنوان : “الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة” .
أولًا: الصلاةُ معراجُ المؤمنِ.
ثانيــــًا : احذرْ يا تاركَ الصلاة.
ثالثــــًا: تساؤلاتٌ محيرةٌ بينَ الناسِ؟
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 فبراير 2022م بعنوان : “الإسراء والمعراج وفرضية الصلاة” : كما يلي:
خطبةُ الجُمعةِ القادمةِ بعنوان: الإسراءُ والمعراجُ وفرضيةُ الصلاةِ د. محمد حرز بتاريخ: 24 رجب 1443هــ – 25 فبراير2022م
الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ (المؤمنون: 1، 2)، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَليُّ الصالحين، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصفيُّهُ مِن خلقِهِ وخَلِيلُهُ ، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أما بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ فَهِيَ خَيْرُ زادٍ ليومِ المعادِ(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة: ١٩٧)
(( الإسراءُ والمعراجُ وفرضيةُ الصلاةِ.)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: الصلاةُ معراجُ المؤمنِ.
ثانيــــًا : احذرْ يا تاركَ الصلاة.
ثالثــــًا: تساؤلاتٌ محيرةٌ بينَ الناسِ؟
أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن فرضيةِ الصلاةِ وعن تاركِ الصلاةِ، وخاصةً وأنَّ الصلاةَ هي العبادةُ الوحيدةُ التي فُرضتْ في السماءِ في ليلةِ الاسراءِ والمعراجِ فكانتْ خمسينًا في الأجرِ وخمسًا في العملِ، وخاصةً عندما تنظرُ إلى حالِ الناسِ في الصلاةِ تبكِي بدلَ الدموعِ دمًا وتقولُ واحسرتاهُ وآسفاهُ !!!!عندما تري الكثيرَ من المصلين لا يأتونَ إلى المسجدِ إِلّا والإمامُ في نهايةِ الخُطبةِ، ويجلسونَ في مؤخرةِ المسجدِ يتحدثونَ ويلهونَ ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ، وخاصةً وأنَّ هناكَ مِن الناسِ مَن لا يُصلّي إِلّا في رمضانَ فقط، ومِنهم مَن لا يُصلّي إلا الجمعةَ فقط ،ومِنهم لا يدخلُ المسجدَ إِلّا مرةً واحدةً لا مِن أجلِ الصلاةِ، وإنَّما مِن أجلِ أنْ يُصلى عليهم ويقولونَ: العملُ عبادةٌ !! المهمُّ القلب !!كذبُوا وربِّ الكعبةِ ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولاً: الصلاةُ معراجُ المؤمنِ.
أيُّها السادةُ: الصلاةُ فريضةٌ مِن فرائضِ اللهِ جلَّ وعلا ، مفروضةٌ على كلِّ مسلمٍ، سواءٌ كان غنيًّا أو فقيرًا، صحيحًا أو مريضًا، ذكرًا أو أنثى، مقيمًا أو مسافرًا، في أمنٍ أو في خوفٍ,فالصلاةُ قرةُ عيونِ المؤمنين، يا سادةٌ والصلاةُ معراجُ المتقين، بل الصلاةُ قرةُ عينِ سيدِ المرسلين نبيِّنَا محمدٍ عليه أفضلُ الصلاةِ وأزكى التسليم,والصلاةُ عمادُ الدينِ،وجوهرُ الإسلامِ، وهي رأسُ القرباتِ والعباداتِ، وهي مصدرُ البرِّ، ومبعثُ الخيرِ، وطهرةٌ للقلبِ من أدرانِ الذنوبِ والمعاصي والآثامِ، فبصلاحِهَا يُصلحُ العملُ كلُّهُ، وبفسادِهَا يفُسدُ العملُ كلُّهُ. فالصلاةُ هي العبادةُ الوحيدةُ التي فُرضتْ في السماءِ في ليلةِ المعراجِ فهي معراجُ المؤمنِ، والصلاةُ صلةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ، والصلاةُ عمادُ الدينِ مَن أقامَهَا فقد أقامَ الدينَ ومَن تركَهَا فقد هدمَ الدينَ؛ لحديثِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم(( رَأْسُ الْأَمْرِ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ) (رواه الترمذي) ,والصلاةُ مِن أفضلِ الأعمالِ والقرباتِ إلى اللهِ جلَّ وعلَا؛ لحديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ:( الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله) (متفق عليه ) و الصلاةُ نورٌ للإنسانِ في حياتِهِ وفي قبرِهِ وفي محشرِهِ وفي جنتِهِ ويظهرُ هذا النورُ على الوجهِ وجميعِ جوارحِهِ؛ لحديثِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا” (رواه مسلم) بل الصلاةُ تجعلُ الإنسانَ مِن أحبابِ اللهِ جلَّ وعلَا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إلى عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلى مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلى بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ” (متفق عليه) و الصلاةُ تكفرُ الذنوبَ والمعاصي والآثامَ فإذا أذنبتَ فصلِّى لربِّكَ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قَالُوا لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا” (رواه البخاري) وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إلىّ هَذَا؟ قَالَ:” لِجَمِيعِ أُمتى كُلِّهِمْ ” (متفق عليه), بل اُنظرْ إلى هذا الحديثِ الماتعِ الذي لو ذكرتُهُ في هذا اللقاءِ لكفَى عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال :قال رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم : “تحترقُون تحترقُون فإذا صليتُم الصبحَ غسلتْهَا ثم تحترقُون تحترقُون فإذا صليتُم الظهرَ غسلتْهَا ثم تحترقُون تحترقُون فإذا صليتُم العصرَ غسلتْهَا ثم تحترقُون تحترقُون فإذا صليتُم المغربَ غسلتْهَا ثم تحترقُون تحترقُون فإذا صليتُم العشاءَ غسلتْهَا ثم تنامُون فلا يُكتَبُ عليكم حتى تستيقظُوا ” (رواه الطبراني) و الصلاةُ سببٌ من أسبابِ دخولِ جنةِ النعيمِ فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَرُكُوعِهِنَّ وَسُجُودِهِنَّ وَمَوَاقِيتِهِنَّ وَصَامَ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَأَعْطَى الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ قَالُوا يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَمَا أَدَاءُ الْأَمَانَةِ قَالَ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ”( رواه أبو داود) وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا : ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ”(رواه أحمد)
بل الصلاةُ ترفعُ صاحبَهَا إلى درجةِ الشهداءِ والصديقين في جنةِ ربِّ العالمين فعن عمروِ بنِ مرةَ الجهنِي رضي اللهُ عنه قال: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ: يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ شَهدتُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّكَ رَسولُ اللهِ وصلَّيتُ الصَّلواتِ الخمسِ وأدَّيْتُ الزَّكاةَ وصُمْتُ رمضانَ وقُمْتُه فمِمَّنْ أنا ؟ قال : “من الصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ” (رواه ابن حبان)
والصلاةُ قسمةٌ بينَ العبدِ وربِّهِ فأيُّ شرفٍ بعدَ هذا الشرفِ أنْ تتحدثَ مع ربِّ العزةِ جلَّ شأنهُ !!فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” قَالَ اللَّهُ تعالى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }قَالَ اللَّهُ تعالى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قَالَ اللَّهُ تعالى أَثْنَى على عَبْدِي وَإِذَا قَالَ{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إلى عَبْدِي فَإِذَا قَالَ{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ)(رواه مسلم) بل كفَي بالصلاةِ شرفًا وفضلًا أنَّها راحةٌ للبالِ وطمأنينةٌ للنفسِ فالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أحزنَهُ أمرٌ قَالَ : “يَا بِلَالُ أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ” بل رأي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبَا هريرةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ يشتكِي من بطنِهِ فأمرَهُ بالصلاةِ؛ فإنَّها شفاءٌ. لكنَّها الصلاةُ المكتملةُ الأركانِ والشروطِ، الصلاةُ التي كان الإمامُ علىٌّ إذا دخلَ فيها أصفرَّ لونُهُ وارتعدَ جسدُهُ ولما سُأِلَ عن ذلك قال لهم: أتدرُون على مَن أقبلُ؟. وهذا هو حاتمٌ الأصمُّ رضي اللهُ عنه أنَّه سئلَ عن صلاتِهِ، فقال: إذا حانتْ الصلاةُ أسبغتُ الوضوءَ وأتيتُ الموضعَ الذي أريدُ الصلاةَ فيه فأقعدُ فيه حتى تجتمعَ جوارحي، ثم أقومُ إلى صلاتِي وأجعلُ الكعبةَ بينَ حاجبيَّ والصراطَ تحتَ قدميَّ والجنةَ عن يمينِي والنارَ عن شمالِي وملكَ الموتِ ورائِي أظنُّهَا آخرَ صلاتِي “باللهِ عليكَ مَن مِنّا يفعلُ هذا نأتي إلى الصلاةِ ومنّا مَن هو مشغولٌ بالتجارةِ ومنّا مَن هو مشغولٌ بالزراعةِ، ومنّا مَن هو مشغولٌ بالزوجةِ والأولادِ ولا حولَ ولا قوةَ إِلّا باللهِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا : احذرْ يا تاركَ الصلاة
أيُّها السادةّ : هناك الكثيرُ من الناسِ يؤخرُون الصلاةَ عن وقتِهِا، ولا يصلون الصبحَ حتى تطلعَ الشمسَ ولا يصلون الظهرَ حتى يأتي العصرُ ….وإذا صلَّى أحدُهُم نقرَ الصلاةَ كنقرِ الغرابِ، مع أنَّ تأخيرَ الصلاةِ عن وقتِهَا جرمٌ خطيرٌ وذنبٌ عظيمٌ قال ربُّنَا :(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) (مريم :59) قال ابنُ مسعودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ :(أَضَاعُوا الصَّلاةَ ) :أي أخرّوها عن وقتِهَا، قال ابنُ عباسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : ليس معنَي أضاعُوهَا أي تركُوها بالكليةِ ولكنْ أخرُوهَا عن وقتِهَا. قال سعيدُ بنُ المسيَّبِ إمامُ التابعين رحمَهُ اللهُ: هو أنْ لا يُصلِّى الظهرَ حتى يأتي العصرُ ولا يُصلِّى العصرَ إلا المغربَ ولا يُصلِّى المغربَ إلا العشاءِ ولا يُصلِّى العشاءَ إلا الفجرِ ولا يُصلِّى الفجرَ إلا طلوعَ الشمسِ. فمَن ماتَ وهو مُصِّرٌ على هذه الحالةِ ولم يتبْ وعدَهُ اللهُ بغيٍّ وهو وادٍ في جهنمَ بعيدٌ قعرُهُ خبيثٌ طعمُهُ. يا ربِّ سلم قال جلَّ وعلا:( فَوَيْلٌ لِلْمُصلىنَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ) أي غافلُون عنها متهاونُون بها. وسماهُم الملكُ مصلين لكنّهُم لما تهاونُوا وأخرُوهَا عن وقتِهَا وعدَهُم بويلٍ وهو شدةُ العذابِ وقيل: هو وادٍ في جهنمَ لو سُيرتْ فيه جبالُ الدنيا لذابتْ من شدةِ حرِّهِ وهو مسكنُ مَن يتهاونُ بالصلاةِ ويؤخرُهَا عن وقتِهَا، إِلّا أنْ يتوبَ إلى اللهِ تعالى ويندمَ على ما فرط َيا ربِّ سلِّم !!بل قال بعضُ المفسرين في تفسيرِ قولِ الحقِّ تباركَ وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} ( المنافقون: 9). قال: أي الصلاةُ المفروضةّ فمَن شغلَهُ مالُهُ وتجارتُهُ وأولادُهُ عن الصلاةِ في وقتِهَا كان مِن الخاسرين. لقولِهِ تعالى بعدَهَا: {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}هذا جزاءُ مَن يُصلى لكنّهُ يؤخرُ الصلاةَ عن وقتِهَا فما بالُكُم بمَن تركَ الصلاةَ بالكليةِ ؟هذا جزاءُ مَن يُصلِّى لكنّهُ يؤخرُ الصلاةَ عن وقتِهَا يا سادةٌ فما بالكُم بمَن ضيعَ الصلاةَ بالكليةِ؟ يا ربِّ سلم فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ : “مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ “( رواه أحمد في مسنده) . فتاركُ الصلاةِ ملعونٌ يا سادةٌ فو اللهِ الذي لا الهَ إلا هُو لو أنطقَ اللهُ الجمادَ والحيوانَ وكلَّ شيءٍ للعَنَتْ هذه الأشياءُ تاركَ الصلاة، واللهِ لكأنِّي بتاركِ الصلاةِ يلعنُهُ الثوبُ الذي يلبسُهُ ،واللهِ لكأنِّي بالثوبِ يقولُ لهُ بلسانِ الحالِ يا تاركَ الصلاةَ واللهِ لولا أنَّ ربِّي سخرنِي لكَ لفررتُ مِن على جسدِكَ .واللهِ لكأنِّي بلقمةِ العيشِ التي هي مِن رزقِ اللهِ والتي هي مِن نعمةِ اللهِ والتي هي مِن فضلِ اللهِ تقولُ له بلسانِ الحالِ يا عدوَّ اللهِ تأكلُ رزقَ اللهِ وتضيعُ فرائضَهُ؟ واللهِ لكأنِّي بتاركِ الصلاةِ يلعنُهُ البيتُ الذي يعيشُ فيه يلعنهُ البيتُ الذي يأويه يلعنهُ البيتُ الذي يحميهِ من المطرِ والشمسِ والبردِ، ويقولُ لهُ بيتُهُ بلسانِ الحالِ في كلِّ صباحٍ إذا ما خرجَ تاركُ الصلاةِ لعملهِ، إذا ما لهثَ وسعَى إلى الدنيا وضيعَ فرائضَ الله ِجلَّ وعلا ، يقولُ لهُ: يا عدوَّ اللهِ أُخرجْ مني أُخرجْ مني لا صَحَبكَ اللهُ في سفرِكَ ولا خلفَكَ اللهُ في أثرِكَ ولا ردَّكَ اللهُ إلى أهلِكَ وأولادِكَ سالمًا غانمًا. فتاركُ الصلاةِ ملعونٌ ..
أيُّها السادةُ: لقد أجمعَ العلماءُ على أنّ ترْكَ الصلاةِ مِن أعظمِ الذنوبِ، ومِن أكبرِ الكبائرِ عندَ علامِ الغيوبِ جلَّ وعلا، وأنّ إِثمَ تاركِ الصلاةِ، وذنبَ تاركِ الصلاةِ هي أعظمُ عندَ اللهِ من القاتلِ، وأقبحُ عندَ اللهِ من الزاني، وأقبحُ عندَ اللهِ مِن شاربِ الخمرِ، وأقبحُ عندَ اللهِ مِن أكلِ الربا .يا ربِّ سلم ، رُوِيَ { أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ جَاءَتْ إلَى مُوسَى – صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ – فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَذْنَبْت ذَنْبًا عَظِيمًا وَقَدْ تُبْتُ إلَى اللَّهِ – تعالى – فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبِي وَيَتُوبَ على ، فَقَالَ لَهَا مُوسَى : وَمَا ذَنْبُك ؟ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ زَنَيْتُ وَوَلَدْتُ وَلَدًا وَقَتَلْتُهُ ، فَقَالَ لَهَا مُوسَى – عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: اُخْرُجِي يَا فَاجِرَةُ ، لَا تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتُحْرِقُنَا بِشُؤْمِك فَخَرَجَتْ مِنْ عِنْدِهِ مُنْكَسِرَةَ الْقَلْبِ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ : يَا مُوسَى الرَّبُّ – تعالى – يَقُولُ لَك: لِمَ رَدَدْتَ التَّائِبَةَ ؟ يَا مُوسَى أَمَا وَجَدْتَ شَرًّا مِنْهَا ؟ قَالَ مُوسَى يَا جِبْرِيلُ وَمَنْ شَرٌّ مِنْهَا ؟ قَالَ : مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَامِدًا مُتَعَمِّدًا } .التاركُ للصلاةِ أشدُّ من الزاني أشدُّ من القاتلِ أشدُّ عند اللهِ من شاربِ الخمرِ.
قال ربُّنَا: {أفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ{35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ{36}) إلى قولِهِ تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ{42} خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ{43}) كانوا يُدعون إلى السجودِ في الدنيا وهم سالمونَ فأبَوا السجودَ للهِ جلَّ وعلا , فحجبَ اللهُ عنهم السجودَ يومَ القيامةِ. هذا مَن ضيعَ الصلاةَ. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا “( رواه البخاري) بل تَرْكُ الصلاةِ بالكليةِ يحبطُ جميعَ الأعمالِ؛ لأنَّ قَبولَ جميعَ الأعمالِ موقوفٌ على الصلاةِ فلا يقبلُ اللهُ تعالى مِن تاركِ الصلاةِ صومًا ولا حجًّا ولا صدقةً ولا جهادًا ولا شيئًا من الأعمالِ؛ لأنَّ العبدَ يسألُ أولَ ما يسألُ عن الصلاةِ؛ لحديثِ أبـي هريرةَ رضي اللَّهُ عنه قال : سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (إن أولَ ما يحاسبُ به العبدُ بصلاتِه، فإن صَلَحت فقد أفلحَ وأنجحَ، وإن فسدتْ فقد خابَ وخسِرَ) (رواه أبو داود)
فالصلاةُ هي وصيةُ اللهِ للأولينَ والآخرينَ وهي وصيةُ النبيِّ المختارِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخرِ أيامِ حياتِهِ عندمَا خطبَ في الناسِ وهو مريضٌ فكَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الصَّلَاةَ : الصَّلَاةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)وعندما طعنَ أبو لؤلؤة المجوسِي عمرَ بنَ الخطابِ رضي اللهُ عنه، وهو يصلِّى بالمؤمنين الفجرَ، قال عمرُ: لا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصلاةَ. لكنْ هناك تساؤلاتٌ محيرةٌ بين الناسِ أرجئُ الحديثَ عنها إلى ما بعدَ جلسةِ الاستراحةِ …أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ لي ولكم الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلّا بهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………. وبعد
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا : تساؤلاتٌ محيرةٌ بينَ الناسِ:
أيُّها السادةُ: هناك تساؤلاتٌ محيرةٌ بين الناسِ سببُهَا الشيطانُ لكي يصدَّ الناسَ عن ذكرِ اللَّهِ وعن الصلاةِ. فانتبهْ أيُّها الحبيبُ. كما قال ربُّنِا: ] إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [ [المائدة: 91]. فما هي هذه التساؤلاتُ:
قد يقولُ قائلٌ : طالما أنَّ القلبَ سليمٌ فمشْ مُهم الصلاة ، المهمُّ القلبُ، ثم يشيرُ بيدهِ إلى قلبِهِ ويقولُ : التقوى هَا هُنا ؟ وقد يحتجُّ بحديثِ إنّما الأعمالُ بالنياتِ؟ و هذا كلامٌ غيرُ صحيحٍ لعدةِ أوجهٍ: لأنّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ . قال ربُّنَا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ )( البروج : 11) . وكما أنَّ النبـيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال : “إنَّ التقوىَ ها هُنا” ، هو نفسُ النبـيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي أمرَكَ بالصلاةِ: “صلُّوا كما رأيتمونِي أّصلى”. و هل يستطيعُ الإنسانُ الذي لا يُصلى أنْ يقولَ: إنَّما الأكلُ بالنياتِ ولا يأكل كقولِهِ : إنَّما الأعمالُ بالنياتِ ولا يّصلى !؟
بل قد يقولُ قائلٌ: العملُ عبادةٌ؟ والواقعُ أنَّ الإنسانَ لا يثابُ على أيِّ عملٍ إلا بعدَ الصلاةِ ، العملُ عبادةٌ في غيرِ أوقاتِ العبادةِ فلو بنَي مسجدًا في كلِّ مكانٍ، وأعطَى كلَّ مسلمٍ آلافَ الدنانيرِ، فلا يثابُ على ذلك إلا بعدَ الصلاةِ؛ لحديثِ النبـيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أبِـي هريرةَ رضي اللَّهُ عنه قال : سمعتُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: “ إن أولَ ما يحاسبُ به العبدُ بصلاتِه، فإن صَلَحت فقد أفلحَ وأنجحَ، وإنْ فسدتْ فقد خابَ وخسِرَ” (رواه أبو داود ) واعلم أنّ المسلمَ يُثابُ بعدَ صلاتهِ على كلِّ شيءٍ يريدُ بهِ وجهَ اللَّهِ تعالى.
بل قد يقولُ قائلٌ: إنّ فلانًا رجلٌ يُصلّى ولكن معاملتُهُ غيرُ طيبةٍ سيئُ الاخلاق ؟ ولكن أخي ليس هناك أحدٌ حجةً على الإسلام إلّا نبيُّ الإسلامِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لأنّ اللَّهَ تعالى يقولُ: ] وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [ (الحشر : 7 ) . أضفْ إلى ذلك، أنَّ هذا الرجلَ صلاتُهُ ستنهاهُ يومًا ما، جاءَ رجلٌ إلى النبـيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالَ: إنّ فلانًا يُصلى بالليلِ فإذا أصبحَ سرقَ فقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنّه سينهاهّ ما تقولُ ) (رواه أحمد)
بل قد يقولُ قائلٌ: إنَّ فلانًا رجلٌ يُصلى، ولكنَّ اللَّهَ تعالى قد ضيقَ عليه الحالَ، فليس عنده مالٌ ، ولا سياراتٌ ، ولا عقاراتٌ …. على العكسِ مِن فلانٍ، فإنَّهُ لا يُصلى ولكنَّ اللَّهَ يعطيه ؟ ولكنِّي أقولُ: إنّ عطاءَ اللهِ تعالى لإنسانِ ليس دليلاً على محبتهِ ، كما أنَّ منعَ اللَّهِ تعالى له ليس دليلاً على بغضِهِ وصدقَ ربُّنَا إذْ يقولُ: ] أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَ يَشْعُرُونَ [ [ المؤمنون : 56، 57 ] .
وقد يقولُ قائلٌ:عندما أَدخلُ في الصلاةِ أسرحُ كثيرًا، وإذا ضاعَ منه شيءٌ لا أتذكرُهُ إلا في الصلاةِ، ويقولُ لنفسهِ هل قرأتُ الفاتحةَ أم لا ؟والجوابُ : أنّ هذا كلَّهُ مِن الشيطانِ، أقولُ لكم كما قال طبيبُ القلوبِ وأستاذُ البشريةِ صلّى اللهُ عليه وسلم كما في الحديثِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا علىّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ: خَنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي” (رواه مسلم)
بل قد يقولُ قائلٌ: أنا أريدُ الصلاةَ، لكنْ صاحبُ العملِ يَمنعنِي منها، بحجةِ أنّ ذلك يضيعُ وقتَ العملِ ؟ قال اللَّهُ تعالى : ] أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ [ [العنكبوت: 2]. وقال اللَّهُ تعالى: ] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ [ [ الطلاق : 2 ،3 ] . وقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لاَ طَاعَةَ في مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ إِنَّمَا الطَّاعَةُ في الْمَعْرُوفِ ) (متفق عليه)فيا مَن تركتَ الصلاةَ هل فكرتَ يومَ أن، تنامَ على فراشِ الموتِ؟ هل تذكرتَ نداءَ القبرِ لك : يا بنَ آدمَ، أنا بـيتُ الوحشةِ، أنا بـيتّ الظلمةِ، أنا بـيتُ الدودِ، أنا بـيتُ الانفرادِ، أنا الذي مَن دخلنِي طائعًا كنتُ عليه رحمةً، ومَن دخلنِي عاصيًا كنتُ عليه نقمةً.
فاحرصْ على صلاتِكَ تكنْ مِن السعداءِ في الدنيا والآخرةِ، وأفقْ من غفلتِكَ، وحافظْ على صلاتِكَ وأحضرْ قلبِكَ من بيتِكَ، وأعلمْ بأنَّهُ لا نومِ أثقلُ من الغفلةِ ولا نذيرَ أبلغُ من الشيبِ، ولا رقَّ أملكُ من الشهوةِ. أفقْ واغتنمْ الفرصةَ واغتنمْ حياتَكَ قبلَ موتِكَ وصحتَكَ قبلَ سقمِكِ وشبابَكَ قبلِ هرمِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ بالصلاةِ وبالمحافظةِ عليها.
أيُّها المغترُ بطولِ الصحةِ أمَا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ سقمٍ، أيُّها المغترُ بطولِ المهلةِ أمَا رأيتَ ميتًا مِن غيرِ مهلةٍ، أبالصحةِ تغترون؟ أم بطولِ العافيةِ تمرحون؟ رحمَ اللهُ عبدًا عملَ لساعةِ الموتِ، رحمَ اللهُ عبداً عملَ لما بعدَ الموتِ.
يا مَن بدُنياهُ اشتَغَلْ … وغرَّهُ طّولُ الأمَل
الموتُ يأتي بغتةً … والقبرُ صندوقُ العَمَل
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف