خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير بعنوان : أهمية الاستثمار في حياتنا
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : أهمية الاستثمار في حياتنا ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 26 شوال 1443هـ، الموافق 27 مايو 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور خالد بدير : أهمية الاستثمار في حياتنا :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور خالد بدير: أهمية الاستثمار في حياتنا ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور خالد بدير : أهمية الاستثمار في حياتنا ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور خالد بدير : أهمية الاستثمار في حياتنا : كما يلي:
أولًا: أهميةُ الاستثمارِ في الإسلامِ
ثانيًا: ضَوَابِطُ الاستثمَارِ في الإسلامِ
ثالثًا: مجالاتُ الاستثمارِ وصورُهُ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور خالد بدير: أهمية الاستثمار في حياتنا : كما يلي:
المـــوضــــــــــوعُ
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُه ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلَّى اللهُ عليه وسلم. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة : أهمية الاستثمار في حياتنا
أولًا: أهميةُ الاستثمارِ في الإسلامِ
للاستثمارِ أهميةُ كُبرى في الإسلامِ؛ لأنَّهُ أساسُ التنميةِ الاقتصاديةِ للبلادِ، ويُقصَدُ بالاستثمارِ: استخدامُ المالِ قصدَ نمائِهِ وزيادتِهِ وإحيائِهِ، فيمَا أحلَّهُ اللهُ بكلِّ الوسائلِ المشروعةِ لصالحِ الفردِ والجماعةِ .
لذلكَ حثَّ الإسلامُ علَى حركةِ المالِ وتداوُلِهِ وتقلُّبِهِ ودورانِهِ واستثمارِهِ؛ لأنَّ المالَ لمْ يُخْلَقْ للحبسِ وعدمِ التداولِ، وإلَّا لتعطلَّ سيرُ الحياةِ، وحدثتْ المجاعاتُ، وخربتْ البلادُ، وهلكَ العبادُ.
إنَّ الإسلامَ رغَّبَ في كلِّ وسيلةٍ تؤدِّي إلى تشغيلِ المالِ واستثمارِهِ وتداوُلِهِ، فحثَّ على التجارةِ بشتَّي ألوانِهَا، وجعلَ طرقًا عديدةً لمنْ يَمْلِكُ المالَ ولا يقدرُ على العملِ، فأجازَ المزارعةَ؛ لأنَّ أصحابَ الأرضِ لا يقدرونَ على زرعِهَا وهمْ في حاجةٍ إلى الزرعِ، وغيرُهُمْ في نفسِ الحاجةِ ولا أرضَ لَهُمْ، فاقتضتْ حِكْمَةُ الشارعِ جوازَ المزارعةِ، وكذلكَ المضاربةِ وجميعِ طرقِ الكسبِ والشركاتِ الجائزةِ شرعًا بشروطِهَا وضوابِطِهَا؛ لأنَّ الدراهمَ والدنانيرَ، لا تُنمَّي إلا بالتقليبِ والتجارةِ، وليس كلُّ منْ يمْلِكُهَا يُحسنُ التجارةَ؛ ولأنَّ كلَّ مَن يُحسنُ التجارةَ ليسَ لهُ رأسُ مالٍ، فاحتيجَ إليهَا مِن الجانبينِ فشرعهَا اللهُ تعالي لدفعِ الحاجتَينِ.
والهدفُ الأسمَى والمقصدُ العامُ للشرعِ الحكيمِ منْ وراءِ كلِّ ذلكَ، هوَ تحريكُ عجلةِ المالِ ودورانِهِ واستدامِةِ تداوُلِهِ وتقَلُّبِهِ بينَ النَّاسِ، حتَّى لا يكونَ منحصِرًا بينَ فئةٍ وأقليةٍ قليلةٍ، تزدادُ غنيً بنمائِهِ، وفي نفسِ الوقتِ توجدُ فئةٌ وطائفةٌ أخرى لا تملكُ مِنَ المالِ ما يكفيهَا لإشباعِ الضرورياتِ والأساسياتِ في الحياةِ، فكانتْ نظرةُ الشارعِ حكيمةً، حينَ بيَّنَ هذهِ العلةَ في قولِهِ تَعَالَي: { كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ}.(الحشر: 7).
ولأهميةِ الاستثمارِ في الإسلامِ أمرنَا الشارعُ الحكيمُ بالإتجارِ في أموالِ اليتامى حتَّى لا تَأْكُلُهَا الزكاةُ، كمَا حرَّمَ الإسلامُ الاكتنازَ؛ لأنَّهُ يعملُ على تعطيلِ حركةِ المالِ .
ولقدْ ضربَ لنَا الرسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ أروعَ الأمثلةِ في توجيهِهِ للصحابةِ إلى عمليةِ الاستثمارِ، ومِمَّا يُروى في ذلكَ أنَّ رجلًا مِن الأنصارِ أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم يسألُهُ، فقالَ: «أمَا في بيتِكَ شيءٌ؟» قال: بلى، حِلسٌ نلبسُ بعضَهُ، ونبسُطُ بعضَهُ، وقَعبٌ نَشربُ فيه الماءَ، قالَ: «ائتِنِي بهمَا»، قالَ: فأتَاهُ بهما، فأخذَهُمَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم بيدِهِ، وقالَ: «مَن يشترِي هذين؟» قالَ رجلٌ: أنَا آخذهُمَا بدرهمٍ، قالَ: «مَن يزيدُ على درهمٍ؟» -مرتينِ أو ثلاثًا-، قالَ رجلٌ: أنا آخذهُمَا بدرهمين، فأعطاهُمًا إياهُ، وأخذَ الدرهمين، وأعطاهُمَا الأنصاريَّ وقالَ: «اشترِ بأحدهِمَا طعامًا فأنبذهُ إلى أهلِكَ، واشترِ بالآخرِ قَدومًا فأتنِي بهِ»، فأتاهُ بهِ، فشدَّ فيه صلَّى اللهُ عليه وسلم عودًا بيدهِ، ثم قالَ: «اذهبْ فاحتطِبْ وبعْ، ولا أرينَّكَ خمسةَ عشرَ يومًا»، فذهبَ الرجلُ يَحتطبُ ويبيعُ، فجاءَ وقد أصابَ عشرةَ دراهمٍ، فاشترى ببعضِهَا ثوبًا وببعضِهَا طعامًا، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «هذا خيرٌ لك مِن أنْ تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهكَ يومَ القيامةِ.» ( أبو داودَ والترمذيِّ وحسنَّه).
ومنْ هُنَا تَظهَرُ أهميةُ الاستثمارِ ومكانتُهُ في الإسلامِ .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة : أهمية الاستثمار في حياتنا
ثانيًا: ضَوَابِطُ الاستثمَارِ في الإسلامِ
للاستثمارِ في الإسلامِ ضوابطٌ كثيرةٌ منها:
تعلمُ فقهِ السوقِ والبيعِ والشراءِ: فيجبُ على المستثمرِ تعلمُ أحكامَ البيعِ والشراءِ، حتى لا يقعَ في الحرامِ أو الربَا وهو لا يدرِي. “ قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه : لا يَبِعْ فِيْ سُوْقِنَا إِلاْ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِيْ الدِّيْنِ” (الترمذي وحسنه )؛ ولذلك كان عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه يدخلُ السوقَ، فإذا وجدَ بائعًا لا يفقهُ كيفَ يبيعُ ويشتري علاهُ بالدرةِ، وقالَ لهُ: تعلمْ. مَن لم يتعلمْ ذلك الفقهَ وقعَ في الربَا شاءَ أمْ أبَى. وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ: مَنِ اتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا، ثُمَّ ارْتَطَمَ، ثُمَّ ارْتَطَمَ . أي: وقع في الربا. (مغني المحتاج).
ومنها: تحرِّي الكسبِ الحلالِ: وهذه مِن أهمِّ صفاتِ المستثمرِ، أنْ يهتمَّ بتحرِّي الحلالِ والبعدِ عن الحرامِ، فقد روي مسلمٌ عن أبي هريرةَ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: “إنَّ اللهَ تعالى طيبٌ لا يقبلُ إلّا طيبًا، وإنَّ اللهَ أمرَ المؤمنينَ بما أمرَ بهِ المرسلين، فقالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. ثم ذكرَ الرجلَ يطيلُ السفرَ أشعثَ أغبرَ يمدُّ يديهِ إلى السماءِ: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ ومشربُه حرامٌ وملبسُه حرامٌ، وغذِّي بالحرامِ، فأنَّى يستجابُ لهُ؟!”. ولتكنْ لكُم القدوةُ في سلفِنَا الصالحِ في تحرِّي الحلال، فكانُوا يتورعُون عن بعضِ الحلالِ؛ خشيةَ أنْ يكونَ حرامًا!! ” فهذا عمرُ رضي اللهُ عنه يقولُ: كنَّا ندعُ تسعةَ أعشارِ الحلالِ مخافةَ أنْ نقعَ في الحرامِ.. وقال أبو الدرداءِ: إنَّ مِن تمامِ التقوى أنْ يتقِي العبدُ في مثقالِ ذرةٍ حتى يدركَ بعضَ ما يرى أنَّه حلالٌ خشيةَ أنْ يكونَ حرامًا حتى يكونَ حجابًا بينَهُ وبينَ النارِ، ولهذا كان لبعضِهِم مائةُ درهمٍ على إنسانٍ، فحملَهَا إليهِ، فأخذَ تسعةً وتسعينَ وتورَّعَ عن استيفاءِ الكلِّ خيفةَ الزيادةِ. وكان ما يستوفيهِ يأخذهُ بنقصانِ حبةٍ، وما يعطِيه يوفيهِ بزيادةِ حبةٍ؛ ليكونَ ذلكَ حاجزًا مِن النارِ.”(إحياء علوم الدين).
واعلمْ – يا عبدَاللهِ- أنَّ كلَّ ما تدخلُهُ بطنكَ مِن الحرامِ هو أولُ ما ينتنُ، قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ” إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ .” (البخاري).
ومنها: التحلِّي بأخلاقِ الاستثمارِ والبيعِ والشراءِ: كالصدقِ والأمانةِ والسماحةِ والوفاءِ بالعهودِ وكتابةِ الدينِ والإشهادِ وغيرِهَا، وهذه الصفاتُ تورثُ الثقةَ بينَ المتعاملِين، كمَا أنَّها سبيلٌ إلى بركةِ البيعِ والشراءِ، فَعَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا”(متفق عليه)، ويقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلم : “رحِمَ اللهُ رجلاً سمحًا إذا باعَ وإذا اشتَرى وإذا اقتَضَى”.( البخاريّ ).
ومنها: عدمُ أكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ: قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ }. (النساء: 29). ” أي: لا يأكلُ بعضُكُم أموالَ بعضٍ بالباطلِ. أي ما لم تُبحْهُ الشريعةُ كالربَا والقمارِ والرشوةِ، والغصبِ والسرقةِ والخيانةِ، وما جرَى مجرَى ذلك مِن صنوفِ الحيلِ، إلَّا أنْ تكونَ تجارةً، أي معاوضةً محضةً، كالبيعِ عن تراضٍ منكُم في المحاباةِ مِن جانبِ الآخذِ والمأخوذِ منهُ”.(تفسير القاسمي). وقال سبحانَهُ وتعالَى: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة: 188)؛ ” قال ابنُ عباسٍ: هذا في الرّجلٍ يكونُ عليه مالٌ وليس عليه فيهِ بيّنة، فيجحدُ المالَ ويخاصمهُم إلى الحكّامِ، وهو يعرفُ أنَّ الحقَّ عليهِ، وقد علمَ أنَّه آثمٌ، آكل ُحرامٍ.” (الدر المنثور). وما أكثرَ الاستثماراتُ الوهميةُ في هذا الزمانِ فاحذرُوهَا .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة : أهمية الاستثمار في حياتنا
ثالثًا: مجالاتُ الاستثمارِ وصورُهُ
إنَّ الاستثمارَ لا يقتصرُ على المالِ وحدَهُ، ولكنْ له مجالاتٌ وصورٌ كثيرةٌ وعديدةٌ منها:
استثمارُ المالِ: وهو ليس غايةً في ذاتهِ، وإنَّما هو وسيلةٌ لتحقيقِ زيادةِ الإنتاجِ، وإعانةٌ على تحقيقِ العبوديةِ، كما قالَ تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }. [الذاريات: 56]. وكذلك عمارةُ الأرضِ وتحقيقُ الخلافةِ فيها، كما في قولِهِ تعالى: { هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا }. [هود: 61].
ومنها: استثمارُ العمرِ والوقتِ: وذلك بأنْ يعملَ الإنسانُ جاهدًا على استثمارِ عمرهِ فيما ينفعُهُ في دنياهُ وأُخراهُ، لذلك يقولُ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمَهُ اللهُ:” إنّ الليلَ والنهارَ يعملانِ فيكَ فاعملْ فيهمَا ”. وقال بعضُهُم: “مَن أمضَى يومًا مِن عُمرهِ في غيرِ حقٍ قضَاهُ، أو فرضٍ أدَّاهُ، أو مجدٍ أصلَهُ، أو حمدٍ حصّلَهُ، أو خيرٍ أسّسَهُ، أو علمٍ اقتبسَهُ، فقد عقَّ يومَهُ وظلمَ نفسَهُ”. فَأَسْرِعْ أخي المسلم إلى استثمارِ وقتِكَ قبلَ أنْ يضيعَ هدرًا، وقبلَ أنْ تندمَ ولا ينفعُكَ الندم، يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: “ما نَدمتُ على شيءٍ نَدمِي على يومٍ غَربتْ شمسُهُ، نقصَ فيه أجلِي، ولم يزددْ فيه عملِي. وقال أيضًا: إنّي لأمقتُ الرجلَ أنْ أراهُ فارغًا ليس في شيءٍ من عملِ الدنيا ولا عملِ الآخرةِ “.
فعلينا أنْ نغتنمَ أوقاتِنَا قبلَ فواتِ الأوانِ. فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: ” اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ”. «الحاكم وصححه» .وسُئِلَ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ»، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ».( الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ) .
ومِن صورِ الاستثمارِ: استثمارُ الأولادِ والذريةِ: فالأولادُ ثروةٌ عظيمةٌ يجبُ علينَا أنْ نستثمرَهَا في الخيرِ، يقولُ الإمامُ الغزاليُّ رحمه اللهُ: ” اعلمْ أنّ الصبيَّ أمانةٌ عندَ والديهِ وقلبَهُ الطاهرَ جوهرةٌ نفيسةٌ ساذجةٌ خاليةٌ عن كلِّ نقشٍ وصورةٍ، وهو قابلٌ لكلِّ ما نقشِ، ومائلٌ إلى كلِّ ما يُمالُ بهِ إليهِ، فإنْ عُوِّدَ الخيرَ وعُلِّمَهُ نشأَ عليه وسعدَ في الدنيا والآخرةِ، وشاركَهُ في ثوابِهِ أبوه وكلُّ معلمٍ له ومؤدبٍ، وإنْ عُوِّدَ الشرَّ وأُهملَ إهمالَ البهائمِ شقي وهلكَ، وكان الوزرُ في رقبةِ القيِّمِ عليه والوالِي له. وقد قال اللهُ عزّ وجلّ {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسَكُم وأهلِيكُم نارا} ومهما كان الأبُ يصونُهُ عن نارِ الدنيا، فأنْ يصونَهُ عن نارِ الآخرةِ أولَى، وصيانتُهُ بأنْ يؤدبَهُ ويهذبَهُ ويعلمَهُ محاسنَ الأخلاقِ، ويحفظَهُ من القرناءِ السوءِ”. ( إحياء علوم الدين).
فاستثمارُ الأولادِ ينفعُ أنفسَهُم ومجتمعَهُم، فينبغِي على كلِّ فردٍ أنْ يستثمرَ أولادَهُ قبلَ أنْ يستثمرَ لهُم، فلربَّمَا استثمرَ لهم أموالًا طائلةً، ولم يستثمرْهُم في أنفسِهِم فيجعلُوا ما استثمرَهُ لهم والدُهُم هباءً منثورًا، وتحضرُنِي هذه القصةُ في هذا المضمونِ: ” فقد دخلَ مقاتلُ بنُ سليمان على المنصورِ يومَ بويعَ بالخلافةِ، فقالَ له المنصورُ: عظنِي يا مقاتل، قال: أعظُكَ بما رأيتُ أم بمَا سمعتُ؟!قال: بما رأيتَ. قال: يا أميرَ المؤمنين… عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ أنجبَ أحدَ عشرَ ولدًا و تركَ ثمانيةً عشرَ دينارًا، كُفِّنَ بخمسةِ دنانيرٍ، واشتُرِي له قبرٌ بأربعةِ دنانيرٍ، وَوُزِّعَ الباقي على أولادِهِ، وهشامُ بنُ عبدِ الملكِ أنجبَ أحدَ عشرَ ولدًا، وكان نصيب ُكلِّ ولدٍ مِن التركةِ ألفَ ألف (مليون) دينار، واللهِ يا أميرَ المؤمنين لقد رأيتُ في يومٍ واحدٍ ولدًا مِن أولادِ عمرَ يتصدقُ بمائةِ فرسٍ للجهادِ في سبيلِ اللهِ، وأحدَ أولادِ هشامِ يتسولُ في الأسواقِ!! ( من خواطر الشيخ الشعراوي رحمه الله ).
وكما قِيلَ في المثلِ: اعملْ ابنَكَ أفضلُ مِن أنْ تعملَ لهُ .
وهكذا باستثمارِ المالِ والعمرِ والأولادِ في الخيرِ، يفوزُ المسلمُ في عاجلِهِ وآجلِهِ.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الرزقَ الحلالَ وأنْ يباركَ لنَا فيهِ.
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف