أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : كيف يكون الإنسان نورًا ومتى يكون نارًا؟ (كلمةُ أنَا نورٌ ونارٌ). د/ أحمد سليمان

خطبة قوية ومفيدة، خطبة الجمعة : كيف يكون الإنسان نورًا ومتى يكون نارًا؟ كلمة أنا نور ونار  بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الجمعة: 12 شوال 1446هـ / 11 إبريل 2025م .

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 11 أبريل 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : كلمة أنا نور ونار:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 11 أبريل 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان: كلمة أنا نور ونار ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 11 أبريل 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : كلمة أنا نور ونار : كما يلي:

 

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة، بعنوان:

كلمةُ أنَا نورٌ ونارٌ ( )
كيف يكون الإنسان نورًا ومتى يكون نارًا؟
بقلم المفكر الإسلامي
الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 12 شوال 1446هـ / 11 أبريل 2025م

الحمد لله نور السماوات والأرض، مُبدع الخلق من عدم، معلّم الإنسان ما لم يعلم، نحمده سبحانه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ . قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا . مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا . وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا . مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا) (الكهف: 1-5).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا نِدَّ له، لا مِثلَ له، لا شَبيهَ له، بديعُ السمواتِ والأرضِ، خلق الخلق بقدرته، وأحاط بكل شيءٍ علمًا، وهو العليم الخبير..
وأشهد أن سيدنا محمدًا (ﷺ) عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلَّغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله تعالى به الغمة، وتركنا على المحاجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله، فإنها وصيه الله للأولين والآخرين، قال تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا) (النساء: 131)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).. أما بعد،،،
عباد الله: حديثنا اليوم يدور حول موضوع: (كلمة: أنا نور ونار)…

المحور الأول: مكانة الكلمة وخطورها
كلمة تبني وأخرى تهدم
بون شاسع بين كلمات ترمم الأرواحَ وتُُسعد الحياة
وكلماتٍ كالقذائف تحرق القلوب والنفوس

القرآن يعلمنا الأدب والحياء وانتقاء الكلمات الحسنة في حديثنا مع الجميع:
الكلمة وجبر الخواطر:
الكلمات الرقيقة ترمّم الأرواح، وتشرح الصدور، وتؤلف القلوب…
الكلمة الطيبة.. دعوة ربانية، وهداية من الله:
الكلمة الطيبة لها آثار مباركة.. لها إزهار وإثمار… وجمال وجلال:
مكانة الكلمة.. ودورها في نصرة الدين والوطن أو الإضرار بهما:
اللسان أداة خطيرة.. قد يطلق كلمات تبني وتعمر أو قذائف تحرق وتدمر:
النبي الكريم يربي الصحابة على ضبط اللسان:
الكلمة معيار السعادة أو الشقاء:
ماذا تجره الكلمات الخبيثة؟
الكلمة ترفعك أو تهوي بك:
حفظ اللسان من مفاتيح الجنة:
النبي ﷺ القدوة في انتقاء الكلمات الطيبة وفي حسن التخاطب
الكلمة الطيبة صدقة، ومن علامات الإيمان، ومن أسباب دخول الجنة، والوقاية من النار:
المحور الثاني
تحليل كلمة أنا، وخطورة تضخم الأنا
تحليل كلمة أنا:
كلمة “أنا” في اللغة العربية كلمة قصيرة، لكنها تحمل في طياتها دلالات كبيرة ومعاني عميقة، سواء من الناحية اللغوية أو النفسية أو الفلسفية.
أولًا: التحليل اللغوي
– “أنا”: ضمير منفصل مبني في محل رفع، يُستخدم للمتكلم المفرد.
– يُستعمل للتعبير عن الذات أو النفس.
– لا يُثنى ولا يُجمع، لأنه يدل على فرد واحد فقط.
ومن الناحية النحوية، مثال: “أنا داعية”، فـ “أنا” ضمير مبني في محل رفع مبتدأ، و”داعية” خبر مرفوع.
ثانيا: من الناحية الدلالية والبلاغية
– استخدام “أنا” قد يُوحي بــ:
– الاعتزاز بالنفس: (أنا مَن فعل كذا…).
– التواضع: (أنا عبدٌ لله…).
– الغرور أو الكِبر: (كما قال إبليس: “أنا خيرٌ منه”).
كلمة “أنا” تحمل في طياتها ما بين النور والنار، بحسب نية القائل وسياق الكلام. قد تكون “أنا” مدخلًا للتواضع أو بدايةً للغرور.
ثالثًا: من الناحية النفسية والفلسفية
– “أنا” تمثل الهوية والذات.
– في علم النفس، قيل بأن “الأنا” جزء من النفس الإنسانية، وتقع بين (الرغبات) والأنا العليا (الضمير).
– الفلاسفة ناقشوا “الأنا” باعتبارها الوعي بالوجود.
رابعًا: من القرآن الكريم
– وردت كلمة “أنا” في عدة مواضع في القرآن، أحيانًا على لسان السادة الأنبياء، وأحيانًا على لسان الطغاة، بحسب السياق.
– مثال على العلو والتكبر: “أنا ربكم الأعلى” (قالها فرعون).
– مثال على التواضع والعبودية: “قال إنني عبد الله آتاني الكتاب” (سيدنا عيسى عليه السلام).
وهكذا فكلمة أنا عبارة عن كلمةٍ صغيرةٍ المبنى، عظيمة المعنى، يمكن أن تكون مفتاحًا إلى الجنة، أو طريقًا إلى النار، ألا وهي: “أنا”. إن كلمة “أنا” قد تخرج من فم الإنسان فتحمله إلى نور التواضع والرحمة، وقد تخرج محمّلةً بنار الكبر والعُجب والغرور فتهوي به في النار سبعين خريفًا.
قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَن طَغَىٰ . وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا .فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ . وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ ) (النازعات: 37-41) .
خُطورة تضخم الأنا:
كلمة “أنا” ليست مجرد لفظ، بل هي مرآة للقلب، تعكس ما فيه من نور أو ظلمة.
فإذا خرجت هذه الكلمة من قلبٍ مريض بالكبر، مزهوٍّ بنفسه، محتقرٍ للناس، كانت شرارة من نار، تحرق البركة من العمل، وتطفئ نور الهداية، وتغلق أبواب القبول عند الله والخلق.
-أنا إذا قالها المتكبر، أصبحت بابًا للعُجب والغرور، فيرى نفسه فوق الناس، وينظر إليهم بعين الاحتقار.
-وإذا قالها المتسلّط، كانت سيفًا للظلم والاستعلاء، وسببًا في ذلّه وهلاكه ولو بعد حين.
أما إذا خرجت “أنا” من قلبٍ تقي، متواضع، محب للخير، كانت مصباحًا ينير للناس طريقهم، وكانت مفتاحًا للرحمة، وسُلَّمًا للرفعة، ودليلًا على صدق النية ونقاء السريرة.
*
إن الغرور والعُجب بالنفس داءٌ خطير، يجعل صاحبه يرى نفسه فوق الآخرين، يزكّي نفسه، ويحتقر غيره حين يتضخم الذات ويغيب التواضع.
“أنا خيرٌ منه” كانت أول كلمة تكبّر بها إبليس، فسقط من مقام القرب إلى درَك اللعنة!
إنَّ أخطر ما يُصيب النفس البشرية هو تضخم “الأنا”، حين يرى الإنسان نفسه فوق غيره، ويظن أنه الأعلم، والأفضل، والأحقّ بكل شيء، متناسيًا أن الكبرياء لله وحده، وأن التواضع هو رفعة الإنسان الحقيقية.
كيف تبدأ الأنا؟ تبدأ الأنا همسًا في النفس:
• “أنا أفهم أكثر منهم”
• “أنا الأجدر بهذا المنصب”
• “أنا لا أخطئ “ثم تتحول إلى تعالٍ وتكبرٍ واحتقارٍ للناس، وربما تصل إلى رفض الحق إذا جاء من غيره، كما قال النبي ﷺ: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ) ( ) .
إن من أعظم ما يُفسد القلوب، ويفسد العلاقات، ويُورِث العداوات، ويُبعد عن مرضاة الله: تضخُّم الأنا في داخل الإنسان، وتغوُّل الذات، والشعور بأن الشخص خيرٌ من غيره، وأنه أحقّ، وأعلم، وأفضل!
وهذا أول ما أسقط إبليس –لعنه الله– حين قال: (..أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) (الأعراف: 12). فكانت هذه الكلمة “أنا” التي صدرت من كِبرٍ وغرور، سببًا في طرد إبليس من رحمة الله إلى الأبد!
ومن آثار الأنا المتضخم:
• قطع العلاقات: فصاحب الأنا لا يعترف بالخطأ ولا يعتذر.
• ضياع البركة: لأن الله لا يبارك في عمل صاحبه متكبر.
• سقوط في أعين الناس: مهما حاول أن يُظهر نفسه، فقلوب الناس تنفر من المتعالي.
• البُعد عن الله: لأن الله قال: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (النحل: 23).
أما التواضع فهو شِعار الأنبياء، وسِمة الصالحين، وأجمل ما قيل في التواضع، يقول (ﷺ): (وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ) ( ) .
وسيدنا محمد (ﷺ) مع أنه سيد الخلق، كان يقول: (لا تُطرُوني كما أطْرَتِ النَّصارى عيسى بنَ مريمَ؛ فإنَّما أنا عبدُ اللهِ ورسولُه) ( ). وكان يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويخدم نفسه، ويزور المرضى، ويعود المساكين…إلخ.
كيف نعالج الأنا؟
• تذكّر أن كل ما عندك فضلٌ من الله لا من نفسك.
• جالس المتواضعين وتعلّم منهم.
• حاسب نفسك إذا شعرت بالعُجب أو الكبر.
• ردد دومًا عددا من الأدعية الواردة عن الصالحين منها: اللهمَّ اجعلني ممن يُحِبُّك ويحبُّ ملائكتَك ويحبُّ رُسُلَك، ويحبُّ عبادَك الصالحين، اللهمَّ حبِّبني إليك وإلى ملائكتِك، وإلى رُسُلَك وإلى عبادِك الصالحين.
اللَّهمَّ اجعَلني صَبورًا، اللَّهمَّ اجعَلني شَكورًا، اللَّهمَّ اجعَلني في عَيني صغيرًا، وفي أعيُنِ النَّاسِ كبيرًا.
• التفكر في الموت والقبر، فمهما كنت ستُلفّ في كفن، وتُوضع في حفرة، لا مال ولا جاه.
• أن نتذكر أن التواضع لا يُنقِص من قدرنا، بل يزيدنا رفعة في أعين الخلق والخالق.
المحور الثالث
أنا نور أم أنا نار؟
الإنسان قد يكون نورًا يمشي على الأرض ينير للناس سبل الخير والحق والرحمة
السؤال الأول: كيف يكون الإنسان نورًا في أقواله وأفعاله وخلاله وسلوكه وحياته؟
السؤال الثاني: متى يكون الإنسان نارًا في سلوكه وتصرفاته؟
نماذج من أنا نور:
وقبل أن نتحدث عن نماذج من (أنا نور)، فلابد أن نستهل ذلك بنور الله قبل أي شيء، قال الله سبحانه وتعالى وهو نور السموات والأرض… وهو نور النور… نور الأكوان نور الأزمان… هو النور لكل شيء، قال عز وجل (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) (طه: 14) .
أولا: سيدنا محمد (ﷺ)
يقول (ﷺ): (أنا سيِّدُ ولَدِ آدَمَ ولا فَخرَ) ( ). قالها تحدثا بنعمة الله، تواضعًا ورحمة، ولم يقلها كبرا أو افتخارا.
ثانيا: سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام
قال تعالى حكاية عنه: (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ . وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ . فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 44-79) .
فكلمة إني التي قالها خليل الرحمن كانت نورا وكانت تواضعا وتسليما لله تعالى الذي فطر السموات والأرض وكانت تحمّلًا للأمانة… وفيها إعلان البراءة من الشرك والتزام التوحيد.
ثالثا: سيدنا يوسف عليه السلام
قال تعالى حكاية عنه: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ .قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ((يوسف: 54-57) . فكلمة إني التي قالها سيدنا يوسف هنا، تعني: الكفاءة والأمانة، لا التفاخر.
رابعا: سيدنا جبريل عليه السلام قال للسيدة مريم (عليها السلام)
قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا . فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا . قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا . ۞ فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا . فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا . فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا . فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا . يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا . فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا .قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا . وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا . وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) (مريم: 16-33) .
خامسا: قالها سحرة فرعون بعد الإيمان
قال تعالى: (اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي . اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ . فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ . قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ . قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ . فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ . إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ . قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ . قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ . قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ . قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى . الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ . كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ ۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ . وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ . قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ . فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى . قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى . فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ . قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ۖ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَىٰ. فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَىٰ . قَالُوا إِنْ هَٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ . فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ . قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ . قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ . فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ . قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ . وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ . فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ . قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ . قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ . إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ . وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ . جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّى) (طه: 42-76) . استخدم سحرة فرعون بعد إيمانها “إنَّا” للإعلان عن الإيمان والتوبة.
سادسا: قالها أبو بكر في مقام تنفيذ أوامر الله
فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟) قالَ أبو بَكْرٍ: أنا.
قالَ: (فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟) قالَ أبو بَكْرٍ: أنا.
قالَ: (فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا) قالَ أبو بَكْرٍ: أنا.
قالَ: (فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا) قالَ أبو بَكْرٍ: أنا.
فقالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ): (ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ) ( ) .
سابعا: سيدنا عمر بن الخطاب قالها في مقام التواضع الحقيقي والانكسار لله
فعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، قال : لو نادى مناد من السماء : أيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم أجمعون إلا رجلا واحدا ، لخفت أن أكون هو… ( ).
هذا هو الانكسار الصادق… هذا هو التواضع الحقيقي.
ونماذج من أصحاب أنا نار والعياذ بالله:
أولا: إبليس اللعين
قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ .فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ . قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ . قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ . قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ . قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ . قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص: 71-83)
فكلمة أنا التي قالها إبليس هنا كانت كِبرا واستعلاء، وكانت بداية السقوط والعياذ بالله..
ثانيا: فرعون
قال تعالى: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ . إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى . اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ . فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ . وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ . فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ . فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ . ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ . فَحَشَرَ فَنَادَىٰ . فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ . فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَىٰ . إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ) (النازعات: 15-26) . فكلمة أنا التي قالها فرعون بطعيانه وجبروته مدعيا الألوهية، كانت سببا في هلاكه وإغراقه.
ثالثا: قارون
قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ . وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ . قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ ۖ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ . فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ . وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ . تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص: 76-83) . لم يقل صراحة “أنا”، لكنه أشار إلى نفسه بالكبر، فخُسف به وبداره الأرض.
رابعا: النمرود( ) .
قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة: 258) . فهذا جبار متكبر كان ببابل يقال له: نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وقيل: إنه نمرود بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
خامسا: قصة صاحب الجنة في سورة الكهف
تُعد واحدة من القصص العظيمة التي تحمل دروسًا وعبرًا مهمة، تركز على مسألة الغرور والاعتزاز بالنفس.
قال تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا .كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا . وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا . وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا . قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا . لَّٰكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا . وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا . فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا . أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا . وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا . وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا . هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ ۚ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا ( (الكهف: 32-44) .
فيبدأ الحديث في هذه الآيات المباركات عن رجلين، أحدهما كان لديه جنتان، وقد أعطاه الله عز وجل نعمة كبيرة من المال والثروات. كان صاحب الجنة غنيًّا، يمتلك بستانين كبيرين، وكانت له ثمار وفيرة. كان فخورًا بما لديه من خيرات، وكان يتباهى بها أمام صاحبه الفقير. قال صاحب الجنة لصديقه وهو يُظهر افتخاره بما أنعم الله عليه: (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا) ويُظهر غروره وثقته المطلقة فيما يمتلك، واعتقاده بأنه لن تزول هذه النعم أبدًا. وهكذا أظهر صاحب الجنة أيضًا استهزاءً بالأفكار الروحية وبالآخرة، حيث قال: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) وصديقه الذي كان أقل منه في المال، نصحه قائلاً: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ)
لكن صاحب الجنة لم يستمع لنصائحه، واستمر في غروره. وفي النهاية، جاء أمر الله، ودمرت الجنتان بسبب غضب الله، حيث أُحرقا ولم يبقَ منهما شيء.
وعندها أدرك صاحب الجنة خطأه وندم على ما كان فيه من غرور. فقال: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) لكن الندم جاء متأخرًا بعد فوات الأوان.
وتُظهر القصة أن الكِبر والغرور والتفاخر بما عند الإنسان من نعم، قد يؤدي إلى خسارة كبيرة. ومن ثم يجب على الإنسان أن يتواضع، ويعترف بأن النعم من الله، وأنها قد تزول في أي لحظة، ويجب على المؤمن أن يؤمن باليوم الآخر، ويستعد له، فالدنيا فانية. وتبرز القصة أهمية الاستماع للنصح والإرشاد، وعدم التكبر على من يُظهر لنا الصواب. وهكذا تُعد قصة صاحب الجنة عبرة لكل إنسان، تذكِّره بأهمية التواضع والإيمان، وضرورة شكر الله على نعمه، والحذر من الغرور والاستغناء.
أيها الأخوة المؤمنون: أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد،
المحور الرابع
الطريق إلى الله
التواضع لله والانكسار له طريق النجاة والنجاح والفلاح والرشاد
رسالتي للعالمين:
وفي ظل التحديات التي تواجهنا وتواجه أمتنا.. أقول للدنيا كلها: أنا المصري
• أنا المصري… الذي حمل لواء التوحيد منذ فجر الزمان.
• أنا المصري… الذي تجلّى ربُّه على أرضه ولم يتجل على أرض سواها، وباركها بالنيل، ففاض خيرًا وكرامة.
• أنا المصري… ومصر بلادي، أمُّ البلاد، وغوثُ العباد، ومهبطُ الخيرات، ومأوى الرسالات.
• أنا المصري… حفيد من حفروا في الصخر طريق الخلود، وشيدوا الأهرام، وأناروا الدنيا.
• أنا المصري… وأجدادي علّموا الدنيا الكتابة، وجعلوا من البردي صفحاتٍ تروي حكاية الإنسان.
• أنا المصري… الذي عاش في أرضه عدد من الأنبياء، والفقهاء، والأولياء، وذكرها الله في كتابه، تصريحًا وتلميحًا، وإشارة وتكريمًا.
• أنا المصري… الذي احتضن آل بيت النبي (ﷺ)، وأكرمهم موطنًا ومقامًا وقلوبًا.
• أنا المصري… الذي أنشأ الأزهر الشريف، قبلة العلوم ومأوى العقول ومحراب الهداية والوسطية والسلام.
• أنا المصري… الذي حفظ علوم القرآن، وجمع الروايات، وفسّر الآيات، وأصّل الفقه في القلوب والعقول.
• أنا المصري… الذي خرّج الليث بن سعد والسيوطي، وابن حجر، وغيرهم آلاف من جبال العلم وعمالقة الفكر.
• أنا المصري… الذي علّم الدنيا الهندسة والفلك والطب والزراعة وعلوم الحضارة.
• أنا المصري… الذي رفع لواء العلم شرقًا وغربًا، وسار به إلى أفريقيا آسيا والأندلس وما وراء البحار.
• أنا المصري… الذي أسّس أول جامعة، وأول مكتبة، وجعل للعلم محرابًا ومكانًا وهيبة.
• أنا المصري… الذي علّم الشعوب كيف نحافظ على الأوطان.
• أنا المصري… الذي هزم التتار، وردّ الصليبيين، وقاوم الاستعمار، بصدور لا تخاف الموت.
• أنا المصري… الذي ثار في وجه المتحلين عبر السنين وسار على درب الحرية والعدل.
• أنا المصري… الذي لا يفرّق بين مسلم ومسيحي، والمحبة رباط لا ينفصم.
• أنا المصري… الذي إذا قال صدق، وإذا وعد وفى، وإذا عاهد ثبت.
• أنا المصري… الذي لا يعرف الغدر، ولا يبيع ترابًا، ولا يفرّط في ذرة من أرضه.
• أنا المصري… الكريم بطبعه، الحمول في شدته، الصبور في محنته، العفيف في ضيقه.
• أنا المصري… الذي يبني في أرضه، ويزرع الخير، ويروي الأمل بعرق الجبين.
• أنا المصري… الذي علّم أبناءه الأخلاق، وغرس فيهم الإيمان، وربّاهم على الوفاء والحياء.
• أنا المصري… الذي يجمع بين العلم والعبادة، وبين العمل والتوكل، وبين الجهاد والإعمار.
• أنا المصري… الذي يكرم الجار، ويحنو على الغريب، ويصون الضيف، ويحفظ العهد.
• أنا المصري… الذي كتب الشعر، ونظم الحكمة، وأنشد للسلام والوئام والكرامة والأرض.
• أنا المصري… الذي لا تُغرّه الحضارات المستحدثة، فحضارته أمّ الحضارات، وسيدتها.
• أنا المصري… الذي بقي ثابتًا في وجه العواصف، لا ينحني لريح، ولا يُساوم على كرامته.
• أنا المصري… الذي أحبّ وطنه حبا لا تصفه العبارة، ولا كلمات المعاجم.
• أنا المصري… الذي آمن أن العروبة رسالة، وأن الإسلام رحمة، وأن مصر قلب الأمّة.
• أنا المصري… الذي ورث المجد، وحمله على كتفيه، ويمضي به للأجيال القادمة.
• أنا المصري… الذي تتحدّث عن تاريخه الجبال والأنهار، وتحنو على اسمه الآمال.
• أنا المصري… ولا فخر، فالتاريخ يشهد، والزمان يُسجّل، والمستقبل يُراهن عليه.
• أنا المصري… الذي قال عنه -المؤرخ العالمي الكبير جيمس هنري بريستيد (في كتابة فجر الضمير)- أن المصريين الأوائل هم الذين هدوا العالم لفكرة الضمير الإنساني، ولقيمة الأخلاق، وأن فجر الضمير الإنساني بزغ نوره على ضفاف النيل في مصر منذ آلاف السنين.
اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا اللهم طهّر قلوبنا من الكبر، وزيّنها بالتواضع،اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)

المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: drsoliman55555@gmail.com

يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد

 

 

لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »