خطبة الجمعة فيديو word pdf : علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة 31 يناير 2020م
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة فيديو word pdf : علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة ، بتاريخ 6 من جمادي الأخري لسنة 1441 هـ ، الموافق 31 من يناير لسنة 2020 م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف word : علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf : علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة
فيديو خطبة الجمعة القادمة :
لقراءة خطبة الجمعة :
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم : {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمّدًا عَبدُه ورسوله ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .
وبعد :
فإن الدين الإسلامي بتعاليمه الراقية يحثُّ الناس على علو الهمة ، والجد ، والاجتهاد ، والإعمار، وينهى عن الكسل ، والخمول ، والإفساد ، وهذا مما جاءت به الرسالات السابقة، حيث يقول الحقُّ سبحانه وتعالى : {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} ، ولقد بين النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قدر علو الهمة في قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا) ، وقال سيدنا عُمَر بن الخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ): ” لَا تُصَغِّرُنَّ هِمَّتَكُمْ ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ أَقْعَدَ عَنْ الْمَكْرُمَاتِ مِنْ صِغَرِ الْهِمَمِ ” ، وقد قيل: من علامة كمال العقل علوُّ الهمة ، ولله در أبي الطيب المتنبي في قوله :
وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً ** كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ
على أن علو الهمة ليس قاصرًا على مجال معين ؛ وإنما ينبغي أن يتحقق في كل ما يقوم به الإنسان في حياته ، ومن ذلك : العبادة ، فلقد حفز الشرع الشريف على المسارعة، والمسابقة في ميدان العبادة ، حيث يقول تعالى : {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، وقد ضمن الحق سبحانه وتعالى جزيل الأجر لمن سعى وجد واجتهد في عبادته ، فقال سبحانه : {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} .
وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) صاحب همة عالية في كل شئون حياته ، ومنها عبادته ، فقد خاطبه ربه سبحانه وتعالى قائلا : {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} ، فكان (صلى الله عليه وسلم) يقوم من الليل حتى تتورم قدماه ، وعندما سئل في ذلك ، قال (صلى الله عليه وسلم) : (أَفَلاَ أكُونَ عبْداً شكُورًا؟) .
وما أكثر تحفيزه (صلى الله عليه وسلم) أصحابه وأمته على التميز ، وعلو الهمة، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ ؛ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ) ، وعن رَبِيعَة بن كَعْبٍ (رضي الله عنه) ، قَالَ : كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : (سَلْ) ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : (أَو غَيْرَ ذَلِكَ؟) ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : (فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) .
وعلو الهمة في العبادة يقتضي : حسن أدائها ، وأن يظهر أثرها في سلوك الإنسان وأخلاقه، فلا يكذب ، ولا يخون ، ولا يغش ، ولا يأكل أموال الناس بالباطل ، فيتوافق أداء العبادة مع الغاية منها ، فتتحقق الاستقامة التي هي أساس هذا الدين القويم .
ومن أهم ميادين علو الهمة ميدان :
العلم ، فقد أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نسأل الله تعالى علما نافعًا يعود أثره على خلق الله تعالى جميعا ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ) ، وكان من دعائه (صلى الله عليه وسلم) : (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ… ) ، فالعلم النافع هو السلاح الحقيقي الذي تقوى به الدول ، وتتقدم به الأمم ، فما تقدمت دولة إلا بالعلم ، وما تخلفت أخرى إلا بتكاسلها وتأخرها في ميدان العلم .
وكان الصحابة والتابعون (رضوان الله عليهم) أعلى الناس همة في طلب العلم:
فهذا سيدنا أبو هريرة (رضي الله عنه) كان ذا همة عالية في طلب الحديث ، وكان يقول : لَمْ يَكُنْ يَشْغَلُني عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) غَرْسُ الوادي ، وَلَا صَفْقٌ بِالْأَسْوَاقِ ؛ إِنَّمَا كُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَلِمَةً يُعَلِّمُنِيهَا…) ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ (رضي الله عنه) :
يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيثِهِ ، ويقول سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) : “… كَانَ لَيَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ ، فَآتِيهِ وَهُوَ قَائِلٌ ، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ ، فَتَسْفِي الرِّيحُ عَلَى وَجْهِي التُّرَابَ ، فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي ، فَيَقُولُ : يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، مَا جَاءَ بِكَ؟ أَلاَ أَرْسَلْتَ إلى فَآتِيَكَ؟ فَأَقُولُ : لاَ ، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ ، فَأَسْأَلُهُ عَنِ الْحَدِيثِ) ، وقال إسماعيل بن يحيى : سمِعت الشافعي (رحمه الله) يقول : حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين ، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين ، وكان الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) يحفظ ألف ألف حديث ، وقيل : كان الإمام النووي يحضر في اليوم اثني عشر درسًا .
كما جد علماؤنا القدامى في حمل أمانة العلم في كل مجالاته ، وبلغوا رسالته للناس بكل تجرد ، إرضاء لله تعالى ، ونفعًا للبشرية كلها ، فسجلوا بذلك أسماءهم وعلومهم بحروف من نور في ذاكرة التاريخ ، قال تعالى : {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} .
ومن ميادين علو الهمة :
العمل ، فقد أعلت الشريعة من شأن العمل، ورفعت منزلته ، حيث ربط القرآن الكريم بين العبادة والعمل ،وجعلهما قرينين ، وفي ذلك يقول الحق (جل شأنه) : {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ، وقد وعد الله (عز وجل) من أحسن في عمله بالحياة الطيبة في الدنيا ، والنعيم المقيم في الآخرة ، فقال الله سبحانه : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} .
وليس أدل على شرف العمل من أن جميع الأنبياء (عليهم السلام) كانوا يعملون ، فكان آدم وإبراهيم ولوط (عليهم السلام) زُرَّاعًا ، وكان نوح (عليه السلام) نجارًا ، وإدريس (عليه السلام) خياطًا ، وصالح (عليه السلام) تاجرًا ، وداود (عليه السلام) حدادًا ، قال تعالى : {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، فالإنسان تعلو قيمته ، ويشرف بما يجيد ويحسن ، فالعمل خير من سؤال الناس ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا ، فَيُعْطِيَهُ ، أَوْ يَمْنَعَهُ) .
وليس المراد مجرد العمل ؛ وإنما المراد إتقان العمل ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) :
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلا أَنْ يُتْقِنَهُ) ، وكان (صلى الله عليه وسلم) حريصًا على أن يكون لكل فرد عمل طيب ، ينفع به نفسه وغيره ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ) ، فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ) ، قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (يُعِينُ ذَا الحَاجَةِ المَلْهُوفَ) ، قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ؟ قَالَ : (فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ ، فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ) ، فحث (صلى الله عليه وسلم) من يعجز عن العمل على الإمساك عن ضرر الناس ، وجعل ذلك عملا يثاب عليه ؛ لأنه وقى الناس من شروره وضرره .
ومن أعلى درجات الهمة : الهمة في خدمة المجتمع ، وإعانة الضعيف ، وإغاثة الملهوف ، وقضاء حوائج المحتاجين ، والنجدة والشهامة ، فقد جَاءَ رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ؟) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
(أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تطردُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ – يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ – شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلَأَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ) .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
* * *
الحمد لله رب العالمينَ ، وأشهدُ أن لاَ إلهِ إلا اللهُ وحدَه لاَ شريكَ له ، وأشهدُ أنّ سيدَنا ونبينَا مُحمّدًا عَبدهُ وَرَسُولُه ، اللهُم صَلّ وسلمْ وباركَ عليهِ ، وعَلى آلهِ وصحْبهِ أَجمعينَ ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين .
إخوةَ الإِسلام :
إن من أجَلِّ الميادين التي ينبغي أن نتنافس جميعًا فيها ، وأن نكون أصحاب همة عالية : خدمة الوطن ، فخدمة الوطن من الإيمان ؛ وقد أمرنا الله تعالى بالتنافس في ميدان الخير ، والنفع الذي يعود أثره على الوطن ، حيث يقول الحق سبحانه : {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}، وقد مدح الله (جل شأنه) عباده الذين يسارعون في بذل الخير للناس ، ويبين سبحانه أن ذلك الخير ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة ، يقول تعالى : {إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَبًا وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ} ، بعلو همة ، ورغبة في نفع الناس ، وثقة كاملة في فضل الله تعالى وتوفيقه .
ومن الهمة العالية :
الهمة في بناء الأوطان ، وتحمل المسئولية المجتمعية ، والمنافسة في أعمال البر ؛ من صيانة المساجد ، وبناء المدارس ، وتجهيز المستشفيات، وعلاج المرضى ، فكل ذلك من الصدقات الجارية ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ، وهُو فِي قَبْرِهِ : مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا ، أَوْ كَرَى نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ، أَوْ غَرَسَ نَخْلا ، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا ، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) .
فما أجمل أن يكون بيننا تنافس في خدمة الوطن الذي يحتوينا جميعًا ، ويعود خيره وفضله على جميع أبنائه ، ونحقق ذلك بالتكاتف ، والاتحاد ، والوعي، والتراحم ، ومد يد العون للجميع ، فالوطن لنا جميعًا ، ويتقدم بنا جميعًا ، ولسنا أقل إرادة ، ولا قوة ، ولا جهدًا من غيرنا ، فنحن أصحاب الحضارة ، والأصالة ، والتاريخ ، ولا بد أن نعلم أن تحقيق السبق والتفوق يتطلب اقتحام الصعاب والأهوال ، وإنكار الذات ، فالمكارم منوطة بالمكاره ، والمصالح والخيرات لا يُتوصل إليها إلا بالجهد والمشقة ، ولله در أبي تمام في قوله:
بصُرْتُ بالرَّاحةِ الكُبرى فلمْ أرهَا ** تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ .
اللهم ارزقنا همما عالية نحوز بها السبق ، والفضل ، والتقدم ، والرقي
فيما ينفعنا في الدنيا والآخرة ، واحفظ ديننا ، وبلادنا ، وسائر بلاد العالمين .
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف