أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي

خطبة الجمعة القادمة 26 مايو 2023م بعنوان : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي، بتاريخ  6 ذو القعدة 1444هـ ، الموافق 26 مايو 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مايو 2023م بصيغة word بعنوان : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور مسعود عرابي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 مايو 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور مسعود عرابي

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 مايو 2023م ، بعنوان : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور مسعود عرابي.

أولًا: وجوبُ اتباعِ هديِ رســـــولِ اللهِ ﷺ.

ثانيًا: فضلُ الصلاةِ على رســولِ اللهِ ﷺ، وثمرتُهَا.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 مايو 2023م ، بعنوان : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:

فضائلُ الصلاةِ على رســولِ اللهِ ﷺ

الحمدُ للهِ الذي خلقَ خلقَهُ أطـوارًا، وصــرفَهُم في أطوارِ التخليقِ كيف شاءَ عــــزةً واقتدارًا، وأرسلَ الرســـــلَ إلى المكلفينَ إعــــذارًا منهُ وإنـــــذارًا، فأتمَّ بهم على مَن اتبعَ سبيلَهُم نعمتَهُ السابغةَ، وأقامَ بهم على مَن خالفَ مناهجَهُم حجتَهُ البالغةَ، فنصبَ الدليلَ، وأنارَ السبيلَ، وأزاحَ العللَ وقطعَ المعاذيرَ، وأقامَ الحُجّةَ، وأوضحَ المحجةَ، فقالَ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَوَاتُ، وَفَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ، وأشهدُ أنّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أرْسَلًهُ بِالْهُدَى وَدَيْنِ الْحَقِّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نِعْمَةً لَا يَسْتَطِيعُونَ لَهَا شَكُورًا.

تابع / خطبة الجمعة : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي

وبعـدُ…. فإنّ خطبتَنَا هذه بعونِ اللهِ ومددهِ وتوفيقهِ ورعايتهِ تدورُ حولَ العنصـــرينِ التاليينِ:

أولًا: وجوبُ اتباعِ هديِ رســـــولِ اللهِ ﷺ.

ثانيًا: فضلُ الصلاةِ على رســولِ اللهِ ﷺ، وثمرتُهَا.

العنصرُ الأولُ: وجوبُ اتباعِ هدي رسولِ اللهِ ﷺ.

أرسلَ اللهُ تعالى سيدَنَا مُحمدًا على فترةٍ مِن الرسلِ، وكانت جزيرةُ العربِ تموجُ بالفتنِ، والجهالةِ العمياءِ، تحكمُهُم العصبيةُ، والقبليةُ، والقوةُ، لا يعرفُون للعدلِ أيَّ طريقٍ، ولا للرحمةِ والإنسانيةِ أيَّ سبيلِ، تنشبُ بينهم المعاركُ على أبسطِ الأمورِ، وتظلُّ على مرِّ الدهورِ حتى تكاد تفني طرفيهَا، فلَمّا أذنَ اللهُ عزّ وجلّ لأمةِ العربِ بالخيرِ والسعادةِ، أرسلَ إليهم خيرَ عبادهِ، ليخرجَهُم بهِ مِن الجهالةِ والضلالةِ والطغيانِ إلى العلمِ والعدلِ ونورِ الإيمانِ، شرحَ الفارقَ بينَ الزمنينِ جعفرُ بنُ أبي طالبٍ للنجاشِي، فقالَ لهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، ويَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ، وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. [ مسند أحمد، شعب الإيمان للبيهقي].

وأيدَهُ ربُّهُ بالمعجزةِ الخالدةِ، وهو كلامُهُ المنزلُ عليهِ الذي لا يأتيهِ الباطلُ مِن بينِ يديهِ ولا مِن خلفهِ، ساقَهُ للبشرِ على لسانهِ، فكان لهم النورُ الذي يُضيءُ لهم طريقَ السعادةِ، ويحملُهُم في الآخرةِ إلى الحسنَى وزيادة، وأوجبَ عليهم في هذا الكتابِ المبينِ أنْ يتبعُوا رسولَهُ، وأنّ طاعتَهُ مِن طاعتهِ، وأنّهم لو لم يقبلُوا هديَهُ، ويستسلمُوا لحكمهِ استسلامًا ظاهرًا وباطنًا، فلا إيمانَ لهُم، ولو طرقُوا على ربِّهم كلَّ بابٍ، وسلكُوا لهُ كلَّ طريقٍ غيرَ طريقِ رسولهِ الأمينِ الذي أرسلَهُ رحمةً للعالمين، ما قُبِلَ منهم مِن عملٍ، وخابَ لديهم الرجاءُ، وانقطعَ عنهم الأملُ.

تابع / خطبة الجمعة : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي

وقد عَلَّمَ الحقُّ سبحانَهُ وتعالى عبادَهُ المؤمنين عاقبةَ الإعراضِ عن هديهِ، والتنكرِ لشريعتهِ، وعدم الامتثالِ لسنتهِ، وإنْ كان قد وعدَهُ بالنصرِ، وأنّ رميَهُ مسددٌ، وأنّه معانٌ بجندٍ مِن عندِ اللهِ، لكنّ الرماةَ لمّا خالفُوا أمرَهُ، ولم يمكثُوا في مكانِهِم كما أمرَهُم، فاتَ النصرُ بعدَ أنْ تحققَ، وتعرضَ المسلمون لنكباتِ الهزيمةِ، وويلاتِ القتلِ والاعتداءِ مِن قبلِ الأعداءِ، فعندَ البخارِي مِن حديثِ البراءِ بنِ عازبٍ رضي اللهُ عنه، قال: جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الرَّجَّالَةِ ــــ الذين لا خيلَ معهُم ــــ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: « إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ، هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا القَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ ـــ هزمناهم ــــ فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ»، فَهَزَمُوهُمْ ، فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنِيمَةِ ».

في الحديثِ دليلٌ على أنَّ التنازعَ والخلافَ هو سببُ الهلاكِ في الدنيا والآخرةِ، وفيه معاقبةُ اللهِ على الخلافِ، وعلى تركِ الائتمارِ بأمرِ رسولهِ ﷺ والوقوفِ عندَ أمرهِ. [شرح البخاري، لابن بطال].

وقد حضَّ الحقُّ سبحانَهُ وتعالى الخلقَ على الاقتداءِ برسولهِ؛ ليتحققَ لهم السعادة، ويبلغُوا بالاقتداءِ بهديه العظمةَ والريادةَ، ويكونُوا في هذه الدنيا أهلَ مكانةٍ وسيادةٍ، وفي الآخرةِ يفوزُون بالحسنَى وزيادة، ألمْ يقلْ ربُّنَا سبحانَهُ وتعالَى مخاطبًا عبادَهُ: ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.

فالحديثُ عن أخلاقِ المصطفَى ﷺ وإبرازِ عظمتِهَا في تعاملاتهِ مع أهلِ بيتهِ، أو مع أصحابهِ، أو مع أعدائهِ، ليست للتسليةِ، ولا لمجردِ الانبهارِ بحياتهِ فحسب، ولا لِيَعُضَّ المستمعُ على شفتيهِ تعجبًا، بل تُدرسُ لتكونَ منهجَ حياةٍ، وقواعدَ تعاملٍ لا خيارَ فيها للمسلمين، فالاقتداءُ بهديهِ ﷺ مِن الواجباتِ الشرعيةِ التي لا يمكنُ العدولُ عنها، ويجبُ على المسلمِ أنْ يكونَ مثالًا للشرفِ والأمانةِ، والصدقِ والعدلِ، والهمةِ ومناصرةِ المحتاجِ والشدِّ مِن أزرِ المكلومِ، ففي الصحيحينِ، مِن حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ ـــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـــ قَالَ: « كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ لَيْلَةً، فَخَرَجُوا نَحْـــــــــــوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُـــــرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: « لَمْ تُرَاعُــــوا، لَمْ تُرَاعُــــوا ».

جاءَ في بهجةِ المحافلٍ: قال علىٌّ كرَّمَ اللهُ وجهَهُ: كُنَّا إذا اشتدَّ البأسُ، واحمرتْ الحدقُ، أتقينَا برسولِ اللهِ ﷺ فمَا يكونُ أحدٌ أقربَ إلى العدوِّ منهُ،، وهذه الأخلاقُ التي يجبُ أنْ تسودَ، والتي دفعتْ المنصفينَ مِن علماءِ الغربِ أنْ يثنُوا على حياتهِ بالعظمةِ، وعلى خُلُقِهِ بالكرمِ، والحقُّ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ، فيقولُ بعضُهُم: « إنّ البـشريةَ لتفخـرُ بانتـسابِ رجـلٍ كبـيرٍ كمُحمـدٍ إليهَـا؛ إذ أنَّه رغمَ أميتهِ استطاعَ قبلَ بضعةَ عشرَ قرنًا أنْ يأتيَ بتـشـــــــــريعٍ سـنكونُ نحـنُ الأوروبيــون أســعدَ مــا نكــونُ لــو وصــلنَا إلى قمتــهِ بعــدَ ألفــيْ عــامٍ ».

تابع / خطبة الجمعة : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي

ويقولُ آخرُ: لا توجدُ كذبةٌ تدومُ لأربعةَ عشرَ قرنًا مِن الزمانِ، ولقد أرسَى مُحمدٌ مبادئَ العدلِ، وقضَى على الطبقيةِ المقيتةِ…. ثم يخرجُ رجلًا مِن بنِي جلدتِنَا، ويتحدثُ بلسانِنَا يحاربُ سنتَهُ، ويخزلُ الناسَ عنهَا، ولقد تنبأَ المصطفَى مِن قبلِ ربِّهِ عن هذه الفئاتِ فحذّرَ الناسَ منهُم.

العنصـــرُ الثاني: منزلةُ الصلاةِ على رسولِ اللهِ وثمــــرتُهَا.

لَمّا كانتْ حياةُ رســـولِ اللهِ ﷺ نموذجًا مشرقًا وصفحاتٍ مضيئةً مِن الشرفِ والعزةِ والفخارِ، وعنوانًا لا يُضاهِى في التسامحِ ومكارمِ الأخلاقِ، وقدوةً يُحتذَى بهَا في القوةِ والشجاعةِ والإقــدامِ، أرسلَهُ ربُّهُ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ إلى البشريةِ جمعاء؛ ليخرجَهُم مِن الظلماتِ إلى النورِ، ويتمَّ بهِ مكارمَ الأخلاقِ. هذه الفضائلُ تحملُ البشريةَ على العدلِ، وبها يسودُ بينَ الناسِ الفضلُ، فعزّزَ الحقُّ علاقةَ المسلمينَ بنبيِّهِم؛ كي لا ينقطعَ عنهم ذكرُهُ، ولا يغيبُ عنهم فضلُ اللهِ وشكرهُ، أنْ أرسلَ إليهم هذا النبيَّ الأميَّ الأمينَ، الذي امتنَّ بهِ على كافةِ البشرِ وجعلَهُ رحمةً للعالمين، فأخبرَهُم بأنَّهُ يُصلِّي عليهِ، وأمرَ ملائكتَهُ الكرامَ بأنْ يُصلُّوا عليهِ، وينبغِي للمسلمينَ أنْ يُصلُّوا عليهِ، فقالَ تعالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾. [الأحزاب، 46 ].

إنَّ اللهَ سبحانه أخبرَ عبادَهُ بمنزلةِ عبدهِ ونبيِّهِ عندَهُ في الملأِ الأعلى، بأنَّهُ يُثنِي عليهِ عندَ الملائكةِ المقربين، وأنّ الملائكةَ تُصلِّي عليهِ. ثم أمرَ تعالى أهلَ الأرضِ بالصلاةِ والتسليمِ عليه، ليجتمعَ الثناءُ عليهِ مِن أهلِ السماءِ وأهلِ الأرضِ.

والصلاةُ مِن اللهِ ــــ تعالى ــــ هي الرحمةُ والمغفرةُ، ومِن الملائكةِ ــــ عليهم السلامُ ـــــ الاستغفارُ. يعني: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يغفرُ للنبيِّ، ويأمرُ ملائكتَهُ بالاستغفارِ والصلاةِ عليهِ، لَمَّا نَزَلَتْ هَذه الآيةُ، قَالُوا: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: « قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّـــدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّــدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ». [ مسند أحمد ].

ثم أرشدَ رسولُ اللهِ ﷺ أمتَهُ إلى أنْ يُكثرُوا مِن الصلاةِ عليهِ، وأعلمَهُم أنَّ صلاتَهُم معروضةٌ عليهِ، فعندَ أصحابِ السننِ وغيرِهِم، قال ﷺ: « إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ». قَالُوا: وَكَيْفَ صَلَاتُنَا تُعْرَضُ عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ ». فاللهُمّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على سيدِ المرسلين، نبيِّ الهدَى والرحمةِ، والداعِي بإذنِ ربِّهِ إلى الصراطِ المستقيمِ.

تابع / خطبة الجمعة : فضائل الصلاة والسلام على النبي (صلى الله عليه وسلم) للدكتور مسعود عرابي

وثمراتُ الصلاةِ على رسولِ اللهِ ﷺ لا تنقضِي، بل فيها مِن العجائبِ والرغائبِ ما لا يخفَى على كلِّ ذي بصيرةٍ، أولُ هذه الثمراتِ: أنّ اللهَ يكفِي بها الهمَّ ويغفرُ بها الذنبَ، قالَ الصحابيُّ الجليلُ أبيُّ بنُ كعبٍ ـــ رضي اللهٌ عنه ـــ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا ذَهَبَ رُبْعُ اللَّيْلِ قَامَ، فَقَالَ: « أَيُّهَا النَّاسُ، اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ». قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: « مَا شِئْتَ»، قَالَ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قَالَ النِّصْفَ؟ قَالَ: « مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قَالَ الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: « مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ»، قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: « إِذًا يُكْفَى هَمُّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ ». [ مستدرك الحاكم ].

الثمرةُ الثانيةُ: ضمانُ شفاعةِ رسولِ اللهِ ﷺ، فعندَ مُسلمٍ قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « إذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ».

الثمرةُ الثالثةُ: التذكيرُ بفضلهِ، وجميلِ عفوهِ، فعندَ ابنِ ماجةَ: جَاءَ أَعْرَابِيُّ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ يَتَقَاضَاهُ تَمْرًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، وَشَدَّدَ عَلَيْهِ الْأَعْرَابِيُّ، حَتَّى قَالَ لَهُ: أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلَّا قَضَيْتَنِي، فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: وَيْحَكَ، أَتَدْرِي مَنْ تُكَلِّمُ؟ فَقَالَ: إِنِّي طَالِبُ حَقٍّ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : « هَلَّا مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ ». ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا: « إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْـرٌ فَنُقْضِيَكِ ». فَقَالَتْ: نَعَمْ، بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْرَضْتُهُ فَقَضَى الْأَعْرَابِيَّ وَأَطْعَمَهُ، قَالَ: « أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ». فَقَالَ: « أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ، إِنَّهُ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعَيفِ فِيهَا حَقُّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ ».

أي: لا تطهرُ أمةٌ مِن دنسِ الذنوبِ متى هُضِمَ حقُّ الضعيفِ فيهَا، ثُم أسسَ علاجًا للخلقِ كي يلقُوا ربَّهُم على أحسنِ حالٍ، لا تذهبُ حسناتُهُم فيما ضيعُوا مِن الحقوقِ، ونالُوا مِن الدماءِ والأعراضٍ، ومساوئِ الأخلاقٍ، بل متى فعلُوا وصيتَهُ، لقُوا اللهَ وليس في أعناقِهِم للناسٍ حقوق، بل يلقون ربَّهُم وصحائفهُم مليئةٌ بمَا يسرُّهُم، إذ لا يعقلُ أنْ يبخلَ الرجلُ بحسناتهِ على أمهِ وأبيهِ وصاحبتهِ وبنيهِ، ويهديهًا لمحقيهِ، ففي الصحيحينِ مِنْ حديثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعــــــودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُــــــولُ اللهِ ﷺ: « إِنَّهَا سَتَكـــونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُـــورٌ تُنْكِـــرُونَهَا ». قَالُوا: يَا رَسُــــــــولَ اللهِ، كَيْفَ تَأْمُـــــرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: « تُؤَدُّونَ الْحَـقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُــمْ ».

كان صلواتُ ربِّي وسلامُه عليهِ لا تغضبُهُ الدنيا وما كان منها، نادَى على أهلِ بيتهِ ووجهَهُم للعملِ، وعظمِ الحقوقِ فكان لا يٌصلّي على رجلٍ عليه دَيْنٌ، ويقولُ: صلّوا على صاحبِكُم، وكان يقولٌ: تحلّلُوا مِن المظالمِ .. ولمَّا دانتْ له الجزيرةُ مِن أقصاهَا إلى أقصاهَا قال لِمَن أخرجُوه وعذبُوه وقتلُوا أصحابَهُ: اذهبُوا فأنتُم الطلقاءُ … لقد عقمتْ البشريةُ أنْ تأتِيَ بمثلِ مُحمدٍ، نبيِّ الكمالِ والجمالِ، والرحمةِ بالناسِ في جميعِ الأحوالِ، فأكثرُوا مِن الصلاةِ عليهِ، فإنَّ اللهَ وملائكتَهُ يُصلُّون عليهِ.

اللهُمّ ارحمنَا فإنّك بنَا راحمٌ .. ولا تعذبنَا فأنتَ علينَا قادرٌ .. والطفْ بِنَا يا مولانَا فيمَا جرتْ بهٍ المقادير، اللهُمَّ احفظْ مصرَ وأهلَهَا وولاةَ أمرِهَا مِن كلِّ سوءٍ .. اللهُمَّ آمين!

بقلم/ مسعود عرابي .. عضو هيئة تدريس بجامعة الأزهر .. وخطيب مكافأة.

 

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!