خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 5 رمضان 1445 هـ ، الموافق 15 مارس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 مارس 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : رمضان شهر الطاعات :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 مارس 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان :رمضان شهر الطاعات ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 مارس 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : رمضان شهر الطاعات ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 15 مارس 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : رمضان شهر الطاعات : كما يلي:
أولًا: الصومُ مدرسةٌ إيمانيةٌ.
ثانيًا: طاعاتٌ وعباداتٌ في شهرِ البركاتِ.
ثالثًا: هيَّا قبلَ فواتِ الأوانِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 مارس 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : رمضان شهر الطاعات : كما يلي:
رمضانُ شهرُ الطاعاتِ
5 رمضان 1445هـ – 15 مارس 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات
أولًا: الصومُ مدرسةٌ إيمانيةٌ.
إنَّ الصيامَ مدرسةٌ إيمانيةٌ للصائمِ؛ لأنَّ الغايةَ مِن الصيامِ هي التقوىَ، قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.(البقرة: 183). ومضمونُ التقوى: امتثالُ الأوامرِ، واجتنابُ النواهِي. وهذا يتحققُ في الصومِ؛ لأنَّ العبدَ يكونُ في غايةِ التقوىَ والإيمانِ، ولهذا يقولُ الرسولُ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».(متفق عليه). يقولُ الإمامُ ابنُ حجرٍ رحمَهُ اللهُ:” الْمُرَادُ بِالْإِيمَانِ الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ وَبِالِاحْتِسَابِ طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: احْتِسَابًا أَيْ عَزِيمَةً، وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِه.”(فتح الباري) .
فاحرصْ على الأعمالِ التي تعملُ على زيادةِ إيمانِكَ مِن الذكرِ والتسبيحِ والقيامِ وتلاوةِ القرآنِ وغيرِ ذلك، قالَ تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} ( الأنفال: ٢ )، وقالَ جلَّ شأنُهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}. ( الرعد: ٢٨ )، فذكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ فيهِ حياةٌ للقلبِ وطمأنينةٌ وسكينةٌ، فيزدادُ إيمانُ العبدِ كلمَا أكثرَ مِن ذكرِ ربِّهِ، وفي شعبِ الإيمانِ للبيهقِي : ” عن عطاءِ بنِ يسارٍ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ رواحه قالَ لصاحبٍ لهُ : ” تعالَ حتى نؤمنَ ساعةً ” قالَ أو لسنَا مؤمنين ؟ قال : ” بلى ولكنَّا نذكرُ اللهَ فنزدادُ إيمانًا ” . وقال عميرُ بنُ حبيبٍ: ” الإيمانُ يزيدُ وينقصُ . فَقِيلَ فمَا زيادتُهُ وما نقصانُهُ ؟ قال : إذا ذكرنَا ربَّنَا وخشينَاهُ فذلك زيادتُهُ ، وإذا غفلنَا ونسينَاهُ وضيعنَا فذلك نقصانُهُ ” [ انظر الإيمان لابن أبي شيبة ].
واحذَرْ أخِي الصائم مِن كلِّ ما يُنقصُ إيمانَكَ، ولا سيَّمَا سوءُ معاملةِ الجيرانِ. يقولُ ﷺ:” وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ” قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ”الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ”. [البخاري].
وليكنْ لك العبرةُ والعظةُ من هذه المرأةِ الصوامةِ القوامةِ. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ” هِيَ فِي النَّارِ ”، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: ” هِيَ فِي الْجَنَّةِ ” . (أحمد وابن حبان والحاكم وصححه) .
فاحرصْ أخي الصائمَ على كلِّ ما يزيدُ إيمانَكَ ويحسنُ أخلاقَكَ، ويهذب نفسك مِن طاعاتٍ وقرباتٍ، واجتنبْ كلَّ ما يُنقصُ إيمانَكَ، ويسئُ أخلاقَكَ مِن معاصيِ وسيئاتٍ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات
ثانيًا: طاعاتٌ وعباداتٌ في شهرِ البركاتِ.
هناكَ عدةُ طاعاتٍ وعباداتٍ يغتنمُ بهَا الصائمُ شهرَ البركاتِ، ليفوزَ بأعلَى المنازلِ والدرجاتِ، منها:
الجودُ والكرمُ: فالجودُ والكرمُ مستحبٌّ في كلِّ وقتٍ، إلَّا أنَّهُ آكدٌ في رمضانَ، فالصيامُ يُعينُ المسلمَ على الإحسانِ للفقراءِ والمساكينِ وأصحابِ الحاجاتِ، فالصائمُ إذا جاعَ أحسَّ بحاجةِ الجائعين، وإذا عطشَ أحسَّ بالظامئين، فيحفزهُ ذلك على الإحسانِ إليهِم والشفقةِ عليهم، والسعيِ في سدِّ جُوْعهِم وظمأهِم، وإدخالِ السرورِ والفرحِ عليهِم. ولهذا كان ﷺ كثيرَ الجودِ والكرمِ في رمضانَ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ؛ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ؛ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ؛ فَلَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.”(متفق عليه) . يقولُ الإمامُ ابنُ الجوزِي رحمه الله: ” وَإِنَّمَا كَثُرَ جودُهُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي رَمَضَانَ لخمسةِ أَشْيَاء: أَحدُهَا: أَنَّهُ شهرٌ فَاضلٌ، وثوابُ الصَّدَقَةِ يتضاعفُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعِبَادَاتُ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ شهرُ الصَّوْمِ، فإعطاءُ النَّاسِ إِعَانَةً لَهُم على الْفطرِ والسحورِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ إنعامَ الْحقِّ يكثرُ فِيهِ، فَأحبَّ الرَّسُولُ أَنْ يُوَافقَ ربَّهُ عزَّ وَجلَّ فِي الْكَرمِ، وَالرَّابِعُ: أَنْ كَثْرَةَ الْجُودِ كالشكرِ لتردادِ جِبْرِيلَ إِلَيْهِ فِي كلِّ لَيْلَةٍ، وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ لمَّا كَانَ يدارسهُ الْقُرْآنَ فِي كلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ زَادَتْ معاينتُهُ الْآخِرَة، فَأخْرجَ مَا فِي يَدَيْهِ مِن الدُّنْيَا”. أ.ه. (كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي).
ومنها: مدارسةُ القرآنِ: فقد كان جبريلُ – عليه السلامُ – يدارسُ القرآنَ لنبيِّنَا ﷺ في شهرِ رمضانَ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ” كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً؛ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ“. (البخاري). فالقرآنُ خيرٌ في كلِّ أحوالِهِ: نزلَ جبريلُ بالقرآنِ فأصبحَ جبريلُ خيرَ الملائكةِ، ونزلَ القرآنُ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ فصارَ سيدَ الخلقِ، وجاءَ القرآنُ إلى أمةِ مُحمدٍ فأصبحتْ خيرَ أمةٍ، ونزلَ القرآنُ في شهرِ رمضانَ فأصبحَ خيرَ الشهورِ، ونزلَ القرآنُ في ليلةِ القدرِ فأصبحتْ خيرًا مِن ألفِ شهرٍ، فماذا لو نزلَ القرآنُ في قلوبِنَا ؟!! ومِن هنَا كانت علاقةُ شهرِ رمضانَ بالقرآنِ علاقةً قويةً، حيثُ نزولُهُ في هذا الشهرِ المباركِ، ومدارسةُ جبريلَ عليه السلامُ للرسولِ ﷺ. وكان قتادةُ -رحمه اللهُ- يختمُ القرآنَ في كلِّ سبعِ ليالٍ مرةً، فإذا دخلَ رمضانُ ختمَ في كلِّ ثلاثِ ليالٍ مرةً، فإذا دخلَ العشرُ ختمَ في كلِّ ليلةٍ مرةً.
ومنها: قيامُ الليلِ: اقتداءً بالنبيِّ ﷺ، وينبغي إيقاظُ الأهلِ والأولادِ لاغتنامِ هذه الليالي المباركةِ. قال سفيانُ الثوري رحمَهُ اللهُ: أحبُّ إليَّ إذا دخلَ رمضانُ أنْ يتهجدَ بالليلِ، ويجتهدَ فيهِ، ويُنهضَ أهلَهُ وولدَهُ إلى الصلاةِ إنْ أطاقُوا ذلك. فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ.”(أبو داود) .
وفي الموطأِ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ كان يُصلِّي مِن الليلِ ما شاءَ اللهُ أنْ يُصلِّي، حتى إذا كان نصفُ الليلِ أيقظَ أهلَهُ للصلاةِ، يقولُ لهُم: الصلاةَ الصلاةَ، ويتلُو هذه الآيةَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132].
إنَّ هذه العنايةَ بأمرِ الزوجةِ والأهلِ والأولادِ تجعلُ مِن البيتِ المسلمِ يعيشُ في روحانيةِ رمضانَ هذا الشهرِ الكريمِ، عندما يقبلُ الأبُّ والأمُّ والأولادُ على الصلاةِ والعبادةِ والذكرِ وقراءةِ القرآنِ، ولنحفزَهُم على ذلك الخيرِ، فمَن دعا إلى هُدَى كان لهُ مِن الخيرِ والأجرِ مثلُ أجورِ مَن اتبعَهُ لا ينقصُ ذلك مِن أجورِهِم شيئًا.
ومنها: كثرةُ الدعاءِ: فالدعاءُ لهُ مكانةٌ عظيمةٌ ولا سيّمَا في رمضانَ، مِن أجلِ ذلك جاءتْ آيةُ الدعاءِ في سياقِ آياتِ الصيامِ، لتدلَّ دلالةً واضحةً على ارتباطِ عبادةِ الصومِ بعبادةِ الدعاءِ، قالَ تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186).
تابع / خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات
وهذا فيهِ إشارةٌ دقيقةٌ للعلاقةِ الوطيدةِ بينَ رمضانَ والدعاءِ، فالدعاءُ في هذا الشهرِ المباركِ الفضيلِ يخرجُ مِن قلبٍ خاشعٍ ونفسٍ مطمئنةٍ امتنعتْ عن الطعامِ والشرابِ والشهواتِ امتثالًا لأمرِ اللهِ وطاعةً لرسولِهِ الكريمِ ﷺ، فللصائمِ عندَ فطرِهِ دعوةٌ لا تُردُّ، قالَ ﷺ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ»[ابن ماجة والطبراني]. وكان عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاص إذا أفطرَ يقولُ: ” اللهُمَّ إنِّي أسألُكَ برحمتِكَ التي وسعتْ كلَّ شئٍ أنْ تغفرَ لِي “.
ومنها: الاجتهادُ في العبادةِ في العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ: فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:” كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ؛ وَأَحْيَا لَيْلَهُ؛ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ.”(متفق عليه) . وفي رواية لمسلم: ” كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ “.
ومنها: التحَلِّي بمكارمِ الأخلاقِ: لأنَّ رمضانَ هو شهرُ الأخلاقِ ومدرستهَا، ولقد ربَّي الرسولُ ﷺ الصائمينَ على أرفعِ القيمِ الخلقيةِ وأنبلِهَا حيثُ يقولُ: “الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ” (البخاري ومسلم)، “وقد ذكرَ بعضُ العلماءِ أنَّ الصومَ إنَّما كانَ جُنةً مِن النارِ؛ لأنَّهُ إمساكٌ عن الشهواتِ، والنارُ محفوفةٌ بالشهواتِ، فالحاصلُ أنَّهُ إذا كفَ نفسَهُ عن الشهواتِ في الدنيا كان ذلك ساتِرًا لهُ مِن النارِ في الآخرةِ.” (فتح الباري). فالصومُ جنةٌ: أيْ وقايةٌ من جميعِ الأمراضِ الخلقيةِ، ويفسرهُ ما بعدَهُ ” فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ” فإنْ اعتدى عليكَ الآخرونَ بسبٍّ أو جهلٍ أو أذىً فقلْ: ” إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ”، والمعني: إنِّي في غايةِ التقوى والتحلِّي بأخلاقِ الصيامِ، ولا ينبغِي لي أنْ أفسدَ صومِي بالردِّ عليك بهذه الأقوالِ البذيئةِ، فعليكَ أنْ تدركَ أنَّ الصومَ يحجزُكَ عن ذلك؛ لأنَّه جنةٌ ووقايةٌ مِن سيءِ الأخلاقِ، شرعَهُ اللهُ تعالى ليهذبَ النفسَ، ويعودَهَا الخيرَ، فينبغِي أنْ يتحفظَ الصائمُ مِن الأعمالِ التي تخدشُ صومَهُ، حتى ينتفعَ بالصيامِ، وتحصلَ له التقوى والأخلاقُ.
وهكذا يعملُ الصيامُ على تربيةِ النفسِ وتزكيتِهَا بجميعِ جوانبِهَا؛ ليصلَ بهَا إلى أعلَى درجاتِ الكمالِ المنشودِ.
فعليكَ أخي الصائم أنْ تلزمَ طريقَ الخيرِ مِن صيامٍ وقيامٍ وطاعاتٍ حتى تخرجَ مِن رمضانَ وقد تحققَ فيك قولُهُ ﷺ :” غُفِرَ لهُ ما تقدمَ مِن ذنبِهِ”. واحذرْ طرقَ الشرِ والشيطانِ، حتى لا تكونَ مِن الذين دعَا عليهم جبريلُ الأمينُ، وأمَّنَ خلفَهُ خاتمُ المرسلين. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ” أَنّ النَّبِيَّ ﷺ رَقَى الْمِنْبَرَ ، فَقَالَ: آمِينَ ، آمِينَ ، آمِينَ ” ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا ؟ فَقَالَ: قَالَ لِي جِبْرِيلُ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا لَمْ يُدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، قُلْتُ: آمِينَ ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ عَبْدٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ ، فَقُلْتُ: آمِينَ ، ثُمَّ قَالَ: رَغِمَ أَنْفُ امْرِئٍ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ ، فَقُلْتُ: آمِينَ” .( أحمد والترمذي وحسنه).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : رمضان شهر الطاعات
ثالثًا: هيَّا قبلَ فواتِ الأوانِ.
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: عليكُم بالطاعةِ والعودةِ إلى اللهِ قبلَ أنْ تندمُوا ولا ينفعُ الندمُ، قالَ تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ؛ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99 ؛100) قالَ ابنُ كثيرٍ – رحمَهُ اللهُ-: ” يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حَالِ الْمُحْتَضِرِ عِنْدَ الْمَوْتِ، مِنَ الْكَافِرِينَ أَوِ الْمُفْرِطِينَ فِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وِقِيلِهِمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَسُؤَالِهِمُ الرَّجْعَةَ إِلَى الدُّنْيَا، لِيُصْلِحَ مَا كَانَ أَفْسَدَهُ فِي مُدَّةِ حَيَّاتِهِ … فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرَّجْعَةَ، فَلَا يُجَابُونَ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَيَوْمَ النُّشُورِ وَوَقْتَ الْعَرْضِ عَلَى الْجَبَّارِ، وَحِينَ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّارِ، وَهُمْ فِي غَمَرَاتِ عَذَابِ الْجَحِيمِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: وَاللَّهِ مَا تَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا إِلَى عَشِيرَةٍ، وَلَكِنْ تَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللَّهِ، فَانظُرُوا أُمْنِيَّةَ الْكَافِرِ الْمُفَرِّطِ فَاعْمَلُوا بِهَا.” ( تفسير ابن كثير).
وقد وقفَ الإمامُ “الحسنُ البصريُّ” عندَ شفيرِ قبرٍ بعدَ دفنِ صاحبِهِ ثُم التفتَ على رجلٍ كان بجانبِهِ فقالَ: أتراهُ لو يرجعُ للدنيا ماذا سيفعلُ؟! قال الرجلُ: يستغفرُ ويصلِّي ويتزودُ مِن الخيرِ، فقالَ الإمامُ: هو فاتتهُ فلا تفتكَ أنت!!!
واعلم – يا عبدَاللهِ- أنَّ كلَّ يومٍ يمرُّ عليكَ دونَ عملٍ، لابُدَّ أنْ تحزنَ عليهِ، كما قال عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ – رضي اللهُ عنه- : ” ما حزنتُ على شيءٍ قط حزنِي على يومٍ غربتْ شمسُهُ نقصَ فيهِ أجلِي ولم يزددْ فيهِ عملِي “.
فعليكُم بالجودِ والصدقاتِ قبلَ أنْ يأتيَكُم الأجلُ وأنتُم لا تشعرون، وقتهَا يتمنَّي أحدُكُم الرجوعَ ليخرجَ زكاةَ مالِهِ ويتصدقَ، ولكن هيهاتَ هيهاتَ!! قالَ تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون: 10)، وهنَا وقفةٌ مع هذا التصويرِ القرآنِي لمانعِ الزكاةِ والصدقاتِ، الميتُ تمنَّى الرجوعَ قائلًا: فأصدّقَ، ولم يقلْ لأصلِّي أو لأصومَ أو غيرَ ذلك!! قال أهلُ العلمِ: ﻣﺎ ﺫﻛﺮَ الميتُ ﺍﻟﺼﺪﻗﺔَ إلّا ﻟﻌﻈﻴﻢِ ﻣﺎ ﺭﺃَﻯ ﻣِﻦ فضلِ ثوابِهَا وأثرهَا بعدَ موتِه”؛ ولذلك قال عمرُ بنُ الخطّابِ: «إنَّ الأعمالَ تباهتْ، فقالتْ الصّدقةُ أنًا أفضلكُنّ». (إحياء علوم الدين).
إذا أنتَ لم ترحلْ بزادٍ مِن التقَى………….ولاقيتَ بعدَ الموتِ مَن قد تزودَا
ندمتَ على أنْ لا تكونَ كمثلِهِ …………وأنّكَ لم ترصدْ كما كان أرصدَا
فبادرْ – أيُّها الحبيبُ – إلى الخيراتِ، وسارعْ إلى الصالحاتِ تَنلْ البركاتِ، وتُستجَابُ منكَ الدعواتُ، وتُفرّجُ لكَ الكرباتُ، وتَنلْ المرضاتِ مِن ربِّ البرياتِ، وتزودْ بالطاعةِ لتفرحَ بلقاءِ ربِّ الأرضِ والسماواتِ !!!
نسألُ اللهَ أنْ يتقبلَ منَّا صيامنَا وقيامنَا وصالحَ أعمالِنَا،
وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،،
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف