خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 16 ذو القعدة 1445 هـ ، الموافق 24 مايو 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان :الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ : كما يلي:
أولًا: إخلاصُ النيةِ للهِ تعالَى.
ثانيًا: التوبةُ وردُّ المظالمِ إلى أهلِهَا.
ثالثًا: تعلُّمُ فقهِ الحجِّ معَ مراعَاةِ التيسيرِ
رابعًا: طهارةُ القلبِ.
خامسًا: الحجُّ رحلةٌ إيمانيةٌ وروحيةٌ فاغتنمهَا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ : كما يلي:
الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
16 ذو القعدة 1445هـ – 24 مايو 2024م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
عبادَ الله: هناكَ عدةُ نصائحٍ هامةٍ أوصِي بها حجاجَ بيتِ اللهِ الحرامِ حتى يكونَ حجُّهُم مبرورًا، تتمثلُ فيمَا يلي:
العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
أولًا: إخلاصُ النيةِ للهِ تعالَى.
يجبُ على مَن أرادَ الحجَّ أنْ يقصدَ بحجِّهِ وجهَ اللهِ تعالى، لا مِن أجلِ كسبِ لقبِ ( حاجٍّ )؛ لأنَّ الإخلاصَ عليهِ مدارُ الأعمالِ والأقوالِ، يقولُ تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}(البينة: 5)، ويقولُ جلَّ شأنُهُ: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (الأنعام: 162)، ويقولُ ﷺ: ” «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ». (النسائي بسند حسن).
فعلَى الحاجِّ أنْ يستحضرَ نيةَ التقربِ إلى اللهِ تعالَى في جميعِ أحوالِهِ لتكونَ أقوالُهُ وأفعالُهُ ونفقاتُهُ مقربةً لهُ إلى اللهِ: ” فإنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوىَ فمَن كانتْ هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومَن كانتْ هجرتُهُ إلى دنيَا يصيبُهَا أو امرأةٍ ينْكحُهَا فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ” ( متفق عليه )، ” يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ – رضي اللهُ عنهُ – : كان فينَا رجلٌ خطبَ امرأةً يُقالُ لهَا أمُّ قيسٍ فأبتْ أنْ تتزوجَهُ حتى يهاجرَ فهاجرَ فتزوجَهَا ، فكنَّا نسميهِ مهاجرَ أمُّ قيسٍ.” ( فتح الباري ). لذلك جعلَ الإمامُ البخاريُّ هذا الحديثَ هو الحديثُ الأولُ في صحيحِهِ، وكأنَّهُ يقولُ لكَ: قبلَ أنْ تقدمَ على أيِّ عملٍ عليكَ بإخلاصِ النيةِ فيهِ للهِ تعالَى!!
فالأعمالُ كلُّهَا بالنياتِ فقد يحجُّ رجلٌ رياءً ويتكبدُ عناءً ومشقةً وسفرًا ومالًا ولا يُقبلُ حجُّهُ، وفي المقابلِ رجلٌ في بيتِهِ وعلى سريرِهِ ويُكتَبُ لهُ ثوابُ حجَّةٍ كاملةٍ لأنَّهُ حبسَهُ العذرُ كمَا كان الأمرُ في غزوةِ تبوكٍ. وفي ذلك يقولُ ﷺ: ” وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ”.(الترمذي وصححه). وما أجملَ قولَ الفاروقِ عمرَ رضي اللهُ عنهُ: ” الركبُ كثيرٌ والحاجُّ قليلٌ”.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
ثانيًا: التوبةُ وردُّ المظالمِ إلى أهلِهَا.
فعلى الحاجِّ أنْ يبادرَ إلى التوبةِ النصوحِ مِن جميعِ الذنوبِ والمعاصِي مِن تركِ الواجباتِ أو ارتكابٍ للمحظوراتِ؛ فالتوبةُ طريقُ المفلحينَ وسبيلُ الفائزينَ، وحقيقةُ التوبةِ الإقلاعُ عن الذنوبِ وتركُهَا والندمُ على ما مضَى منهَا والعزيمةُ على عدمِ العودةِ إليهَا، وإنْ كان عندَهُ للناسِ مظالمٌ مِن نفسٍ أو مالٍ أو عرضٍ ردَّهَا إليهِم أو تحلّلَهُم منهَا قبلَ سفرِهِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ “(البخاري)، فالواجبُ على العبدِ أنْ يبادرَ بالتوبةِ فإنَّهُ لا يدرِي متى يحضرُهُ الأجلُ ومتى يفجأهُ الموتُ، وكم مِن إنسانٍ يعدُّ نفسَهُ بالتوبةِ فما زالَ يؤخرُهَا حتى نزلَ بهِ هادمُ اللذاتِ، فلقيَ اللهَ تعالى بذنوبٍ وهو مُصرُّ عليهَا وانتقلَ إلى الآخرةِ مثقلًا بالذنوبِ حاملًا للأوزارِ والعياذُ باللهِ.
إنَّ الحجَّ فرصةٌ عظيمةٌ لهدمِ الذنوبِ والآثامِ، فعن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي اللهُ عنه قَالَ: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ. قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي، قَالَ مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟! قَالَ قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ “.[ مسلم] .
فعلَى الحاجِّ أنْ يتوبَ قبْلَ الذهابِ إلى الحجِّ مِن كلِّ الذنوبِ والآثامِ، كبيرِهَا وصغيرِهَا، جليلِهَا وحقيرِهَا، وعليهِ أنْ يؤدِّيَ الحقوقَ التي عليهِ بالتمَّامِ والكمالِ، وخاصةً تلكَ الحقوقُ المتعلقةُ بالخلقِ؛ لأنَّ حقوقَ العبادِ مبنيةٌ على المُشَاحَحَةِ، بينمَا حقوقُ اللهِ مبنيةٌ على المسامحةِ، فعليهِ أنْ يؤدِّيَ الحقوقَ، ويُقلعَ عن الذنوبِ، والأهمُّ مِن هذا أنْ يَعقِدَ العزمَ على ألّا يعودَ إليهَا بعدَ الحجِّ، وإلّا أصبحَ الحجُّ مِن الطقوسِ لا مِن العباداتِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
ثالثًا: تعلُّمُ فقهِ الحجِّ معَ مراعَاةِ التيسيرِ.
يجبُ على الحاجِّ أنْ يحرصَ على التفقهِ في أمورِ الحجِّ حتى يعبدَ اللهَ على بصيرةٍ، يقولُ الفاروقُ عمرُ رضي اللهُ عنه: ” تفقهُوا قبلَ أنْ تحجُّوا “، والحذرُ كلُّ الحذرِ أنْ يؤدِّيَ مناسكَ الحجِّ على جهلٍ منهُ بذلك؛ فقد يوقعُهُ هذا في الإخلالِ بالأركانِ أو ارتكابِ بعضِ المحظوراتِ، أو النقصِ في القيامِ بمناسكِ الحجِّ، إن فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَبْطَلَ حجَّهُ، أو لَزِمَهُ الدمُ، أو أساءَ، أو قصَّرَ، أو تركَ الأَوْلَى، وبذلك قد ضيّعَ فرصةً فريدةً لا تتكرّرُ، فرصةً لمغفرةِ ذنبِهِ، واستحقاقِهِ جنّةَ ربِّهِ، وكما أنَّ انتظارَ الصلاةِ يُعَدُّ مِن الصلاةِ، كذلك الإعدادُ الفقهيُّ للحجِّ فهو مِنَ الحجِّ، فكم مِن حاجٍّ أهْملَ التفقُّهَ قَبْلَ الحجِّ، وعادَ مِنَ الحجّ، ولم يطفْ طوافَ الركنِ، فبطلَ حجُّهُ، وكم مِن حاجٍّ اجتازَ الميقاتَ المكانيَّ غيرَ محرِمٍ فلزمَهُ الدمُ، وكم مِن حاجٍّ وقعَ في محظوراتِ الإحرامِ، وهو يحسبُ أنَّهُ يُحسنُ صنعًا.
فعليكَ أخي الحاج أنْ تتعلمَ فقهَ الحجِّ، ولا تجعلْ العذرَ بالجهلِ ديدنَكَ، فوسائلُ التفقهِ وفتاوَي الحجِّ ميسورةٌ وسهلةٌ وفي متناولِ الجميعِ، فلا تقدم على نسكٍ حتى تعلمَ حكمَهُ وشروطَهُ، ومِمّا يفيدُ في ذلك استصحابُ بعضِ الكُتيباتِ النافعةِ وغيرِهَا مِن أدواتِ التعلمِ التي تعينُهُ في تعلمِ مناسكِهِ، معَ الأخذِ بمبدأِ التيسيرِ في فقهِ الحجِ، تأسيًا بالرسولِ ﷺ، فَمَا سُئِلَ ﷺ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ، إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ». (متفق عليه).
العنصر الرابع من خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
رابعًا: طهارةُ القلبِ.
فعليكَ أخِي الحاج بطهارةِ قلبِكَ مِن الغلِّ والحسدِ والخلافاتِ والخصوماتِ؛ لأنَّ ذلك سببٌ لرفعِ الرحماتِ وعدمِ قبولِ الحسناتِ، واعلمْ أنَّ سنةَ النبيِّ ﷺ عامرةٌ بالنصوصِ المؤكِّدةِ على أهميةِ طهارةِ القلوبِ وسلامتِهَا مِن الغلِّ والشحناءِ والبغضاءِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ”. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: “هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ”. ( ابن ماجة بإسناد صحيح). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ، قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ» (متفق عليه). وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ»، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ». ( الترمذي وقال: حسن صحيح). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”. (مسلم).
وبيّنَ ﷺ أنَّ ذلك يحلقُ الحسناتِ بل الدينَ كلَّهُ فقالَ:” دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَالكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “[ أحمد والترمذي بسند حسن ].
فبادرْ أنت بالخيرِ إذا أعرضَ عنكَ أخوكَ وكنْ أنتَ الأخير، كما قالَ ﷺ:” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا؛ وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”.(متفق عليه). فهذه رسالةٌ هامةٌ أردتُ أنْ أبلغَهَا لكَ أنْ تصطلحَ مع أهلِكَ وجيرانِكَ قبلَ سفرِكَ إلى الأراضِي المقدسةِ، فإنِّي أخشَى عليكَ أنْ تكلفَ نفسَكَ جسديًّا وماليًّا وتتحملَ كلَّ هذه المشاقِّ، ثم تحجبُ أعمالُكَ بسببِ الخلافِ والخصامِ.
العنصر الخامس من خطبة الجمعة بعنوان : الحجُّ بينَ كَمَالِ الإيمَانِ وَعَظَمَةِ التَّيسِيرِ ومَا علَى الحاجِّ قبلَ سفرِهِ
خامسًا: الحجُّ رحلةٌ إيمانيةٌ وروحيةٌ فاغتنمهَا.
إنَّ رحلةَ الحجِّ الإيمانيةَ تبدأُ مِن تجردِ الحاجِّ مِن جميعِ ملابسهِ وزخارفِ الدنيا، فهي صورةٌ مصغرةٌ مِن أرضِ المحشرِ، بهذا الإحرامِ يدخلُ المؤمنُ في محيطِ الرُّوحِ، وفي متسعِ الضيافةِ، ولذلك يقولُ: “لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ”.(سنن ابن ماجة).
إنَّ أعمالَ الحجِّ كلَّهَا مِن الإحرامِ حتى الوداعِ زادٌ روحيٌّ وإيمانيٌّ عظيمٌ وكبيرٌ، يجسدهُ ويصورهُ لنَا الرسولُ ﷺ في قولِهِ:” أَمَّا خُرُوجُكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ الْبَيْتَ فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ وَطْأَةٍ تَطَأُهَا رَاحِلَتُكَ يَكْتُبُ اللهُ لَكَ بِهَا حَسَنَةً، وَيَمْحُو عَنْكَ بِهَا سَيِّئَةً، وَأَمَّا وُقُوفُكَ بِعَرَفَةَ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: «هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي، وَيَخَافُونَ عَذَابِي، وَلَمْ يَرَوْنِي، فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ، أَوْ مِثْلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّمَاءِ ذُنُوبًا غَسَلَهَا اللهُ عَنْكَ، وَأَمَّا رَمْيُكَ الْجِمَارَ فَإِنَّهُ مَذْخُورٌ لَكَ، وَأَمَّا حَلْقُكَ رَأْسَكَ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَسْقُطُ حَسَنَةٌ فَإِذَا طُفْتَ بِالْبَيْتِ خَرَجْتَ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» (الطبراني). لأنّ هذه الذنوبَ سقطتْ وتناثرتْ وتبخرتْ هناك، وهذا هو السببُ في سوادِ الحجرِ الأسودِ الذي كان أبيضًا فسودتهُ خطايَا الناسِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَانَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ حَتَّى سَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ»(الطبراني).
فيجبُ عليكَ أخِي الحاج أن تغتَنِمَ رحلةَ الحجِ بزيادةِ إيمَانِك، وذلكَ بالاجتهادِ في فعلِ الطاعاتِ، واجتنابِ المحرماتِ، واعلم أنَّ ارتكابَ المعاصِي والذنوبِ وانتهاكَ الحرماتِ في هذه الأشهرِ ظلمٌ بيِّنٌ للنفسِ، لذلك قالَ تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }. (التوبة: 36).” يقولُ الإمامُ القرطبيُّ – رحمَهُ اللهُ – ” لا تظلمُوا فيهنَّ أنفسَكُم بارتكابِ الذنوبِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَهُ إذا عظّمَ شيئًا مِن جهةٍ واحدةٍ صارتْ لهُ حرمةٌ واحدةٌ، وإذا عظّمَهُ مِن جهتينِ أو جهاتٍ صارتْ حرمتُهُ متعددةً فيُضاعِفُ فيه العقابَ بالعملِ السيئِ كما يُضاعِفُ الثوابَ بالعملِ الصالحِ، فإنَّ مَن أطاعَ اللهَ في الشهرِ الحرامِ في البلدِ الحرامِ ليس ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ، ومَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ ليسَ ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في شهرٍ حلالٍ في بلدٍ حلالٍ” ، وقد أشارَ تعالى إلى هذا بقولِهِ تعالى:{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } (الأحزاب: 30) وذلك لأنَّ الفاحشةَ إذا وقعتْ مِن إحدَى نساءِ النبيِّ ﷺ يُضاعفُ لهَا العذابُ ضعفينِ بخلافِ ما إذا وقعتْ مِن غيرهِنَّ مِن النساءِ. (تفسير القرطبي).
فعليكَ أنْ تستغلَّ رحلتَكَ في أداءِ الصلاةِ في المسجدِ الحرامِ لفضلِهِ على غيرِهِ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ” صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ”. (أخرجه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين)، فصلاةٌ واحدةٌ تعدلُ مائةَ ألفِ صلاةٍ، ولو قسَّمنَا مائةَ ألفِ صلاةٍ على خمسِ صلواتِ في اليومِ، ثم السنينَ لخرجَ الناتجُ 55 سنةً و6 أشهرٍ و20 يومًا، هذه صلاةٌ واحدةٌ فما بالُكَ لو صليتَ شهرًا أو شهرين؟!
فعليكُم – حجاجَ بيتِ اللهِ الحرام – أنْ تلزمُوا هذه الوصايا حتى ترجعُوا مأجورينَ مبرورينَ، وعندَ اللهِ مقبولين.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا وإيّاكُم حجَّ بيتِهِ الحرامِ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،
الدعاء،،،، وأقم الصلاة،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د/ خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف