خطبة الجمعة القادمة 30 أغسطس 2024م : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟! ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 30 أغسطس 2024م بعنوان : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟! ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 26 صفر 1446هـ ، الموافق 30 أغسطس 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 30 أغسطس 2024م بصيغة word بعنوان : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟! ، للشيخ خالد القط
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 30 أغسطس 2024م بصيغة pdf بعنوان : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟! ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 30 أغسطس 2024م ، بعنوان : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟! ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
أفتان أنت يا معاذ
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ((وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) سورة الحج (78)
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فإن ديناً يدعو إلى الرحمة بالناس ومراعاة الضعفاء والمرضى وذي الحاجة منهم، لهو دين عظيم، قائم على التيسير والتخفيف ورفع الحرج عن الناس، ولأننا نعبد رباً رحيماً كريماً عالماً بحال عباده ومدى ضعفهم، وكيف أنهم سريعو الملل والسآمة، خاصة إذا كان الأمر فيه نوع من المشقة على النفس، ولذلك أيها المسلمون، جاءت تعاليم الدين الإسلامي، من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالدعوة إلى التخفيف والتيسير على الناس.
قال تعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (185)
وقال تعالى: ((يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا)) سورة النساء (28)
وقال في طيات حديثه في آية الوضوء ((مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) سورة المائدة (6)
أيها المسلمون: أما السنة النبوية الشريفة فقد اشتملت على الكثير والكثير من الأحاديث في هذا المعنى، مثل:
فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة t أنه قال صلى الله عليه وسلم ((إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغَدْوَةِ والرَّوْحَةِ وشيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ))
كما كان النبي r دائماً ما يؤكد على أهمية هذا الأمر، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه أيضاً من حديث أبي موسى الأشعري t ((أنَّ النبيَّ ﷺ، بَعَثَ مُعاذًا وأَبا مُوسى إلى اليَمَنِ قالَ: يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، وتَطاوَعا ولا تَخْتَلِفا))
فبأبي أنت وأمي يا حبيبي يا رسول الله كم كنت رحيماً بهذه الأمة في قمة الرفق بهم والخوف عليهم انظر إلى هذا الموقف التاريخي، الذى سجله التاريخ له r في حرصه على رفع العنت والمشقة عن أمته فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها (( أنَّ رَسولَ اللَّهِ r خَرَجَ لَيْلَةً مِن جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى في المَسْجِدِ، وصَلَّى رِجَالٌ بصَلَاتِهِ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمع أكْثَرُ منهمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا معهُ، فأصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسولُ اللَّهِ r فَصَلَّى فَصَلَّوْا بصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عن أهْلِهِ، حتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أقْبَلَ علَى النَّاسِ، فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أنْ تُفْتَرَضَ علَيْكُم، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا، فَتُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ r والأمْرُ علَى ذلكَ.))
أيها المسلمون، بل كان النبي r في قمة الحسم والحزم والصرامة في هذا الأمر لأنه يعلم r بحسه النبوي خطورة هذا الأمر، فرغم حب النبي r لصاحبه الجليل معاذ بن جبل، وأي حب؟ انظر إليه وهو يقول له كما أخرج أبو داوود بسند صحيح من حديث معاذ بن جبل ((أنَّ رسولَ اللَّه r أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ)) فرغم حبه الجارف له r انظر إليه وهو يعاتبه ويلومه، ولكن لوم المحبين فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو يتحدث عن معاذ بن جبل، قال جابر: ((كانَ يُصَلِّي مع النَّبيِّ ﷺ، ثُمَّ يَأْتي قَوْمَهُ فيُصَلِّي بهِمُ الصَّلاةَ، فَقَرَأَ بهِمُ البَقَرَةَ، قالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلّى صَلاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذلكَ مُعاذًا، فَقالَ: إنَّه مُنافِقٌ، فَبَلَغَ ذلكَ الرَّجُلَ، فأتى النَّبيَّ ﷺ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بأَيْدِينا، ونَسْقِي بنَواضِحِنا، وإنَّ مُعاذًا صَلّى بنا البارِحَةَ، فَقَرَأَ البَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أنِّي مُنافِقٌ، فَقالَ النَّبيُّ ﷺ: يا مُعاذُ، أفَتّانٌ أنْتَ؟! -ثَلاثًا- اقْرَأْ: والشَّمْسِ وضُحاها، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى، ونَحْوَها))
وفى هذا المعنى أيضاً، يقول r كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبى مسعود، عقبة بن عمرو: ((قالَ رَجُلٌ يا رَسولَ اللَّهِ، لا أكادُ أُدْرِكُ الصَّلاةَ ممّا يُطَوِّلُ بنا فُلانٌ، فَما رَأَيْتُ النبيَّ r في مَوْعِظَةٍ أشَدَّ غَضَبًا مِن يَومِئِذٍ، فَقالَ: أيُّها النّاسُ، إنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فمَن صَلّى بالنّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فإنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، والضَّعِيفَ، وذا الحاجَةِ.))
ولكل غال ومشدد على نفسه وعلى غيره، ليكن أسوتك وقدوتك هو حبيبك r فقد أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك t أنه قال r ((إنِّي لَأَدْخُلُ في الصَّلاةِ، فَأُرِيدُ إطالَتَها، فأسْمَعُ بُكاءَ الصَّبِيِّ، فأتَجَوَّزُ ممّا أَعْلَمُ مِن شِدَّةِ وجْدِ أُمِّهِ مِن بُكائِهِ))
ما هذه الرحمة والشفقة حبيبي يا رسول الله، حتى صدق فيك قوله تعالى: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) سورة آل عمران (159)
الخطبة الثانية
إن المغالاة والتشديد على الناس أيها المسلمون لهو أول بذرة من بذور التطرف والمغالاة، ولذلك كان الحبيب المصطفى r حريصاً على وأد هذه البذرة في مهدها حتى لا تنمو وتسبب ألماً وصداعاً في رأس الأمة، بل هي ذريعة لأن يتعالى ويتكبر ويغتر المرء بعبادته مقارنة بعبادة غيره، فتراه يحتقر صلاة وصوم وحج غيره مقارنة بنفسه.
حتى في قيام الليل، وهو متعة العاشقين، ولذة العارفين، نهى النبي r عن المغالاة فيه فقد أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك t قال ((دَخَلَ النبيُّ ﷺ فَإِذا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: ما هذا الحَبْلُ؟ قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ r: لا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشاطَهُ، فَإِذا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ.))
وفى النهاية أريد أن أحذر كل غال متطرف هذا التحذير الشديد على لسان الحبيب المصطفى r فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود t أنه قال r ((هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ. قالَها ثَلاثًا.))
اللهم انفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وهيىء لنا من أمرنا رشدنا، واحفظ بلدنا من كل مكروه وسوء
الشيخ : خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف