خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بعنوان : مظاهر رحمة النبي ﷺ بأمته ، للشيخ عمر مصطفي
خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بعنوان : مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته ، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 14 ربيع الأول 1445هـ ، الموافق 29 سبتمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بصيغة word بعنوان : مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته ، للشيخ عمر مصطفي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته ، للشيخ عمر مصطفي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م ، بعنوان : مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته ، للشيخ عمر مصطفي.
أولًا: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }.
ثانيًا: رسالتُـــهُ ﷺ كلُّهَــــا رحمـــــةٌ.
ثالثًا: أينَ نحنُ مِن نبيِّ الرحمةِ ﷺ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م ، بعنوان : مظاهر رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمته ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:
مظاهرُ رحمةِ النبيِّ ﷺ بأمتِهِ
14ربيع الأول 1445ه –29سبتمبر 2023 م
الموضوع
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينِ، القائلِ في كتابِهِ الكريمِ: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)}(الأنبياء)، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهو علي كلِّ شيءٍ قديرٍ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدٍ عبدُهُ ورسولُهُ البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المنيرُ سيدُ الأولين والآخرين، وعلي آلِه وأصحابِه أجمعين، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدين.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بعنوان : مظاهر رحمة النبي ﷺ بأمته
أولًا: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }.
عبادَ الله: قالَ اللهُ تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء )، بالقصرِ ، يعني النفي، ثم الاستثناء، أي أنتَ لستَ إلّا رحمةً، لستَ شيئًا آخرَ غير الرحمةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ»(مستدرك الحاكم ).
إنَّ رحمةَ النبيِّ ﷺ رحمةٌ شاملةٌ وعامةٌ وعالميةٌ، وليست عنصريةً تقومُ على الأعراقِ أو الألوانِ أو المذاهبِ بل هي رحمةٌ لكلِّ البشرِ، رحمةٌ عامةٌ ومجردةٌ للعالمين جميعًا، ليست رحمةً للعربِ دونَ العجمِ أو للمسلمين دونَ غيرِهِم، أو للشرقِ دونَ الغربِ بل هي رحمةٌ للعالمين.
كان النبيُّ ﷺ المثلَ الأعلَى للبشريةِ في الأخلاقِ والأعمالِ، وكان الأسوةَ الحسنةَ لِمَن أرادَ أنْ يرقَى في مدارجِ الكمالِ البشرِي، ولم يكنْ منفصلًا عن الناسِ يعيشُ بمعزلٍ عنهم، بل كان يعيشٌ معهم يأكلُ مِمّا يأكلونَ ويشربُ مِمّا يشربون وينامُ كمَا ينامون.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ” نَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى حَصِيرٍ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولُ اللَّهِ، أَلَا آذَنْتَنَا فَنَبْسُطَ تَحْتَكَ أَلْيَنَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: «مَا لِي وَلِلدُّنْيَا؟ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا»(الزهد للإمام أحمد).
إنّ الرحمةَ كانت خصلةَ رسولِ اللهِ ﷺ التي لم تفارقْهُ قط في كلِّ سيرتِه، وفي كلِّ مراحلِ حياتِه وأحوالِه، فكان ﷺ كما قالتْ عائشةُ: عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقَالَتْ: ” كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ “(مسند أحمد ). القرآنُ الذي هو رحمةٌ !
وقد قالَ لهُ ربُّهُ: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}(الأعراف)، أي خذْ ما عفَا لك مِن أفعالِ الناسِ، وأخلاقِهِم، ولا تطلبْ منهم الجهدَ وما يشقُّ عليهم حتى لا ينفرُوا، كقولٍه ﷺ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا»(صحيح البخاري).
وقد أمرَهُ اللهُ بالعرفِ، أي الجميلِ مِن الأفعالِ والأقوالِ، ونهاهُ عن مكافئةِ السفهاءِ بسفهِهم، أو مماراتِهم، وأمرَهُ بالحلمِ عنهم، والإعراضِ عن إساءتِهِم .
لقد أمرَهُ اللهُ أنْ يصلَ مَن قطعَهُ، ويُعطِي مَن حرمَهُ، ويعفُو عمَّن ظلمَه، وأرسلَهُ ليتممَ مكارمَ الأخلاقِ، وبشيرًا ونذيرًا ومربيًّا ومرشدًا للعالمين، وحجابًا للعالمين مِن عذابِ الاستئصالِ والانتقامِ العامِّ في الدنيا، قالَ تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}(الأنفال).
*ومِن رحمتِهِ ﷺ أنَّهُ كان في أعلى درجاتِ الحرصِ على الناسِ والخوفِ الشديدِ عليهم مِن الهلاكِ والضلالِ، ورغبتِه الشديدةِ في رفعِ العنتِ والمشقةِ عنهُم، قال تعالى: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}(التوبة).
عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ، قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ»( صحيح البخاري)
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بعنوان : مظاهر رحمة النبي ﷺ بأمته
ثانيًا: رسالتُهُ كلُّهَا رحمةٌ.
عبادَ الله: إنًّ رسالةَ النبيِّ ﷺ إلي العالمِ بأثرِهِ رسالةُ الإنسانِ، رسالةُ السعادةِ، رسالةُ الحضارةِ، رسالةُ العدالةِ، رسالةُ الرحمةِ. لا تنظرْ إليهَا مِن زاويةٍ مِن الزوايا إلّا وتجد فيهَا التشوّفَ إلى سعادةِ الإنسانِ وراحتِه، ومنفعتِه وقد يدركُ الإنسانُ أبعادَ هذه المنفعةِ والسعادةِ وقد تخفَى عنهُ فلا يلاحظُهَا إلّا بعدَ حينٍ.
إنَّها رسالةٌ تراعِي الكيانَ الإنسانِي؛ لأنًّها تنزيلٌ مِن العليمِ الخبيرِ { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } (الملك )، فالإنسانُ مكوّنٌ مِن جسدٍ ونفسٍ وعقلٍ وقلبٍ وروحٍ، هذا هو الإنسانُ، وكلُّ جزءٍ مِن أجزاءِهِ لهُ متطلباتُه وحاجاتُه، له غذاؤُه الذي يليقُ بهِ، فجاءتْ رسالةُ الإسلامِ خاتمةَ الرسائلِ متوائمةً مع متطلباتِ الإنسانِ، تُلبّي جميعَ حاجاتِه ، وإنَّ أيَّ خللٍ في ذلك يُؤدِّي إلى شقاءِ الإنسانِ، فللروحِ غذاءُ العبادةِ والتبتلِ، وللجسدِ غذاءُ الطعامِ والشرابِ، وللنفسِ الطيباتُ مِن الرزقِ، وللعقلِ العلمُ والمعرفةُ، وللقلبِ التفكرُ والتدبرُ، وإذا ما طغَى جانبٌ مِن هذه الجوانبِ على غيرِهِ فإنّه يؤدِّي إلى اختلالِ الإنسانِ، فيشقَى الإنسانُ { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } ( طه).
فجاءتْ رسالتُه ﷺ رسالةَ الرحمةِ لتحفظَ نظامَ الكيانِ الإنسانِي مِن الانفراطِ، ومِن الاختلالِ، فأعطتْ كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ (آخَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَإِذَا أُمُّ الدَّرْدَاءِ مُبْتَذَلَةٌ فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَصُومُ النَّهَارَ، وَلَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَرَحَّبَ بِسَلْمَانَ وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: أَطْعِمْ قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتُفْطِرَنَّ فَأَبَى يَأْكُلُ حَتَّى يَأْكُلَ مَعَهُ فَأَكَلَ مَعَهُ، ثُمَّ بَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ أَرَادَ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنْ يَقُومَ فَمَنَعَهُ سَلْمَانُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِرَبِّكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ حَقًّا، أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ قَالَ: قُمُ الْآنَ إِنْ شِئْتَ، فَقَامَا فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَكَعَا، ثُمَّ خَرَجَا إِلَى الصَّلَاةِ، فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ لِيُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ لِجَسَدِكَ حَقًّا مِثْلَ مَا قَالَ سَلْمَانُ)(المعجم الكبير للطبراني).
**ومِن نماذجِ الرحمةِ في رسالتِهِ ﷺ: ما جاءَ في خطبتِهِ التاريخيةِ، خطبةِ الوداعِ في السنةِ العاشرةِ حيثُ حجَّ ﷺ بالناسِ حجةً ودَّعَ فيها المسلمين ولم يحجّ بعدَهَا .
كانتْ هذه الخطبةُ سلسلةً مِن الرحماتِ:
* رحمتُهُ ﷺ بالناسِ في تحريمِ الدماءِ والأموالِ، رحمتُهُ بالناسِ في معاملاتِهِم بتحريمِ الرّبَا، رحمتُهُ بالناسِ بأنْ وضعَ عنهم دماءَ الجاهليةِ، وأمورَ الجاهليةِ كلَّهَا، و رحمتُهُ بالنساءِ، ورحمتُهُ بهم بأمرِهِم بالاعتصامِ بالكتابِ والسنةِ.
قَالَ ﷺ : «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ [ص:890]، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابُ اللهِ، وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟» قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ: بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ، يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ «اللهُمَّ، اشْهَدْ، اللهُمَّ، اشْهَدْ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.(صحيح مسلم).
ورحمتُهُ بالمؤمنين، ألّا يضربَ بعضُهُم بعضًا، عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» فَقَالَ: «لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»(صحيح البخاري).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 29 سبتمبر 2023م بعنوان : مظاهر رحمة النبي ﷺ بأمته
ثالثًا: أينَ نحنُ مِن نبيِّ الرحمةِ ﷺ.
عبادَ الله: قالَ اللهُ تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (الأنبياء )، إنَّ هذه الآيةَ القرآنيةَ تشيرُ إلى عالميةِ الإسلامِ فهو الدينُ الذي أنزلَهُ اللهُ على نبيِّهِ ﷺ (رحمةً للعالمين)، هي نداءٌ مباشرٌ للعالمِ كلِّهِ، أنْ يتراحمُوا، اقتداءً بالنبيِّ ﷺ، وتنفيذًا لتعاليمِ هذا الدينِ العظيمِ.
عَن أبي مُوسَى رَضِي اللهٌ عَنهُ أَنَّهُ سمعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لن تؤمنُوا حَتَّى تراحمُوا قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ كلُّنَا رَحِيمٌ قَالَ إِنَّه لَيْسَ برحمةِ أحدكُم صَاحبهُ وَلكنَّهَا رَحْمَةُ الْعَامَّةِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرُوَاتُه رُوَاةٌ الصَّحِيح(الترغيب والترهيب).
فهي الرحمةُ بالعامةِ، أي بعامةِ البشرِ، ويجعلُ النبيُّ ﷺ ذلك مِن شروطِ الإيمانِ، فلا يُعدُّ الرجلُ مؤمنًا حتى يرحمَ الناسَ بصفةٍ عامةٍ.
قالَ رسولُ اللهِ ﷺ، «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»(سنن أبي داود).
فالرحمةُ بأهلِ الأرضِ تتجاوزُ الإنسانَ الناطقَ إلى الحيوانِ الأعجمِ، فالمؤمنُ يرحمهُ ويتقِى اللهَ فيه، ويعلمُ أنَّه مسؤولٌ أمامَ اللهِ عن هذه العجماواتِ، كما أنَّ الرحمةَ بالخلقِ وأهلِ الأرضِ شرطٌ لنيلِ رحمةِ الخالقِ: ” ارْحَمُوا أَهْلَ الأرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السّماءِ”.
ومِن ثمَّ كانت رحمتُهُ إنسانيةً عامةً، شملتْ المسلمَ وغيرَ المسلمِ، والمؤمنَ والمنافقَ، والعربيَّ وغيرَ العربِي، والشرقيَّ وغيرَ الشرقِي ، والأفريقيَّ والأوربيَّ، والكبيرَ والصغيرَ، والرجلَ والمرأةَ، والإنسانَ وغيرَ الإنسانِ، والحيوانَ والطيرَ والجمادَ. فهو يعتبرُ البشريةَ جميعَهَا أسرةً واحدةً، تنتمِي إلى ربٍّ واحدٍ وإلى أبٍ واحدٍ وإلى أرضٍ واحدةٍ، كما قالَ النبيُّ ﷺ: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِىٍّ عَلَى أَعْجَمِىٍّ وَلاَ لِعَجَمِىٍّ عَلَى عَرَبِىٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى)(مسند أحمد).
اللهُمّ اعنَّا علي ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِك، ربَّنَا هبْ لنَا مِن لدنكَ رحمةً إنَّك أنتَ الوهاب، ربَّنَا آتنَا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنَا عذَابَ النار، ربَّنَا اغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولِجميعِ المسلمينَ ، اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوء، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف