خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م : حسن الخاتمة، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م : حسن الخاتمة، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 28 رمضان 1443هـ – الموافق 29 أبريل 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : حسن الخاتمة.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : حسن الخاتمة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 29 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : حسن الخاتمة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة: حسن الخاتمة، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
(1) رحيلُ رمضانَ يذكرُنَا بمضيِّ آجالِنَا وانقضاءِ أعمارِنَا.
(2) المداومةُ على العبادةِ بعدَ رحيلِ شهرِ رمضانَ.
(3) ختامُ الشهرِ بالذكرِ والدعاءِ وإخراجِ زكاةِ الفطرِ قبلَ صلاةِ العيدِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة حسن الخاتمة، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبةٌ بعنوان «حسنُ الخاتمةِ» بتاريخ 28 رمضان 1443 هـ = الموافق 29 أبريل 2022 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة : حسن الخاتمة
(1) رحيلُ رمضانَ يذكرُنَا بمضيِّ آجالِنَا وانقضاءِ أعمارِنَا:
ها هو رمضانُ قد أزفَ على الرحيلِ الذي كنَّا بالأمسِ القريبِ ننتظروهُ بالشوقِ؛ لأنَّهُ شهرٌ يحملُ بينَ طياتِهِ الرحمةَ والمغفرةَ والعتقَ مِن النارِ، ويعظمُ فيه التكافلُ والتراحمُ وها نحن بعدَ أيامٍ قلائلَ نودعهُ، فما أسرعَ مرورُ الليالِي والأيامِ، وانقضاءُ الشهورِ والأعوامِ، وهكذا ينقضِي عمرُ الإنسانِ، وتُطوى صحيفةُ أعمالِهِ، ويُقبلُ على ربِّهِ، وتلك سننٌ لا تتغيرُ، ونواميسٌ لا تتدبلُ، وفي ذلك عبرةٌ للمعتبرين، وعِظَةٌ للمتعظين قال – عزَّ وجلَّ -: ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ ولذا عدَّ نبيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقاربَ الزمانِ مِن علاماتِ الساعةِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونُ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ أَوِ الْخُوصَةِ» (ابن حبان) .
أوشكَ رمضانُ على الانتهاءِ وقد أحسنَ فيه أناسٌ وأساءَ آخرون، وهو شاهدٌ للمشمرينَ بقيامِهِم وإحسانِهِم، وعلى المقصرين بإعراضِهِم وشُحهِم وعصيانِهِم، ولا ندرِي هل سندركُهُ مرةٌ أُخرى، أم يحولُ بيننَا وبينَهُ انقضاءُ الأجلِ، وقد حذَّر رسولُنَا مِن أنْ نخرجَ مِن رمضانَ ولم تدركْنَا رحمةُ اللهِ بسببِ إعراضِنَا عن اللهِ وإسرافِنَا في حقِّ أنفسِنَا بالمعاصيِ والذنوبِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» (أبو يعلى، وسنده حسن)، وهذا سيُدَنا عليٌّ – رضي اللهُ عنه – كان يُنادِي في آخرِ ليلةٍ مِن رمضانَ: «يا ليتَ شعرِي، مَنْ المقبولُ فنهنِّيه، ومَنْ المحرومُ فنعزِّيه»، نعمْ واللهِ، يا ليتَ شعرِي، مَن المقبولُ مِنَّا فنُهَنِّئه بحسنِ عملِهِ، ومَن المطرودُ منَّا، فنعزِّيه بسوءِ عملهِ، وللهِ درُّ القائلِ:
يَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ وَوَدِّعِي … شَهْرَ الصِّيَامِ وَجَدِّدِي الْأَحْزَانَا
قَدْ كَانَ شَهْرًا طَيِّبًا وَمُبَارَكًا … وَمُبَشِّرًا بِالعَفْوِ مِنْ مَوْلاَنَا
إنَّ المقصرَ ما زالتْ الفرصةُ سانحةً أمامَهُ فلا يدرِي فقد يوفقُهُ اللهُ فيما بقِي ليكونَ مِن أهلِ العتقِ والمغفرةِ؛ إذ العبرةُ بالخواتيمِ كما أخبرَ الصادقُ المعصومُ فعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ، فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا» (البخاري) .
وأمَّا المحسنُ فلا يغترُّ بطاعتهِ وعبادتهِ؛ إذ ما يقدمُهُ العبدُ مِن الطاعةِ والعبادةِ لا يساوِي نعمةً مِن نعمِ اللهِ تعالى عليهِ فعَن عائشةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: «سددُوا وقاربُوا، واعلمُوا أنَّه لن يدخلَ أحدَكُم عملُهُ الجنةَ، وأنّ أحبَ الأعمالِ إلى اللهِ أدومُهَا وإنْ قلَّ» (البخاري) وقد نهى نبيُّنَا عن العجبِ والتفاخرِ بالعبادةِ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّي صُمْتُ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَقُمْتُهُ»، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَكَرِهَ التَّزْكِيَةَ، أَمْ قَالَ: «لَا بُدَّ مِنْ رَقْدَةٍ أَوْ غَفَلَةٍ» (ابن حبان) .
كما يجبُ على المسلمِ أنْ يكونَ جامعًا بينَ الخوفِ والرجاءِ، يرجو رحمةَ ربِّهِ، ويخافُ ألا يُقبلَ عملُهُ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: «لَا، يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ» (ابن ماجه بسند حسن).
يا مَن ستودعُ رمضانَ، تفكرْ أنَّكَ ستودعُ الحياةَ ومَن فيها وما عليها مِن المالِ والأهلِ والولدِ، فكيف أنتَ مقبلٌ على ربِّكَ ؟ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ» (ابن ماجه بسند حسن)، وصدقَ القائلُ:
إنَّا لنفرحُ بالأيامِ نقطعُهَا … وكلُّ يومٍ مضَي يُدنِي مِن الأجلِ
فاعملْ لنفسِكَ قبلَ الموتِ … مجتهدًا فإنَّمَا الربحُ والخسرانُ في العملِ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة : حسن الخاتمة
(2) المداومةُ على العبادةِ بعدَ رحيلِ شهرِ رمضانَ:
والسؤالُ: على أي شيءٍ عزمتَ بعدَ انقضاءِ شهرِ الصيامِ والقيامِ وتلاوةِ القرآنِ؟
يا مَن غيرتَ أخلاقَكَ السيئةَ في هذا الشهرِ الفضيلِ داومْ على ذلك ولا تهدمْ ما بنيتَ بعودِكَ إلى الذنوبِ والمعاصي والأوزارِ, فتكونَ كالتي نقضتْ غزلَهَا مِن بعدِ قوةٍ، يا مَن اعتادَ حضورَ المساجدِ وعمارةَ بيوتِ اللهِ بالطاعةِ وأداءِ الصلواتِ اثبتْ ولا تقطعْ صلتَكَ باللهِ فيختمُ على قلبِكَ قالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ» (مسلم)، يا مَن كنتَ تقومُ الليلَ استمرْ في ذلك بعدَ رمضانَ، ولا تتوقفْ عن قيامِ الليلِ ولو بصلاةِ ركعتينِ فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ بِمِثْلِ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ» (متفق عليه) .
يا مَن داومَ على تلاوةِ كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ لا تقطعْ ذلك الثوابَ بل اجعلْ لنفسِكَ وردًا ولو قليلًا حتى لا تدخلَ تحتَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿وَقالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً﴾، فالقرآنُ يفتحُ لك أبوابَ الخيرِ في الحياةِ الدنيا وفي الآخرةِ، ويا مَن تصدقَ في رمضانَ خصصْ لنفسِكَ شيئًا تتصدقُ بهِ على الفقراءِ والأيتامِ فإنَّ اللهَ يرضَى مِن عبادهِ الصدقةَ، فإنْ لم تجدْ فافعلْ كما أمرَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حيثُ قالَ: «تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» (متفق عليه) .
يا مَن صامَ الشهرَ كلَّهُ سنَّ لنَا رسولُنَا صيامَ ستةٍ مِن شوالَ تجبرُ ما ثلمَ، وتكملُ ما نقصَ فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»(مسلم)، ويجوزُ صيامُهَا متتابعةً أو متفرقةً، وليس عليها صدقةٌ كما يُظنُّ .
إنَّ العبدَ لا يجدُ طعمَ الراحةِ إلَّا في دارِ الخلدِ، وطالمَا يعيشُ على ظهرِ هذه الأرضِ هو مطالبٌ بالعملِ والعبادةِ حتى ينتهِي أجلُهُ، فإذا انقضَى رمضانُ فإنَّ المؤمنَ لا ينقضِي عملُهُ، ولذا يخاطبُ اللهُ أشرفَ عبادهِ، وأزكَى خلقهِ نبيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقولُ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾، وقد سُئِلَ بشرٌ الحافيُّ – رحمه اللهُ -عن أناسٍ يتعبدونَ في رمضانَ ويجتهدونَ، فإذا انسلخَ رمضانُ تركُوا، قال: «بئسَ القومُ لا يعرفونَ اللهَ إلَّا في رمضانَ»، وسُئِلَ الشبليُّ – رحمهُ اللهُ -: أيُّهمَا أفضلُ رجبُ أو شعبان؟ فقال: «كُن ربانيًّا ولا تَكُن شعبانيًّا»، فالعبرةُ ليستْ بكثرةِ العبادةِ ثم الانقطاعُ عنها فجأة، بل بالمداومةِ عليها ولو كانتْ قليلةً سَأَلْتُ عَائِشَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: «لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ يَسْتَطِيعُ» (متفق عليه) .
لقد كان شهرُ رمضانَ مدرسةً إيمانيةً، ومحطةً روحيةً، يتزودُ منه العبدُ لبقيةِ عامهِ، ويشحذُ همتَهُ لبقيةِ عمرهِ، إنَّهُ بحقٍ مدرسةٌ للتغييرِ نغيرُّ مِن عاداتِنَا وسلوكِنَا وأخلاقِنَا ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة : حسن الخاتمة
(3) ختامُ الشهرِ بالذكرِ والدعاءِ وإخراجِ زكاةِ الفطرِ قبلَ صلاةِ العيدِ:
ومِن حسنِ توديعِ هذا الشهرِ الكريمِ الإكثارُ مِن ذكرِ اللهِ واستغفارِهِ، والمستقرءُ للقرآنِ الكريمِ يجدُ أنَّ اللهَ – غالبًا- ما يذكرُ عَقِبَ كلِّ فريضةٍ الأمرَ بالاستغفارِ والإكثارِ مِن ذكرهِ حتى يكونَ ذلك مِن بابِ شكرِ اللهِ على التوفيقِ لأداءِ الطاعةِ كما قالَ ربُّنَا ﴿وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ﴾، ومِن أجلِ جبرِ ما وقعَ فيهَا مِن خللٍ أو نقصٍ، فقالَ اللهُ عقبَ الكلامِ عن فريضةِ الحجِّ﴿فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً﴾، وقالَ ربُّنَا في سياقِ الحديثِ عن فريضةِ الصيامِ: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، وكان ابنُ عمرَ وابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما يُكبرانِ إذَا خرجَا إلى المُصَلَّى, فيشرعُ للمسلمِ إذا خرجَ مِن بيتهِ إلى المُصلَّى أنْ يكبرَ إلى أنْ يدخلَ الإمامُ .
ومِن مظاهرِ الإحسانِ في ختامِ هذا الشهرِ وتوديعِهِ بحسنِ الختامِ إخراجُ زكاةِ الفطرِ وهي واجبةٌ على الكبيرِ والصغيرِ، والذكرِ والأنثَى، حيثُ تأتلفُ القلوبُ، ويتعاطفُ الغنيُّ مع الفقيرِ، وقد فُرضتْ طهرةً للصائمِ، وطعمةً للفقراءِ والمساكين، وليحرصْ الصائمُ على إخراجِهَا قبلَ صلاةِ العيدِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» (أبو داود بسند حسن)، وهي تُخْرَجُ مِن غالبِ قوتِ البلدِ تمرًا أو برًّا أو شعيرًا أو زبيبًا أو أرزًا، ومقدارُهَا صاعٌ عن كلِّ شخصٍ، أي ما يعادلّ: ثلاثةً كيلو جراماتٍ تقريبًا، ويجوزُ إخراجُ القيمةِ فيها بل هو الأنفعُ للفقيرِ والأيسرُ على الغنيِّ، وقد جاءتْ الأدلةُ تدلُّ على جوازِ أخذِ القيمةِ في الزكاةِ عمومًا كحَدِيثِ مُعَاذِ بنِ جبلٍ حِينَ قَالَ لأهلِ الْيَمَنِ: «ائْتُونِي بِخَمِيسٍ أَوْ لَبِيسٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ مَكَانَ الذرة والشعير؛ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ، وَأَنْفَعُ لِلْمُهَاجِرِينَ بِالْمَدِينَةِ»، وكان يأتِي بهِ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ولا ينكرّ عليهِ، وَقد عَنْوَنَ الإمامُ البخاريُّ في صحيحهِ قائلًا: بابُ: “العَرْضِ في الزَّكاةِ”، وذكَرَ الأثرَ السَّابقَ، واحتجاجُ البخارِي بهذا دليلٌ علىٰ قوَّةِ الخبرِ عندَهّ كما أفادَ بذلك ابنُ حجرّ في فتحِ الباري .
نسألّ اللهَ أنْ يجعلَ هذا الشهرَ شاهدًا لنَا لا علينَا، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفع البلادِ والعبادِ.
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف