خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير : العمل الصالح والعمل السيء ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 4 من رجب 1441هـ الموافق 28 فبراير 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة :
العنصر الأول: أهمية العمل في حياة الإنسان
العنصر الثاني: شواهد الحق على العمل يوم القيامة
العنصر الثالث: بعملك الصالح تبني بيتك في الجنة
العنصر الرابع: ثمرات العمل الصالح والطالح
المقدمة: أما بعد:
خطبة الجمعة القادمة : العمل الصالح والعمل السيء وأثرهما في الدنيا والآخرة.
العنصر الأول: أهمية العمل في حياة الإنسان
عباد الله: خلق الله الإنسان في هذه الدنيا وفضله على سائر المخلوقات . قال تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } . ( الإسراء : 70 ) . ومن مظاهر هذا التكريم أن الله وهبه العقل ؛ والعقل مناط التكليف ؛ كما وهبه جميع الجوارح منةً ونعمةً منه سبحانه وتعالى: { أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} . ( البلد ) . والمعنى:
أن الله تبارك وتعالى أنعم على الإنسان بهذه الجوارح وعرَّفه طريقي الخير والشر، عرفه طريق الخير كي يسلكه ويلزمه، كما عرفه طريق الشر حتى يجتنبه ويبتعد عن مسالكه ؛ وبهذا لا يكون للعباد على الله حجة يوم القيامة . وفي هذا المعنى يقول صلى الله عليه وسلم : ” اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ؛ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ؛ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ” . ( متفق عليه ) .
فالله خلقنا لنعمل ؛ قال تعالى :
{ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . ( التوبة : 105 ) . يقول الإمام ابن كثير : ” قال مجاهد: هذا وعيد – يعني من الله تعالى – للمخالفين أوامره، بأن أعمالهم ستعرض عليه، وعلى الرسول والمؤمنين، وهذا كائن لا محالة يوم القيامة، وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا، والرؤية هنا شاملة للعلمية والبصرية “. ( تفسير ابن كثير ) .
فالعبد المؤمن يفرح بعمله الصالح ويُسَرُّ بذلك أمام الله ورسوله وعباده يوم القيامة؛ وعلى العكس العبد الفاجر الفاسق الذي خبث عمله في الدنيا يُفضَحُ على رؤوس الخلائق يوم القيامة.
أيها المسلمون:
منذ أيام قلائل استقبلنا شهرًا عزيزًا كريمًا علينا من الأشهر الحرم ألا وهو شهر رجب المعظم ؛ وشهر رجب من الأشهر الحرم الأربعة المذكورة في قوله تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة : 36) .
فعلينا أن نكثر فيه من الأعمال الصالحة لأن الثواب والعقاب يتضاعف بتضاعف الحرمات ؛ فارتكاب المعاصي والذنوب وانتهاك الحرمات في هذه الأشهر ظلم بيِّن للنفس لذلك قال تعالى: { فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }؛ يقول الإمام القرطبي – رحمه الله –: ” لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح.
فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال” ، وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله تعالى: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } (الأحزاب: 30). وذلك لأن الفاحشة إذا وقعت من إحدى نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – يضاعف لها العذاب ضعفين بخلاف ما إذا وقعت من غيرهن من النساء.
إن شهر رجب مفتاح أشهر الخير والبركة. قال أبو بكر الوراق البلخي:
شهر رجب شهر للزرع؛ وشعبان شهر السقي للزرع؛ ورمضان شهر حصاد الزرع. وعنه قال: مثل شهر رجب مثل الريح؛ ومثل شعبان مثل الغيم؛ ومثل رمضان مثل القطر. وقال بعضهم: السنة مثل الشجرة؛ وشهر رجب أيام توريقها؛ وشعبان أيام تفريعها؛ ورمضان أيام قطفها؛ والمؤمنون قطافها؛ فجدير بمن سود صحيفته بالذنوب أن يبيضها بالتوبة في هذا الشهر !! وبمن ضيع عمره في البطالة أن يغتنم فيه ما بقي من العمر !!
العنصر الثاني: شواهد الحق على العمل يوم القيامة
عباد الله: إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا إذا ارتكب جريمة أو مخالفة أو اتهم في قضية ما فإنه يسعى جاهدًا إلى تبرئة نفسه عن طريق الشهود حقًا أو باطلًا ؛ وفي هذا العنصر نقف معكم مع شهود الآخرة لتأخذوا الحيطة والحذر ؛ وهذه الشهود هي :
الشاهد الأول: الرسول صلى الله عليه وسلم :
ففي ذلك الموقف العظيم سوف يشهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – على المكذبين والعصاة من أمته، يقول الحق تبارك وتعالى: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } [النساء: 41، 42].
في ذلك الموقف العظيم يتمنى المرابون، والظالمون، والمتكبرون، والذين يسعون لإشاعة الفاحشة بين المؤمنين، وغيرهم من أصحاب المعاصي الأخرى، يتمنون أن تبتلعهم الأرض، ويهال عليهم التراب، وتسوى بهم الأرض، ولا يقفون ذلك الموقف المهين أمام الله عز وجل، ورسول – صلى الله عليه وسلم – يشهد على معاصيهم. وقال تعالى:
{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا }[ البقرة : 143]. فالرسول صلى الله عليه وسلم يكون شاهدًا على جميع الأمم السابقة ؛ وكذلك أمته ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
” يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّ نَعَمْ ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ ، فَيُقَالُ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ ، قَالَ : فَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ ، وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ : { جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } ، قَال : وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ ” ( البخاري) .
الشاهد الثاني : صحيفة أعمالك :
ومما يدل على ذلك قوله تعالى: { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ؛ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ( ق: 17 ؛ 18 ) . ” قال مجاهد: وكَّل الله بالإنسان مع علمه بأحواله ملكين بالليل وملكين بالنهار يحفظان عمله، ويكتبان أثره إلزاما للحجة: أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد).”( تفسير القرطبي) . وقال تعالى:
{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ؛ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (الإسراء: 13 ، 14)؛ قال الحسن البصري رحمه الله: يا ابن آدم، بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابًا تلقاه منشورًا { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }.”( تفسير ابن كثير) .
الشاهد الثالث : الجوارح :
أي أن جوارح الإنسان ستشهد عليه في الآخرة بما عمل من عمل صالح أو سيئ ؛ قال أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه-: يُدعى المؤمن للحساب يوم القيامة، فَيَعْرضُ عليه رَبُّه عملَه فيما بينه وبينه، فيعترف فيقول: نعم أيْ رب، عملتُ عملتُ عملت. قال: فيغفر الله له ذنوبه، ويستره منها. قال:
فما على الأرض خَليقة ترى من تلك الذنوب شيئًا، وتبدو حسناته، فَوَدَّ أن الناس كلهم يرونها، ويُدعى الكافر والمنافق للحساب، فَيَعرضُ رَبُّه عليه عمله، فيجحد ويقول: أي رب، وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل. فيقول له الملك: أما عملت كذا، في يوم كذا، في مكان كذا؟ فيقول:
لا وعزتك أيْ رب ما عملتُه. فإذا فعل ذلك خُتِم على فيه. قال أبو موسى الأشعري: فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى، ثم تلا: { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }( يس: 65 )؛ ( الطبري) . قال ابن كثير: ” هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة، حين ينكرون ما اجترموه في الدنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم بما عملت.” ( تفسير ابن كثير ) . فتفضحه جوارحه على رؤوس الخلائق يوم القيامة.
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” كنا عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فضحك فقال :
” هل تدرون مما أضحكُ ؟ ” قال قلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال ” من مخاطبة العبدِ ربَّه . يقول : يا ربِّ ! ألم تُجِرْني من الظلمِ ؟ قال يقول : بلى . قال فيقول : فإني لا أُجيزُ على نفسي إلا شاهدًا مني . قال فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدًا . وبالكرامِ الكاتبين شهودًا . قال فيختُم على فيه . فيقال لأركانِه : انطِقي . قال فتنطق بأعمالِه . قال ثم يُخلّى بينه وبين الكلامِ . قال فيقول : بُعدًا لكُنَّ وسُحقًا . فعنكنَّ كنتُ أناضلُ ” ( مسلم ) . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قالوا :
يا رسولَ اللهِ ! هل نرى ربَّنا يومَ القيامةِ ؟ ” قال : هل تُضارون في رُؤيةِ الشَّمسِ في الظهيرةِ ، ليست في سحابةٍ ؟ ” قالوا : لا . قال ” فهل تضارُون في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ ، ليس في سحابةٍ ؟ ” قالوا : لا . قال ” فوالذي نفسي بيدِه ! لا تُضارون في رُؤيةِ ربِّكم إلا كما تُضارُونَ في رؤيةِ أحدِهما . قال فيلقى العبدَ فيقول : أي فُلْ ! ألم أُكرِمْك ، وأُسَوِّدْك ، وأُزَوِّجْك ، وأُسخِّرُ لك الخيلَ والإبلَ ، وأذرُك ترأسُ وتربعُ ؟ فيقول : بلى . قال فيقول : أفظننتُ أنك مُلاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسِيتني . ثم يلقى الثاني فيقول : أي فُلْ ! ألم أُكرِمْك ، وأُسوِّدْك ، وأُزَوِّجْك ، وأُسَخِّرُ لك الخيلَ والإبلَ ، وأذرُك ترأسُ وتربعُ ؟ فيقول : بلى . أي ربِّ ! فيقول :
أفظننتُ أنك مُلاقي ؟ فيقول : لا . فيقول : فإني أنساك كما نسِيتني .
ثم يلقى الثالثَ فيقول له مثلَ ذلك . فيقول : يا ربِّ ! آمنتُ بك وبكتابِك وبرسلِك وصليتَ وصمتَ وتصدقتَ . ويُثني بخيرٍ ما استطاع . فيقول : ههنا إذا . قال ثم يقال له : الآن نبعثُ شاهدَنا عليك . ويتفكَّر في نفسِه : من ذا الذي يشهدُ عليَّ ؟ فيختُم على فِيه . ويقال لفخِذِه ولحمِه وعظامِه : انطِقي . فتنطقُ فخِذُه ولحمُه وعظامُه بعملِه . وذلك ليعذرَ من نفسِه . وذلك المنافقُ . وذلك الذي يسخط اللهُ عليه ” . ( صحيح مسلم ) .
الشاهد الرابع: الأرض:
فاعلم يا عبدالله أن كل عملٍ تعمله على الأرض – خيرا أو شرا – ستشهد عليك الأرض بذلك يوم القيامة، قال أبو هريرة: «قرأ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} قال: أتدرونَ ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن من أخبارِها أن تشهدَ على كلِّ عبدٍ وأمَةٍ بما عملَ على ظهرها؛ أن تقول: عملَ كذا وكذا يومَ كذا وكذا، فهذه أخبارها». ( رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه) ؛ فهي تشهد على من خان عليها!! ، وتشهد على من سرق وزنى عليها !! وتشهد على من أهدر المال عليها!! وتشهد على من هرب من عمله وقصر فيه عليها!! وتشهد على من سفك دماء الأبرياء عليها!!
إنها حقيقة لا خيال! ليتخيل كل واحد منا نفسه في ذلك اليوم، وقد شُّقت الأرض عن لحدك، وخرجت من قبرك، تقوم وأنت أو أنتِ الكلّ يحثوا التراب عن رأسه وجسده . الجسد عاري، والقدم حافية، والرأس مكشوف بلا غطاء، والموتى يخرجون من قبورهم مذهلين من هول المطلع ؛ قائلين: “ما لها؟ ما لها؟”. فإذا بالأصوات تضج من كل مكان من أرجائها، تتحدث بما فعلت عليها من شرّ أو خير.
ومن شهادة الأرض على العبد يوم القيامة: تشهد عليه أيضًا الأيام والليالي والأوقات، يقول الحسن البصري -رحمه الله-: “ما من يوم تطلع شمس إلا نادى منادٍ من السماء: يا ابن آدم أنا يوم جديد، أنا خلق جديد وأنا على عملك شهيد، فاعمل خيرًا أشهد لك به غدًا فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة “.
فعلينا أن نُراقب الله في أعمالنا وفي كل شؤوننا وفي حال التزامنا بعمل يجب علينا القيام به على أكمل وجه يُحبه الله ويُحبه خلقه؛ ولتعلموا أن أعمالكم مكتوبة ومسجلة ومحصاة عليكم: ” يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ؛ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ “( مسلم ).
العنصر الثالث: بعملك الصالح تبني بيتك في الجنة
اعلم يا عبد الله أن كل عمل صالح تعمله فهو لبنة لبناء بيتك في الجنة، فإذا أكثرت من الأعمال الصالحة في سنوات عمرك فإن قصرك في الجنة سيشيد عاليًا، فعلى قدر العمل يرتفع القصر والبنيان، وأسوق لكم قصة جميلة تؤيد هذا الكلام.
يُحكى عن رجل رأى في المنام أنه مات ، وصعد إلى السماء ولما وصل ..كانت دهشته كبيرة , لما شاهد من الجمال والحدائق الرائعة ، والمنازل والقصور, فسأل عن أصحابها ..فأجابه أحد الملائكة:” هذه المنازل والقصور للصاعدين من الأرض”. ابتهج الرجل كثيراً وطلب من الملاك أن يرشده إلى مكان سكنه , فسار به الملاك إلى مكان حيث أصبحت المنازل متواضعة وفقيرة , فسأل الرجل الملاك أين منزلي؟ فأشار الملاك إلى غرفة فقيرة صنعت من بعض الأخشاب وقال له:
هذا هو منزلك . غضب الرجل وقال للملاك: لماذا لا أسكن في أحد القصور التي مررنا بها؟ ولماذا أنا هنا والبقية في الأماكن الأكثر رفاهية؟ أجابه الملاك: في السماء لا يوجد مواد أولية للبناء فكل ما ترسلونه لنا من الأرض من أعمال صالحة نستعمله لبناء منازل لكم، وأنت هذا كل ما أرسلته لنا.
وقتها يندم الإنسان لأنه لم يكثر من العمل الصالح. {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} ( الفجر: 24)، قال: لـ(حياتي) .. ولم يقل: (في حياتي)..كأن حياته لم تبدأ بعد..الحياة الحقيقية هي الآخرة.. وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب.. وإن الدار الآخرة لهي الحيوان.. لو كانوا يعلمون!
يقول الإمام الفخر الرازي:
( يا ليتني قدمت ) في الدنيا التي كانت حياتي فيها منقطعة لحياتي هذه التي هي دائمة غير منقطعة ، وإنما قال : ( لحياتي ) ولم يقل : ” لهذه الحياة ” على معنى أن الحياة كأنها ليست إلا الحياة في الدار الآخرة ، قال تعالى : ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) [ العنكبوت : 64 ] أي لهي الحياة .
فما تعمله في هذه الدنيا هو الذي تراه في الآخرة ؛ فَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ؛ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ؛ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ؛ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ؛ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ؛ فَمَن لَم يَجِد فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ”(متفق عليه) .
لذلك ينبغي على كل مسلم أن يهتم بداره في الآخرة لأنها الباقية، ” فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : أَتَى رَجُلٌ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ ، وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُوَدِّعُونَهُ ، فَقَالَ : ” إِنِّي مُوصِيكَ بِأَمْرَيْنِ ، إِنْ حَفِظْتَهُمَا حُفِظْتَ ، إِنَّهُ لا غِنَى بِكَ عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا ، وَأَنْتَ إِلَى نَصِيبِكَ مِنَ الآخِرَةِ أَفْقَرُ ، فَآثِرْ نَصِيبَكَ مِنَ الآخِرَةِ عَلَى نَصِيبِكَ مِنَ الدُّنْيَا ، حَتَّى تَنْتَظِمَهُ لَكَ انْتِظَامًا فَتَزُولَ بِهِ مَعَكَ أَيْنَمَا زِلْتَ ” ( حلية الأولياء ) .
والمعنى: خذ نصيبك من الدنيا ، واهتم بحقيبة الآخرة لأنها تزول معك حيث تزول وهي مواد بناء بيتك ومستقرك في الجنة، وستترك حقيبة الدنيا لأهلها.
يقول الإمام على رضي الله عنه :
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها
العنصر الرابع: ثمرات العمل الصالح والطالح
عباد الله: تعالوا لنقف مع حضراتكم في هذا العنصر لنعرف ثمار العمل الصالح والطالح في الدنيا والآخرة والتي تتمثل فيما يلي:-
أولًا: دخول الجنة: فمن ثمرات العمل الصالح دخول الجنة والتمتع بما فيها من النعيم المقيم، ورضوان الرب العظيم، والنظر إلى وجهه الكريم، قال تعالى:{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 25]، وقال: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [العنكبوت: 58] .
ثانيًا: الفوز بالحياة الطيبة في الدارين:
قال تعالى: { مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ, أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ}. [النحل: 97] وذلك أنه من خصائص الإيمان، أنه يثمر طمأنينة القلب وراحته، وقناعته بما رزق الله، وهذه هي الحياة الطيبة. فإن أصل الحياة الطيبة: راحة القلب وطمأنينته، وعدم تشويشه مما يتشوش منه الفاقد للإيمان الصحيح.
ومقابل ذلك فإن العمل السيء والعبد عن الله سبب الشقاء والضنك في المعيشة. قال تعالى: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى }( طه: 124 – 127).
لذلك كان سلفنا الصالح إذا ضاقت بهم الهموم واشتبكت الغموم أتوا الصلاة وانطرحوا بين يدي ربهم، فتنفرج لهم الدنيا؛ فكان – صلى الله عليه وسلم- ينادي على بلال فيقول: ” يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا”.( أبو داود ). وعَنْ أَنَسٍ قَالَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ”. (أحمد والطبراني والنسائي والحاكم وصححه)؛ فإذا داهمك الخوف وطوقك الحزن، وأخذ الهم بتلابيبك، فقم حالاً إلى الصلاة، تثوب لك روحك وتطمئن نفسك، إن الصلاة كفيلة بإذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ومطاردة فلول الاكتئاب؛ واعلم أن العمل الصالح والإيمان سبب الحياة السعيدة الآمنة المطمئنة .
ثالثًا: الهداية إلى الحق والطريق المستقيم:
قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبٌّهُم بِإِيمَانِهِم… )[يونس: من الآية9 ]. وقال تعالى:{ وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ… )[التغابن: من الآية11]. ذكر الشوكانى – رحمه الله – في تفسيره :” هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم ” . ( فتح القدير ) .
رابعًا : تبديل السيئات بالحسنات :
فالله تبارك وتعالى يتفضل على أهل الإيمان والعمل الصالح إذا تابوا من سيئاتهم وندموا عليها أن يزيدهم بعد تكفيرها عنهم، فيجعل ندمهم عليها حسنات متجددة، فكلما ذكروا الذنب وأحدثوا ندمًا عليه كتب لهم بذلك الندم حسنة، قال تعالى: { إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } . [الفرقان: 70]، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:
” إذا هم العبد بسيئة فلم يعملها قال الله تعالى للملائكة: اكتبوها له حسنة، إنما تركها من جرّاي ” . أي: من أجلي، وهكذا تعظم وتكثر حسنات المؤمن بإيمانه وعمله الصالح، ويصرف عنه شؤم سيئاته فضلًا من الله ونعمة، والله ذو الفضل العظيم، فما أسعد أهل الإيمان بالعمل الصالح في الدنيا والآخرة .
خامسًا: زيادة الأرزاق والأنوار :
فصاحب العمل الصالح ؛ يزداد نوره وضياؤه ورزقه وبركته وقوته ؛ وما أجمل مقولة عبد الله بن عباس: ” إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونورًا في القلب ، وسعةً في الرزق ، وقوةً في البدن ، ومحبةً في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سوادًا في الوجه ، وظلمةً في القبر والقلب ، ووهنًا في البدن ، ونقصًا في الرزق ، وبغضةً في قلوب الخلق . وقال بعض السلف : إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي ، وامرأتي “. ( انظر كتاب: الداء والدواء لابن القيم ). ويدل على ذلك قَول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ “( أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه ).
سادسًا : التوفيق إلى حسن الخاتمة :
فالإنسان لو عاش على العمل الصالح وداوم عليه ؛ فإن الله الكريم يستحي أن يقبضه على معصية. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي:
” حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذًا بالله من خلاف ذلك.”. وأذكر لكم مواقف ممن كان قبلكم لتأخذوا منها العبرة والعظة: روي أنه احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال: قل لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه: يا فلان قل: لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح: لا.. اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه.
فرق كبير بين من يلقى الله مخموراً وبين من يلقاه ملبياً !!!
وقد ذكر الإمام ابن القيم عدة مواقف للخواتيم فقال:” أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشترٍ جيد، هذه كذا، حتى قضى ولم ينطق التوحيد!! وأخبرني من حضر عند وفاة أحد الشحاذين فجعلوا يقولون له: قل لا إله إلا الله؛ فجعل يقول: فلس لله.. فلس لله، حتى ختم بهذه الخاتمة!! وقيل لآخر كان يدمن الغناء: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول:
تاننا تنتنا، حتى مات!!! فكيف يوفَّق لحسن الخاتمة من أغفل اللهُ سبحانه قلبَه عن ذكره، واتّبَعَ هواه، وكان أمره فُرُطًا؟ فبعيدٌ من قلبٍ بعيدٍ من الله تعالى، غافلٍ عنه، متعبّدِ لهواه، أسيرٍ لشهواته؛ ولسانٍ يابسٍ من ذكره، وجوارحَ معطّلةٍ من طاعته مشتغلةٍ بمعصيته أن توفَّقَ للخاتمة بالحسنى.؟!!”( الداء والداء) .
فالإنسان الذي يداوم على الطاعة وأصبحت سجيةً له يستعمله الله – عز وجل- في عمل الخير عند خاتمته:
بل ويعسله كما جاء في الحديث؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:”إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَّلَهُ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، وَمَا عَسَّلَهُ؟ قَالَ:”يُفْتَحُ لَهُ عَمَلا صَالِحًا، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ”. ( أحمد والحاكم والطبراني بسند صحيح)؛ وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ؛ فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ”( أحمد والحاكم والطبراني والترمذي وصححه).
سابعًا: شهادة الناس بصلاح الإنسان عند موته :
فألسنة الخلق أقلام الحق ؛ فالعبد الذي يلازم العمل الصالح يشهد له الجميع بصلاحه فيدخل الجنة ؛ وصاحب العمل السيء على العكس من ذلك . فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ” مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ . قَالَ عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي ، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ!!! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ ” ( متفق عليه واللفظ لمسلم ) ؛ فشهادة الأمة في الدنيا سبب في وجوب دخول الصالح الجنة والطالح النار.
وهكذا كان العمل الصالح له ثمراته وفوائده العظيمة في الدنيا والآخرة ؛ كما أن العمل السيء له عواقبه الوخيمة والحسرة والندامة في الدنيا والآخرة ؛ فاحرصوا على المداومة على الأعمال الصالحة ؛ وإياكم وسيء الأعمال ؛ لتفوزوا بسعادة العاجل والآجل .
نسأل الله أن يوفقنا لمراضيه ؛ وأن يجنبنا مناهيه ؛ وأن يحفظ مصرنا من كل مكروه وسوء ؛؛ اللهم آمين؛؛؛؛
الدعاء،،،،، وأقم الصلاة،،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد عن قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف