خطبة الجمعة القادمة 27 نوفمبر 2020م بعنوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 27 نوفمبر 2020م بعنوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 12 من ربيع الثاني 1442هـ ، الموافق 27 نوفمبر 2020 م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 نوفمبر 2020م بعنوان : الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس ، للشيخ كمال المهدي
١- النهي عن قتل النفس وكونه جريمة كبرى يترتب عليها العقاب الأليم والوعيد الشديد .
٢- صور قتل النفس .
٣- الرخص الشرعية حماية للنفس البشرية.
٤- خطورة الهجرة الغير شرعية وكونها انتحار وقتل للنفس.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 27 نوفمبر 2020 كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ٢٧نوفمبر ٢٠٢٠م بعنوان (الهجرة غير الشرعية والحفاظ على الأنفس)
*****
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه من والاه أما بعـد:
أحبتي في الله :-
قال تعالى-: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )[البقرة:١٩٥]
وقال تبارك وتعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن االله كان بكم رحیماً )[النساء :٢٩؛]
أيها الأحبة :-
إن المتأمل في هاتين الآيتين يجد أن الله تعالى نهى الإنسان عن التعدي على نفسه وعن فعل كل ما يؤدي إلى إهلاكها.
فما أعظمه من توجيه! وما أكمله من هدي!
فهذه الآيات فيها نهي لكل إنسان أن يعتدي على نفسه بالقضاء عليها وإزهاقها إذ هي ليست ملكا له..
بل هي ملك خالص لله تعالى ومن هنا حرم الله تعالى على الفرد أن يعرض نفسه للتهلكة ولا يجوز له أن يتصرف في بدنه إلا فيما أذن له فيه وأما الإضرار بنفسه كتعمده قتلها أو إهمالها وعدم الحفاظ عليها فهو جريمة كبرى لأنها مخالفة لتعاليم الدين حيث قال الحق تعالى: (ولا تُلْقُوا بأيْدِيكُم إلى التهْلُكة)
** نعم :-
إن اعتداء الإنسان على نفسه بقتلها أو إهلاكها جريمة كبرى يترتب عليها العقاب الأليم والوعيد الشديد قال تعالى موضحاً ذلك..
(وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا *وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)
* وها هو حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يوضح ذلك أيضا..
.فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بِها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا ومن تحسَّى سُمًا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم خالدا مخلدًا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) البخاري.
** ومن هنا أقول لكل إنسان ضع هذه الآية نصب عينيك ( ولا تقتلوا أنفسكم إن االله كان بكم رحیماً )
*ولقتل النفس أحبتي في الله صور عديدة :-
**منها على سبيل المثال لا الحصر :-
١_ من يشرب المخدرات ألا يعد هذا قاتل لنفسه؟؟ إن متعاطي المخدرات بحرصه على تجرعها يتجرع سماً أجمع العقلاء والعلماء والأطباء على فتكه بالأجساد وتدميره للأنفس وقتلها قتلاً بطيئاً، فإذا هلكت الأجساد وضعفت، واختلت موازين الحق والخير وتزلزلت؛ فسدت الأسر وهي المحضن الطبيعي للنسل نشأة وترعرعاً وقوة.
٢_ ومنها :- قيادة السيارة والدرجة النارية وغيرها من وسائل المواصلات الحديثة بسرعة جنونية ألا يعد من يفعل ذلك قاتل لنفسه.
فوالله! ما أحوج من يقود هذه الأشياء إلى أن يتأمل هذه الآية الكريمة عند قيادته للسيارة..(ولا تقتلوا أنفسكم إن االله كان بكم رحیماً )
٣_ ومن صور قتل النفس :-
ما نسمع عنه في زماننا هذا وأيامنا تلك من الهجرة الغير شرعية..
* هذه الهجرة التي تتم بطريقة تعرض النفس للخطر. والتي تُعد مشكلة العصر. ألا تعد هذه الهجرة قتل للنفس..
وإني سائل كل شاب يفكر في هذه الهجرة وبهذه الطريقة أقول له ما الذي يدفعك لذلك؟؟ هل بحثا عن الرزق..
وأنا أقول لك أخي الحبيب :-
من الرزاق.. من بيده خزائن السماوات و الأرض.. إنه الله..الذي وسعت رحمته كل حي..و هو بالمؤمنين أرحم .. و هو الذي أخبر أن رزقنا في السماء ..ثم أقسم عليه .. فقال جل جلاله.(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ .. فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)
** واعلم أخي الحبيب علم اليقين أن السعادة ليست في جمع المال فالمال زائل وهو أول ما تتركه بعد موتك بل الأدهى والأمر أنك ستحاسب عليه كله. من أين اكتسبته وفيما أنفقته..
فالسعادة أخي الحبيب ليست في جمع المال فحسب.. إنما السعادة في تقوى الله.. وتقوى الله مجلبة للمال.. ألم تقرأ قول الله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: ٢_٣].
يقول الحطيئة:-
وَلَستُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمعَ مَالٍ *
وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ..
وَتَقوَى اللّهِ خَيرُ الزَّادِ ذخرًا***
وَعِندَ اللّهِ لِلأَتْقَى مَزِيدُ..
** واعلم أخي الحبيب أن فكرك هذا وإن دل فإنما يدل على ضعف إيمانك، وخاصة إيمانك بأن الله هو الرزاق، فأنت اعتقدت أن مكثك في ديارك لن يأتيك بالرزق مع أن كثيرًا من الشباب لم يغادروا بلادهم ومكثوا فيها ورزقهم الله عز وجل الرزق الوفير، وتوفر لهم من الأموال ما لم يتوفر لهؤلاء الفارين من ديارهم،
**وإني أدعوك أيها الشاب….
إلى التفكر في المآل والمصير! وإلى التأمل في العواقب من خلال هذه الهجرة الغير شرعية التي تؤدي إلي تلك المخاطر؟
كيف تفعل بنفسك ذلك تركب البحر.. في ظلمة الليل ..تحمل حلماً زائفاً.. تطمع بالسيارة الفارهة والمسكن الواسع.. و تمني النفس بالرفاهية و المال الوفير..
وفي منتصف الطريق .. كما نرى يتحطم القارب فيموت حلمك في أفواه الأسماك.. و يرمي بك الموج على ساحل بلاد غريبة ..لتدفن في قبر لا يحمل لك اسما ..في أرض لم تعرفها.. بين أموات غرباء..
**وتخيل لو حالفك الحظ ولم تغرق في الطريق وستصل للضفة الأخرى ما الذي سيحدث .ستجد نفسك موقوف.. وغير شرعي .. مسلوب الحرية.. يتم تجميعك و تكديسك في معسكر المهاجرين غير الشرعيين.. وإن نجوت ستنام وقتها على الأرض.. وتخيل برد هذه البلاد الذي لا يعرف الرحمة.. تنام على رصيف ..أو في زاوية من حديقة.. لتبحث في النهار عن عمل. وستجوع.. و تضيع منك السنوات و السنوات.. فانتبه قبل أن تندم ولا تكن سببا في قتلك لنفسك.
* كيف تسمح أيها الشاب لنفسك أن تمتطي زوارق الموت وهي تشق بك عباب البحر لتحملك إلى مصيرك المحتوم فتعرض نفسك للهلاك والموت في أعماق البحار وتصبح وقت ذاك طعاما سائغا للحيتان إنه أبشع أنواع الانتحار الجماعي الذي يقدم عليه بعض من شبابنا قد خسروا والله حياتهم ومآلهم وفقدوا أهلهم . إنها حقا مأساة إنسانية خطيرة..
**أحبتي في الله :-
إن المتأمِّل في دين الإسلام يجد العديد والكثير من الأدلة التي تبرهن على عناية الإسلام بالنفس البشرية التي هي بنيان الله تعالى.
*حتي أن الإسلام شرع الرخص في العبادات حمایة للنفس وعدم تحميلها مال تطيق. منها على سبيل المثال :- رخصة الفطر في رمضان للمسافر والمریض..قال تعالى(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة١٨٥]
وورد عن جابر رضي الله عنه قال:( كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رجلاً قد اجتمع الناس عليه، وقد ظُلل عليه فقال ماله؟ قالوا: رجل صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس من البر الصوم في السفر)
ومنها الجمع بین الصلوات حال السفر والمرض وغیرھا من الرخص التي شرعت حمایة للنفس والخوف عليها من كل ما يجهدها.
** ومن الأدلة كذلك التي تبرهن على حرص الإسلام على النفس البشرية ما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلإِبِلِ، فَأَشَارَ عليه الصلاة والسلام- بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: “أَيُّهَا النَّاسُ: عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ؛ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ). والإيضاع: هو الإسراع..
فرسول الله صلى الله عليه وسلم يخشى عليهم أن يؤذي بعضهم بعضًا، أو أن يقتل بعضهم بعضًا، وهو أمرٌ قد يحصل في الإسراع بالإبل، ولا سيما إذا كانت في جماعات؛ فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك فيما يتعلق بالإبل، تلك الوسيلة المتاحة للناس في ذلك الزمان، فما الذي يقال في وقتنا هذا وزماننا الحاضر، ولا سيما للشباب ووسائل المواصلات الحديثة والسريعة ؟!
وفي الختام :- أقول إنه لمن المقرر شرعًا أن حفظ النفس أحد مقاصد الشرع الخمسة التي تقع فى مرتبة الضروريات، وإن الدخول إلى البلاد المهاجَر إليها من غير الطرق الرسمية المعتبَرة يجعل المهاجِرَ تحت طائلة التَّتَبُّع المستمر له من قِبَل سلطات تلك البلد، فيكون مُعرَّضًا للاعتقال والعقاب، فضلًا عمَّا يضطر إليه كثير من المهاجرين غير الشرعيين من ارتكاب ما يسئ إليهم وإلى بلادهم، بل وإلى دينهم أحيانًا، ويعطى صورة سلبية عنهم، كالتسول وافتراش الطرقات. فضلا عن قتلهم لأنفسهم.. فلننتبه أحبتي في الله إلى خطورة هذا الأمر قبل الندم.
..أسأل الله تعالى أن يحفظ شبابنا من كل سوء وأن يُرِينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويُرِينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..
******
كتبه : كمال السيد محمود محمد المهدي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف