أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م : حال النبي ﷺ مع أصحابه للدكتور مسعود عرابي

خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه للدكتور مسعود عرابي، بتاريخ  7 ربيع الأول 1445هـ ، الموافق 22 سبتمبر 2023م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م بصيغة word بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ، للدكتور مسعود عرابي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ، للدكتور مسعود عرابي

عناصر خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م ، بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ، للدكتور مسعود عرابي.

 

أولًا: الرفقُ والتغاضِي عن العثراتِ.

ثانيًا: التفاضلُ بينَهُم على أساسِ الدينِ.

ثالثًا: مشاركتُهُم الأفراحَ والأحزانَ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م ، بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع أصحابه ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:

حالُ النبيِّ مع أصحابِهِ

الحمدُ للهِ على مواهبِهِ التي لا نحصيهَا عددًا، ولا نعرفُ لها أمدًا، حمدًا نبلغُ بهِ رضاهُ، ونستدرُّ بهِ نعمَاه، والشكرُ لهُ على منائحِهِ التي أولاهَا ابتداءً، ووعدَ على شكرِهَا جزاءً، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُ اللهِ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على سيدِنَا مُحمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا.

وبعــــد،،، فإنَّ خطبتَنَا هذه بعــــونِ اللهِ ومــددهِ وتوفيقهِ ورعايتهِ تدورُ حــولَ هذه العناصـــــرِ:

أولًا: الرفقُ والتغاضِي عن العثراتِ.

ثانيًا: التفاضلُ بينَهُم على أساسِ الدينِ.

ثالثًا: مشاركتُهُم الأفراحَ والأحزانَ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م 

أولًا: الرفقُ والتغاضِي عن العثراتِ.

كان رسولُ اللهِ ﷺ مثالًا ونموذجًا فريدًا في الصفاءِ والنقاءِ والإخلاصِ، والوفاءِ لأصحابِهِ رضوانُ اللهِ عليهم، فكان ﷺ لهم ناصحًا أمينًا، ومعلمًا مبينًا، وعلى الحقِّ لهم ظهيرًا ومعينًا. كان مَجْلِسُهُ ﷺ مَجْلِسُ حِلْــــمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ، لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْــــوَاتُ، وَلَا تُؤَبَّنُ فِيهِ الْحُـــرَمُ، أي: لا يذكرون فيه القبيح، بل مجلسُهُ مصانٌ مِن اللغوِ والرفثِ. وَلَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ، أَي: أَنَّه ﷺ لم يَكُنْ فِي مَجْلِسه فَلَتَاتٌ فتُنْثَى، أَي: زلات فتُذْكَرُ، أَو تُحْفَظُ وتُحْكَى. مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ، وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، ويحفظونَ الغريبَ. [تاريخ الإسلام، للذهبي].

ومِن تمامِ الوفاءِ والإخلاصِ لأصحابِهِ، حذّرَهُم ﷺ مِن أنْ ينقلُوا إليهِ مِن أحاديثَ توغلُ صدرَهُ، وتعكرُ صفوَ قلبِهِ فهو ﷺ بشرٌ يفرحُ مِمَّا يفرحُ منهُ الناسُ، ويغضبُ مِمَّا يغضبُ منهُ الناسُ، فعند أبي داودَ والترمذِي وغيرِهِمَا، مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ: « لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا؛ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ» ، قَالَ: وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَالٌ، فَقَسَمَهُ. قَالَ: فَمَرَرْتُ بِرَجُلَيْنِ، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِقِسْمَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ، وَلَا الدَّارَ الْآخِرَةَ، فَتَثَبَّتُّ، حَتَّى سَمِعْتُ مَا قَالَا، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ لَنَا: «لَا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا». وَإِنِّي مَـــرَرْتُ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَهُمَا يَقُولَانِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَاحْمَرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَشَقَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: « دَعْنَا مِنْكَ، فَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ صَبَرَ». وهذا مِن عظيمِ حكمتِهِ، وجميلِ خصالِهِ ﷺ فهو يحبُّ أصحابَهُ جميعًا، ويكرَهُ أنْ يسمعَ مِن أحدِهِم ما يبدلُّ هذا الحبَّ، والناقلُ للحديثِ يقذفُ في صدرِ رسولِ اللهِ ﷺ شيئًا لا يرغبُ فيهِ، وهو الحزنُ مِمّن إساءَ إليهِ في غيبتِهِ، وذلك لطابعِه البشرِي، ومِن ثمَّ فضّلَ رسولُ ﷺ عدمَ السماعِ، فإنَّ سدَّ الذريعةِ المؤديةِ إلى تعكيرِ المزاجِ والنقمةِ على الصديقِ أولَى، ومِن هنا حرَّمَ اللهُ ـــ عزَّ وجلَّ ـــ الغيبةَ والنميمةَ، وأباحَ الكذبَ في الصلحِ، فالغيبةُ والنميمةُ تفسدُ ذاتَ البينِ وتفرقُ بينَ المحبين، فأرادَ رسولُ اللهِ ﷺ أنْ يعلمَ أمتَهُ أنّ صونَ الجوارحِ عن سماعِ ما يؤذِي القلبَ راحةٌ للنفسِ وبقاءٌ للودِّ بينَ المحبين، وغلقٌ لبابٍ أمامَ أهلِ الفتنةِ ودعاةِ الوقيعةِ بينَ الناسِ.

كما كان رسولُ اللهِ ﷺ رفيقًا بأصحابِهِ، ويتغاضَى عن عثراتِهِم، ويبدِي الصفحَ والعفوَ دونَ أيِّ ملامحٍ للغضبِ، فعندَ مسلمٍ مِن حديثِ المقدادِ بنِ الأسودِ قالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي، وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ، فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ ﷺ فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ، فَإِذَا ثَلَاثَةُ أَعْنُزٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا»، قَالَ: فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ، وَنَرْفَعُ لِلنَّبِيِّ ﷺ نَصِيبَهُ، قَالَ: فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ، قَالَ: ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتِي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ، فَأَتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي، فَقَالَ: مُحَمَّدٌ يَأْتِي الْأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ، فَأَتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ فِي بَطْنِي، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ، قَالَ: نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، مَا صَنَعْتَ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ فَلَا يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ، وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لَا يَجِيئُنِي النَّوْمُ، وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ: الْآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فَأَهْلِكُ، فَقَالَ: «اللهُمَّ، أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي»، قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ، فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَإِذَا هِيَ حَافِلَةٌ، وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ ﷺ مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ، قَالَ: فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَوِيَ وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ مِنْ أَمْرِي كَذَا وَكَذَا وَفَعَلْتُ كَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا هَذِهِ إِلَّا رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ ».

المقدادُ بنُ الأســـــودِ صحابيٌّ جليلٌ لهُ صاحبانِ أنهكهُمَا الجـــوعُ، وطاف الثلاثةُ ببيوتَ الصحابةِ

فلم يضيفْهُم أحدٌ، فجاءُوا إلى بيتِ رسولِ اللهِ ﷺ فطلبُوا منهُم طعامًا فأخذَهُم إلى ثلاثةِ أعنزٍ، وقال لهم احتلبُوا هذه الأعنزَ، واجعلوا اللبنَ بيننَا، فكان يشربُ هو وصاحباهُ ويتركوا نصيبَ رسولِ اللهِ ﷺ، فجاءَ الشيطانُ فحرضَهُ على أنْ يشربَ نصيبَ رسولِ اللهِ ﷺ، فلمَّا جاءَ كعادتِهِ ولم يجدْ نصيبَهُ ما نهرَهُ، وما عاتبَهُ، وإنّمَا استقبلَ القبلةَ ودعَا بدعاءٍ جميلٍ فقالَ: «اللهُمَّ، أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِي».

قال القاضِي عياض: وخوفُه مِن دعاءِ النبيِّ ﷺ لمَّا شربَ شرابَهُ، ولقاءُ النبيِّ ذلك بالتسليمِ، والدعاءِ، بأنْ يطعمَ اللهُ مَن يطعمهُ، ويسقِى مَن يسقِيه، كان بما جبلَ عليهِ ﷺ مِن العفوِ، والصبرِ، والتغاضِي، وحسنِ الكلامِ، والمعاشرةِ، وكرم ِالنفسِ، والنزاهةِ، وذهابُ المقدادِ بالشفرةِ ليذبحَ مِن الشياةِ شاةً لرسولِ اللهِ ﷺ فيجدُ ضرعَهَا ممتلأً باللبنِ في غيرِ موعدِهَا، فهذا كلُّهُ آيةٌ مِن آياتِ النبيِّ ﷺ وبركةٌ مِن بركاتِهِ، وفيضٌ مِن اللهِ عليهِ لحاجتِهِ إلى الشرابِ في ذلك الوقتِ.

وقولُ المقدادِ: « فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ رَوِيَ وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ ». أي: سقطَ مِن كثرةِ الضحكِ، يريدُ: ذهبَ عنهُ ما كان يجدهُ في نفسِهِ مِن الهمِّ والحزنِ على فعلِهِ مِن شربِ شرابِ رسولِ اللهِ ﷺ ، وسُرَّ بدعوةِ النبيِّ ﷺ ليسقِي مَن سقاهُ، وإطعامِ مَن أطعمَهُ، وهو خيرُ شاهدٍ على حبِّ أصحابِ رسولِ اللهِ لهُ. [إكمال المعلم بفوائد مسلم].

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م 

ثانيًا: التفاضلُ بينَهُم على أساسِ الدينِ.

كان رسولُ اللهِ ﷺ يجلسُ حيثُ ينتهِي بهِ المجلسُ، ولا يستوطنُ الأماكنَ، ويساوي النظرَ بينَ أصحابِه حتى لا يظنُّ جليسُهُ أنَّ أحدًا أحبُّ إلى قلبِ رسولِ اللهِ منهُ، متساوون عنده، التفاضلُ بينهم في الدينِ والتقوى، وكيف يفاضلُ بينهُم بمعاييرِ الدنيَا، وقد أخبرَهُ ربُّهُ أنَّ المعيارَ هو التقوَى، قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. [ سورة الحجرات: 13].

قال ابنُ عباسٍ: نزلتْ في ثابتِ بنِ قيسٍ بنِ شماسٍ كان في أذنِه وقرٌ، وكان إذا أتَى رسولَ اللهِ ﷺ أوسعُوا له حتى يجلسَ إلى جنبِه فيسمعُ ما يقولُ، فأتى ذاتَ يوم وقد أخذَ الناسُ مجالسَهُم فجعلَ يتخطَّى رقابَ الناسِ، فقالَ لرجلٍ: تفسحْ، فقالَ: قد أصبت مجلسًا فاجلسْ، فجلسَ مغضبًا، ثم قال للرجلِ: مَن أنتَ؟ قال: أنا فلانٌ، فقالَ لهُ ثابتٌ: ابنَ فلانة، وذكر أمًّا لهُ كان يعيَّرُ بها في الجاهليةِ، فنكسَ الرجلُ رأسَهُ واستحيَا، فقال رسولُ اللهِ ﷺ “مَن الذاكرُ فلانة” فقامَ ثابتٌ فقالَ: أنا يا رسولَ اللهِ، فقال: “انظرْ في وجوهِ الناسِ” فنظرَ إليهِم، فقال: “ما رأيت” قال: رأيتُ أبيضَ وأسودَ وأحمرَ، قال: “فإنَّكَ لا تفضلُهُم إلَّا في الدينِ والتقوَى”. [التفسير البسيط، للنيسابوري].

فعلَّمَ رسولُ اللهِ ﷺ أصحابَهُ أنَّ ميزانَ التفاضلِ هو التقوَى والعملُ الصالحُ، ولا تفاضلَ سواه، وأنَّ ذلك مِن الوحيِ الذي جاءَ بهِ، فعندَ مُسلمٍ، قالَ ﷺ: « وَإِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ».

لكنه ﷺ لم ينكرْ فضلَهُم، بل مدحَ كلَّ واحدٍ منهُم بمَا فيهِ، وأثنَى عليهِ بمَا هو أهلُهُ، فعندَ الترمذِي: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ». 

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 22 سبتمبر 2023م 

ثالثًا: مشاركتُهُم الأفراحَ والأحزانَ.

كان رسولُ اللهِ ﷺ يتعايشُ مع أصحابِهِ الأفراحَ والأحزانَ، ويضحكُ مِمَّا يضحكونَ منهُ، ويعجبُ مِمَّا يعجبونَ منه، ويتفقدُهُم، ويسألُ الناسَ عمَّا في الناسِ، فعند النسائِي وغيرِهِ ، كَانَ النبيُّ ﷺ إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ، فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: «مَالِي لَا أَرَى فُلَانًا؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ بُنَيِّهِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا فُلَانُ، أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ بِهِ عُمُرَكَ، أَوْ لَا تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ»، قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، قَالَ: « فَذَاكَ لَكَ ».

وكان ﷺ يقبلُ الهديةَ ويبادلُ بأحسنَ منها ويمازحُ أصحابَهُ ليرققَ قلوبَهُم ويديمَ الودَّ، فعندَ أحمدَ، مِن حديثِ أنسٍ، قال: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرًا، وَكَانَ يُهْدِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ». وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُحِبُّهُ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلَا يُبْصِرُهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مَنْ هَذَا، فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ ﷺ فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ  يَقُولُ: «مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ أَوْ قَالَ: «لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ».

اللهُمَّ انفعْنَا وارفعْنَا بالقرآنِ، واجعلْهُ لنَا إمامًا ونورًا وهدىً ورحمةً، واحفظْ بلادَنَا مِن كلِّ سوءٍ، ووفقْ ولاةَ أمورِنَا إلى ما فيهِ الصلاحُ والفلاحُ والخيرُ للبلادِ والعبادِ .. اللهُمَّ آمين!

بقلم/ مسعود عرابي .. مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر.

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »