خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م بعنوان : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 9 جمادي الثانية 1445هـ ، الموافق 22 ديسمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : ننداءات القرآن الكريم للمؤمنين.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م بعنوان : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، للدكتور محروس حفظي :
(1) تحقيقُ الإيمانِ الكاملِ مِن خلالِ الاستجابةِ للنداءاتِ القرآنيةِ .
(2) تحرِّي أكلِ الحلالِ مِن خلالِ النداءِ الربانِيِّ للمؤمنين.
(3) وجوبُ الاتصافِ بالأمانةِ، والحذرِ مِن الخيانةِ أمرٌ إلهيٌّ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م بعنوان : نداءات القرآن الكريم للمؤمنين ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
«نداءاتُ القرآنِ الكريمِ للمؤمنين»
بتاريخ 8 جمادى الآخر 1445 هـ = الموافق 22 ديسمبر 2023 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ.
أخي الحبيب: هذه النداءاتُ الربانيةُ في القرآنِ الكريمِ قد اشتملتْ جلُّ السورِ القرآنيةِ فلا تكادُ تخلُو سورةٌ إلّا وقد حوتْ نداءً ربانيًّا إمّا صراحةً أو إشارةً فبلغَ عددُهَا:”تسعًا وثمانينَ مرة” كلُّهَا في صدرِ الآياتِ إلّا مرةً واحدةً في قولِه:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾، وهذه النداءاتُ قد تناولتْ جميعَ مناحِي الحياةِ المختلفةِ، وقد جاءَ رجلٌ إلى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ فَقَالَ:”إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ” (الزهد لأحمد بن حنبل)، فمنهَا ما يأمرُ بوجوبِ الاستجابةِ لأمرِ اللهِ وأمرِ نبيِّهِ ﷺ، ومنها ما يتناولُ أحكامَ المعاملاتِ كما سبقَ بيانُه، وبعضُهَا يشيرُ إلى الآدابِ الاجتماعيةِ التي نحتاجُهَا في حياتِنَا كما في قولِه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، وقولِه:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾، ومنها ما يتناولُ الجانبَ الأخلاقِيَّ والسلوكِيَّ كما في قولِهِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ وغيرِ ذلك مِمّا يدلُّ عليهِ السياقُ القرآنِيُّ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م
(1) تحقيقُ الإيمانِ الكاملِ مِن خلالِ الاستجابةِ للنداءاتِ القرآنيةِ:
إنَّ الاستجابةَ للأوامرِ الربانيةِ يعززُ العلاقةَ بينَ العبدِ وربِّهِ، ويورثُ الراحةَ والطمأنينةَ، ويقضِي على الخوفِ الذي قد ينجرفُ بصاحبِهِ نحوَ اليأسِ والقنوطِ، فالمؤمنُ باللهِ- تعالى- يخضعُ لهُ ويذعنُ لأوامرِهِ ونواهيهِ، وتكونُ لهُ منهجيةٌ في جميعِ أمورِهِ.
وقد حرصَ نبيُّنَا ﷺعلى تربيةِ الصحابةِ وتنشئَتِهِم نشئةً ربانيةً إيمانيةً، أنبتَهُم بالقرآنِ إنباتًا، وأنشأَهُم على عينِه، فكانُوا الجيلَ الفريدَ الذي لم يعرفْ لهُ التاريخُ مثيلًا، وقد لا يُتاحُ للبشريةِ في مستقبلِهَا أنْ ترَى لهُ أيضًا مثيلًا، ويتبيّنُ ذلك في مواقفَ مختلفةٍ، وحوادثَ متباينةٍ ظهرَ مِن خلالِهَا سرعةُ الاستجابةِ لأمرِ اللهِ– تعالى– وأمرِ رسولِهِ ﷺ كما في قضيةِ تحريمِ الخمرِ، قال ربُّنَا مناديًا على أهلِ الإيمانِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ قال أَنَسٌ:«مَا كَانَتْ لَنَا خَمْرٌ غَيْرَ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الْفَضِيخَ، إِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِيهَا أَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَرِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَيْتِنَا إِذْ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: هَلْ بَلَغَكُمُ الْخَبَرُ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ أَرِقْ هَذِهِ الْقِلَالَ، قَالَ: فَمَا رَاجَعُوهَا، وَلَا سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ» (متفق عليه)، ويدخلُ في ذلك قطعًا المخدراتُ بكلِّ أصنافِهَا، فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ» (أبو داود)، والمفتّرُ كلُّ شرابٍ يورثُ الفتورَ والخورَ في الأعضاءِ، ويُؤدِّي إلى مضارٍّ جسيمةٍ ومفاسدَ كثيرةٍ بالعقلِ وبالبدنِ.
فما أحوجَنَا إلى هذا الإذعانِ، وتلك الاستجابةِ الفوريةِ للنداءاتِ الربانيةِ، في عصرٍ كثُرتْ فيه المغرياتُ والملهياتُ مِمّا تَوَجَّبَ علينَا الالتفاتُ لأنفسِنَا، والالتفافُ حولَ أولادِنَا، والحنوُّ عليهم، وغرسُ القيمِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ في نفوسِهِم مثلَمَا ربَّى سيدُنَا ﷺ الرعيلَ الأوّلَ، فهذا يجعلُ المسلمَ متمسكًا بعقيدتِه فلا تزلزلهُ رياحُ الشكوكِ ولا أبواقُ الإلحادِ فيحيَا بذلك حياةً طيبةً، قال ربُّنَا:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ وإلّا فمَن أعرضَ كان الشقاءُ مصيرَهُ، والاضطرابُ والقلقُ سمتَهُ ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ .
إنَّ المسلمَ الحقيقِيَّ الذي يسلمُ أمرَهُ كلَّهُ للهِ ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾، فلا يقدمُ على شيءٍ إلّا إذَا وافقَ حكمَ اللهِ ورسولِهِ ﷺ ﴿وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾، وعَن أَبِي هُرَيْرَة قال: ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لَمَّا جِئْتُ بِهِ» (رِجَالُهُ ثِقَاتٌ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ)، وهذا الانقيادُ هو الذي يعصمُ المسلمَ تقلباتِ الحياةِ التي قد تظهرُ أمامَهُ فلا يتأثرُ بهَا؛ لأنَّ معهُ مِن اليقينِ ما لا يزعزعُ إيمانَهُ قيدَ أنملةٍ، فيكونُ لهُ النورُ التامُّ في الدنيا والآخرةِ كمَا قالَ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م
(2) تحرِّي أكلِ الحلالِ مِن خلالِ النداءِ الربانِي للمؤمنين:
لقد أمرَ اللهُ المؤمنينَ بضرورةِ تحرِّي الحلال، فقالَ سبحانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ وقال ﷺ: «طَلَبُ الْحَلَالِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (الطبراني، وسنده حسن)، وقد قدّمَ لنَا الصحابةُ رضي اللهُ عنهم نماذجَ عديدةً، وأمثلةً فريدةً، فكانُوا يتركُونَ بعضَ الحلالِ؛ حذرًا مِن الوقوعِ في الحرامِ، وفي سبيلِ تحقيقِ ذلك حرّمَ الإسلامُ أكلَ الحرامِ بكلِّ أنواعِهِ فقالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾، وأخذُ المالِ بالباطلِ يكونُ على وجهينِ:
1 – أخذُهُ على وجهِ الظلمِ كالسرقةِ والجنايةِ والنصبِ وما أشبَهَ ذلك كالغشِّ بكلِّ طرقِه ووسائلِه: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ “أَنَّ رَسُولَ اللهِ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» (مسلم)، ويدخلُ في ذلك قطعًا قضايَا النصبِ الالكترونِي الذي يتمُّ عن طريقِ التسويقِ الكاذبِ المذيفِ، وكذا مَن يروّجُ أو يبيعُ البضائعَ الفاسدةَ التي انتهتْ تاريخُ استعمالِهَا؛ لأنَّ هذا فيه إلحاقُ أذَى وضرر، وينشرُ الأمراضَ بينَ الناسِ، ولذا توعّدَ رسولُنَا ﷺ هؤلاء الذين نسُوا اللهَ، وراحُوا يكنزُونَ الحرامَ بأنَّهُ سيكُونُ زادَهُم إلى جهنمَ، فعن رِفَاعَةَ «أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ إِلَى المُصَلَّى فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ، وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ:«إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَبَرَّ وَصَدَقَ»(الترمذي وحسنه)، كمَا حرَّمَ حبسَ السلعِ عن الخلقِ رغمَ حاجتِهِم إليها؛ ليبيعَهَا المستغلُّ وقتَ الغلاءِ بسعرٍ أعلَى، ونظرًا لنيتِهِ الخبيثةِ، وسوءِ طويتِهِ المريضةِ بشّرَهُ نبيُّنَا ﷺ فقالَ: «مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللَّهُ بِالْجُذَامِ وَالْإِفْلَاسِ» (ابن مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ)، بل حكمَ عليهِ بالطردِ مِن رحمةِ اللهِ؛ فهو كما لم يرحمْ خلقَهُ ولم يشفقْ عليهِم – بل مصَّ دمَهُم، ومنعَ قوتَهُم – كان عقابُهُ مِن جنسِ عملِهِ، ودعَا بالبركةِ للذي يقلِّبُ سلعتَهُ دونَ استغلالٍ فقَالَ: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» (ابن ماجه، إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ)، والاحتكارُ لا يكونُ في الأقواتِ فحسب، وإنَّمَا في كلِّ ما يحتاجُ إليهِ الناسُ مِن مالٍ وأعمالٍ ومنافعَ.
كمَا حرّمَ دينُنَا بيعَ الإنسانِ على أخيهِ الإنسان؛ لأنَّ هذا يدخلُ الضغينةَ، ويورثُ الكراهيةَ في النفوسِ، وينشرُ الفوضَى في المجتمعِ، قال ﷺ :«لَا يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِبَيْعٍ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» (متفق عليه) .
٢ – أخذُهُ مِن جهةٍ محظورةٍ كأخذِهِ بالقمارِ أو بطريقِ العقودِ المحرمةِ كبيعِ ما حرّمَ اللهُ الانتفاعَ بهِ: إنَّ تحرِّي أكلِ الحلالِ يجلبُ للإنسانِ خيرَي الدنيا والآخرةِ، فالحرامُ مهمَا كَثُرَ فمآلُهُ إلى زوالٍ وبوارٍ، وما ربْحُهُ هذا إلَّا جذوةٌ مِن لهيبٍ وقَبَسٌ مِن نارٍ، يتأججُ في بطنِه قال ربُّنَا:﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وهذا رجلٌ استجمعَ مِن صفاتِ الذلِّ والمسكنةِ ما يدعُو إلى رثاءِ حالِه، وتقطعتْ بهِ السبلُ، واغبرتْ قدمَاهُ، لكنَّهُ حَالَ بينَ دعائِه والقبولِ أكلُ الحرامِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: “أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟” (مسلم) .
فما أحوجنَا أنْ نطهِّرَ نفوسَنَا مِمّا علقَ بهَا مِن الأمراضِ القلبيةِ المختلفةِ ﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾؛ ولذا ربطَ نبيُّنَا ﷺ حدوثَ الفسادِ- الظاهرِي والباطنِي- بفسادِ القلبِ، وكذا الصلاحُ بصلاحِه قالَ ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (متفق عليه)، كما أخبرَ ربُّنَا في كتابِه أنَّ الإصلاحَ إنَّما ينبعُ في الأساسِ مِن الإنسانِ ذاتِه ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ .
لقد جعلَ اللهُ العاقبةَ الحُسنَى لِمَن ابتعدَ عن الفسادِ، وكان أمينًا فيمَا استخلفَ عليهِ مِن حقوقِ البلادِ والعبادِ ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ .
طوبَى لعبدٍ فَطِنٍ لم تلههِ الحياةُ وفتنةُ المالِ والولدِ التي حذرنَا منهَا ربُّنَا في كتابِه مبينًا عاقبةَ ذلك كما في قولِه: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾، فهذا النداءُ ينهي للمؤمنينَ عن أنْ يشغلَهُم شاغلٌ عن طاعةِ اللهٍ، وتحضّهُم على الإنفاقِ في سبيلِ إعلاءِ كلمتِهِ قبلَ فواتِ الأوانِ، وقد خصَّ ذكرَ الأموالِ والأولادِ؛ لأنهمَا أكثرُ الأشياءِ التي تلهِي المسلمَ عن طاعةِ خالقِه، فمِن أجلِ جمعِ المالِ يقضِى الإنسانُ معظمَ حياتِه بل كثيرٌ مِن البشرِ في سبيلِ جمعهِ يضحونَ بما يفرضهُ عليهِم دينهُم مِن واجباتٍ، ومِن أخلاقٍ، ومِن سلوكٍ وآدابٍ.
ومِن أجلِ راحةِ الأولادِ قد يُضحِّى الآباءُ براحتِهِم، وبمَا تقضِى بهِ المروءةُ ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ وصدقَ ﷺ حيثُ يقولُ: «أَمَا إِنَّ الْأَوْلَادَ مَبْخَلَةٌ، مَجْبَنَةٌ، مَحْزَنَةٌ» (أبو يعلى والبزار، وفيه عطيةُ العوفِي وهو ضعيفٌ) .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 22 ديسمبر 2023 م
(3) وجوبُ الاتصافِ بالأمانةِ، والحذرِ مِن الخيانةِ أمرٌ إلهيٌّ:
أمرَ اللهُ عبادَهُ المؤمنينَ بالتحلِّي بالأمانةِ؛ إذ هي مِن أشرفِ الفضائلِ، وأعظمِ الخصالِ فقالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها﴾، وعدَّهَا اللهُ – عزَّ وجلَّ – مِن صفاتِ المؤمنين الذين أُكرِمُوا بالجنةِ ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾، ولفظُ الأمانةِ عامٌ يشملُ الأمانةَ الماديةَ مِن حفظِ الأموالِ والودائعِ، وأداءِ الحقوقِ التي تتعلقُ بالخالقِ جلَّ وعلا، والخلائقِ فيمَا بينَهُم، كما تشملُ الأشياءَ المعنويةَ، فالكلمةُ أمانةٌ، وحفظُ الأسرارِ أمانةٌ، والالتزامُ بالعهدِ أمانةٌ… الخ فمجالاتُهَا كثيرةٌ لا يحصيهَا الحصرُ ولا تدخلُ تحتَ العدِّ .
وحذَّرَ ربُّنَا – عزَّ وجلَّ – مِن الخيانةِ فقالَ سبحانَهُ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ثم جاءتْ السنةُ تؤكدُ هذا المعنَى وتقوّيه، فرغبتْ في أداءِ الأمانةِ فقال ﷺ:«أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» (أبو داود)، وبيَّنَتْ أنَّ تَضُيِيعَ الأمانةِ دليلٌ على ضعفِ الإيمانِ وزعزعتِهِ في نفسِ صاحبهِ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» (أحمد)، بل جعلتْ ذلك مِن صفاتِ المنافقين فقال ﷺ: “آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ” (متفق عليه) .
فليحذرْ المسلمُ أنْ يخونَ الأمانةَ في إبداءِ النصيحةِ والمشورةِ، الإنسانُ أحيانًا تضطرُّهُ الظروفُ والمواقفُ أنْ يلجأَ إلى مَن يستشيرُهُ أو يأخذَ برأيِ غيرِه حتى يطمئنَّ قلبُهُ، وتهدأَ نفسُهُ، ولذا جُعِلَ المُستشارُ أمينًا، عليهِ أنْ يُدلِي بمَا فيهِ النفعُ والصوابُ لِمَن ينصحُهُ قَالَ ﷺ:«الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» (ابن ماجه) وإلّا لو كتَمَ النصيحةَ فقد غشَّهُ وخانَهُ قالَ ﷺ:«مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ؛ فَقَدْ خَانَهُ» (أبو داود)، وقد يلحقُهُ ضررٌ أو يفوتُ عليهِ نفعٌ، وقد بيَّنَ رسولُنَا ﷺ أنَّه يحرمُ إلحاقُ الضررِ بالآخرينَ بأيِّ وسيلةٍ فعَنْ عُبَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَضَى أَنْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (ابن ماجه)، وفي الوقتِ ذاتِه عليهِ أنْ يحفظَ سرَّهُ الذي استودَعَهُ إياهُ حتى لو عجزَ عن تقديمِ نصيحةٍ أو مشورةٍ قال ﷺ: «إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الحَدِيثَ ثُمَّ التَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ» (الترمذي وحسنه) .
إنَّ الإهمالَ في إعدادِ وتربيةِ الأولادِ سواءٌ كان ذلك خلقيًّا أو علميًّا أو بدنيًّا أو اجتماعيًّا خيانةٌ للأمانةِ
التي أمرَ اللهُ بهَا مِن خلالِ ندائِهِ في قولِهِ تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، وقال ﷺ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (متفق عليه)، لذا يَجبُ عليهما تنشئةُ الأولادِ على القيمِ الصحيحةِ، والأخلاقِ الرفيعةِ، والعاداتِ والتقاليدِ النافعةِ، وغرسِ المعانِى الساميةِ كحبِّ الخيرِ، وأهميةِ الوقتِ وتنظيمِه، وحبِّ الأوطانِ والنهوضِ بها، والبعدِ عن رفقاءِ السوءِ، كما يجبُ أنْ نوفرَ لهم الأمانَ والاستقرارَ الأسرِي حتى نُخرجَ منهم شخصيةً نعتزُّ ونفتخرُ بها، وتكونَ طريقًا لنا للفوزِ بخيري الدنيا والآخرةِ ﴿رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً﴾ فمَنْ أهملَ الأولادَ وضيَّعَهُم فقد خانَ الأمانةَ التي وسدتْ إليهِ وجاءَ في الحديثِ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ؛ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» (مسلم) .
كما أنَّ المراوغةَ مِن العملِ وتركَ إتقانِهِ خيانةٌ سيسألُ عنها العبدُ أمامَ ربِّهِ – عزَّ وجلَّ – فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» (أَبُو يَعْلَى) .
الكلمةُ التي نتحدثُ بها أو نرددُهَا أمانةٌ، ولذا أمرَنَا الإسلامُ مِن «التثبتِ مِن الأخبارِ والشائعاتِ»، وقد أرشدَنَا ربُّنَا – عزَّ وجلَّ – إلى هذا الأدبِ وتلكَ القيمةِ فقالَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾، ولا شكَّ أنَّ الاتصافَ بهذا الأدبِ فيه صيانةٌ للمجتمعاتِ مِمَّا يخلخلُ رابطتهَا، ويوهِنُ مِن صلاتِهَا، ويُضعِفُ مِن متانةٍ ووحدةِ صفِّهَا، فالتعقُّلُ والتثبتُ في الأمرِ، وعدمُ التعجلِ في الحكمِ على الأشياءِ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ قَالَ ﷺ لِأَشَجِّ عَبْد الْقَيْسِ: «إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ» (مسلم) .
وملاكُ جميعِ ما سبقَ أنَّ اللهَ وجَّهَ للمؤمنينَ نداءً أمرَهُم فيهِ بالمداومةِ على طاعتِه، وبالإخلاصِ في عبادتِه، وبالجهادِ في سبيلِه، وبالاعتصامِ بحبلِه، فقالَ سبحانَهُ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، ونلمحُ أنَّ قولَهُ: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ تعميمٌ بعدَ التخصيصِ؛ إذ فعلُ الخيرِ يشملُ كلَّ قولٍ وعملٍ يرضِى اللهَ- تعالى-: كإنفاقِ المالِ في وجوهِ البرِّ، وكصلةِ الرحمِ والإحسانِ إلى الجارِ وغيرِ ذلك مِن الأفعالِ التي حضَّتْ عليهَا تعاليمُ القرآنِ الكريمِ.
والمتأملُ في هذه الآيةِ الكريمةِ يراهَا أنَّها قد جمعتْ أنواعَ التكاليفِ الشرعيةِ، وأحاطتْ بهَا مِن كلِّ جوانِبِهَا، وقولُهُ: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ أعمُّ مِن جهادِ أعداءِ اللهِ ودينهِ، فيشملُ جهادَ النفسِ الأمارةِ بالسوءِ، وجهادَ الشيطانِ، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ: “قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَوْمٌ غُزَاةٌ، فَقَالَ ﷺ قَدِمْتُمْ خَيْرَ مَقْدَمٍ مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ، قَالُوا: وَمَا الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ؟ قَالَ: مُجَاهَدَةُ الْعَبْدِ هَوَاهُ” (الزهد الكبير للبيهقي، إسناده ضعيف)، وجهادَ العلمِ والسعيَ على الأرملةِ والمساكينِ والوالدَينِ وغيره.
وقد جاءَ النداءُ الربانيُّ يأمرُ المؤمنينَ بوجوبِ الوفاءِ بالعقودِ على جهةِ العمومِ، فقالَ ربُّنَا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، والمرادُ ب”العقودِ” هنا: ما يشملُ العقودً التي عقدَهَا اللهُ علينَا وألزمَنَا بهَا مِن الفرائضِ والواجباتِ والمندوباتِ، وما يشملُ العقودَ التي تقعُ بينَ الناسِ بعضِهِم مع بعضٍ في معاملاتِهِم المتنوعةِ وما يشملُ العهودَ التي يقطعُهَا الإنسانُ على نفسِهِ والتي لا تتنافَى مع شريعةِ اللهِ تعالى، وهذا المعنَى أليقُ بعمومِ اللفظِ، إذ “العقودُ” جمعٌ مُحلَّى بألْ المفيدةِ للجنسِ وأوفَى بعمومِ الفائدةِ، فافهمْ وألزمْ.
نسألُ اللهَ أنْ يفرجَ كروبَنَا، وأنْ يزيلَ همومَنَا، وأنْ يُذهبَ أحزانَنَا، ونسألُكَ يا اللهُ أنْ تجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ توفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان
د / محروس رمضان حفظي عبد العال
مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف