خطبة الجمعة القادمة 21 مايو 2021م بعنوان : كفُّ الأذى عن الناس صدقة ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 21 مايو 2021م بعنوان : كفُّ الأذى عن الناس صدقة ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 9 شوال 1442هـ ، الموافق 21 مايو 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 21 مايو 2021م بعنوان : كفُّ الأذى عن الناس صدقة ، للشيخ كمال المهدي:
١-حقيقة المسلم الكامل والفرق بين الإسلام والإيمان.
٢- نفى الإيمان عمن يؤذي الناس.
٣- صور وألوان الإيذاء.
٤- ضياع أعمال العبد بسبب إيذائه للناس.
٥- العقاب الشديد لمن يؤذي الناس والثواب العظيم لمن يكف الأذى عن الناس.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 21 مايو 2021م ، بعنوان : كفُّ الأذى عن الناس صدقة ، كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ٩شوال ١٤٤٢هـ الموافق ٢١مايو ٢٠٢١ م بعنوان : كف الأذى عن الناس صدقة.
**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :-
أحبتي في الله : اسمحوا لي أن أسأل نفسي وإياكم سؤالاً.. هل نحن مؤمنون؟
هذا السؤال ربما تعتبروه غريباً وعجيبا !! ولكن أقول لكم لا غرابة في ذلك..
فقد سأله النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله على الأنصار فقال ” أمؤمنون أنتم ؟ ” فسكتوا ، فقال عمر : نعم يا رسول الله قال ” وما علامة إيمانكم ؟ قالوا : نشكر على الرخاء ونصبر على البلاء ونرضى بالقضاء ، فقال صلى الله عليه وسلم ” مؤمنون ورب الكعبة “..
إذا السؤال ليس فيه غرابة.. فتعالوا بنا لنعد إلى سؤالنا هل نحن مؤمنون؟ أعتقد أن الإجابة واضحة وضوح الشمس في ضحاها، الكل سيقولون نعم مؤمنون..
** ولكن أقول لكم قبل أن تجيبوا بنعم لابد أن تستمعوا إلى قول الله جل وعلا أولاً فقد قال تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا ولكن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ).
** المتأمل في هذه الآية يجد أن الله جل وعلا أنكر على الأعراب قولهم آمنا ووضح لهم أن الإيمان يأتي بعد تمام وكمال الإسلام.
فهناك فرق بين الإسلام والإيمان ومما يُبَرْهِن على ذلك ما ورد في صحيح مسلم عن عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ قالَ:(بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ. وَقالَ: يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قالَ لِي: يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) .
* من خلال هذا الحديث يتبين لنا أن هناك درجات ومنازل للإنسان أعلاها الإحسان وأدناها الإسلام فلا يَصِلُ الإنسان لدرجة الإيمان إلا إذا حقق الإسلام الكامل ولا يَصِلُ إلى درجة الإحسان إلا إذا حقق الإيمان الكامل فمن هو المسلم الكامل؟
استمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُبَيِّن لنا حقيقة المسلم الكامل ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).
فهل سلم الناس من ألسنتنا من غيبة ونميمة وشتم وقذف وغيره؟ وهل سلم الناس من أيدينا؟
إن سلم الناس من ألسنتنا وأيدينا و طبقنا أركان الإسلام فهنا نستطيع أن نقول حققنا الإسلام الكامل ودخلنا في درجة الإيمان..
** ومن هنا أقول لكم أحبتي في الله احذروا إيذاء الناس بأي لون من الألوان. حتى يكتمل إسلامكم وتحققوا إيمانكم..
فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم :(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جارَه)
وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ إماطة الأذى عن الطريق جزءٌ من الإيمان؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ). وإماطة الأذى عن الطريق تعني تنحية وإبعاد كلِّ ما يُؤْذِي؛ من حجرٍ أو شوكٍ أو غيره.
** بل نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن يؤذي الناس فعن ابن عمر قال: صعد رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذا المنبر، فنادى بصوتٍ رفيعٍ، وقال: (يا معشر مَن أسلم بلسانه، ولَم يدخل الإيمانُ قلبَه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تُعيِّروهم، ولا تطلبوا عثراتِهم؛ فإنَّه من يطلب عورةَ المسلم، يطلب الله عورتَه، ومن يطلب الله عورتَه يفضَحْه ولو في جوف بيتِه).
ولقد حرَّمت الشريعةُ ما يؤدِّي إلى إيذاء المسلم حتى في مشاعره فعن عبدالله قال: قال رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم : (إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجى اثْنانِ دُونَ الآخَرِ حتى تَخْتَلِطوا بِالنَّاسِ من أَجْلِ أَنْ ذلك يُحْزِنَه).
فإذا كانت الشريعة تنهي عن إيذاء ما يجرح المشاعر فما بالك بالإيذاء بالضرب والقتل والشتم والقذف والخوض في الأعراض والغيبة والنميمة وغير ذلك من أنواع الإيذاء..
فللاسف الشديد كثير من الناس يعتقد أن الإيذاء يكون بالضرب والقتل فقط.
*لا والله * بل هناك صور عديدة للإيذاء ينبغي علينا أن ننتبه لها حتى لا نقع فيها. ** فتعالوا بنا أحبتي في الله لنعرض بعضا من صور الإيذاء للناس الذي نهى عنها الله جل وعلا وكذلك نهى عنها رسوله صلى الله عليه وسلم. فمن صور الإيذاء ما يقع ((بالشم)): كهؤلاء الذين يقومون بتدخين السجائر في أماكن تجمعات الناس وفي المواصلات العامة وهؤلاء أقول لهم اتقوا الله ولا تؤذوا الناس. وكذلك من الناس من يؤذي الناس بالذهاب للمسجد وقد أكل بصلا أو ثوما أو كراتا فيتأذى الناس حتى الملائكة من رائحة فمه فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنَّ مسجدنا، ولا يؤذينَّا بريح الثوم) رواه مسلم، وفي لفظ: (فإن الملائكة تتأذَّى مما يتأذَّى منه بنو آدم). ** ومن صور الإيذاء ما يكون ((بالسمع)) كهؤلاء الذين يقومون بتشغيل التلفاز والسماعات في المناسبات بصوت مرتفع لا يبالون بالمرضى الذين يعانون ولا بطلاب العلم الذين يذاكرون ولا بجيرانهم النائمون وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت حتى لا يؤذي الإنسان الناس بصوته المرتفع ولو كان يقرأ القرآن، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (اعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ألا إن كلكم مُناجٍ ربَّه، فلا يؤذِينَّ بعضُكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعضٍ في القراءة)رواه أبو داود. فقراءة القرآن عبادة ولكن طالما أنه ترتب عليها إيذاء برفع الصوت فقد نهى الشرع عن ذلك. وورد عن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه قال: (جاء رجلٌ يتخطَّى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: اجلس فقد آذيت) رواه أبو داود وابن ماجه. ** ومن صور الإيذاء ما يقع (( باللسان)) كالشتم والقذف والغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس والسخرية والتنابذ بالألقاب وغير ذلك من أنواع الإيذاء باللسان قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[ الحجرات ١١] فكل ما يصدر باللسان من أذى تجاه الآخرين نهى عنه الشرع، لذلك لما سأل معاذ بن جبل رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ)، وقال عليه الصلاة والسلام:(يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ) **ومن صور الإيذاء ما يقع(( بالنظر)) كهؤلاء الذين يجلسون على قارعة الطريق ويُقَلِّبُون أبصارهم في النساء فيؤذون النساء المارة عليهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعنْ أَبِي سَعيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( إِيَّاكُم وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقاتِ، فقَالُوا: يَا رسَولَ اللَّه، مَا لَنَا مِنْ مَجالِسنَا بُدٌّ، نَتحدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِس فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ، قالوا: ومَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رسولَ اللَّه؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وكَفُّ الأَذَى، ورَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بالْمَعْروفِ، والنَّهْيُ عنِ الْمُنْكَرِ) متفقٌ عَلَيهِ. ** ومن صور الإيذاء ما يقع(( باليد)) كهؤلاء الذين يضربون الناس ويسفكون دمائهم ويأخذون أموالهم ويسرقونها بغير وجه حق ، وهذا من أعظم المظالم ومن أكبر موجبات الإثم. قال النبي عليه الصلاة السلام: (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) رواه مسلم. وكذلك هؤلاء الذين يقومون بإلقاء القمامة والنفايات بجميع أنواعها في الطريق وغلق الطريق على المارة بسبب سرادقات العزاء والأفراح كل ذلك من ألوان الإيذاء الذي نهى عنه الشارع الحكيم فقد ورد عن أبي هريرة أنَّ رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((اتَّقُوا اللاَّعِنَيْنِ)) قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رَسُولَ اللهِ؟ قال: (الذي يَتَخَلَّى في طَرِيقِ الناس أو ظِلِّهِمْ) فالذي يقضي حاجته في أماكن يمرُّ بها الناس أو يجلسون فيها يجلب لنفسه اللعن، ** من صور الإيذاء الذي يشتكي منه كثير من الناس في هذا الزمان، ما نشاهده في الشوارع والطرقات، من طيش البعض في قيادتهم للسيارات، والدراجات النارية (الموتوسكلات) من حيث السرعة الجنونية، أو عدم المبالاة بالآخرين، وكأن الشوارع أصبحت ملكا خاصة لهم، مما يؤذون عباد الله، ويُعرّضون الأنفس للخطر والهلاك، فالطريق حق عام للجميع، وله قوانين وأنظمة، ينبغي التقيد بها، وعدم التجاوز عليها، لكي تتحقق المنفعة للجميع **أحبتي في الله هذه بعض صور الإيذاء التي تقع من بعض الناس للناس نهى عنها الشارع الحكيم.. **وتعالوا بنا لنرى ما أعده الله جل وعلا من عقاب لمن يؤذون الناس حتى نكون على حذر .. يقول تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: ٥٨]. بل إن الإيذاء يبطل ثواب الصدقات والأعمال الصالحة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأذَى..)[البقرة: ٢٦٤] . ** وإنه لمن المؤسف أننا نرى بعضاً من الناس يَحْرِص على صلاته وصيامه وزكاته، ولكنه لا يبالي بإيذاء أهل بيته وإخوانه، وجيرانه وسائر الناس، ومثل هذا يخشى عليه من عذاب الله، فقد تضيع صلاته وزكاته وصيامه وحجه وصدقته وجميع أعماله بسبب إيذائه للناس فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (أتَدْرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا دِرْهم له ولا متاع، فقال: إنَّ المفلس مِن أُمَّتِي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتمَ هذا، وقذفَ هذا، وأكلَ مال هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيَت حسناتُه قبل أن يقضى ما عليه أُخِذ من خطاياهم، فطُرِحَت عليه، ثُمَّ طرح في النَّار).
وورد أن رجلا قال يا رسول الله.. إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في النار) أي لا خير في صلاتها ولا صيامها ولا صدقتها طالما أنها تؤذي جيرانها بل حكم عليها أنها في النار فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
** وفي المقابل كما أن من يؤذي الناس يعاقبه الله جلا وعلا عقاباً شديدا كذلك من يكف الأذى عن الناس يحصل على الأجر العظيم والثواب الكبير بل يحصل على العديد والكثير من الصدقات ومغفرة الذنوب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(مرّ رجل بغصن شجر على ظهر الطريق فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين حتى لا يؤذيهم فدخل الجنة) . فقد تكون صخرة أو غصن شجرة أو حتى قشرة موز أو كيس بلاستيك، يزيله أحدهم من طريق المسلمين، ونيته خالصة بكف الأذى عنهم، فيشكر الله له هذا الفعل، فيغفل له، فيدخله الجنة.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : (قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: تكف شرك عن الناس، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك) .
* وعن أبي موسى رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على كلّ مسلم صدقة. قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعتمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق. قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف. قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير قال: أرأيت؟ إن لم يفعل. قال: يمسك عن الشر فإنّها صدقة).
وفي الختام أقول لك أخي الحبيب : كُف أذى كلّ حواسك. عن إيذاء الناس حتى تصل إلى تعريف المسلم الحقيقي، من سلم الناس من لسانه ويده. وحتى تنال رضاء الله وجنته وتجتنب عقابه.
** أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه..
***
كتب خطبة الجمعة القادمة بعنوان : كفُّ الأذى عن الناس صدقة :- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف