خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط
بتاريخ 15 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 18 أكتوبر 2024م
خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 15 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 18 أكتوبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة اليوم 18 أكتوبر 2024م بصيغة word بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بصيغة pdf بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م ، بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، الشيخ خالد القط
بتاريخ: 15 ربيع الثاني 1446هــ – 18 أكتوبر 2024م
“””””””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) سورة الحجرات (11).
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون ، لقد خلق الله الإنسان وكرمه وفضله على سائر المخلوقات ، قال تعالى ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)) سورة الإسراء (70)، ومن هذا المنطلق، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على الإنسان من أي تجاوز أو اعتداء عليه سواء كان هذا الاعتداء أو التجاوز مادياً أو معنوياً، فمن عظمة الإسلام أنه ما من شيء يؤذى الإنسان نفسياً أو جسدياً إلا وحرمه، ووضع له عقاباً صارماً في الدنيا والآخرة، ولكن ما معنى السخرية التي هي موضوع حديثنا اليوم، فهيا بنا لنعرف معناها.
تابع / خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط
فالسُّخْريَّةِ لُغةً: مادَّةُ (سخر): أصلٌ يَدُلُّ على احتقارٍ واستِذلالٍ، يقالُ: سَخِر منه وبه سَخْرًا وسَخَرًا ومَسْخَرًا.
ومعنى السُّخْريَّةِ اصطِلاحًا: هي الاستهانةُ والتَّحقيرُ، والتَّنبيهُ على العُيوبِ والنَّقائِصِ، على وَجهٍ يُضحَكُ منه، وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: وهي: الاستهانةُ والتحقيرُ والتنبيه على العيوب والنقائصِ على وجهٍ يُضحك منه، وقد يكون بالمحاكاةِ في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارةِ والإيماء، وإذا كان بحضرة المستَهْزَأ به لم يسمَّ ذلك غِيبةً، وفيه معنى الغِيبة.
أيها المسلمون، قال القرطبي في تفسيره بعد ذكره أنه وقع خلاف في سبب نزول هذه الآية، ثم ذكر قول ابن عباس، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَ فِي أُذُنِهِ وَقْرٌ، فَإِذَا سَبَقُوهُ إِلَى مَجْلِسِ النَّبِيِّ ﷺ أَوْسَعُوا لَهُ إِذَا أَتَى حَتَّى يَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهِ لِيَسْمَعَ مَا يَقُولُ، فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ فَاتَتْهُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ رَكْعَةٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ أَخَذَ أَصْحَابُهُ مجالسهم منه، فَرَبَضَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِمَجْلِسِهِ، وَعَضُّوا فِيهِ فَلَا يَكَادُ يُوَسِّعُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لَا يَجِدُ مَجْلِسًا فَيَظَلُّ قَائِمًا، فَلَمَّا انْصَرَفَ ثَابِتٌ مِنَ الصَّلَاةِ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَيَقُولُ: تَفَسَّحُوا تَفَسَّحُوا، فَفَسَحُوا لَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: تَفَسَّحْ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: قَدْ وَجَدْتَ مَجْلِسًا فَاجْلِسْ! فَجَلَسَ ثَابِتٌ مِنْ خَلْفِهِ مُغْضَبًا، ثُمَّ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا فُلَانٌ، فَقَالَ ثَابِتٌ: ابْنُ فُلَانَةٍ! يُعَيِّرُهُ بِهَا، يَعْنِي أُمًّا لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ، فَنَزَلَتْ. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ …. الآية
أيها المسلمون، وقد جاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تبين إثم وعاقبة الذين يسخرون من الناس، وكيف أنه من عظائم الذنوب، فيكفي أن السخرية تميت القلب وتورثه الغفلة، حتى إذا كان يوم القيامة ندم الساخر وتحسر على فعله، قال تعالى: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ [الزمر: 56].
تابع / خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للشيخ خالد القط
والسخرية من الناس عاقبتها وخيمة في الدنيا والآخرة، ففي الحياة الدنيا قد يبتلى الساخر بمثل ما سخر به، وفي الآخرة عذاب الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ﴾ [المطففين: 29- 31]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ [الأحزاب: 58].
والساخر بعيد عن ربه قريب من الشيطان، قال تعالى عن الكفار: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: 109- 111].قال القرطبي: «يستفاد من هذا التحذير من السخرية والاستهزاء بالضعفاء والمساكين، والاحتقار لهم والإزراء عليهم، والاشتغال بهم فيما لا يعني، وأن ذلك مبعد من الله عز وجل» وقال تعالى (( `وَیۡلࣱ لِّكُلِّ هُمَزَةࣲ لُّمَزَةٍ )) سورة الهمزة 1 ، قال ابن كثير : الْهَمَّازُ: بِالْقَوْلِ، وَاللَّمَّازُ: بِالْفِعْلِ. يَعْنِي: يَزْدَرِي بِالنَّاسِ وَيَنْتَقِصُ بِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [الْقَلَمِ: ١١].
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ طَعَّانٍ مِعْيَابٍ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الهُمَزة، يَهْمِزُهُ فِي وَجْهٍ، وَاللُّمَزَةُ مِنْ خَلْفِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَهْمِزُهُ وَيَلْمِزُهُ بِلِسَانِهِ وَعَيْنِهِ، وَيَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ، ويطعنُ عَلَيْهِمْ.
أيها المسلمون، أما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فزاخرة بالنصوص التي تبين عاقبة السخرية، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال صلى الله عليه وسلم ((لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْرٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النّاسِ.)) أي احتقارهم.
وأخرج أبو داوود وغيره من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت ((قلتُ للنَّبيِّ ﷺ: حسبُك من صفيَّةَ كذا. قال بعضُ الرُّواةِ: تعني قصيرةً، فقال: لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجتْ بماءِ البحرِ لمَزجَتْه. قالت: وحكَيْتُ له إنسانًا فقال: ما أحبُّ أن حكيْتِ لي إنسانًا وأنَّ لي كذا وكذا)).
وروى بسند صحيح أنه ((أمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ابنَ مَسعودٍ، فصَعِدَ شَجرةً يَأتيه منها بشيءٍ، فنظَرَ أصحابُه إلى ساقِ عَبدِ اللهِ، فضَحِكوا من حُموشةِ ساقَيْه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما تَضحَكونَ؟! لَرِجْلُ عَبدِ اللهِ أثقَلُ في الميزانِ يومَ القيامةِ مِن أُحُدٍ.)).
وأخرج الشيخان من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ((لَقِيتُ أبا ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ، وعليه حُلَّةٌ، وعلى غُلامِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عن ذلكَ، فَقالَ: إنِّي سابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّهِ، فَقالَ لي النبيُّ ﷺ: يا أبا ذَرٍّ أعَيَّرْتَهُ بأُمِّهِ؟ إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جاهِلِيَّةٌ، إخْوانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممّا يَلْبَسُ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ)).
الخطبة الثانية
وهكذا أيها المسلمون، فينبغي على كل مسلم أن يزن كل كلمة تخرج من فمه، فرب كلمة تركت أثراً وألماً في نفس كل من يسمعها، بل ربما يجرح الإنسان بلسانه أكثر ألف مرة مما يجرح بالسيف، ولله در القائل:
وَ قَدْ يُرجىٰ لِجُرحِ السيفِ برءٌ — وَ لا برءٌ لِما جَرَحَ اللسانُ
جِراحات السِّنانِ لها التِئامٌ — وَ لا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ
وَ جرحُ السيفِ تدملُهُ فَيَبْرىٰ — وَ يبقىٰ الدهرُ ما جَرَحَ اللسانُ..
وأنت أمام هذا السفه والتنمر ينبغي عليك أن تتحلى بالصبر، ولا تنساق وراء هؤلاء المستهزئين والساخرين. ولله در القائل :
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ
فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها إلا أنت
كتبه: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف