خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 13 جماد أول 1446هـ ، الموافق 15 نوفمبر 2024 م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بصيغة word بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بصيغة pdf بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م ، بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
“ المال العام وحرمة التعدي عليه “
بتاريخ: 13 جماد أول 1446هــ – 15 نوفمبر 2024م
“””””””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين. وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ((وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )) سورة البقرة 188.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، حق قدره ومقداره العظيم.
تابع / خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه
أما بعد
أيها المسلمون ، فإن المسلم صحيح الإسلام ، قوى الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، حريص دائماً كل الحرص أن يكون مطعمه ومشربه وملبسه حلالاً ، لأنه يعلم جيداً العاقبة السيئة ، وانتقام الله الشديد ، فى الدنيا و الآخرة ، لكل إنسان يستحل لنفسه من الأموال ، ما ليس من حقه ، والمال العام ، هو أحد الأموال التى بنبغى المحافظة عليها ، وأن الاعتداء عليها من أكبر الذنوب والآثام ، ، بل إن الاعتداء عليها أشد إثماً وجرماً من الأموال الخاصة نظراً لأن المال العام يشترك فيه جميع عموم الناس .
أيها المسلمون ، والمال العام فى أبسط تعريف له هو كل ما تملكه الدولة و أجهزتها و شركاتها و بنوكها من أموال سائلة أو عينية كالمبانى و الأراضى و الآلات و المعدات و الأجهزة و الآثار , و وسائل النقل و الخدمات و المرافق و غيرها مما هو مخصص للمنفعة العامة .
و حين نتأمل فى القرآن الكريم ، فإننا سنجد آيات كثيرة في القرآن الكريم ، تشير إشارة واضحة إلى حرمة أموال الغير عموماً ، سواء كانت أموالاً عامة ، أو خاصةً ، مثل قوله تعالى ((وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )) سورة البقرة (188) ، وقوله أيضاً (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )) سورة النساء (29).
أيها المسلمون ، كم حذرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى مناسبات عديدة من أن يمد الإنسان يده على شىء ليس من حقه ، فقد أخرج الشيخان حديثاً طويلاً ، من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه ، جاء في أخره (( وإنَّ هذا المالَ حُلْوَةٌ، مَن أخَذَهُ بحَقِّهِ، ووَضَعَهُ في حَقِّهِ، فَنِعْمَ المَعُونَةُ هُوَ، ومَن أخَذَهُ بغيرِ حَقِّهِ كانَ كالَّذِي يَأْكُلُ ولا يَشْبَعُ. )) وفى رواية لهما (( ويكون عليه شهيداً يوم القيامة ))
ويا له من جرم عظيم ، وعاقبة سوء فى الدنيا و الآخرة تنتظر كل إنسان لا يتقى الله فى المال العام ، ، أو يجعل من وظيفته التى يؤتمن عليها سبيلاً لأن يأخذ أموالاً ليست من حقه ، فعند الشيخين أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه (( اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا على صَدَقاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمّا جاءَ حاسَبَهُ، قالَ: هذا مالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ. فَقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: فَهَلّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، حتّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صادِقًا ثُمَّ خَطَبَنا، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنى عليه، ثُمَّ قالَ: أمّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم على العَمَلِ ممّا ولّانِي اللَّهُ، فَيَأْتي فيَقولُ: هذا مالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أفلا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وأُمِّهِ حتّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، واللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدٌ مِنكُم شيئًا بغيرِ حَقِّهِ إلّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القِيامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أحَدًا مِنكُم لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا له رُغاءٌ، أوْ بَقَرَةً لَها خُوارٌ، أوْ شاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حتّى رُئِيَ بَياضُ إبْطِهِ، يقولُ: اللَّهُمَّ هلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي وسَمْعَ أُذُنِي. )) .
تابع / خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه
فالحذر الحذر يا من تتعامل مع المال العام فأنت مؤتمن عليه ، وستسأل عنه أمام أحكم الحاكمين ورب العرش العظيم ، اسمع ماذا يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث خولة بنت قيس الأنصارية قالت (( سَمِعْتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: إنَّ رِجالًا يَتَخَوَّضُونَ في مالِ اللَّهِ بغيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النّارُ يَومَ القِيامَةِ. ))
وهذا نموذج حى تجسده لنا كتب التاريخ و السير ، نموذج لرجل سولت له نفسه. يوماً أن يمد يده على المال العام ،. فانظر كيف كان الجزاء فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (( افْتَتَحْنا خَيْبَرَ، ولَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا ولا فِضَّةً، إنَّما غَنِمْنا البَقَرَ والإِبِلَ والمَتاعَ والحَوائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنا مع رَسولِ اللَّهِ ﷺ إلى وادِي القُرى، ومعهُ عَبْدٌ له يُقالُ له: مِدْعَمٌ، أهْداهُ له أحَدُ بَنِي الضِّبابِ، فَبيْنَما هو يَحُطُّ رَحْلَ رَسولِ اللَّهِ ﷺ إذْ جاءَهُ سَهْمٌ عائِرٌ، حتّى أصابَ ذلكَ العَبْدَ، فَقالَ النّاسُ: هَنِيئًا له الشَّهادَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: بَلْ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّ الشَّمْلَةَ الَّتي أصابَها يَومَ خَيْبَرَ مِنَ المَغانِمِ لَمْ تُصِبْها المَقاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عليه نارًا. فَجاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذلكَ مِنَ النَّبيِّ ﷺ بشِراكٍ -أوْ بشِراكَيْنِ- فَقالَ: هذا شَيءٌ كُنْتُ أصَبْتُهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: شِراكٌ -أوْ شِراكانِ- مِن نارٍ. )) إنَّ الشَّمْلةَ» -وهي: كِساءٌ يُشتمَلُ به، والاشتمالُ إدارةُ الثَّوبِ على الجسَدِ كلِّه- ، وفى مثل هذا المعنى أيضاً ، يقول رب العالمين (( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )) سورة آل عمران (161) تصورا أيها المسلمون ، شملة أخذها بغير حق فكان هذا هو الجزاء ، فبادر بالتوبة الصادقة إلى الله عز وجل ، وتذكر فضل الله عليك فى ستره عليك لعلك تتوب أو ترجع ، ولكن عليك برد الأموال التى أخذتها بغير حق .
أيها المسلمون ، فيا من تستحل لنفسك المال العام ، وتدخله على نفسك وعلى أولادك ، اعلم جيداً إنه وإن غابت عنك عيون أهل الأرض جميعاً ، فإن هناك عيناً ترصدك وتراقب حركاتك وسكناتك ، إنها عين من لا يغفل ولا ينام ، بل وسترى عاقبة أمرك على رؤوس الأشهاد يوم القيامه ، فيا له من خزى عظيم ، بل إن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليتبرإ منك ومن فعلتك الشنيعة ، بل ويحآجك الحبيب المصطفى امام رب العالمين ، فأى خسارة ؟ وأى ندامة ؟ وأى حسرة فقد أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال (( قامَ فِينا النبيُّ ﷺ، فَذَكَرَ الغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وعَظَّمَ أمْرَهُ، قالَ: لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ يَومَ القِيامَةِ على رَقَبَتِهِ شاةٌ لَها ثُغاءٌ، على رَقَبَتِهِ فَرَسٌ له حَمْحَمَةٌ، يقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أبْلَغْتُكَ، وعلى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ له رُغاءٌ، يقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا قدْ أبْلَغْتُكَ، وعلى رَقَبَتِهِ صامِتٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ لا أمْلِكُ لكَ شيئًا قدْ أبْلَغْتُكَ، أوْ على رَقَبَتِهِ رِقاعٌ تَخْفِقُ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللَّهِ أغِثْنِي، فأقُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أبْلَغْتُكَ. ))
تابع / خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه
الخطبة الثانية
فياليت كل معتد على المال العام ، يعلم مدى إثم وجرم ما يفعل ، فهولاء الذين يسرقون التيار الكهربائي أو المياة ، أو يستعملون المرافق والمركبات العامة بوجه عام دون أن يدفعوا حق الدولة
ليت كل واحد منهم يكون أميناً على المال العام ، فيتعامل مع المال العام من المحافظة عليه ورعايته كأنه ماله الخاص .
يا ليتنا نقتدى بهولاء العظماء الذين كانوا يتعاملون مع المال العام بكل حذر وورع ، وها أنا ذا أقدم لكم مثالاً يحتذى به ليكون خير ختام للقائنا اليوم ، ، فقد ورد أنه وفد على الخليفة العادل ، عمر بن عبد العزيز بريد من بعض الآفاق ، فانتهى إلى باب عمر ليلاً فقرع الباب ، فخرج إليه البوَّاب ، فقال : أعْلِم أمير المؤمنين أن بالباب رسولاً من فلان عامله ، فدخل فأعلم عمر ـ وقد كان أراد أن ينام ـ فقعد ، وقال: ائذن له .
فدخل الرسول فدعا عمر بشمعة غليظةٍ فأجَّجت نارًا ، وأجلس الرسول ، وجلس عمر ، فسأله عن حال أهل البلد ومن بها من المسلمين وأهل العهد ، وكيف سيرة العامل ، فأنبأه بجميع ما علم من أمر تلك المملكة ، حتى إذا فرغ عمر من مسألته قال له : يا أمير المؤمنين ، كيف حالك في نفسك وبدنك ؟ وكيف عيالك وجميع أهل بيتك ومن تُعنى بشأنه ؟ فنفخ عمر الشمعة فأطفأها بنفخته ، وقال : يا غلام ، عليَّ بالسراج ، فأتى بفتيلة لا تكاد تضيء ، فقال سل عما أحببت ، فسأله عن حاله ، فأخبره عن حال ولده وأهل بيته ، فعجب البريد للشمعة وإطفائه إياها ، وقال : يا أمير المؤمنين ، رأيتك فعلت أمرًا ما رأيتك فعلت مثله ؛ قال : ما هو ؟ قال : إطفاؤك الشمعة عند مسألتي إيَّاك عن حالك وشأنك ، فقال : يا عبد الله ، إن الشمعة التي رأيتني أطفأتها من مال الله ومال المسلمين ، وكنت أسألك عن حوائجهم وأمرهم ، فكانت تلك الشمعة توقدُ بين يدي فيما يصلحهم وهي لهم ، فلما صرت لشأني وأمر عيالي ونفسي أطفأت نار المسلمين .
اللهم احفظ مصر واهلها من كل سوء وشر بفضلك وكرمك يا أكرم الأكرمين
الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف