خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ كمال المهدي
بتاريخ 13 جماد أول 1446هـ ، الموافق 15 نوفمبر 2024م
خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 13 جماد أول 1446هـ ، الموافق 15 نوفمبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بصيغة word بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ كمال المهدي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م بصيغة pdf بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ كمال المهدي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م ، بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، للشيخ كمال المهدي.
١- المالُ نعمةٌ عظيمةٌ.
٢- التحذيرُ مِن فتنةِ المالِ.
٣- حرمةُ المالِ العامِّ.
٤- صورُ الاعتداءِ على المالِ العامِّ .
٥- نماذجُ مشرقةٌ للصحابةِ في حرصِهِم على المالِ العامِّ والخوفِ مِن الخوضِ فيهِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م ، بعنوان : المال العام وحرمة التعدي عليه ، كما يلي:
المالُ العامُّ وحرمةُ التعدِّي عليهِ
بتاريخ 13 جماد أول 1446هـ ، الموافق 15 نوفمبر 2024م
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ المرسلينَ سيدِنَا مُحمدٍ عليهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ.
أمَّا بعدُ
أحبتِي في الله: مِن نعمِ اللهِ العظيمةِ على عبادِهِ نعمةُ المالِ، قالَ تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: ٤٦]، وقالَ تعالى مُمتنَّاً على نبيِّهِ بهذهِ النعمةِ: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى) [الضحى:٨].
فالمالُ نعمةٌ عظيمةٌ وذلكَ حينمَا يستخدمُهُ الإنسانُ في طاعةِ اللهِ جلَّ وعلا، وقد جُبِلَتْ النفوسُ على حبِّ المالِ، قالَ تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) [الفجر: ٢٠] وروى البخاريُّ ومسلمٌ مِن حديثِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهمَا: أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: “لو كانَ لابنِ آدمَ واديانِ مِن مالٍ لابتغَى ثالثاً، ولا يملأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلّا الترابُ”، وروى عن أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: “يكبرُ ابنُ آدمَ ويكبرُ معَهُ اثنانِ: حبُّ المالِ وطولُ العمرِ”.
تابع/ خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م : المال العام وحرمة التعدي عليه
وصدقَ القائلُ:
النفسُ تجـــزعُ أنْ تكـــونَ فقـيـرةً *** والفقرُ خيرٌ مِن غـنَـى يطـغيهَا.
وغنَى النفوسِ هو الكفافُ فإنْ أبتْ*** فجميعُ ما في الأرضِ لا يكفيهَا.
ولكنَّ هذا الحبَّ للمالِ ينبغِي ألّا يجعلَ الإنسانَ عبداً للمالِ، فقد ذمَّ اللهُ تعالَى ورسولُهُ ﷺ عبدَ المالِ الذي إذا أُعطِيَ رضيَ، وإنْ لم يُعطَ سخطَ، قالَ تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) [ التوبة: ٥٨].
وروى البخاريُّ عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “ تعسَ عبدُ الدينارِ، والدرهمِ، والقطيفةِ، والخميصةِ، إنْ أعطيَ رضيَ، وإنْ لم يعطَ لم يرضَ”.
كما ينبغِي على كلِّ إنسانٍ أنْ يعلمَ أنّهُ سَيُسألُ يومَ القيامةِ على هذا المالِ مِن أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، قالَ تعالى: (ثُمّ لتُسألُنَّ يومئذٍ عن النعيمِ) [التكاثر :٨]، وروى الترمذيُّ في سننِهِ مِن حديثِ أبي برزةَ الأسلمِي رضي اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ ﷺ قال: “لا تزولُ قدمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عمرِهِ فيمَ أفنَاه، وعن علمِهِ فيمَ فعلَ فيه، وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهّ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلَاه”. فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ، وانظرُوا فيمَا يدخلُ عليكُم مِن الأموالِ، وأينَ تضعونَ هذه الأموالَ؛ فإنّكُم مسؤولونَ عنهَا بينَ يديِ العزيزِ الغفّارِ، مسئولونَ عن الدقيقِ والجليلِ والصغيرِ والكبيرِ، ولا يحسبنَّ أحدُكُم أنَّ شيئًا مِن المالِ الحرامِ هو مغفولٌ عنه، فإنَّ اللهَ تعالى قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:٧]
* واعلمُوا أحبتِي في الله: أنَّ المالَ كمَا أنّهُ نعمةٌ قد يكونُ كذلك نقمةً، ولِمَا لا يكونُ نقمةً وهو فتنةٌ، بل مِن أعظمِ الفتنِ، قالَ تعالي: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التغابن :١٥]
وقد بيّنَ رسولُ اللهِ ﷺ ذلكَ فقالَ: (إنًّ لكلِّ أمةٍ فتنةً وإنَّ فتنةَ أمتِي المالُ)، ولذلك كان ﷺ لا يخشَى على أصحابِهِ الفقرَ، فقالَ لهُم (واللهِ ما الفقرُ أخشَى عليكُم ولكنْ أخشَى أنْ تُفتحَ عليكُم الدنيا فتنافسوهَا كما تنافسوهَا فتهلكَكُم كمَا أهلكتْهُم) أي تنشغلونَ بالدنيا وبالأموالِ، فتفتنونَ، فيصيبكُم ما أصابَ الأممُ مِن قبلِكُم.
فو اللهِ ما فسدتْ القيمُ، وساءتْ الأخلاقُ، وسفكتْ الدماءُ، وتجرأَ المسلمُ على أخيهِ المسلمِ إلَّا بسببِ التنافسِ على الدنيا وأموالِهَا بالباطلِ، ونسيانِ الآخرةِ بمَا فيهَا.
فمِن أشدِّ الفتنِ خطرًا على المؤمنِ وأكبرِهَا ضررًا على الفردِ والجماعةِ فتنةُ المالِ، فإنَّ المالَ حُلوةٌ خَضِرةٌ، ولذلك حذرَ اللهُ عبادَهُ مِن فتنةِ المالِ فقالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ)[المنافقون :٩]، وقالَ جلَّ في علاه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)[الأنفال :٢٧-٢٨]
تابع/ خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م : المال العام وحرمة التعدي عليه
** وإنَّهُ لَمِن المؤسفِ أنّنَا نرَى في زمانِنَا هذا مَن لا ينتبه لهذا الأمرِ فيريدُ أنْ يجمعَ المالَ من أيِّ مصدرٍ كان لا يبالِي مِن حلالٍ أم مِن حرامٍ، فلا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ العليِّ العظيمِ. وهذا ما أخبرَ بهِ ﷺ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ” يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالى الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ“ رواه البخاري.
* أحبتِي في اللهِ: هذا المالُ مِن حيثُ الملكيةِ ينقسمُ إلى قسمينِ:
مالٌ خاصٌّ ومالٌ عامٌّ..
المالُ الخاصُّ: ما كانَ مملوكًا لفردٍ بعينِهِ.
والمالُ العامُّ : ما كانَ ملكًا للجميعِ، هو المالُ المملوكُ للأمةِ كلِّهَا، كالمواردِ والشركاتِ والمؤسساتِ والمبانِي والطرقِ والمدارسِ والجامعاتِ ووسائلِ المواصلاتِ، وما يشملُ النقودَ والأراضِي والمصانعَ، والانتفاعُ بهذهِ الأموالِ والممتلكاتِ حقٌّ للأمةِ كلِّهَا، ولقد حرّمَ اللهُ جلَّ وعلا الاعتداءَ على المالِ بنوعيهِ الخاصِّ والعامِّ..
ولكنَّ المالَ العامَّ حرمتُهُ كبيرةٌ، وحمايتُهُ عظيمةٌ، بموجبِ الشرعِ الحنيفِ، وهو أشدُّ في حرمتِهِ مِن المالِ الخاصِّ؛ لكثرةِ الحقوقِ المتعلقةِ بهِ، وتعددِ الذممِ المالكةِ لهُ، وقد أنزلَهُ عمرُ بنُ الخطابِ منزلةَ مالِ اليتيمِ الذي تجبُ رعايتُهُ وتنميتُهُ، وحرمةُ أخذِهِ والتفريطِ فيهِ عندمَا، قال: “إنِّي أنزلتُ نفسِي مِن مالِ اللهِ منزلةَ اليتيمِ”.
واللهُ تعالَى يقولُ: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء: ١٠. وإنّهُ لَمِن المُؤسفِ أنّكَ ترَى كثيرًا مِن الناسِ لا يَرْقُبُونَ في المالِ العامِّ، إلًّا وَلَا ذِمَّةً وَلَا يُرَاعُونَهُ بحالٍ أبدًا، فيقومونَ بالاعتداءِ عليهِ واستباحتِهِ وذلكَ مِن خلالِ صورٍ عديدةٍ سنذكرُ بعضًا منهَا لعلّنَا ننتبهُ قبلَ فواتِ الأوانِ.
وقد حذّرَ الدينٌ مِن هذا الأمرِ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ”
والغلولُ هو الخيانةُ والاختلاسُ مِن أموالِ المسلمينَ، قالَ تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [آل عمران١٦١ ]، وعن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص، قال: (لعنَ رسولُ اللَّهِ ﷺ الراشِي والمرتشِي).
** ومِن صورِ استباحةِ المالِ العامِّ والاعتداءِ عليهِ: التهربُ مِن سدادِ مستحقاتِ الوزاراتِ والجهاتِ والهيئاتِ والمؤسساتِ المملوكةِ للدولةِ، وهو في حكمِ سرقةِ المالِ العامِّ، بل هو سرقةٌ حقيقيةٌ وفعليةٌ لهُ، فسرقةُ الخدماتِ لا تختلفُ عن سرقةِ الأموالِ والسطوِ عليهَا؛ لأنَّ الخدماتِ في الحقيقةِ هي مقومةٌ بمالٍ، فمَن يسرقُ الكهرباءَ، أو يسرقُ المياهَ، أو يتهربُ مِن سدادِ أيةِ أموالٍ مستحقةٍ عليهِ للدولةِ كمَن يسرقُ المالَ، كمَا أنَّ مَن يتحايلُ على صرفِ ما لا يستحقُّ كمَن يقومُ بتزويرِ بعضِ الأوراقِ للحصولِ على دعمٍ لا يستحقهُ آكلٌ للسحتِ، لأنَّهُ يأخذُ ما لا حقَّ لهُ فيهِ، ويستوِي مع هؤلاءِ في الإثمِ والمعصيةِ مَن يعينُهُم على ذلكَ أو يغضُّ الطرفَ عنهّ، أو يتقاعسُ عن وضعِ الأمورِ في نصابِهَا.
تابع/ خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م : المال العام وحرمة التعدي عليه
نماذجُ مشرقةٌ لسلفِنَا الصالحِ رضوانُ اللهِ عليهِم أجمعين:
كيف كان ورعُهُم وخوفُهُم وحرصُهُم على المالِ العامِّ، فقد كان بعضُ الصحابةِ والتابعينَ وأتباعُهُم مِن الزهادِ يتركونَ بعضَ الحلالِ مخافةَ أنْ تكونَ فيه شبهةٌ مِن الحرامِ، ويقولُ النبيُّ ﷺ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».
مِن هذه النماذجِ سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه:
فقد مرضَ رضي اللهُ عنهُ يومًا، فوصفُوا لهُ العسلَ كدواءٍ، وكان بيتُ المالِ بهِ عسلًا، جاءَ مِن بعضِ البلادِ المفتوحةِ، فلم يتداوى عمرُ بالعسلِ كما نصحَهُ الأطباءُ، حتى جمعَ الناسَ وصعدَ المنبرَ واستأذنَ الناسَ: إنْ أذنتُم لِي، وإلّا فهو عليَّ حرامٌ. فبكَى الناسُ إشفاقًا عليهِ، وأذنُوا لهُ جميعًا، ومضَى بعضُهم يقولُ لبعضٍ: للهِ درُّكَ يا عمرُ، لقد أتعبتَ الخلفاءَ بعدكَ.
** وهذا عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رضي اللهُ عنهُ: كان إذا جاءَ وزرائُهُ ليلاً ليتحدثُوا في أمورِ المسلمينَ أوقدَ لهُم شمعةً يستضيئُوا بهَا، فإذا أكملُوا حديثَهُم، وجلسُوا يتسامرونَ أطفأهَا، وأوقدَ سراجَهُ، فيسألونَهُ لِمَا فعلَ ذلك، قال: هذه الشمعةُ مِن بيتِ مالِ المسلمين، وكُنَّا نتحدثُ في مصالحِهِم، أمَا وقد فرغنَا مِن ذلكَ أوقدتُ سراجِي.
وجاءُوا لهُ بزكاةِ المسكِ، فوضعَ يدَهُ على أنفِهِ حتى لا يشتمَّ رائحتَهُ؛ ورعاً عن المالِ العامِّ، فقالُوا: يا أميرَ المؤمنينَ إنَّمَا هي رائحةٌ، فقالَ: وهل يستفادُ منهُ إلّا برائحتِهِ.
اللهُ أكبرُ، فأينَ مَن نظرَ للمالِ العامِّ بأنَّهُ غنيمةٌ باردةٌ، فأخذَ ينهبُ منهَا بغيرِ حسابٍ.
ألَا يخافُ اللهَ؟ قال تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: ٣٠].
تابع/ خطبة الجمعة القادمة 15 نوفمبر 2024 م : المال العام وحرمة التعدي عليه
** فاتقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وأعدُّوا للسؤالِ جوابًا، واحرصُوا على طيبِ الكسبِ؛ فإنَّ طيبَ الكسبِ ولو كان قليلًا يدركُ بهِ الإنسانُ مِن الخيرِ والبركةِ والنفعِ ما لا يدركهُ بالمالِ الكثيرِ، ولا يغرنَّكُم كثرةُ الهالكين؛ انتَبِهُوا مِن غفلاتِكُم، وهبُّوا مِن رَقداتِكُم، وحاسِبُوا أنفُسَكُم قبلَ أنْ تُحاسَبوا، الكيِّسُ مَن دانَ نفسَهٌ وعملَ لِمَا بعدَ الموتِ، والعاقلُ مَن فكَّرَ في عاجلِهِ وآجلِهِ، ونصَحَ لنفسِهِ. فالخيرُ كلُّ الخيرِ في محاسبةِ النفسِ، والشرُّ كلُّ الشرِّ في الهوَى، والسعيُ خلفَ النفسِ الأمّارةِ بالسوءِ.
أسألُ اللهَ تعالى أنْ يرزقَنَا الحلالَ وأنْ يباركَ لنَا فيهِ وأنْ يجنبَنَا الحرامَ وأنْ يباعدَ بينَنَا وبينَهُ بُعْدَ المشرقينِ والمغربينِ..
كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف