خطبة الجمعة القادمة 11 يونيو 2021م : المفهوم الأوسع للصدقة ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 11 يونيو 2021م بعنوان : المفهوم الأوسع للصدقة ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 1 ذو القعدة 1442هـ ، الموافق 11 يونيو 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 11 يونيو 2021م بعنوان : المفهوم الأوسع للصدقة ، للشيخ كمال المهدي:
١- الفضائل الزاخرة للصدقة في الدنيا والآخرة.
٢- نماذج من سلفنا الصالح في مبادرتهم بالصدقة.
٣-كيف ينال الفقراء فضل الصدقة..
٤-الصدقة أعظم أمنية للإنسان عند موته.
٥- احذروا وساوس الشيطان..
٦- أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله..
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 11 يونيو 2021م ، بعنوان : المفهوم الأوسع للصدقة ، كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ١ ذو القعدة ١٤٤٢هـ الموافق ١١ يونيو ٢٠٢١ م بعنوان: المفهوم الأوسع للصدقة.
**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :-
أحبتي في الله : تحدثنا في الجمعة السابقة وقلنا إذا أردنا أن يرحمنا الله فليرحم بعضُنا بعضا كما ورد في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) رواه الترمذي (1924) وقال: ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
ومن صور رحمة الخلق بعضهم ببعض أن ينفق الغني والموسر على الفقير والمسكين وذا الحاجة وبخاصة في هذه الأيام التي ضاقت فيها الأرزاق بسبب تعطيل الأعمال جراء هذا الوباء.
فعن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما: أَن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيَامَةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
فمن أجلِّ العبادات، وأعظم القُرب، وأنفع الطاعات: الصدقةَ على فقراء المسلمين ومساكينهم، والإنفاقَ على محاويجهم مِمَّن أصابتهم الأمراض والأوبئة والعاهات فأقعدتهم عن التكسُّب والعمل، والجودَ على مَن حلَّت بأرزاقهم الجوائح والإعانةَ لِمَن خنقتهم الديون أو حبستهم في السجون.
فالرحمة بهؤلاء فالراحمون يرحمهم الرحمن.. ولِمَا لا؟ وقد أخبر حبيبنا صلى الله عليه وسلم أن المتصدق يُظلل يوم القيامة حين تدنو الشمس مِن الرؤوس بظل صدقته رحمة به ورأفة. فقد صحَّ أنَّ أبا الخير سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول -: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ”، قال يزيدُ: فَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ لَا يَتَصَدَّقُ مِنْهُ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَعْكَةً، وَلَوْ بَصَلَةً).
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه). أخرجاه في الصحيحين.
هذا الفضل العظيم من الرب الرحيم للمتصدقين المتراحمين.
ولم يقتصر فضل الصدقة عند هذا الحد فحسب بل هناك العديد من الفضائل للصدقة التي جعلت الإنسان عند موته يتمنى لو أنه تصدق.. قال تعالى (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ)[المنافقون: ١٠].
** فتعالوا بنا أحبتي في الله لنرى بعضا من فضائل الصدقة..
وأبدأ وأقول أن للصدقة فضائل في الدنيا والآخرة. فمن فضائلها في الدنيا :-
** أولا :- تزيد في المال والعمر وتبارك فيهما… قال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[البقرة: ٢٦١].
وقال تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:٣٩].
وفي الحديث القدسي: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» رواه البخاري.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصدَّق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه -أي مهره- حتى تكون مثل الجبل) .
** ومن فضائلها في الدنيا: أنها تداوي الأمراض القلبية والبدنية.. فقد قال صلى الله عليه وسلم لمن شكى إليه قسوة قلبه: (إذا أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم) [رواه أحمد ].
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة)..
ولنستمع إلى هذه القصة التي يرويها صاحبها فيقول : “لي بنت صغيرة أصابها مرض في حلقها، فذهبت بها للمستشفيات وعرضتها على كثير من الأطباء، ولكن دون فائدة فمرضها أصبح مستعصياً، وأكاد أن أكون أنا المريض بسبب مرضها الذي أرق كل العائلة، وأصبحنا نعطيها أبراً للتخفيف فقط من آلامها حتى يئسنا من كل شيء إلا من رحمة الله.. إلى أن جاء الأمل وفتح باب الفرج فقد اتصل بي أحد الصالحين وذكر لي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» فقلت له قد تصدقت كثيراً ! فقال تصدق هذه المرة بنية شفاء ابنتك، وفعلاً تصدقت بصدقة متواضعة لأحد الفقراء ولم يتغير شيء فأخبرته فقال : أنت ممن لديهم نعمة ومال كثير، فلتكن صدقتك بحجم مالك، فذهبت للمرة الثانية وملأت سيارتي من الأرز والدجاج والخيرات بمبلغ كبير ووزعتها على كثير من المحتاجين، ففرحوا بصدقتي ووالله لم أكن أتوقع أبداً أن آخر إبرة أخذتها ابنتي هي التي كانت قبل صدقتي، فشفيت تماماً بحمد الله ، فأيقنت بأن الصدقة من أكبر أسباب الشفاء، والآن ابنتي بفضل الله لها ثلاث سنوات ليس بها أي مرض على الإطلاق، ومن تلك اللحظة أصبحت أكثر من الصدقة خصوصاً على الأوقاف الخيرية، وأنا كل يوم أحس بالنعمة والبركة والعافية في مالي وعائلتي ، وأنصح كل مريض بأن يتصدق بأعز ما يملك، ويكرر ذلك فسيشفيه الله ولو بنسبة، وأدين الله بصحة ما ذكرت والله لا يضيع أجر المحسنين”.
** وهذه قصة أخرى لامرأة أصيبت بفشل كُلوي نسأل الله السلامة والعافية والشفاء لمرضى المسلمين عانت منه كثيرًا بين مراجعات وعلاجات فطلبت مَنْ يتبرعُ لها بكُلْيَة (بمكافأة قدرها عشرون ألف ريال) وتناقل الناس الخبر ومن بينهن تلك المرأةُ التي حضرت للمستشفى، موافقًة على كافة الإجراءات وفي اليوم المحدد دخلت المريضةً على المتبرعة فإذا هي تبكي فتعجبت وسألتها ما إذا كانت مكرهةً فقالت: ما دفعني للتَّبرع بكليتي إلا فقري وحاجتي للمال ثم أجهشتْ بالبكاء فَهَدَّأتها المريضة وقالت: المال لك ولا أريد منك شيئًا, وبعد أيام جاءت المريضة للمستشفى وعند الكشف عليها رأى الأطباء العجب فلم يجدوا أثرًا للمرض فقد شفاها الله تعالى ولله الحمد..
** ومن فضائل الصدقة في الدنيا :- أنها ترفع البلاء.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ) حسن رواه الطبراني في الكبير.
ومن هنا جاء توجيه علي رضي الله عنه-: “الصدقة دواء منجح”، فبها يصرف الله عنك البلاء، ويفتح عليك أبواب الخير والسعادة، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! فأنت بصدقتك أدخلت السرور والفرح على أهل بيت ضاقت بهم السبل واشتد عليهم الكرب، فجاءت صدقتك نورًا وأملاً يبدد ظلامهم الدامس ويأسهم القاتل، فالله سبحانه حقيق أن يبدد من حولك الظلمات، ويدخل على قلبك السعادة والأمل، فمن يُعطِ باليد القصيرة يُعطَ باليد المبسوطة، ويدك بالتأكيد هي اليد القصيرة، ويد مولاك سبحانه هي المبسوطة العظيمة..** وهناك فضائل للصدقة في الآخرة من:
أنها تطفئ غضب الرب كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (إن صدقة السر تُطفئ غضب الرب)[صحيح الترغيب للألباني ]
.
** ومن فضائلها كذلك في الآخرة : أنها تظلل صاحبها من حرارة الشمس يوم تدنوا الشمس من الرؤوس يوم القيامة كما ذكرنا في بداية حديثنا..
** كذلك من فضائل الصدقة في الآخرة: أنها وقاية من النار:
كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا النار، ولو بشق تمرة) [رواه البخاري ومسلم].
وهناك العديد من الفضائل التي لا يتسع الوقت لذكرها…
** ولكن تعالوا بنا لنذكر نماذجاً من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ونرى كيف كانوا يتسابقون في التصدق من أموالهم..
فهذا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما..
يقول عمر رضي الله عنه: أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنْ نتصدقَ، فوافقَ ذلك عندي مالًا فقلتُ: اليومَ أسبقُ أبا بكرٍ إن سبقتُهُ يومًا قال: فجئتُ بنصفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ قلتُ مثلهُ، وأتى أبو بكرٍ بكُلِّ ما عنده، فقال يا أبا بكرٍ: ما أبقيتَ لأهلِكَ؟ فقال: أبقيتُ لهمُ اللهَ ورسولَهُ، قلتُ: لا أسبِقُهُ إلى شيءٍ أبدًا…
إنه عُمق الإيمان، وصدق اليقين بالله، وإخلاص التوكل عليه، والشعور بجسد الأمة الواحد، وإلا ما الذي يدفع الصديق أن يخرج بماله كله، وعمر بنصف ماله؟!
** وهذا أبو طلحة الأنصاري كان أكثر أنصاري بالمدينة مالًا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيِّبٍ؛ قال أنس رضي الله عنه: فلما أُنزلت هذه الآية( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران: ٩٢]، قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنَّ الله يقول في كتابه: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [آل عمران: ٩٢]، وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بخٍ بخٍ مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين»، فقال أبو طلحة: «أفعل يا رسول، فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه»؛ [رواه البخاري ومسلم ].
** أحبتي في الله قد يسأل سائل ويقول هذه الفضائل الجَمَّة للصدقة قد ينالها الأغنياء أصحاب الأموال فماذا للفقراء الذين لا يجدون مالا يتصدقون به.
أقول هذا الكلام لو كانت الصدقة مقتصرة على المال فحسب.. ولكن من رحمة الله تعالى أن وسع مفهوم الصدقة وجعله شاملا لكل أعمال البر والخير فهِي تشمَل كل خير، فإرشادُ الضال، إماطةُ الأذى، التبسُّم في وجه أخيك المسلم، غرسُ شجرة، تعليمُ علمٍ نافع، إصلاح ذات البَين، الكلمَة الطيبة صدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على كلّ مسلمٍ صدقة) ، فقالوا: يا نبيَّ الله، فمن لم يجد؟ قال: يعمل بيده فينفَع نفسَه ويتصدّق، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجةِ الملهوف»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمَل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة) [أخرجه البخاري].
وورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه (أنَّ فُقَرَاءَ المُهَاجِرِينَ أَتَوْا رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالوا: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالدَّرَجَاتِ العُلَى، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، فَقالَ: وَما ذَاكَ؟ قالوا: يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلَا نُعْتِقُ، فَقالَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَفلا أُعَلِّمُكُمْ شيئًا تُدْرِكُونَ به مَن سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ به مَن بَعْدَكُمْ؟ وَلَا يَكونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنكُم إلَّا مَن صَنَعَ مِثْلَ ما صَنَعْتُمْ قالوا: بَلَى، يا رَسولُ اللهِ قالَ: تُسَبِّحُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً. قالَ أَبُو صَالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالوا: سَمِعَ إخْوَانُنَا أَهْلُ الأمْوَالِ بما فَعَلْنَا، فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، فَقالَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ذلكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ.
** وفي الختام :- أقول لكم أحبتي في الله احذروا أن يضحك عليكم الشيطان ويحول بينكم وبين الصدقة لأنه لا يريد لكم الخير بل هو لكم عدو مبين قال تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: ٢٦٨].
قد يقول قائل: أنا لا أملك إلا ما أقتات أنا وأهلي وعيالي…
أقول لك أخي الحبيب ألم تسمع إلى حبيبك صلى الله عليه وسلم وهو يقول في الحديث الذي رواه أبو كبشة الأنماري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاثة أُقسم عليهن وأُحدثكم حديثًا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظُلم عبدٌ مظلمة فصبر عليها، إلا زاده الله عز وجل بها عزًّا، ولا فتح عبدٌ باب مسألة، إلا فتح الله عليه باب فقر) ،
** فلا تبخل أخي الحبيب بحق الله في مالك، فهو الواهب، وهو المانح، فإن مَنَعتَ مُنِعْتَ، فأي المنعَيْن أشد؟! فإن لله في كل نعمة حقًا، فمن أدَّاه زاده منها، ومن قصَّر عنه خاطر بزوال نعمته.
* واعلم أن هذا المال الذي تبخل به إنما تبخل به على نفسك وستتركه حتما عند موتك لن يُغادر عتبة بيتك ينادي عليك بلسان الحال ويقول لك من الآن انتقلت ملكيتي إلى غيرك ومع ذلك ستحاسب عليه من أين أتيته وفيما أنفقته كذلك سَتُسْأَل هل أديت حق الله فيه من الزكاة والصدقة كما أمرك الله جل وعلا..
وصدق القاذل:-
أَبقَيتَ مالَكَ ميراثاً لِوارِثِه***
يا لَيتَ شِعرِيَ ما أَبقى لَكَ المالُ..
القَومُ بَعدَكَ في حالٍ تَسُرُّهُمُ***
فَكَيفَ بَعدَهُمُ دارَت بِكَ الحالُ..
مَلّوا البُكاءَ فَما يُبكيكَ مِن أَحَدٍ***
وَاِستَحكَمَ القيلُ في الميراثِ وَالقالُ..
ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أيُّكم مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله ؟ قالوا يا رسولَ اللهِ ما منا أحدٌ إلا مالُه أَحَبَّ إليه من مالِ وارثِه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم اعلَموا أنه ليس فيكم أحدٌ إلا مالُ وارثِه أحبُّ إليه من ماله مالُك ما قدَّمتَ ومالُ وارثِك ما أخَّرتَ).. وصحَّ عن عبد الله بن الشِّخير رضي الله عنه:( أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ }، قَالَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ؟).
**
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يجعلنا من المتراحمين وأن يرفع عنا الغلاء والوباء وأن يشملنا برحمته..
***
كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف