أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس : اسم الله الولي ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الولي ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 محرم 1445هـ ، الموافق 11 أغسطس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الولي.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الولي ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الولي ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الولي ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) اسمُ اللهِ “الولِيّ” بينَ العمومِ والخصوصِ.

(2) ولايةُ اللهِ عزّ وجلّ وعانيتُه للأنبياءِ عليهمُ السلامُ والصالحين.

(3) جانبٌ مِن الآثارِ الإيمانيةِ التي انطوَى عليهَا اسمُ اللهِ “الولِي”.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الولي ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس : اسم الله الولي 

(1) اسمُ اللهِ “الولِيّ” بينَ العمومِ والخصوصِ:

وردَ اسمُ “الولِيّ” في القرآنِ الكريمِ مُعرفًا في موضعينِ لا ثالثَ لهمَا، قولِهِ تعالَى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، وقولِهِ سبحانَهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾، ووردَ بصيغةِ النكرةِ في أكثرَ مِن موضعٍ كقولِهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا﴾، وكان نبيُّنَا ﷺ يقولُ في دعائِهِ: “اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا” (مسلم) .

و”الولايةُ” تأتِي عامةً وخاصةً: أمَّا “العامةُ”: فبمعنَى تدبيرِهِ وتصريفِهِ لجميعِ الكائناتِ، وقيامِهِ بأمورِهِم وشؤونِهِم، فهو سبحانَهُ خالقُهُم ورازقُهُم ومالكُهُم كما قالَ سبحانَهُ:﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾، وتلكَ الولايةُ تشملُ المؤمنَ والفاجرَ، قالَ ربُّنَا: ﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾، فمصدرُ “الولايةِ” مَن تولَّي الأمرَ كقولِه: ﴿فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾، وعن أبِي هريرةَ أنّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: “إِذا صنعَ لأحدِكُم خادمُهُ طعامًا، ثم جاءَهُ بهِ وقد وليَ حرَّهُ ودخانَهُ، فليُقعدْهُ معهُ ليأكلَ” (مسلم)، يعني: لك خادمٌ صنعَ لك طعامًا ليأكلَ معكَ، وهذا مِن تواضعِهِ ﷺ أنَّهُ كان يأكلُ مع الخادمِ.

وأمّا “الولايةُ الخاصةُ”: فبمعنَى النصرِ والمحبةِ، والتأييدِ والقربِ، والإعانةِ والحفظِ، والتوفيقِ والهدايةِ، وهذه الولايةُ خاصةٌ بعبادِهِ المؤمنين وأوليائِهِ الصالحين قالَ ربُّنَا: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾، وقال:﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾، ولمَّا كان يومُ أحدٍ أشرفَ أبو سفيانَ على المسلمينَ فقالَ:«أفِي القومِ مُحمدٌ؟ فقال ﷺ: “لا تجيبُوه” ثم قالَ: أفي القومِ ابنُ أبي قحافةَ – ثلاثًا – قال رسولُ اللهِ ﷺ: “لا تجيبُوه” ثم قال: أفِي القومِ عمرُ؟ فقال رسولُ اللهِ ﷺ: “لا تجيبُوه” ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلاَءِ، فَقَدْ قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقَالَ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، قَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: “قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلّ”، قَالَ: إِنَّ لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» (البخاري) .

مِن هذا الاسمِ “الولِي” يستشعرُ العبدُ أنّهُ مخلوقٌ ضعيفٌ بطبعِهِ، يحتاجُ في سائرِ أحوالِهِ إلى مَن يرعَاهُ ويقضِي مصالحَهُ، ويقوِّيه عندَ النوازلِ، ويثبتُهُ عندَ الشدائدِ قالَ تعالَى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾، ولذا إذا أصابَهُ ضرٌّ أو بلاءٌ هرعَ إلى مولاهُ وخالقِه بمقتضَى فطرتِهِ التي جُبِلَ عليها، فالولِيُّ هو أولُ مَن تفزعُ إليهِ وتقرعُ بابَهُ حينَ تصيبُكَ المصيبةُ لينصرَكَ على أعدائِك فيفتحُ لكَ ويأويِكَ قال ربُّنَا:﴿ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ﴾، وقال:﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾، إذا كُنَّا كذلك فلا حاجةَ أنْ نتكبرَ أو نتعالَى أو نتعاظمَ على بعضِنَا البعض، قال تعالى: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً﴾ .

إنّ ولايةَ اللهِ – عزَّ وجلّ – للعبدِ فيهَا معنَى العزةِ والتمكينِ والنصرِ والفلاحِ، لذا كان مِن دعائِهِ ﷺ فِي الوِتْرِ:«اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» (الترمذي وحسنه)، وأمَّا ولايةُ الشيطانِ فتورثُ العبدَ الشقاءَ والتعاسةَ والذلةَ، والخسرانَ في الدنيا والآخرةِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس : اسم الله الولي 

(2) ولايةُ اللهِ عزّ وجلّ وعنايتُهُ للأنبياءِ عليهمُ السلامُ والصالحين:

تجلَّتْ ولايةُ اللهِ لعبيدِهِ في أدقِّ معانِيهَا في حياةِ الأنبياءِ والمرسلين – عليهمُ السلامُ – فانظرْ إلى سيدِنَا إبراهيمَ – عليه السلامُ- بالأمسِ يُلقَى في النارِ ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾، بعدَ قليلٍ يصيرُ نموذجًا للأمةِ، ويبنِي البيتَ ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ الولِيُّ لا يتركُ أولياءَهُ أبدًا.

وها هي ولايةُ اللهِ وعنايتُهُ تتجددُ عندمَا رُزِقَ إبراهيمُ بالولدِ الأولِ إسماعيلَ -عليهما السلام- أمرَهُ ربُّهُ بأنْ يهاجرَ مِن فلسطينَ مع زوجِه هاجر وابنِه الرضيعِ إلى وادٍ لا ماءَ فيهِ ولا شجرَ ولا أحدَ مِن البشرِ، وتركَ لهمَا قليلًا مِن الماءِ وبعضَ حباتٍ مِن التمرِ، وعادَ إلى فلسطين، فتبعتْهُ هاجرُ فقالتْ: “يا إبراهيمُ: أين تذهبُ وتتركُنَا في هذا الوادِي الذي ليس فيه أحدٌ ولا شيءَ فيهِ؟!”، قالت ذلك مرارًا، وجعلَ لا يلتفتُ إليها حتى لا يتأثرُ بالعاطفةِ ويحنُّ عليهما وينسَى أمرَ ربِّهِ، فقالتْ لهُ: “آللهُ الذي أمرَكَ بهذا؟!”، قال: “نعم”، قالت: “إذًا؛ لا يضيعنَا” (البخاري) يا لها مِن كلمةٍ عظيمةٍ تنبئُ عن إيمانٍ عميقٍ، وتوكلٍ عظيمٍ، وثقةٍ لا حدودَ لهَا بالولِيِّ خالقِ الأرضِ والسماواتِ! حتى إذا كان عندَ الثنيةِ حيثُ لا يرونَهُ استقبلَ بوجهِهِ البيتَ ثُمّ دعَا الولِيَّ الذي لا يضيعُ ولا يخذلُ مَن تولَّاهُ فقالَ تعالى على لسانِه: ﴿رَبَّنَا إِنَّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَرْزُقْهُمْ مّنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ وهل يعقلُ مِن إبراهيمَ -عليه السلامُ- الذي كان يتمنَّى طوالَ حياتِه هذا الولدَ أنْ يتركَهُ في هذا الوادِي بدونِ طعامٍ أو شرابٍ؟! لكنَّه التوكلُ على اللهِ، والثقةُ بأنّ مَن يتولَّى تدبيرَ أمورِ العبادِ هو الخالقُ جلّ وعلا.

كما تولَّى اللهُ أمرَ سيدِنَا يوسفَ، فأحوجَ القافلةَ للماءِ في الصحراءِ ليذهبُوا إلى البئرِ، ثُمَّ أحوجَ عزيزَ مصرَ للأولادِ ليتبنَّى سيدَنَا يوسفَ، ثُمّ أحوجَ الملكَ للرؤيَا وتفسيرِهَا ليخرجَهُ مِن السجنِ، ثُمَّ أحوجَ مصرَ بأكملِهَا للطعامِ ليكونَ عزيزَ مصرَ، كلُّ هذا مِن أجلِ عبدِهِ الذي تولَّى أمرَهُ، قالَ ربُّنَا على لسانِ يوسفَ: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾، أتمِمْ ولايتَكَ علىَّ في القبرِ وتوفّنِي مُسلمًا كما توليتَ أمرِي طوالَ حياتِي .

وهذا يونسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ضاقَ ذرعًا بقومِهِ، وخرجَ مُغاضبًا، فإذا بهِ يُلقى مِن السفينةِ إلى بحرٍ متلاطمِ الأمواجِ، فالتقمَهُ الحوتُ ففتحَ عينيهِ، فإذا هو حيٌّ في ظلمةِ بطنِ الحوتِ، في ظلماتِ البحرِ، في ظلمةِ الليلِ، ظلماتٍ بعضُهَا فوقَ بعضٍ، فتوجَّهَ إلى خالقِهِ، فأدركتْهُ عنايةُ ربِّهِ وولايةُ مولاه ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.

وتأملْ سيرةَ سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ بالأمسِ يُقالُ عنه اليتيم، ويخرجُ مِن مكةَ تاركًا دارَهُ ومالَهُ وعشيرتَهُ، ثم يعودُ إليهَا فاتحًا ويقولُ: “اذهبُوا فأنتمُ التلقاءُ”، فنبيُّنَا ﷺ أعظمُ مَن كان الولِيُّ – سبحانه – وليَّهُ قالَ ربُّنَا على لسانِهِ ﷺ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾، وقالَ آمرًا إيَّاهُ: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾ .

إنَّ ثقةَ العبدِ بربِّهِ الولِيِّ الذي يتولَّى جميعَ الأمورِ في السراءِ والضراءِ، واليسرِ والعسرِ، المنشطِ والمكرهِ دفعَ الفتيةَ أصحابَ الكهفِ الذين خالفُوا القريبَ والبعيدَ في سبيلِ مرضاتِه سبحانه، ففارقُوا أقربَ الناسِ فرارًا إلى اللهِ، وطلبًا لرضاه، وخوفًا على دينِهِم، واستبدلُوا لأجلِ مرضاتِه ضيقَ الكهفِ بسعةِ العيشِ الرغيدِ، فمَا كان إلّا أنْ وسّعَهُ اللهُ عليهم، وتولَّى أمرَهُم بمَا نشرَ لهم فيهِ مِن رحمتِهِ، وقد قصَّ علينَا القرآنُ نبأَهُم فقالَ تعالَى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً * وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهًا لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطًا﴾، فهم أخلصُوا العبادةَ لخالقِهِم، وأسلمُوا وجوهَهَم لبارئِهِم، وآمنُوا بربوبيتِهِ إيمانًا عميقًا ثابتًا، فزادَهُم اللهُ ببركةِ هذا الإخلاصِ والثباتِ على الحقِّ هدايةً على هدايتِهِم، وإيمانًا على إيمانِهِم، فسَخّرَ لهم الأسبابَ التي تعينُهُم على أداءِ هذه المهمةِ ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً﴾ .

وتولَّى اللهُ أمرَ مريمَ بنتِ عمرانَ وهي في شدةِ الضيقِ، والهمِّ والخوفِ، أيُّ شدةٍ عاشتهَا هذه المرأةُ لكنَّ اللهَ تولَّى أمرَهَا وكذلك يتولَّى الصالحين، قالَ تعالَى: ﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا* فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾، قَرِّي عينًا؛ لأنَّ الولِيَّ سبحانَهُ هو مَن يتولَّى أمورَكَ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 11 أغسطس : اسم الله الولي 

(3) جانبٌ مِن الآثارِ الإيمانيةِ التي انطوَى عليها اسمُ اللهِ “الولِيِّ“:

المتأملُ في اسمِ اللهِ “الولِيِّ” تتجلَّى لهُ بعضُ الآثارِ الإيمانيةِ التي تظهرُ في سلوكِ العبدِ المستشعرِ لعظمةِ هذا الاسمِ ودلالاتِه، فمِن ذلك:

أولًا: زيادةُ تعظيمِ اللهِ في قلبِ العبدِ، وزيادةُ إيمانِه، واستقامةُ أحوالِه، وتقربُ العبدِ إليهِ بالفرائضِ والنوافلِ حتى يتولَّاهُ اللهُ في سائرِ أمورِهِ، قَالَ ﷺ: “إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ” (البخاري) أي: يحفظُهُ ويسددُهُ في جوارحِهِ ويتولَّاهُ بمعيتِهِ الخاصةِ.

ثانيًا: الطمأنينةُ والراحةُ النفسيةُ؛ لأنَّهُ يوقنُ أنَّه لا يقعُ في ملكِ اللهِ – تعالَى– إلّا ما قضاهُ وقدرَهُ قالَ تعالَى: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، وقال: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ﴾.

ثالثًا: ألّا يخافَ أعداءَ اللهِ – عزّ وجلّ – مهمَا كثرَ عددُهُم وعدتُهُم، وألّا يحملَ همَّ مَن يؤذِيه، ويسعَى للمكرِ بهِ؛ لأنّ الذي يتولَّى نصرَ هذا الضعيفِ هو مولاهُ، خالقُ الخلقِ، ومسببُ الأسبابِ قالَ تعالَى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، وقال: ﴿بَلْ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾، وقال: ﴿مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ﴾.

رابعًا: تولَّى أمورَ الناسِ ليتولَّاكَ اللهُ، تولَّى أرملةً، تولَّى فقيرًا، تولَّى أمرَ يتيمٍ، وقل لربِّكَ – سبحانَه – أنَا وليُّ أمرِهِ كي تكونَ أنتَ وليُّ أمرِي، أمّا إنعزالُ العبدِ للناسِ وعدمُ موالاتِهِم في أمورِهِم النافعةِ، ومشاركتهِم في أحزانِهِم وهمومِهِم مع الإكثارِ مِن العبادةِ فقط فلا يتفقُ مع حالِ ومقامِ اسمِ اللهِ “الولِي” .

عندمَا يتيقنُ المسلمُ أنَّ اللهَ- عزَّ وجلَّ- وليُّهُ يعرفُ أنَّه وليٌّ بنفسِه على مَن حولَهُ مِن البشرِ، فهو وليٌّ على أهلِهِ وجارِهِ، ومَن لهُم حقٌّ عليهِ، ووليٌّ على المحتاجين، فللمسلمِ ولايةٌ مصغرةٌ في الدنيا بالسعيِ في حاجاتِ الناسِ ومساعدتِهِم فعن ابنِ عمرَ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «إنّ للهِ أقوامًا اختصَّهُم بالنعمِ لمنافعِ العبادِ، يقرهُم فيهَا ما بذلُوهَا، فإذا منعوهَا نزعَهَا منهُم فحولَهَا إلى غيرِهِم» (الطبراني)، وعن ابنِ عباسٍ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِن عبدٍ أنعمَ اللهُ عليهِ نعمةً فأسبغَهَا عليهِ، ثم جعلَ مِن حوائجِ الناسِ إليه، فتبرَّمَ، فقد عرضَ تلكَ النعمةَ للزوالِ» (الطبراني، سنده جيد) .

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                  كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                      مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »