خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : فضائل الاستغفار
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضائل الاستغفار ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 26 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 14 يوليو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 يوليو 2023م بصيغة word بعنوان : فضائل الاستغفار ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 14 يوليو 2023م بصيغة pdf بعنوان : فضائل الاستغفار ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 14 يوليو 2023م بعنوان : فضائل الاستغفار.
أولًا: تذكرْ أيُّها العاصِي .
ثانيــــًا: الاستغفارُ زادُ الابرارِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: هل مِن مستغفرٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟!!!
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 14 يوليو 2023م بعنوان : فضائل الاستغفار : كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة : فضائلُ الاستغفارِ
للدكتور محمد حرز
26 ذو الحجة بتاريخ 1444هـ، الموافق، 14 يوليو 2023م
الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الانفال 33، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، القائل كما ففي صحيح مسلم عن أبي ذر قال رسولُ اللهِ ﷺ فيما يرويه عن ربِّ العزةِ: (يا عبادِي إنّكُم تُخطئُون بالليلِ والنهارِ وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا فاستغفِروني أغفرْ لكم )، فاللهُمّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزام. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (أل عمران : :102
عبادَ الله: (فضائلُ الاستغفارِ) عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنا
عناصر اللقاء:
أولًا: تذكرْ أيُّها العاصِي .
ثانيــــًا: الاستغفارُ زادُ الابرارِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: هل مِن مستغفرٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟!!!
أيُّها السادة: ما أحوجنَا إلى أنْ يكونَ حديثُنا في هذه الدقائقِ المعدودةِ عن فضائلِ الاستغفارِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا انتشرتْ فيه المعاصِي بصورةٍ مخزيةٍ، وتجرأَ الكثيرُ مِن الناسِ على حرماتِ اللهِ جلّ وعلا بالليلِ والنهارِ، وخاصة وكلُّنَا في حاجةٍ إلى أنْ نستغفرَ اللهَ بالليلِ والنهارِ على ذنوبِنَا وعلى ما فرطنَا في جنبِ اللهِ ، وخاصةً إذا شعرتَ بضيقٍ في صدرك، وتزاحَمَت على قلبِكَ الهمومُ والأحزانُ، وضاقتْ عليك الدنيا بما رحبت، وسُدَّتْ في وجهِكَ الأبوابُ – فاعلَمْ أنّك بحاجةٍ إلى الاستغفارِ والعودةِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ جلّ جلالُه، ليفرجَ كربَكَ وليزيلَ همَّكَ وليفتحَ لك الأبوابَ المغلقةَ….وللهِ درُّ القائل:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى***ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها***فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
وللهِ درُّ القائل:
رأيتُ الذنوبَ تُميتُ القلوبَ****وقد يورثُ الذلُّ إدمانَهَا
وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ****وخيرٌ لنفسِكَ عصيانهَا
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : فضائل الاستغفار
أولًا: تذكرْ أيُّها العاصِي .
أيُّها السادة: بدايةً الحقيقةُ التي لا غنَي للإنسانِ عنها، أنَّ كلَّ إنسانٍ منا ّمخطئٌ، أنّ كلّ إنسانٍ منّا لابدَّ أنّه فعلَ ذنبًا أو معصيةً لا ترضِي اللهَ عزّ وجلّ، فكلُّنَا ذو ذنبٍ، وكلُّنا ذو خطيئةٍ، وكلُّنا ذو معصيةٍ، هذه هي الحقيقةُ التي بيّنَها لنَا المعصومُ ﷺ حيثُ قال كما في حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ – رضي اللهُ عنه – :أنّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال :« كُلُّ بَني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخَطَّائينَ التَّوابونَ »وفي روايةٍ لمسلمٍ مِن حديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ » وما معصومٌ إلّا المعصومُ ﷺ، وماتت العصمةُ يومَ ماتَ المعصومُ ﷺ لكن ليس معني ذلك أنْ يفعلَ الإنسانُ المعصيةَ ويصرَّ عليها، كلَّاً لماذا ؟ لأنَّه « لا كبيرةَ مع استغفارِ، ولا صغيرةَ مع إصرارٍ » كما قال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنه . لذا لمَّا كان اللهُ سبحانَه وتعالى هو الذي خلقَ الإنسانَ ويعلمُ ضعفَهُ وفقرَهُ وعجزَهُ، ويعلمُ أنّه لا يستطيعُ أنْ يضعَ لنفسِه ما يضمنُ له السعادة في الدنيا والآخرة. فوضعَ اللهُ تبارك وتعالي للإنسانِ منهجًا يضمنُ له السعادة في الدنيا والآخرة، قال ربنا: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ) [سورة طه آية 125 )، فمَن اتبعَ منهجَ اللهِ سعدَ في دنياه وسعدَ في أخراه، ومَن أعرضَ عن منهجِ اللهِ وعصى مولاهُ شقيَ في دنياه، وهلكَ في أخراه. فالمعاصي سببٌ للشقاءِ في الدنيا والآخرة.. المعصيةُ سببٌ للشقاءِ في الدنيا والآخرة .فإذا كنت سعيدًا في دنياك فهذا بسببِ طاعتِك للهِ الواحدِ الديانِ ,وإنْ كنت تعيسًا في دنياك فهذا بسببِ معصيتِك للهِ الواحدِ الديانِ. فاللهُ أمرَك .. فاتمرْ نهاكَ فانتهَى .. حدَّ لك حدودًا فامتثلْ حدودَ اللهِ، وأوامرَ اللهِ.. احفظْ اللهَ يحفظك.. فالمعصيةُ ابتعادٌ عن منهجِ اللهِ، ابتعادٌ عن حدودِ اللهِ، تحدّ لأوامرِ الله جل وعلا .
لذا تذكرْ أيُّها العاصي قبلَ ارتكابِ المعصيةِ: أنّ اللهَ يراكَ ومُطلعٌ عليك فهو العليمُ الخبيرُ وهو السميعُ البصيرُ، قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُون)، فهو يسمعُ كلامَك ويرى مكانَك ويعلمُ سرَّك ونجواك، فهو سبحانه معك بعلمِه واطلاعِه, فاحذرْ كلَّ الحذرِ أنْ تجعلَ اللهَ أهونَ الناظرينَ إليك، قال ربُّنَا { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) } سورة المجادلة.
فلقد قالت عائشةُ رضي اللهُ عنها في قصةِ خويلةَ بنتِ ثعلبةَ عندما جاءت تشكي زوجَهَا إلي النبيِّ ﷺ، وقالت يا رسولَ اللهِ أكلَ شبابِي ونثرتُ له بطني، حتى إذا كبرَ سنِّي وانقطعَ عن الولدِ ظاهرَ منِّي إلي اللهِ أشكُو فماذا حدث ؟
اسمع ففي الحديثِ الذي رواه أحمدُ في مسنده عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِى وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِىِّ ﷺ تُكَلِّمُهُ وَأَنَا فِى نَاحِيَةِ الْبَيْتِ مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا…..إِلَى آخِرِ الآيَةِ. وللهِ درُّ القائل:
إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقلْ ** خلوتُ ولكنْ قُلْ علىَّ رقيبُ
ولا تحسبنَ اللهَ يغفلُ ساعةً ** ولا أنَّ ما تُخفي عليه يغيبُ
ألم ترَ أنَّ اليومَ أسرعُ ذاهبًا *** وأنَّ غدًا للناظرينَ قريبُ
وإياكَ أنْ تكونَ مِمّن يراقبون العبادَ ,وينسون ربَّ العبادِ، يخشون الناسَ وينسون ربَّ الناسِ، قالَ ربُّنَا ((يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ).
تذكرْ قبل أنْ تعصي اللهَ مَن أنت ومَن تعصي ؟! أنت العبدُ الفقيرُ المسكينُ تعصي إلهَ الأولين والآخرين وربَّ الخلائقِ أجمعين؟! مَن أنت أيُّها الضعيفُ الذي لا تملكُ لنفسِك نفعًا ولا ضرًّا ولا حولًا ولا طولًا حتى تعصي القويَّ العزيزَ الذي خضعَ له كلُّ شيءٍ، وملأتْ كلَّ شيءٍ عظمتهُ، وقهرَ كلَّ شيءٍ ملكهُ، وأحاطتْ بكلِّ شيءٍ قدرتُه، تذكرْ أيُّها العاصي قبل أنْ تعصي اللهَ أنّ للهِ ملائكةً تكتبُ أقوالَك وأفعالَك، قال جل وعلا { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا )، قالَ ربُّنَا { وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }، تذكر أيُّها العاصي: قبل أنْ تعصي اللهَ الموتَ وسكرتَه، والقبرَ وضمتَه, والحسابَ ودقتَه, والميزانَ ودقتَه، والحشرَ وأهوالَه، والصراطَ وحدتَه ،قال جلّ وعلا(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ )سورة المؤمنون 99، قال ربُّنا ( وَجَآءَتْ سَكْرَتُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } .تذكر أنّ النبيَّ ﷺ عانَ مِن الموتِ وسكراتِه كما في البخاري مِن حديثِ عَائِشَةَ – رضى اللهُ عنها – كَانَتْ تَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهَ ﷺ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ – أَوْ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ ، يَشُكُّ عُمَرُ – فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِى الْمَاءِ ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَيَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ » .وهو مَن ؟ وهو أكرمُ الخلقِ علي اللهِ وهو حبيبُ اللهِ وهو خليلُ اللهِ وهو الذي غفرَ اللهُ له ما تقدمَ مِن ذنبِه وما تأخر.
تذكر أيُّها العاصي يومَ القيامةِ يومَ الحسرةِ والندامةِ، { كَلا إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا* وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا* وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) } [الفجر: 21 -23]، تذكر أيُّها العاصي يومَ القيامةِ يومَ تقفُ للحسابِ وحدَكَ بين قاضِي القضاةِ وجبارِ السماواتِ والأرضِ بين يدي مَن لا يغفلُ ولا ينامُ. فعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ »، تذكر أيّها العاصي أنّ المعاصِي تسودُ وجوهَ أصحابِهَا يومَ القيامةِ { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) }سورة آل عمران .قال ابنُ عباسٍ: يومُ القيامةِ تبيضُّ وجوهُ أهلِ السنةِ والجماعةِ، وتسودُّ وجوهُ أهلِ البِدْعَةِ والفرقةِ، قالَ ربُّنَا (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) (6) (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ) .وقال ابنُ عباسٍ: أي: يغشاهَا سوادُ الوجوهِ. يا ربِّ سلم !!! تذكر أيُّها العاصي قبل أنْ تعصي اللهَ: أنّ جوارحَك ستشهدُ عليك يومَ القيامةِ، قال ربُّنَا: { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) }، يا ربِّ سلم تذكر يومَ تشهدُ عليك الشهودُ وتفضحُكَ فيه الجوارحُ والجلودُ! فأين يكون مهربُك وإلى أين يكون الملجأُ؟ والشهودُ منك والشهادةُ عليك، فتأملْ يا مسكينُ!! الجوارحُ التي كنت تعصي اللهَ بها ومِن أجلِها تأتي يومَ القيامةِ وتشهدُ عليك! وتذكر أيضًا المكانَ الذي عصيتَ اللهَ فيه يأتي يومَ القيامةِ شاهدًا عليك، وتذكر أنَّ الزمانَ شاهدٌ عليك!
تذكر أيُّها العاصي قبل أنْ تعصي اللهَ نعمَهُ الكثيرةَ عليك: (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ . الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ) سورة الانفطار، خلقكَ اللهُ مِن عدمٍ، وشفاكَ مِن سقمٍ، وأسبغَ عليك وافرَ النعمِ، أطعمَكَ مِن جوعٍ وكساكَ مِن عُري، وأرواكَ مِن ظمأٍ، قال جلّ وعلا( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) سورة النحل، فكيف يا عبدَ اللهِ تبدلُ نعمةَ اللهِ كفرًا؟! وفضلَهُ وجودَهُ عليك جحودًا ونكرًا؟! كيف تقابلُ الإحسانَ بالنكرانِ؟! والعطايا بالخطايا؟! تذكر ماذا!!!! وماذا !!!!فتبْ إلى ربِّك واستغفرْهُ ليلَ نهار، قبل فواتِ الأوانِ، لأنّك لا تدري يا مسكينُ إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر ؟ نستغفرُ اللهَ؛ لأنّ اللهَ فتحَ بابَ التوبةِ للمذنبين المستغفرين، قال جلّ وعلا﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].هكذا حالُ أهلِ الإيمانِ (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا ءامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ) [آل عمران:16-17]. حالُهُم يكثرون مِن الطاعاتِ والنوافلِ، ثم يسارعون إلى الاستغفارِ خشيةً التقصيرِ أو الإخلالِ فيما قدّموا مِن صالحِ الأعمالِ (كَانُواْ قَلِيلاً مّن الَّليْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:17،18]. استغفرُ اللهَ: معناها أنّك تضرعُ إليه أنْ يُظهرَ جميلَ أقوالِك وأفعالِك وأحوالِك وأنْ يسترَ عليك الذنوبَ والخطايا والمعاصي في الدنيا، وأنْ يتجاوزَ عنها بين يديهِ في الآخرةِ، فو اللهِ الذي لا إلهَ غيرهُ ما كان اللهُ سبحانه وتعالى وهو الغفورُ الغفارُ ما كان اللهُ ليسترَ عبدًا مِن عبادِه في الدنيا ليفضحهُ على هذه الذنوبِ بين يديهِ في الآخرةِ. قال رسولُ اللهِ ﷺ كما في الصحيحين مِن حديثِ ابنِ عمرَ سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18].
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً *** فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ ***فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا ***وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : فضائل الاستغفار
ثانيــــًا: الاستغفارُ زادُ الابرارِ
أيُّها السادة: إنّ الذنوبَ والمعاصي إذا انتشرتْ بأمّةٍ سبَّبتْ الهلاكَ والدمارَ والخزيَ والعارَ والقحطَ والجدبَ، لذا أمرَنَا الأنبياءُ والرسلُ بالاستغفارِ، وتركِ المعاصي، وطلبِ المغفرةِ مِن اللهِ على ما اقترفَهُ العبدُ مِن الذنوبِ والمعاصي والآثامِ، فها هو نبيُّ اللهِ هودٌ -عليه السلام- يأمرُ قومَهُ بالاستغفارِ فقالَ جلّ وعلا: (وَ يا قَومِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ يُرسِلِ السَّماءَ عَلَيكُم مِدرارًا وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمينَ)، ها هو سيدُنَا صالحٌ -عليه السلامُ يقولُ لقومِه (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). وها هو سيدُنَا شعيبٌ عليه السلامُ يقولُ لقومِه ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90]. وكيف لا؟ والاستغفارُ سِمةُ الأنبياءِ والمرسلين، ووسيلةُ الأولياءِ والصَّالحين وهذا أبونَا آدمُ – عليه السَّلامُ – لمّا أذنبَ التجأَ إلى ربِّه مُتضرعًا مستغفرًا، نادمًا مسترحِمًا قال جلّ وعلا ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ (الأعراف: 23)وهذا نبيُّ اللهِ نوحٌ عليه السلام: دعَا ربَّه فقالَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا} ( نوح 28). وهذا نبيُّ اللهِ موسَى عليه السلام: قال موسَى عليه السلامُ لمّا قتلَ رجلًا مِن الأقباط.ك: { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ( القصص 16)، وهذا هو الخليلُ إبراهيمُ – عليه السَّلام – يستغفرُ لكلِّ مؤمنٍ سابقٍ ولاحقٍ: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ (إبراهيم: 41)
وكيف لا؟ ولقد حثّنَا نبيُّنَا ﷺ على الاستغفارِ دومًا، وسؤالِ اللهِ -سبحانه وتعالى- المغفرة، قال جل وعلا (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)، وحتى أولئك الذين أسرفُوا على أنفسِهم بمعصيةِ ربِّهم، قال اللهُ -تعالى- مبشّرًا إيّاهُم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، فاللهُ -سبحانهُ وتعالى- ينادِي عبادَهُ ويحثّهُم على سؤالِهِ لمغفرةِ ذنوبِهم قبلَ حلولِ الأجلِ وكيف لا ؟ ولقد أمرَ اللهُ -تعالى- رسولَهُ ﷺ وهو أتقَى الخلقِ- بإخلاصِ الدينِ وإدامةِ الاستغفارِ، فقال -عزّ وجلّ-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [محمد:19]. فكان ﷺ ملازمًا للاستغفارِ آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ، حتى قال عن نفسِه ﷺ: “واللهِ إنّي لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه في اليومِ أكثرَ مِن سبعين مرة” البخاري وفي رواية وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ »..وكيف لا؟ والاستغفارُ زادُ الأبرارِ، وشعارُ الأتقياءِ، وعنوانُ الصالحين، به تسعَدُ القلوبُ، وتنشَرِحُ الصدورُ، وتنجلي الهمومُ، وتُثقَلُ الموازين، وتُرفَعُ الدرجاتُ، وتُحَطُّ الخطيئاتُ، وتُفرَّجُ الكُرُباتُ، فكم جلبَ الاستغفارُ لأهلِه مِن الخيراتِ، وكم صرفَ عنهم مِن البلايا والمُلِمَّاتِ! فهو البَلْسَمُ الشافي، والدواءُ الكافي. وكيف لا ؟ وللاستغفارِ ثمارٌ يانعةٌ، وفوائدُ جَمَّةٌ، وفضائلُ عظيمةٌ ،فيه خيرَي الدنيا والآخرةِ، فيه السعادةُ الأبديةُ في الدنيا والآخرةِ، فيه النجاةُ في الدنيا والآخرةِ منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: أنَّ الاستغفارَ مِن أعظمِ أسبابِ الأمنِ والنجاةِ في الدنيا والآخرةِ ،فالاستغفارُ يا سادةٌ هو الأمانُ الثاني للأمةِ بعدَ موتِ النبيِّ المختارِ ﷺ، قال عليُّ بنُ أبِي طالبٍ: كَانَ لنا فِي الْأَرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللَهُ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الْآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ: أَمَّا الْأَمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمِ.
وَأَمَّا الْأَمَانُ الْبَاقِي فَالْاسْتِغْفَارْ، قَالَ اللهُ تَعَالى: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}الأنفال
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنَّه سببٌ مِن أسبابِ دخولِ الجنةِ،- يا ربِّ اجعلنَا مِن أهلِ النعيمِ- و سببٌ لرفعِ الدرجاتِ: قال جلّ وعلا ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135، 136]؛وعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (إنَّ الرجلَ لَتُرفَع درجتُه في الجنةِ، فيقول: أنَّى هذا؟! مِن أين لي هذا؟! لا يراه في عمله! فيُقال له: باستغفارِ وَلَدِكَ لَكَ)).
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنّه سببٌ لمغفرةِ الذنوبِ، قال جلّ وعلا ﴿أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الْمَائِدَةِ:٧٤] وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ– يَقُولُ « قَالَ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ». وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ».
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنّه سببٌ مِن أسبابِ نزولِ الخيراتِ والبركاتِ والرحماتِ، وحلٌّ لكثيرِ مِن المشكلاتِ والخروجِ مِن المضائقِ وتفريجِ الكرباتِ والهمومِ، فبالاستغفارِ تكونُ الحياةُ الطيبة، والمتاعُ الحسن، كما قال ربُّنَا ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [هود: 3]، وبالاستغفارِ تُفرَّجُ الهمومُ، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ((مَن لَزِمَ الاستغفارَ جعل اللهُ له من كل ضِيقٍ مخرجًا، ومِن كُلِّ هَمٍّ فرَجًا، ورزَقَه من حيثُ لا يحتَسِبُ))؛ فكم مِن رجلٍ لزِمَ الاستغفارَ ففرَّجَ اللهُ همَّه، وأزالَ كربَه، وأبدلَ أحزانَه أفراحًا، وضِيقَه سَعَةً، وعسرَه يُسرًا، وفقرَه غِنًى، وأقبلَتْ عليه المَسرَّات. مِن حيثُ لا يدري.
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفار: أنّه سببٌ لنزولِ المطرِ والإمدادِ بالأموالِ والبنين ونباتِ الأشجارِ، قال جلّ وعلا حكايةً عن نبيِّه نوحٍ عليه السلامُ أنَّه قال لقومِه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) [نوح 10: 11]
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنّه يُنقِّي القلبَ ويُطهِّرَه مِن أدرانِ الذنوبِ والمعاصي والآثامِ، فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، عن رسولِ اللهِ ﷺ قال: إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هوَ نزعَ واستَغفرَ وتابَ صُقِلَ قلبُهُ، وإن عادَ زيدَ فيها حتَّى تعلوَ قلبَهُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))[المطففين: 14، قِيلَ ﻷحدِ السلفِ: كيف أنت ودينُك؟ فقال: تمزِّقُهُ المعاصي، وأرقِّعُهُ بالاستغفارِ فطوبَى ثم طوبَى أيُّها الأخيارُ كما قال النبيُّ المختارُ ﷺ كما في حديثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ))
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنَّه سببٌ في هلاكِ الشيطانِ.
قال ابنُ القيمِ – رحمه اللهُ -: إنَّ إبليسَ قال: “أهلكتُ بنِي آدمَ بالذنوبِ، وأهلكونِي بالاستغفارِ، فعن أبي سعيدٍ الخدرِي – رضِي اللهُ عنه – قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: ((إنَّ إبليسَ قال لربِّه: بعِزَّتِك وجَلالِك لا أبرحُ أغوي بنِي آدمَ ما دامَت الأرواحُ فيهم، فقال اللهُ: فبعزَّتي وجَلالي لا أبرَحُ أغفرُ لهم ما استغفَرُونِي))
ومِن فضائلِ وفوائدِ الاستغفارِ: أنّ اللهَ جلّ وعلا وعدَ مَن استغفرَهُ أنْ يغفرَ له سبحانه وتعالى: قال جل وعلا﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾طه: 82
بك أستجيرُ ومَن يجيرُ سواكَا *** فأجرْ ضعيفًا يحتمِي بحماكَ
إنِّي ضعيفٌ أستعينُ على قوىَ *** ذنبِي ومعصيتِي ببعضِ قواكَا
أذنبتُ ياربِّي وآذتنِي ذنوبٌ *** مالَها مِن غافرٍ إلّا كَا
دنياي غرتنِي وعفوكَ غرنِّي *** ماحيلتِي في هذهِ أو ذا كَا
يا غافرَ الذنبِ العظيمِ وقابلًا *** للتوبِ قلبٌ تائبٌ ناجاكَا
أتردَّهُ وتردَّ صادقَ توبتِي *** حاشَاكَ ترفضُ تائبًا حاشاكَ
فليرضَ عنِّي الناسُ أو فليسخطُوا *** أنَا لم أعدْ أسعَى لغيرِ رضاكَا
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية …الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. وبعد
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز بعنوان : فضائل الاستغفار
ثالثــــًا وأخيرًا: هل مِن مستغفرٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟!!!
أيُّها السادةُ :الأعمارُ مهما طالَتْ فهي قصيرةٌ، والدنيا مهما طابتْ فهي يسيرةٌ، واليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل.. الكيِّسُ من دانَ نفسَهُ، وعمِلَ لما بعدَ الموتِ، والعاجِزُ من أتبعَ نفسَهُ هواها، وتمنَّى على اللهِ الأماني. فهل مِن مستغفرٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟ هل مِن مستغفرٍ قبلَ حلولِ الأجلِ ؟ فالبدارَ البدارَ بالتوبةِ والعودةِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ، فاللهُ كريمٌ يقبلُ توبةَ التائبين ، ويغفرُ ذنوبَ المستغفرين ..ويمحُو سيئاتِ النادمين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) [سورة التحريم (8) فالبدارَ البدارَ باغتنام الأيامِ والساعاتِ والأنفاسِ قبلَ أنْ يأتِيَ يومٌ لا ينفعُ فيه الندمُ. قبلَ أنْ يأتيَ يومٌ ويقولُ المرءُ منّا: أُريدُ أنْ أرجعَ إلى الدنيا فأعمل صالحًا، فالغنيمةَ الغنيمةَ قبلَ انقضاءِ الأعمارِ، والمبادرةَ المبادرةَ بالعملِ قبلَ انتهاءِ الأعمالِ، والعجلَ العجلَ قبلَ هجومِ الأجل، وقبلَ أنْ يندمَ المفرّطُ على ما فعلَ، وقبلَ أنْ يسألَ الرجعةَ فلا يُجابُ إلى ما سأل، قبلَ أنْ يحولَ الموتُ بينَ المؤمِّلِ وبلوغِ الأملِ، قبلَ أنْ يصيرَ المرءُ محبوسًا في حفرتهِ بمَا قدَّمَ مِن عملٍ، فبادرْ قبلَ أنْ تبادر، بادرْ بالتوبةِ والرجوعِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ والتخلصِ مِنْ كُلِّ الْمَعَاصِي جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فإذا اجتمعَ للمسلمِ توبةٌ نصوحٌ مع أعمالٍ فاضلةٍ في أزمنةٍ فاضلةٍ فهذا عنوانُ الفلاحِ. قال تعالى: (فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (القصص:67)، و بابُ التوبةِ مفتوحٌ لا يغلقُ أبدًا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ما لم تطلعْ الشمسُ مِن مغربِهَا وما لم تصلْ الروحُ إلى الحلقومِ كما قالَ النبيُّ المختارُ ﷺ في حديثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)، رواه الترمذي. وأبشرْ: فما دمتَ في وقتِ المهلةِ فبابُ التوبةِ مفتوحٌ لقولِ المصطفَي ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ) رواه مسلم ، فالبدارَ البدارَ بالاستغفارِ قبلَ فواتِ الأوانِ واسمعْ إلى العزيزِ الغفارِ وهو ينادِى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53)وعليكَ دائمًا وابدًا بدعاءِ سيدِ الاستغفارِ كما في حديثِ شدادِ بنِ أوسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ ﷺ قال: ((سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ. قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ)) البخاري، اللهَ اللهَ في الاستغفارِ، اللهَ اللهَ في العودِ إلى اللهِ، فمَن أرادَ راحةَ البالَ، وانشراحَ الصدرِ، وسكينةَ النفسِ، ودفعَ الكوارثِ والسلامةَ مِن الحوادثِ، عليه بالاستغفارِ، ففيه الغيثُ المدرارُ، والولدُ الصالحُ، وفيه النجاةُ، قال عليٌّ –رضى اللهُ عنه وأرضاه-: العجبُ مِمّن يهلكُ ومعه النجاةُ قِيلَ: وما هي؟ قال: الاستغفار،” وكان – رضي اللهُ عنه – يقولُ: ما ألهمَ اللهُ – سبحانه وتعالى- عبدًا الاستغفارَ وهو يريدُ أنْ يعذبَه. ويُرْوى عن لقمان – عليه السلام – أنّه قال لابنِه: “يا بُنيّ، عوِّدْ لسانَك: اللهُمَّ اغفرْ لِي؛ فإنَّ للهِ ساعاتٍ لا يردُّ فيها سائلًا” .فأكثرْ مِن الاستغفارِ تسعد في الدنيا والآخرةِ، قال الحسنُ البصريُّ – رحمه الله -: “أكْثِرُوا مِن الاستغفارِ في بيوتِكُم، وعلى موائدِكُم، وفي طُرقاتِكُم، وفي أسواقِكُم، وفي مجالسِكُم؛ فإنّكم لا تدرُون متى تنزلُ المغفرةُ”. فأقبلُوا على ربِّكُم وأطيعُوه، واستغفروهُ وتوبُوا إليه، قبلَ فواتِ الأوانِ.
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبل موتِكَ ذكرَهَا *** فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان
فهل مِن مستغفرٍ قبلَ فواتِ الأوانِ ؟!!! آهٍ فربُّ شروقٍ بلا غروبٍ، وربَّ ليلٍ بلا نهارٍ، وكم مِن رجلٍ كان مِن أهلِ الدنيا وأصبحَ مِن أهلِ الآخرةِ، وكم مِن مزمارٍ في بيتٍ أصبحَ فيه الصراخُ، وكم مِن رجلٍ كان يقسمُ ميراثًا لأبيهِ وفي الصباحِ لحقَ بهِ وراح.
ما في الحياةِ بقاءٌ *** ما في الحياةِ ثبوتُ
نبنِي البيوتَ وحتمًا *** تنهارُ تلكَ البيوتُ
تموتُ كلُّ البرايَا *** سبحانَ مَن لا يموتُ
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف