أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة : دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 18 نوفمبر 2022م : دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 24 ربيع الآخر 1444هـ ، الموافق 18 نوفمبر 2022م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 نوفمبر 2022م ، للدكتور محروس حفظي : دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 نوفمبر 2022م ، للدكتور محروس حفظي : دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 نوفمبر 2022م ، للدكتور محروس حفظي : دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) ذِكْرُ مصرَ صراحةً وضمنًا دليلٌ على فضلِهَا وشرفِهَا.

 (2) مصرُ مهدُ الحضاراتِ المختلفةِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة دور مصر في بناء الحضارة الإنسانية ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

 «دورُ مصرَ في بناءِ الحضارةِ الإنسانيةِ» بتاريخ ربيع الآخر 1444 هـ = الموافق 18 نوفمبر 2022 م

 

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) ذِكْرُ مصرَ صراحةً وضمنًا دليلٌ على فضلِهَا وشرفِهَا:

إنَّ التكرارَ  لاسمِ مصرَ في القرآنِ الكريمِ يدلُّ على أنَّها الدولةُ الوحيدةُ الضاربةُ في عمقِ التاريخِ، وقد ذُكرتْ صراحةً في القرآنِ في “خمسةِ مواضعٍ”، ويلاحظُ في تلك المواضعِ أنَّها ذُكرتْ في مقامِ المدحِ والثناءِ كاتخاذِهَا مكانًا للعبادةِ ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا﴾، واتصافِ أهلِهَا بالكرمِ والجودِ ﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾، ووفرةِ الخيراتِ وتنوعِ المزروعَاتِ ﴿وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾،فيما ذُكرتِ بالإشارةِ في أكثرَ مِن “ثلاثينَ” موضعًا، وبعضُ العلماءِ عدَّهَا فيما يزيدُ عن “ثمانينَ موضعًا”، فاللهُ – عزَّ وجلَّ – قد نعتَهَا بما لم ينعتْ بهِ أرضًا مثلَهَا، فهي أرضُ السلامِ والطمأنينةِ، ونزولِ الرسالاتِ على بعضِ الأنبياءِ والتي سارتْ خطواتُهُم عليها، فجاءَ إليها إبراهيمُ- عليه السلامُ- وتزوّجَ مِن السيدةِ هاجر، وجاءَ إليها يوسفُ- عليه السلامُ- وأصبحَ فيها وزيرًا ﴿اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ وتبعَهُ إليهَا أبوهُ يعقوبُ – عليه السلام- ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾، ودارَ أعظمُ حوارٍ بينَ اللهِ – عزَّ وجلَّ- ومُوسى- عليه السلام- على أرضِهَا ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾، وإلى مصرَ لجأتْ السيدةُ مريمُ والسيدُ المسيحُ –عليه السلامُ -، وهذا يُحتّمُ على الإنسانِ الواعِي أنْ يُحافظَ على تلك القيمةِ، ويعملَ جاهدًا على حمايتِهَا، والدفاعِ عنها، ويبذلَ كلَّ غالٍ ورخيصٍ كي يرفعَ شأنَهَا؛ إذ تحملُ في جنباتِهَا ميراثَ آلِ بيتِ سيدِنَا رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولذا نوهتْ السنةُ بفضلِهَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» أَوْ قَالَ «ذِمَّةً وَصِهْرًا»(مسلم)؛ وقد عبَّرَ القرآنُ عن اعتزازِ المصريينَ بوطنِهِم، ويتجلّى ذلك في قولِهِم لموسَي أو عن موسَي وأخيهِ ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ﴾، ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى﴾ تمسكًا منهم بوطنهِم، والبلدِ الذي ولدُوا فيهِ وتربُّوا وعاشُوا عليهِ.

إنَّ القرآنَ الكريمً حين يُضفِي علي مصرَ وصفَ “الأرضِ” في كثيرٍ مِن آياتهِ إنَّما يعكسُ إعجازًا تاريخيًّا؛ ذلك أنَّ ما نقلَهُ باللغةِ العربيةِ عن اعتزازِ المصريينَ بأرضهِم سجلَهُ فيما بعدُ علماءُ المصرياتِ حين عرفُوا رموزَ اللغةِ الهيروغليفيةِ وقرأوهَا وعرفُوا أنَّ كلمةَ “توميري” كانتْ متداولةً علي لسانِ المصريين، وتعنِي عندَهُم “الأرضَ المحبوبةَ” أي مصر، وفي نفسِ الوقتِ يقولُونَ عن الصحراءِ وما لا يعرفونَهُ مِن الأرضِ المجهولةِ والتي لا يهتمونَ بها أنَّها “آخيت”، مصرُ تسيرُ مع القرآنِ الكريمِ طولًا وعرضًا، فتارةً يصفُهَا سبحانَهُ، وتارةً يعدهَا بالأمنِ، وتارةً يُقسِمُ بها، وتارةً ينصحُ العالمينَ بالنزولِ إليهَا.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) مصرُ مهدُ الحضاراتِ المختلفةِ.

لقد تتابعتْ على أرضِ مصرَ حضاراتٌ متعددةٌ فكانتْ مصرُ مهدًا للحضارةِ الفرعونيةِ، وحاضنةً للحضارةِ الإغريقيةِ والرومانيةِ ومنارةً للحضارةِ القبطيةِ، وحاميةً للحضارةِ الإسلاميةِ حيثُ اتسمَ شعبُ مصرَ على طولِ التاريخِ بالحُبِّ والتسامحِ والودِّ والكرمِ، فامتزجَ أبناءُ مصرَ فى نسيجٍ واحدٍ متينٍ حيثُ شهدتْ منذُ فجرِ التاريخِ أقدمَ الحضاراتِ، وكانتْ نشأتُهَا على ضفافِ نهرِ النيلِ، واستمرتْ لأكثرَ مِن ألفَيْ عامٍ، وهي تُعَدُّ بذلك مِن أطولِ الحضاراتِ البشريةِ عُمرًا، وأكثرُهَا امتدادًا عبرَ التاريخِ، وقد أطلقَ أهلُ مصرَ قديمًا على بلادِهِم اسمَ “كيميت” وتعني الأرضَ السوداءَ كنايةً عن وفرةِ الرواسبِ الطينيةِ التي يرسبُهَا النيلُ على جانبَيْ مجراهُ وفي دلتَاهُ خلالَ مواسمِ فيضانهِ، والتي أسهمتْ في خصوبةِ التربةِ وتجددِهَا كلَّ عامٍ؛ ولهذا وصفَ المؤرخُ الإغريقي الأشهرُ«هيرودوت» الحضارةَ المصريةَ بـ«هبةِ النيلِ»، وهو وصفٌ لا يخلُو مِن منطقيةٍ ووجاهةٍ، وأضافتْ الحضارةُ المصريةُ القديمةُ الكثيرَ إلى التراثِ الإنسانِي العالمِي، وساهمتْ في ابتكارِ عديدٍ مِن العلومِ منها: الحسابُ والهندسةُ والطبُّ والفلكُ، ومعرفةُ التقويمِ إلى جانبِ معرفةِ طرقِ تحنيطِ جثثِ الموتَى والتي ما زالتْ أسرارُهَا غيرَ معروفةٍ حتى الآن، وتقفُ الآثارُ المصريةُ اليومَ شامخةً شاهدًا ودليلًا على عبقريةِ الأداءِ، وروعةِ الإنجازِ، والإعجازِ المعمارِي والهندسِي والفلكِي والإدارِي الخاصِّ بالمصريين القدماء، ولذا عبَّرَ القرآنُ عن إحساسِ المصريينَ القدامَى بأنَّ مصرَ تمثلُ الأرضَ كلَّهَا آنذاك الوقت، حيثُ تركزتْ فيها الحضارةُ والمدنيةُ بينما تعيشُ أوربا في الكهوفِ، يقولُ مؤمنُ آلِ فرعونَ لقومهِ: ﴿يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ﴾، ويقولُ يوسفُ لأخوتِهِ:﴿وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ﴾ ما أروعهُ مِن وصفٍ، فهو يدلُّ على عمقِ وعظمةِ وروعةِ مصر، ودليلٌ على ما كانتْ تتقلبُ فيهِ مِن النعمِ ورغدِ العيشِ آنذاك.

ثم جاءت الحضارةُ الإسلاميةُ فلم تهدمْ شيئًا كان قائمًا يومَ ظهورِهَا، بل أعادتْ إلى البناءِ ما تداعَى وتهدمُ ثم زادتْ عليهِ، فاستقامَ علمُ الإنسانِ في طريقهِ غيرَ مقتضبٍ ولا معطلٍ، فشهدتْ خلالَ الحكمِ الإسلامِي نهضةً شاملةً فى العمرانِ والفنونِ فأنشئتْ العديدَ مِن المساجدِ والمدارسِ والقلاعِ والحصونِ والأسوارِ، وكذا الفنونِ الزخرفيةِ التى تمثلتْ فى أولِّ عاصمةٍ إسلاميةٍ في مصرَ مدينةِ “الفسطاطِ”، وفي العصرِ الحديثِ تتعرضُ مصرُ لهجماتٍ متتابعةٍ، وضرباتٍ قويةٍ، وطمعِ الكثيرين بسببِ موقعِهَا الجغرافِي، وثرواتِهَا الطبيعيةِ ومع ذلك صبرَ أهلُهَا بصورةٍ لا نظيرَ لهُ في تاريخِ البشرِ، فلقد ظلتْ في أوقاتِ قوتِهَا ولحظاتِ ضعفِهَا محافظةً علي شخصيتِهَا القوميةِ الفريدةِ التي تكونتْ مِن مقوماتِهَا الذاتيةِ وتفاعلِهَا الحضارِي مع غيرِهَا مِن الحضاراتِ، ولا غروَ في ذلك فقد شَهِدَ بعلُوِ قدرِهَا نبيُّ السلمِ والسلامِ ﷺ حيثُ قالَ:«إذَا فتحَ اللهُ عليكُم مصرَ بعدِي، فاتخِذُوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجندُ خيرُ أجنادِ الأرضِ، فقال له أبو بكرٍ: ولم ذلك يا رسولَ اللهِ ؟ قال: إنَّهُم في رباطٍ إلى يومِ القيامةِ» (كنز العمال)، وها هي تشهدُ الساحةُ المصريةُ في الآوانةِ الأخيرةِ تنميةً اقتصاديةً ناجحةً حازتْ على تقديرِ وإشادةِ المؤسساتِ العالميةِ بوصفِهَا نموذجًا فريدًا يُحتذَى به والذى أُخذَ في الحسبانِ لإنجازِ الإصلاحِ الاقتصادِي الجمع بين الاعتباراتِ الاقتصاديةِ ومتطلباتِ البعدِ الاجتماعِي وضرورياتِهِ، والآن يتمُّ التركيزُ على إعادةِ رسمِ خريطةِ مصرَ عُمرانيًّا وسكانيًّا حيثُ يبنِى أبناءُ مصرَ دعائمَ حضارةٍ جديدةٍ ولكنّهَا بمفرداتِ العصرِ الحديثِ بكلِّ تحدياتهِ لتتحولَ الأفكارُ والطموحاتُ الى إنجازاتٍ قابلةٍ للتحقيقِ مِن خلالِ مشروعاتٍ عملاقةٍ تغيّرُ الخريطةَ السكانيةَ لتتعدَّى حدودَ الوادِي والدلتا المزدحمِ والذى لم يَعدْ قادرًا على استيعابِ طموحاتِ مصر المستقبليةِ، وباتَ تنفذُ مشروعاتٍ قوميةٍ عملاقةٍ، وذلك للانطلاقِ لبناءِ مجتمعِ المعلوماتِ والنهضةِ التكنولوجيةِ لاستيعابِ الآلياتِ الجديدةِ لعالمِ المستقبلِ، وهذا يحتِّمُ علينا جميعًا أسوةً بأسلافِنَا وأجدادِنَا أنْ نأخذَ بالأسبابِ ووسائلِ التقدمِ، وقد ضربَ القرآنُ الكريمُ مثلًا للتخطيطِ السليمِ الذي قامَ على أُسسٍ منطقيةٍ، فأمكنَ بذلك تلافِي مجاعةٍ كانت تهددُ مصرَ بالهلاكِ – فيوسفُ -عليه السلام – وهو أمينٌ على خزائنِ مصرَ- وذلك حين فسّرَ الرؤيا التي جاءتْ على لسانِ حاكمِ مصرَ ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ﴾ تولَّى– عليه السلامّ – تفسيرَ الرؤيَا ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ﴾ وزادَ عليها حيثُ قدَّمَ خطةً عمليةً تشملُ الشعبَ المصريَّ كلَّهُ، فخطتهُ اعتمدتْ على التشغيلِ الكاملِ للمجتمعِ بأكملِهِ، والبرمجةِ الكاملةِ للوقتِ كي يتمَّ مضاعفةُ الإنتاجِ، وتقليلُ الاستهلاكِ؛ إذ الأزماتُ والظروفُ الاستثنائيةُ تحتاجُ إلى سلوكٍ استثنائِيٍّ، ولأنَّ سلوكَ الناسِ في الأزماتِ غيرُ سلوكِهِم في الظروفِ العاديةِ، فكانَ على يوسفَ – عليه السلامُ – أنْ يوازنَ بينَ ثلاثةِ جوانبٍ، الإنتاجِ، والاستهلاكِ، والادخارِ، وأنْ يعيدَ استثمارَ المدخراتِ، ومرتْ المحنةُ بسلامٍ، بل كانتْ البلادُ المجاورةُ تأتيهِ فيعطيهَا ما تريدُ فكانتْ مصرُ بحقٍّ – وستظلُّ بإذن اللهِ تعالى– (مركزَ الغِلالِ والغذاءِ) لمَن حولَهَا مِن البلادِ المجاورةِ حيثُ سمّاهَا ربُّنَا ﴿خَزائِنِ الْأَرْضِ﴾؛ لما فيها مِن خيرٍ ووفرةِ رزقٍ، وسعةِ نماءٍ، ولم تُسمَّ خزائن مصرَ كي لا يكونَ الاسمُ محليًّا، وإنَّما قَصدَ الحكيمُ بتسميتِهَا “خزائن الأرضِ”؛ ليّذكِّرَ الجميعَ فى كلِّ زمانٍ ومكانٍ أنّ مصرَ وسعَ خيرُهَا للجميعِ، وأفاضتْ مِن بركاتِهَا على مَن لجأَ إليها .

إنَّ بعدَ الشدةِ التي أشارَ إليها يوسفُ -عليه السلامُ – جاءَ الفرجُ الإلهي، وعَمَّ الرخاءُ والنماءُ الربانيُّ، وعادتْ الأمورُ إلى سيرتِهَا الأولَى ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ وفيه إشارةٌ إلى فيضِ الخيرِ، فلا يلجأُ الناسُ إلى عصرِ الثمارِ إلّا بعدَ أنْ تفيضَ عن حاجةِ الاستهلاكِ الأساسيةِ وهي الأكلُ، فلا بُدّ مِن الأملِ والتفاؤلِ في أي خطةٍ أو مرحلةٍ، وإلّا فمَا الداعِي إلى العملِ، حيثُ حرّكَ يوسفُ – عليه السلامُ – دوافعَ العملِ عندهُم بتحذيرِهِم مِن شدةٍ سنواتِ القحطِ، ثمَّ حركَهَا ثانيةً بفتحِ نافذةِ الأملِ، مِن هنا ندركُ أنَّ الإسلامَ لا يقومُ على التخمينِ أو التواكلِ، ولكنَّه يهتمُّ بأدقِ الأساليبِ وأعمقِهَا سواءٌ في جوانبِ الاقتصادِ أو الغذاءِ أو غيرِهَا، وهو صالحٌ للتطبيقِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ.

وفي الآونةِ الأخيرةِ عُقدتْ مؤتمراتٌ عدةٌ ساهمتْ بقوةٍ في تعزيزِ قيمِ الولاءِ للوطنِ، وإبرازِ دورهِ الحضارِي والتنموِي، ولعلَّ مؤتمرَ المناخِ الذي عُقِدَ في مصرَ – مؤخرًا – يؤكدُ دورَ مصرَ التاريخِي في دفعِ الضررِ عن البشريةِ بسببِ تأثيراتِ التغيراتِ المناخيةِ بضرورةِ الحفاظِ على البيئةِ والابتعادِ عن الممارساتِ الخاطئةِ؛ لأنَّ دينَنَا الإسلامِي سبقَ كافةَ القوانينِ والأنظمةِ التي تدعُو إلى مكافحةِ تلوثِ البيئةِ حيثُ أمرَ بنشرِ ثقافةِ الجمالِ في البيئةِ التي نعيشُ فيها، بل جعلَ المحافظةَ عليها جزءً لا يتجزأُ مِن إيمانِ الفردِ المسلمِ، وحذّرَه مِن الإضرارِ بها بأيِّ شكلٍ مِن الأشكالِ، وأمرنَا بعدمِ الإسرافِ والتبذيرِ في استخدامِ مواردِهَا خاصةً الطبيعية، حتى لا تكونَ عرضةً للإنقراضِ والزوالِ.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال     

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »