خطبة الجمعة القادمة بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز
بتاريخ 15 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 18 أكتوبر 2024م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 15 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 18 أكتوبر 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة اليوم 18 أكتوبر 2024م بصيغة word بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بصيغة pdf بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ.
أولًا: السخريةُ خزيٌّ وعارٌ.
ثانيًا: أسبابُ السخريةِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: علاجُ السخريةِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 أكتوبر 2024م بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ : كما يلي:
( لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ )
د محمد حرز بتاريخ: 15 ربيع الآخر 1446هــ – 18أكتوبر 2024م
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْأَخْلَاقَ مِنَ الدِّينِ، وَأَعْلَى بِهَا شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ بِمَكَارِمِهَا أَقْوَامًا فَكَانُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق الآية18)، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ القائلُ: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ)(رواه البخاري)، فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.
عبادَ الله: (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ)،عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .
عناصرُ اللقاءِ:
أولًا: السخريةُ خزيٌّ وعارٌ.
ثانيًا: أسبابُ السخريةِ.
ثالثــــًا وأخيرًا: علاجُ السخريةِ.
أيُّها السادةُ: بدايةً ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ أنْ يكونَ حديثُنَا عن: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ ، ونحنُ نعيشُ أزمةَ أخلاقٍ دمرتْ الأخضرَ واليابسَ مِن قِيمِنَا ومبادئِنَا وأخلاقِنَا، وخاصةً ونحنُ نعيشُ وقتًا عجيبًا فسدتْ فيهِ الأخلاقُ، وانتكستْ فيهِ الفطرةُ عندَ الكثيرينَ مِن الناسِ بسببِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا انتشرَ فيهِ التنمُّرُ والسخريةُ بصورةٍ مُخزيةٍ ولم يسلمْ منهَا أحدٌ حتى العلماء على مواقعِ التواصلِ الاجتماعِي ،وخاصةً والسخريةُ مرضٌ عضالٌ، وشرٌّ ووبالٌ، داءٌ يفرِّقُ القلوبَ، ويوغرُ الصدورَ، ويُذكِّي نارَ الفتنِ، إنّهُ داءُ السخريةِ والاستهزاءِ، مرضٌ خطيرٌ، وشرٌّ مستطيرٌ، لا يخلُو منهُ زمانٌ ولا مكانٌ، ولم يسلمْ مِن شرِّهِ أفرادٌ ولا أُسرٌ ولا مجتمعاتٌ ولا مقدساتٌ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا يبحثُ فيهِ الكثيرُ مِن الناسِ إلّا ما رحمَ اللهُ عن عيوبِ الناسِ ولا ينشغلُ بعيبِ نفسِهِ ويتتبعُ عوراتِ الناسِ ونسَى المسكينُ مَن تتبعَ عوراتِ الناسِ تتبّعَ اللهُ عورتَهُ ومَن تتبَّعَ اللهُ عورتَهُ يفضحُهُ في جوفِ بيتِهِ. وللهِ درُّ القائلِ:
لَا تَكْشِفَنَّ مَسَاوِئَ النَّاسِ مَا سَتَـرُوا *** فَيَكْشِفُ اللهُ سِتْـرًا عَنْ مَسَاوِيكَ
أولًا: السخريةُ خزيٌّ وعارٌ.
أيُّها السادةُ: لقد جَاءَ الْإِسْلَامُ بِالْأَخْلَاقِ الْكَرِيـمَةِ، وَنَهَى عَنِ الْأَخْلَاقِ السَّـيِّـئَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ حَرَّمَ والسُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهْزَاءَ بِالْـمُؤْمِنِيـنَ تـَحْرِيـمًا قَطْعِيًّا، فَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْخَرَ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ يَهْزَأَ بِهِ حَتَّى لَوْ أَخْطَأَ بِحَقِهِ، فَالْمَنْهَجُ مَعَ السَّاخِرِينَ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ، كَمَا قَالَ ربُّنَا جلَّ وعلا: {وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان: 63]، ولقد سعَى رسولُنَا ﷺ في بدايةِ الدعوةِ في المجتمعِ المدنِيِّ على إيجادِ مجتمعٍ متكافلٍ متراحمٍ يتآزرُ أفرادُهُ ويتعاونونَ فيمَا بينَهُم كأنّهُم جسدٌ واحدٌ، قالَ جلَّ وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة الآية2)، وقال ﷺ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وتعاطفهم مِثْلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه مسلم. وهكذا ينبغِي لكلِّ مجتمعٍ يريدُ السلامةَ والرقِيَّ والتقدمَ أنْ يكونَ حريصًا على التآخِي والتعاونِ بعيدًا عن كلِّ ما يؤثرُ سلبًا على المجتمعِ ومِن أشدّ ذلك وأخطرِهِ مرضُ الاستهزاءِ والسخريةِ الذي يثيرُ الأحقادَ ويدعُو للمخْيلةِ والاحتقارِ ويسببُ الفرقةَ والاختلافَ ويورثُ العداوةَ والبغضاءَ ويوهنُ بناءَ المجتمعِ القويِّ المتماسِكِ.
لذا شدّدَ الإسلامُ أعظمَ التشديدِ ومنعَ مِن التعرضِ للآخرينَ بالسخريةِ والاستهزاءِ بأيِّ لونٍ وشكلٍ مهمَا كان يسيرًا ويكفينَا ما جاء عن عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت: (قُلْتُ لِلنَّبِيِّ حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا ــ تَعْنِي قَصِيرَةً ــ فَقَالَ لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ) (رواه أبو داود والترمذي)، وعن أبي ذرٍّ رضي اللهُ عنه قال: (إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ)(رواه البخاري)، وقال النَّبِيُّ ﷺ: (المسلِمُ أخُو المسلِمِ ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ ، ولا يَحقِرُهُ ، التَّقْوى ههُنا – وأشارَ إلى صدْرِهِ – بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ ، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرضُهُ).
والسخريةُ والاستهزاءُ بالآخرينَ داءٌ اجتماعيٌّ خطيرٌ، ووباءٌ خُلقيٌّ كبيرٌ ما فشَا في أمةٍ إلَّا كان نذيرًا لهلاكِهَا، وما دبَّ في أسرةٍ إلَّا كان سببًا لفنائِهَا، فهو مصدرٌ لكلِّ عداءٍ وينبوعُ كلِّ شرٍ وتعاسةٍ، والسخريةُ هو: الاحتقارُ والاستهانةُ بالناسِ، وذكرُ العيوبِ والنقائصِ على وجهٍ يُضْحَكُ منهُ بالقولُ أو الفعلِ أو الإشارةِ أو الحركةِ.
والسخريةُ آفةٌ من آفاتِ الإنسانِ، مدخلٌ كبيرٌ للشيطانِ، مدمرٌ للقلبِ والأركانِ، يفرقُ بين الأحبةِ والإخوةِ، يحرمُ صاحبهُ: الأمنَ والأمانَ ،ويدخلُه النيرانَ، ويبعدُه عن الجنانِ، فالبعدُ عنه خيرٌ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. والسخريةُ ظاهرةٌ سلبيةٌ مدمرةٌ للأفرادِ والدولِ ويُعَدُّ طمعُ النفسِ وغيابُ الوعيِ وضعفُ الوازعِ الدينيِّ، وعدمُ مراقبةِ المولىَ جلّ وعلا من أهمِّ أسبابِ التنمُّرِ والسخريةِ، والسخريةُ داءٌ يقتلُ الطموحَ، ويدمرُ قيمَ المجتمعِ، ويعَدُّ خطرًا مباشرًا على الوطنِ، ويقفُ عقبَةً في سبلِ البناءِ والتنميةِ ، يبددُ المواردَ ، ويهدرُ الطاقاتِ وينشرُ الكراهيةَ والبغضاءَ بينَ أبناءِ المجتمعِ ولا حولَ ولا قوةَ الّا باللهِ، والسخرية -عبادَ اللهِ- سلوكٌ عدوانِيٌّ متكرِّرٌ، يقومُ بهِ الإنسانُ ذَكرًا كان أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، فردًا أو جماعةً تجاهَ آخَرينَ، معتمِدًا في ذلك على قوتِهِ وفُتُوَّتِهِ ورفقتِهِ، وعلى ضَعْفِ المعتدَى عليهِ أو انفرادِهِ، فإيّاكَ أنْ تسخرَ مِن أحدٍ، وإيّاكَ أنْ تحتقرَ أحدًا، واعلمْ أنَّ العبرةَ ليستْ بالأشكالِ والمظاهرِ والألقابِ، فقد يكونُ الذي تسخرُ منهُ وتحتقرُهُ أحبَّ إلى اللهِ منكَ وأنت لا تدري، وأعظمَ قدرًا عندَ اللهِ منكَ، وأقربَ مِن اللهِ منزلةً منكَ وأنت لا تدرِي …
السخريةُ تتحدثُ عن بيتِكَ وأنتَ لا تدرِي !!! السخريةُ تضيعُ حسناتِكَ وأنتَ لا تدرِي !! السخريةُ سوءُ أدبٍ مع اللهِ جلَّ وعلَا وأنتَ لا تدرِي !!!! السخريةُ دليلٌ على ضعفِكَ وعلى حقدِكَ وكرهِكَ للناسِ !!!
لذا حَرَّمَ الاسلامُ السُّخْرِيَةَ وَالِاسْتِهَانَةَ بِعِبَادِهِ، تَحْرِيمًا قَطْعِيًّا، قال جلَّ وعلا: ﴿يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]، وَقَالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، و”وَيْلٌ” كَلِمَةُ وَعِيدٍ وَوَبَالٍ، وَشِدَّةِ عَذَابٍ، لِلَّذِي يَهْمِزُ النَّاسَ بِفِعْلِهِ، وَيَلْمِزُهُمْ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ جل وعلا: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، قال ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِهَا: “أَيْ: إِنَّمَا كَانَ عَمَلِي فِي الدِّنْيَا عَمَلَ سَاخِرٍ مُسْتَهْزئٍ”. فَلَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَسْخَرَ مِنْ مُؤْمِنٍ: لَا لِفَقْرِهِ، وَلَا لِذَنْبٍ اِرْتَكَبَهُ، وَلَا لِغَيْرِ ذَلِكَ”
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز
والسخريةُ خُلُقٌ دَنيءٌ، وخَصْلَةٌ ذميمَةٌ، يُصيبُ أصحابَ العُقولِ المريضةِ، والقُلوبِ المَيِّتة، والفِطَرِ المنْكوسَة، ويكفيهِ قُبْحًا وسُوءً أنَّهُ مِن صفاتِ المنافقين؛ فالمنافقونَ هُم أكثرُ الناسِ استهزاءً بالرُّسلِ وأتباعِهِم، وبمَا جاءتْ بهِ الرُّسلُ عليهمُ السلامُ من الحقِّ والهُدى، قال جلَّ وعلا في وصْفِهم: ﴿ وَإذا لَقوا الذِينَ آمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة:14].قال جل وعلا ((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة:14 (قال جل وعلا(( يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ) [التوبة:64] وفي مقام آخر قال الله تعالى عنهم ))الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:79] .وسيجد الكفار والمنافقون يوم القيامة عاقبة سخريتهم بالرسل وأتباعهم، وبما جاءت به الرسل عليهم السلام، وحينها يعرفون أن من كانوا يسخرون منهم كانوا هم أهل الحق والهدى، وأنهم هم أهل الباطل والضلال، وذلك حين يقال لهم (إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ اليَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الفَائِزُونَ) [المؤمنون:109-111].ويعجبون يوم القيامة حين لا يرون من كانوا يسخرون منهم في الدنيا معهم في النار، وقد كانوا يظنون أنهم على ضلال (وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ) [ص:62-63].
والسخريةُ صفةٌ مِن صفاتِ الشيطانِ الرجيمِ إذ أمرَهُ اللهُ بالسجودِ لآدمَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فأبَى وامتنعَ مستهزئًا بآدمَ قائلًا: [أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ](الأعراف الآية 12)، فاستحقَّ بهذه السخريةِ والاستهزاءِ أنْ يكونَ مطرودًا مرجومًا ملعونًا محرومًا مِن الجنةِ خالدًا مخلدًا في النارِ وبئسَ المصير. والتنمُّرُ والاستهزاءُ صفةٌ مِن صفاتِ اليهودِ الذينَ قالُوا عن خالِقِهِم ورازقِهِم سبحانَهُ: [يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا](المائدة الآية 64).
وللسُّخْريةِ والاستهزاءِ أيُّهَا الأخيارُ صُورٌ عديدةٌ وأشكالٌ كثيرة، أعظمُها قُبْحًا وجُرْمًا: الاستهزاءُ بالله تعالى، وآياتِه ورسُولِه، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ﴾ [التوبة: 66].
ومِن صورِ السُّخريةِ والاستهزاءِ: الاستهزاءُ بأهلِ الفَضْلِ والخيرِ من المؤمنين والمؤمنات، قالَ جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ﴾ [المطَّففين:29 – 30]
فَقُلْ لِلَّذِي يُبْدِي الشَّمَاتَةَ جَاهِدًا *** سَيَأْتِيكَ كَأْسٌ أَنْتَ لَابُدَّ شَارِبُهُ
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز
ثانيًا: أسبابُ السخريةِ.
أيُّها السادةُ: لقد حذَّرَ اللهُ جلَّ وعلا مِن الاستهزاءِ والسخريةِ بالضعفاءِ والمساكينِ والاحتقارِ لهُم والإزراءِ عليهِم والاشتغالِ بهِم فيمَا لا يعنِي وذلك كلُّهُ مبعدٌ عن اللهِ مقربٌ مِن الشيطانِ وحزبِهِ، قالَ جلَّ وعلا: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي}(المؤمنون الآية110)، وصدقَ الحبيبُ ﷺ إذْ يقولُ: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) رواه البخاري ومسلم. والسخريةِ أسبابٌ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِهَا منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: ضعفُ الإيمانِ وقلةُ الوازعِ الدينِي وسوءُ التربيةِ، وعدمُ الثقةِ في اللهِ الواحدِ الديانِ.
ومِن أسبابِ السخريةِ: عدمُ حفظُ اللسانِ وإطلاقُ العنانِ للسانِهِ للخوضِ في أعراضِ الناسِ، والاستهانةُ بخطرِ الكلمةِ لذا فإنَّ المرءَ يُقاسُ بلسانِهِ، كما قال عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ: ( الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ : قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ )، لم يقلْ بمالِهِ ولا سلطانِهِ ولا عملِهِ ولا بجسدِهِ فهو سبحانَهُ لا ينظرُ إلى هذا كلِّهِ، فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)، فلا تغرنَّكَ الأجسادَ القويةَ ولا الأشكالَ الحسنةَ فربّمَا يأتي يومَ القيامةِ ولا يزنُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ، كمَا بيّنَ النبيُّ ﷺ: ” يُؤتَى يوم القيامة بالرجل السَّمِين، فلا يَزِن عند الله جَنَاح بَعُوضَة” ثُمّ قرأَ: { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} الكهف 105، لذا قالَ ﷺ كما البخارِي ومُسلمٍ مِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)، وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ ( إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ)، لذَا لمَّا سئَلَ معاذُ بنُ جبلٍ رضي اللهُ عنه أستاذَ البشريةِ ﷺ قائلًا لهُ: إِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم)، فاللسانُ هو السببُ الرئيسيُّ في كبِّ الناسِ في النارِ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ. لذا كانت حقيقةُ المسلمِ تظهرُ أولَ ما تظهرُ في لسانِهِ، كما في البخارِي ومسلمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ)، بل إنَّ جميعَ الأعضاءِ يشعرونَ بخطورةِ اللسانِ فينادونَ عليهِ في كلِّ يومٍ ويطلبونَ منهُ أنْ يسيرَ على الحقِّ والإرشادِ فيقولونَ لهُ: (اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا ,وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا)، وللهِ درُّ الشافعِيِّ رحمَهُ اللهُ:
لِسَانُكَ لاَ تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ *** فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ.
وَعَيْنَاكَ إنْ أَبْدَتْ إِلَيْكَ مَعَايِباً *** فَدَعْهَا وَقُلْ يَا عَيْنُ لِلنَّاسِ أَعْيُنُ.
ومِن أسبابِ السخريةِ: الغرورُ وإعجابُ المرءِ بنفسِهِ مِن أجلِ ذلكَ كان العجبُ داءً مهلكًا حقًّا كمَا وصفَهُ النبيُّ ﷺ، كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللهُ عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ( ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: هَوًى مُتَّبَعٌ وَشُحٌّ مُطَاعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ وَهِيَ أَشَدُّهُنَّ )، و قالَ ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه- : الهلاكُ في شيئينِ: العجبِ والقنوطِ. وقال الأحنفُ بنُ قيسٍ: عجبتُ لِمَن جرَى في مجرَى البولِ مرتينِ كيفَ يتكبرُ؟!
يا مظهرَ الكبرِ إعجابًا بصورتِهِ *** انظرْ خَلاك فإنَّ النتنَ تثريبُ
لو فكّرَ الناسُ فيمَا في بطونِهِم *** ما استشعرَ الكبرَ شبانٌ ولا شيبُ
ومِن أسبابِ السخريةِ: سوءُ الأخلاقِ، لذا نادَي النبيُّ ﷺ قائلًا كما في حديثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ) رواه أبو داود، فالأخلاقُ السيئةُ: هي السمومُ القاتلةُ والمهلكاتُ الدامغةُ، والمخازِي الفاضحةُ، والرذائلُ الواضحةُ، والخبائثُ المبعدةُ عن جوارِ ربِّ العالمين. وللهِ درُّ القائلِ:
وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم
فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمــًـا وَعَـــــويــــلا
وأرجئُ الحديثَ عنهُ إلى ما بعدَ جلسةِ الاستراحةِ، أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم.
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ ، للدكتور محمد حرز
ثالثــــًا وأخيرًا: علاجُ السخريةِ.
أيُّها السادةُ: السخريةُ داءٌ والحمدُ للهِ أنّه داءٌ لماذَا ؟لأنّ ما مِن داءٍ علي ظهرِ الأرضِ إلَّا ولهُ دواءٌ كما قال نبيُّنَا ﷺ: ( تَدَاوَوْا عباد الله فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّوَ جَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ وهو الْهَرَمُ) أي الشيخوخة .إذًا ما علاجُ السخرية؟
أيُّها السادةُ: مواجهةُ السخريةِ مسؤوليةْ دينيةٌ ووطنيةٌ ومجتمعيةٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ، كلٌّ في مكانِ عملِهِ وتخصصِهِ، كلٌّ في حدودِ قدراتِهِ وإمكانيتِهِ لنحفظَ على وطنِنَا مصرَ الحبيبةِ الغاليةِ مِن التنمُّرِ والمتنمرينَ لتنهضَ مصرُنَا في جميع المجالاتِ وفي شتَّى نواحِي الحياةِ.
وعلاجُ السخرية: أولًا :يبدأُ المرءُ بإصلاحِ نفسهِ وبإصلاحِ أولادِهِ وبيتِهِ، فمتَى ما صُلحَ الفردُ صلحتْ الأسرةُ وبالتالِي صلحتْ المجتمعاتُ، وإذا فسدَ الفردُ فسدتْ الأسرةُ وفسدَ المجتمعُ….. وللهِ درُّ القائلِ:
ابدأْ بنفسِكَ فانهَهَا عن غَيِّها **** فإذا انتهتْ عنه فأنت حكيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ **** عَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ومِن علاجِ السخريةِ: أنْ تعِيَ أنَّ السخريةَ سببٌ للإفلاسِ يومَ القيامةِ، كما في صحيحِ مسلمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمتى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).
ومِن علاجِ السخريةِ: أنْ تجعلَ مَن يراكَ يدعُو لِمَن ربَّاكَ لا يدعُوا على مَن ربَّاكَ فتجرَّ لأهلِكَ الويلاتِ والسيئاتِ وأنتَ لا تدرِي .
ومِن علاجِ السخريةِ : أنْ لا تشمتَ بأخيكَ فيرحمهُ اللهُ جلَّ وعلا ويبتليكَ. وللهِ درُّ القائلِ:
إذا ما الدهرَ جرَّ على أُناسٍ *** بكَلْكَلِهِ أناخَ بآخرينَ
فقلْ للشامتينَ بنَا أفيقُوا *** سيلقَي الشامتونَ كمَا لقينَا
ومِن علاجِ السخريةِ: التوبةُ والعودةُ إلى اللهِ والندمُ على ما فاتَ، قالَ جلَّ وعلا: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) آل عمران: 30.
فالحيطةَ الحيطةَ قبلَ الندمِ على ما فات، والبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ، البدارَ البدارَ قبلَ الندمِ والحسرةِ على ما فاتَ، فأصلحْ بالتوبةِ ما هو آتٍ، واندمْ يا مسكينُ على ما فات، واستعدْ لليومِ الثقيلِ والهولِ الكبيرِ والخطبِ الجليلِ والعذابِ الشديدِ ،وَعَلَينَا أَنْ نَتَأَدَّبَ بِأَدَبِ الشَّرْعِ، وَأَنْ نَعْرِضَ أَفْعَالَنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا عَلَى كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ، حَتَّـى لَا تَصْدُرَ أَفْعَالُنَا عَنْ عَوَاطِفَ هَوْجَاءَ وَأَهْوَاءَ مُهْلِكَةٍ، أَوْ رَغْبَةٍ فِي إِضْحَاكِ النَّاسِ، بِـمَعْصِيَةِ اللهِ، وتذكرْ قولَ المعصومِ ﷺ: “إِنَّ الرَّجُلَ لَيتكلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يُضْحِكُ بِهَا جُلساءَهُ؛ يهوي بها مِنْ أَبْعَدَ مِنَ الثُّرَيَّا” (رَوَاهُ اِبْنُ حِبَّانَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ).
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً *** فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ ***فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا ***وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
حفظَ اللهُ مصرَ مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
نريد الخطب بصيغة الورد نظرا لكمال استفادته منها
نريد خطب بصيغة وورد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حضراتكم كنتم بتنزلوا الخطب بصيغة word فكان يسهل علينا ان نحملها ونستعين بها في تجهيز الخطب الخاصة بنا حيث انني اخطب متطوعاً في احد المساجد منذ فترة واعتمد فعلا على خطب السادة الأفاضل بارك الله فيهم فلو تكرمتم تنزلوها بصيغة word مرة اخرى مع صيغة pdf جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم ونفع بكم الاسلام والمسلمين