أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 13 محرم 1445هـ ، الموافق 19 يوليو 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يوليو 2024م بصيغة word بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 يوليو 2024م بصيغة pdf بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 19 يوليو 2024م بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة.

 

أولًا: جبرُ خواطرِ الناسِ تعاونٌ على البرِّ والتقوى.

ثانيـــًا: رسولُنَا  أعظمُ مَنْ جَبَرَ الخواطرَ.

ثالثـــًا: صورٌ مِن جبرِ الخواطرِ.

رابعًا: أحقُّ الناسِ بجبرِ الخواطرِ أهلُ بيتِكَ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 19 يوليو 2024م بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة : كما يلي:

جبرُ الخاطرِ وأثرُهُ في الدنيَا والآخرةِ

د. محمد حرز بتاريخ: 13 محرم  1446هــ 19 يوليو 2024م

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، كثيرِ الجودِ والعطاءِ والكرمِ، اصطفَى مِنْ خلْقِه مَنْ يَبذلُ الخيرَ، ويَسعَى في حَاجةِ الخلقِ مَحبةً لربِّهِ واحتَسابًا للأجرِ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـاتٍ لّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) الزخرف: 32.وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ كمَا في سننِ ابنِ ماجةَ عنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ( إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلاَقًا لِلشَّرِّ وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ مِغْلاَقًا لِلْخَيْر )، فاللهُمّ صلّ وسلمْ وزدْ وباركْ على المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلي يومِ الدينِ. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوَى العزيزِ الغفارِ(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران :102).

عبادَ الله 🙁 جبرُ الخاطرِ وأثرُهُ في الدنيَا والآخرةِ)، عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

عناصر اللقاء:

أولًا: جبرُ خواطرِ الناسِ تعاونٌ على البرِّ والتقوى.

ثانيـــًا: رسولُنَا  أعظمُ مَنْ جَبَرَ الخواطرَ.

ثالثـــًا: صورٌ مِن جبرِ الخواطرِ.

رابعًا: أحقُّ الناسِ بجبرِ الخواطرِ أهلُ بيتِكَ.

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن جبرِ الخاطرِ وأثرِهِ في الدنيَا والآخرةِ، وخاصةً وأنّ أصحابَ القلوبِ المنكسرةِ كثيرون، وكثُرَ الجشعُ والطمعُ وطغتْ المادةُ والشهواتُ على القيمِ والمثلِ، وانتشرتْ الخلافاتُ الأسريةُ والزوجيةُ، وكثُرتْ المشاكلُ وكثُرَ الطلاقُ وكثُرَ الحقدُ والبغضاءُ والكراهيةُ، والسببُ: عدمُ جبرِ الخواطرِ،  ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ . وخاصةً وجبرُ خواطرِ الناسِ عبادةٌ مِن أعظمِ العباداتِ التي تنفعُ الإنسانَ قبلَ أنْ تنفعَ غيرَهُ، فمَن سارَ جابرًا لخواطرِ الناسِ جبرَ اللهُ خاطرَهُ، ومَن سارَ في قضاءِ حوائجِ الناسِ قضَى اللهُ عزَّ وجلَّ حوائجَهُ، وخاصةً وأنَّ خدمةَ الناسِ ومسايرةَ المستضعفين وقضاءَ حوائجِهِم  وجبرَ خواطرِهِم  دليلٌ على طيبِ المنبتِ، ونقاءِ الأصلِ، وصفاءِ القلبِ، وحسنِ السريرةِ، وربُّنَا يرحمُ مِن عبادِهِ الرحماءَ.. وخاصةً وكلُّنَا في حاجةٍ إلى جبرِ خواطرِنَا مِن ربِّنَا جلّ جلالُه وتقدستْ أسماؤُه فهو سبحانَهُ صاحبُ المنِّ والفضلِ والجودِ والكرمِ .. جعلنَا اللهُ وإيَّاكُم منهُم بمنِّهِ وجودِهِ وكرمِهِ …وللهِ درُّ القائلِ:

اقضِ الحوائجَ ما استطعتَ*** وكُنْ  لهَمِّ  أخيكَ   فارِجْ
فَلَخيرُ أيَّامِ  الفَتى***يَومٌ  قَضَى  فِيهِ   الحَوائجْ

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة 

أولًا: جبرُ خواطرِ الناسِ تعاونٌ على البرِّ والتقوى.

أيُّها السادة: جبرُ الخواطرِ هو الإحساسُ بآلامِ الناسِ وعدمُ جرحِ مشاعرِهِم ، ومواساتِهِم في مصابهِم، والوقوفُ بجانبهِم في الشدائدِ والكروباتِ، فمراعاةُ المشاعرِ وجبرُ الخواطرِ جزءٌ مِن شريعةِ الإسلامِ، وعبادةٌ نتقرَّبُ بهَا إلى الرحمنِ، وتطييبُ النفوسِ المنكسرةِ، وجبرُ الخواطرِ مِن أعظمِ أسبابِ الألفةِ والمحبةِ بينَ المؤمنين، وهو أدبٌ إسلاميٌّ رفيعٌ، وخلقٌ عظيمٌ لا يتخلقُ بهِ إلّا أصحابُ النفوسِ النبيلةِ. وجبرُ الخواطرِ مِن الأخلاقِ الإسلاميةِ العاليةِ الرفيعةِ التي ندبَ إليها الإسلامُ وحثَّ المسلمينَ عليهَا بالليلِ والنهارِ, وجعلَهَا مِن بابِ التعاونِ على البرِّ والتقوَى الذي أمرَنَا اللهُ تعالَى بهِ فقالَ في محكمِ تنزيلِهِ: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) سورة المائدة (2)، ودينُنَا هو دينُ الخيرِ والتعاونِ وقضاءِ حوائجِ الناسِ، ودعَا إلى الخيرِ والتعاونِ وقضاءِ حوائجِ الناسِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، وجبرُ الخواطرِ عبادةٌ يحبُّهَا اللهُ، عبادةٌ مهجورةٌ غفلَ عنهَا الكثيرُ مِن الناسِ إلّا ما رحمَ اللهُ، وجبرُ الخواطرِ خلقٌ عظيمٌ مِن أخلاقِ الدينِ، ومبدأٌ كريمٌ مِن مبادئِ الإسلامِ، وشيمةُ الأبرارِ المحسنين مِن الناسِ، وصفةٌ مِن صفاتِ المؤمنين، وهي عبادةٌ جليلةٌ، وسهلةٌ وميسورةٌ، أمرَ بها الدينُ، وتخلقَ بهَا سيدُ المرسلين ، تدلُّ على سموِّ النفسِ وعظمةِ القلبِ وسلامةِ الصدرِ ورجاحةِ العقلِ ووعي الروحِ ونبلِ الإنسانيةِ وأصالةِ المعدنِ، وجبرُ الخواطرِ عبادةٌ يحرصُ عليها دائمًا الأصفياءُ الأنقياءُ مِن أصحابِ الأرواحِ الطيبةِ والمشاعرِ الفياضةِ، لذا قال سفيانّ الثوري إمامُ الدنيا في الزهدِ والورعِ والحديثِ  :ما رأيتُ عبادةً يتقربُ بهَا العبدُ إلي ربِّه مثلَ جبرِ خاطرِ أخيهِ المسلم. 

أيُّها السادة :الجبرُ كلمةٌ مأخوذةٌ مِن الجبارِ، والجبارُ اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ الحسنَى، والجبارُ بمعنَى العلِيّ الأعلَى، وبمعنَى القهارِ، وبمعنَى الرؤوفِ الجابرِ للقلوبِ المنكسرةِ، وللضعيفِ العاجزِ، ولِمَن لَاذَ بِه ولجأَ إليهِ، والجبارُ هو الذي يُطمئِنُ القلوبَ ويريحُ النفوسَ فهو سُبْحَانَهُ “الذِي يَجْبُرُ الفَقرَ بِالغِنَى، والمَرَضَ بِالصِحَّةِ، والخَيبَةَ والفَشَلَ بالتَّوْفِيقِ والأَمَلِ، والخَوفَ والحزنَ بالأَمنِ والاطمِئنَانِ، فَهُوَ جَبَّارٌ مُتصِفٌ بِكَثْرَةِ جَبْرِهِ حَوَائِجَ الخَلَائِقِ”. (تفسير أسماء الله للزجاج ص33 )، فتجدُ في كلِّ تقديرٍ تيسيرًا، ومع كلِّ قضاءٍ رحمةً، ومع كلِّ بلاءٍ حكمةً، فإنْ كان اللهُ قد أخذَ منك فقد أبقى، وإنْ منعَ فلطالمَا أعطَى، وإنْ ابتلاكَ فكثيرًا ما عافاك، وإنْ أحزنَكَ يومًا فقد أفرحَكَ أيامًا وأعوامًا وكيف لا؟ وهو ينزلُ -سبحانه- كلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، إكرامًا للمؤمنين، وقبولَ دعاءِ الداعين، وإلحاحَ المستغفرين، وجبرًا لخواطرِ السائلين،  فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) متفق عليه،) فيجبرُ كسيرًا، ويُعافِي مُبتلَى، ويشفِي مريضًا، ويغيثُ ملهوفًا، ويُجيبُ داعيًا، ويُعطِي سائلًا، ويُفرِّجُ كربًا، ويزيلُ حزنًا، ويكشفُ همًّا وغمًّا. فكم مِن مريضٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ فشفاهُ!! وكم مِن فقيرٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ فأغناهُ !! وكم مِن مكروبٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ ففرّجَ عنه كربَهُ !! كَم مِن ضِيقٍ مَرَّ بالنَّاسِ ولَم يَكشِفْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَم مِن بَأسٍ نَزَلَ بِهم ولَم يَرْفَعْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَمْ مِن بَلاءٍ أَلَمَّ بِهِمْ ولَمْ يُفَرِّجْهُ إلاَّ اللهُ؟! ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ سورة  النمل : 62)، وفي القرآنِ العظيمِ يُخبرُنَا الجبارُ -سبحانه- بجبرِ قلوبِ أنبيائِه ورسلِه، فهذا نبيُّ اللهِ موسَى -عليه السلام- لَمَّا رغبتْ نفسُهُ إلى رؤيةِ الله -تعالى- وطلبَ ذلك منه، أخبرَهُ سبحانَهُ أنّ ذلك غيرُ حاصلٍ له في الدنيا، ثم سلَّاهُ، وجبرَ خاطرَهُ بمَا آتاهُ مِن فضلِهِ ونعمِهِ، فقال تعالى: ((قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ))الْأَعْرَافِ: 144 وجبرَ اللهُ خاطرَ أمِّ موسى عندما ردَّ لها ولدَهَا كي تقرَّ عينُهَا ولا تحزن، فقال ربُّنَا: ) فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) القصص: 13، وجبرَ اللهُ بخاطرِ نبيِّهِ ﷺ عندما  أُخرِجَ مِن  مكةَ المكرمة، وهي أحبُّ البقاعِ إليه، وقَفَ النبيُّ مودعًا مكةَ بكلماتٍ تألمُ القلبَ وتبكي العينَ بدلَ الدموعِ دمًا ، بكلماتِ حنينٍ ومحبةٍ وألمٍ وحسرةٍ على الفراقٍ، بكلماتٍ كلّهَا انتماءٌ وتضحيةٌ ووفاءٌ: “يا مكةَ ما أطيبَكِ مِن بلدٍ، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومِي أخرجونِي منكِ ما سكنتُ غيرَكِ، واللهِ إنكِ لَخيرُ أرضِ اللهِ، وأحبُّ أرضِ اللهِ إلى اللهِ، ولولا أنِّي أُخرجتُ منكِ ما خرجتُ))(رواه الترمذي بسند صحيح)فجبرَ اللهُ -تعالى- خاطرَهُ، وأنزلَ قرآنًا يُتلَى إلى يومِ القيامةِ  وهو في طريقِهِ إلى المدينةِ: ((إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ))(الْقَصَصِ85) أي: إنّ الذي أنزلَ عليكَ القرآنَ وأمركَ بتبليغِهِ لَرَادُّكَ إلى الموضعِ الذي خرجتَ منه، عزيزًا فاتحًا منتصرًا، ولقد صدَق اللهُ وعدَهُ، ونصَر عبدَهُ، بل جبرَ اللهُ خاطرَ نبيِّهِ ﷺ في أمتهِ ووعدَهُ بأنْ يعطيَهُ حتى يرضيه،((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)((الضُّحَى: 5) ففي صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  قال – أنَّ النبيَّ ﷺ تَلا قَوْلَ اللهِ عزَّ وجلَّ في إبْراهِيمَ: {رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فمَن تَبِعَنِي فإنَّه مِنِّي} (إبراهيم: 36) الآية، وقالَ عِيسَى عليه السَّلامُ: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُمْ عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهمْ فإنَّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} )المائدة ( 118:، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وقالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتي أُمَّتِي، وبَكَى، فقالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، ورَبُّكَ أعْلَمُ، فَسَلْهُ ما يُبْكِيكَ؟ فأتاهُ جِبْرِيلُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فَسَأَلَهُ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ ﷺ بما قالَ، وهو أعْلَمُ، فقالَ اللَّهُ: يا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إلى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِكَ، ولا نَسُوءُكَ(، بل عاتبَ اللهُ نبيَّهُ ؛ لأنّهُ أعرضَ عن الأعمَى، وقد جاءَهُ يستفيدُ، يسألُ يا رسولَ اللهِ: علمنِي ممّا علمكَ اللهُ، وكان النبيُّ ﷺ  منشغلًا بدعوةِ بعضِ صناديدِ قريشٍ، فأعرضَ عنه، فأنزلَ اللهُ ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ,أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى , وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى , أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) سورة عبس:1 – 4، قال القرطبيُّ في التفسيرِ: فعاتبَهُ اللهُ على ذلك؛ لكي لا تنكسرَ قلوبُ أهلِ الإيمانِ” وها هو -عزَّ وجلَّ- يجبرُ خاطرَ الرَّحمِ لمَّا عاذتْ به من القَطيعةِ، قَالَ ﷺ -: “إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ  “.اللهَ اللهَ في جبرِ الخواطرِ وصدقَ مَن قال :مَن سارَ بينَ الناسِ جابرًا للخواطرِ أدركَهُ اللهُ في جوفِ المخاطرِ, واعلمْ مَن جبرَ خواطرَ الناسِ جبرَ اللهُ خواطرَهُ، ومَن جرجَ الناسَ في مشاعرِهِم جرحَهُ اللهُ في مشاعرِهِ فالديانُ لا يموتُ

وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورى رجلٌ ***تُقضَى على يدهِ للناسِ حاجاتُ

لا تمنعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ*** ما دمتَ مقتدرًا فالعيشُ جناتُ

قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ مكارمُهّم*** وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة 

ثانيـــًا:  رسولُنَا  ﷺ أعظمُ مَنْ جَبَرَ الخواطرَ.              

أيُّها السادة : نبيُّنَا ﷺ أسوتُنَا وقدوتُنَا ومعلمُنَا ومرشدُنَا كان جابرًا لخواطرِ الناسِ، فالكلُّ يأوِي إليه ويسعى لديهِ ويستجيرُ به، وكيف لا؟ وهو الذي قال يومًا لخديجةَ رضى اللهُ عنها عندما عادَ مِن غارِ حراء: “ لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ، واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَداً، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ) يجبرُ بخاطرِ الطفلِ الصغيرِ، و يسألُهُ عن عصفورِهِ الذي فقدَهُ وهو قائدُ أمَّةٍ عليهِ مِن الهمومِ ما عليهِ، ويقولُ كما في صحيحِ البخارِي: ((يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ به))، ويجبرُ خاطرَ أحدِ أصحابِه لمّا وجدَهّ حزينًا ومتألمًا على فقدِ أبيهِ، وقد تركَ ديونًا أثقلتْهُ ، ففي سننِ الترمذِي بسندٍ حسنٍ ( أن  جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي « يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا. قَالَ « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ  قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ. قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً. فانظرْ كيف جبرَ الرسولُ ﷺ خاطرَهُ، وأزاحَ عنهُ الهمَّ بهذه الكلماتِ؟!وعندمَا جاءَ فقراءُ المهاجرينَ مكسوري الخاطرِ، وقالوا: يا رسولَ اللهِ، ذهبَ أهلُ الدثورِ بالأجورِ، يصلونَ كما نُصلِّي، ويصومونَ كما نصومُ، ويتصدَّقُونَ بفضولِ أموالِهِم، فجبرَ خاطرَهُم فقال: ((أوليس قد جعلَ اللهُ لكم ما تَصدَّقون؟ إنّ بكلِّ تسبيحةٍ صدقةً، وكلِّ تكبيرةٍ صدقةً، وكلِّ تحميدةٍ صدقةً، وكلِّ تهليلةٍ صدقةً، وأمرٌ بالمعروفِ صَدَقةٌ، ونهيٌ عن منكرٍ صدقةٌ، وفي بُضْعِ أحدِكُم صدقةٌ))، قالوا: يا رسولَ اللهِ، أدركته أيأتِي أحدُنَا شهوتَهُ ويكونُ له فيها أجرٌ؟ قال: ((أرأيتُم لو وضعَهَا في حرامٍ، أكانَ عليه فيها وِزْر؟ فكذلك إذا وضعِهَا في الحلالِ كان لهُ أجرٌ))؛ رواه مسلم. فانظرْ كيفَ جبرَ الرسولُ ﷺ خواطرَهُم، وأزاحَ عنهُم الهَمَّ بهذه الكلماتِ؟!

وكشفتْ الريحُ يومًا عن ساقَي ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنه فضحكَ القومُ منهُ، فجبرَ النبيُّ ﷺ خاطرَهُ، وأعلَى شأنَهُ وبيَّنَ مكانتَهُ عندَ ربِّهِ، فقال والذي نفسِي بيدهِ لهُمَا أثقلُ في الميزانِ مِن أُحُدٍ (رواه أحمدُ، فانظرْ كيفَ جبرَ النبيُّ ﷺ خاطرَهُ؟!

ويجبرُ النبيُّ ﷺ خواطرَ اليتامَى، ويطيبُ نفوسَهُم بقولِهِ كما في البخارِي: مِن حديثِ سهلِ بنِ سعدٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   قال: قال رسول الله ﷺ: (( أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا » . وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ))رواه البخاري    وكيف لا؟ وكان يُتمُه تشريفًا لكلِّ يتيمٍ على ظهرِ الأرضِ إلى يومِ أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومَن عليهَا  وكيف لا؟ واللهُ خاطبَهُ بقولِهِ: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} سورة الضحى9-10 ، أجملُ تطييبٍ للخاطرِ وأرقَى صورةٍ للتعاملِ: الإحسانُ إلى اليتامَى في كلِّ زمانٍ ومكانٍ جبرًا للخاطرِ وطلبًا للثوابِ والمغفرةِ  بل إنّهُ ﷺ جبرَ بخواطرِنَا نحن الذين نحبُّهُ ونشتاقُ إليهِ، ونتمنَّى لقاءَهُ ورؤيتَهُ، فقال فيما رواهُ أحمدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « وَدِدْتُ أَنِّى لَقِيتُ إِخْوَانِي“ قَالَ فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ قَالَ « أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي((  

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة 

ثالثـــًا: صورٌ مِن جبرِ الخواطرِ. 

أيُّها السادةُ: جبرُ الخواطرِ عبادةٌ لا تحتاجُ إلى أنْ تبذلَ مالًا أو جهدًا بل لها صورٌ متعدةٌ وكثيرةٌ  ربَّما تكفِي ابتسامةٌ أو كلمةٌ طيبةٌ أو دعاءٌ بالخيرِ أو مساعدةُ محتاجٍ أو إغاثةُ ملهوفٍ، تكونُ جبرًا لخواطرِ الناسِ، وتكونُ سببًا في تأليفِ القلوبِ وزيادةِ التراحمِ، وإدخالِ السرورِ والسعادةِ إلى قلوبٍ متألمةٍ، ولهَا أثرٌ كبيرٌ على الفردِ والمجتمعِ .

  فتبسمُكَ في وجهِ الناسِ تطيبًا للخواطرِ صدقةٌ، وكذا جَبْرُ خواطرِ المُعْسرين بإنظارِ المعسرِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ رَجُلاً لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ، وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ – تَعَالَى – أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَلَمَّا هَلَكَ، قَالَ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْراً قَطُّ؟ قَالَ: لا، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لِي غُلامٌ، وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى، قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ اللَّهُ – تَعَالَى -: قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ (، تجاوزَ سبحانَهُ وتعالى عن هذا الرجلِ بمَا جَبَرَ بهِ خواطرَ عبادهِ المُعْسرين، فاللهُ سبحانَهُ وتعالى لا يضيعُ أجرَ مَن أحسنَ عملًا، فمَن كان متسامحًا مع الآخرين رحيمًا بهم جابرًا لخواطرِهِم يُقَدّرُ ظروفَهُم المعيشيةَ، كان اللهُ سبحانَهُ وتعالَى رحيمًا بهِ متجاوزًا عنه يومَ القيامةِ، يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنونَ إلّا مَن أتَى اللهَ بقلبٍ سليمٍ، فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ. جَبْرُ خواطرِ المكروبين والمحتاجين كما جاء في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِنًا عَلَى جُوعٍ أَطْعَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَقَى مُؤْمِنًا عَلَى ظَمَـأ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ، وَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَسَا مُؤْمِنًا عَلَى عُرْيٍ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ خُضْرِ الْجَنَّةِ(( رواه الترمذي   ، و عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَبي ﷺ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْراً، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لهُ، أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ ىالأَقْدَامُ (( رواه الطبراني  في الأوسط. وقبولُ الاعتذارِ مِن تطييبِ الخواطرِ، وإهداءُ الهديةِ مِن تطييبِ الخواطرِ، قال أنسٌ لأولادِه: يا بنيَّ تبادلُوا بينكّم، فإنّهُ أودُّ لِمَا بينكُم،  فجبرُ الخواطرِ على اللهِ ومَن جبرَ خواطرَ الناسِ جبرَ اللهُ خاطرَهُ.           

أحزانُ قلبِي لا تزول** حتى أبشرَ بالقبولِ
و أرى كتابِي باليمين ** وتقرُّعينِي بالرسولِ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكُم.

الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ….وبعدُ

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : جبر الخاطر وأثره في الدنيا والآخرة 

رابعًا: أحقُّ الناسِ بجبرِ الخواطرِ أهلُ بيتِكَ.  

أيُّها السادة :إنَّ أحقَّ الناسِ بحسنِ الخلقِ وجبرِ الخواطرِ هم الوالدينِ أمُّكَ وأبوكَ، لِذَا قَالَ ﷺ:{رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ} أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم.  وصدقَ ربُّنَا إذ يقولُ:( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) سورة  الإسراء: 23، وأحقُّ الناسِ بجبرِ الخواطرِ الزوجةُ، ففي صحيح مسلمٍ مِن حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   أنَّ النبيَّ قال في خطبةِ الوداعِ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ)، وفي الصحيحينِ مِن حديثِ أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ قال : (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا)، وفى الحديثِ الذي رواهُ أحمدُ والترمذيُّ، وأبو داودَ وغيرُهُم مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه أنَّ النبيَّ قالَ (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا)

و أحقُّ الناسِ بجبرِ الخواطرِ الأقاربُ، لذا كانت الصدقةُ على القريبِ أفضلُ مِن الصدقةِ على غيرهِ، لقولِ النبيِّ المختارِ ﷺ ( الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ ) رواه الترمذي)، وجبرّ الخاطرِ خلقٌ كريمٌ مِن أخلاقِ الإسلامِ، لذا قالَ النبيُّ ﷺ كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)، فإكرامُ الضيفِ وصلةُ الرحمِ والكلمةُ الطيبةُ كلُّهَا جبرٌ للخواطرِ، لذا قالَ ربُّنَا ((وَقُولُوا لِلنَّـاسِ حُـسْنًا )) البقرة: 83 أي تخيرُوا مِن الكلماتِ أحسنهَا ومِن العباراتِ أدقهَا ومِن الألفاظِ أجملهَا جبرًا لخواطرِ الناسِ ومراعاةً لمشاعرهِم، فجبرُ الخاطرِ بابٌ مِن أبوابِ الخيرِ والفلاحِ في الدنيا والآخرةِ، وسبيلٌ إلى الفوزِ برضوانِ اللهِ جلّ وعلا في الدنيا والآخرةِ، فاللهَ اللهَ في جبرِ الخواطرِ، اللهَ اللهَ في التخلقِ بأخلاقِ الإسلامِ،  اللهَ اللهَ في مراعاةِ مشاعرِ الناسِ لتسعدَ في الدنيا والآخرةِ . فاستَكثِروا أيُّها الأخيارُ مِن فعْلِ الخيراتِ وجبرِ خواطرِهِم وقضاءِ حوائجِ الناسِ، وسابقُوا إلى عملِ الطاعاتِ، واملأُوا صحائفَكُم بالباقياتِ الصالحاتِ، فالأنفاسُ محسوبةٌ  والآجالُ مكتوبةٌ  ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))الحج: 77 فيا هذا نفسُكَ معدودٌ، وعمرُكَ  محسوبٌ، فكم أملتَ أملًا، وانقضَي الزمانُ وفاتك، ولا أراكَ تفيقُ حتى تلقَي وفاتَك . فاحذرْ ذللَ قدمِكَ، وخفْ طولَ ندمِك ،واغتنمْ حياتَكَ قبلَ موتِك  كما قال المصطفي ﷺ في الحديثِ الذى رواه أحمدُ وغيرُهّ { اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ شَبَابَك قَبْلَ هَرَمِك ، وَصِحَّتَك قَبْلَ سَقَمِك ، وَغِنَاك قَبْلَ فَقْرِك ، وَفَرَاغَك قَبْلَ شُغْلِك ، وَحَيَاتَك قَبْلَ مَوْتِك(.

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنَّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان
فارفعْ لنفسِكَ قبلِ موتِكَ ذكرَهَا ***   فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان

حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه د/ محمد حرز

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »